أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أبو زينب النجدي - الإله الأولمبي المتجلي الظاهر في الجسد وعيد الشمس والرياضة !!















المزيد.....



الإله الأولمبي المتجلي الظاهر في الجسد وعيد الشمس والرياضة !!


أبو زينب النجدي

الحوار المتمدن-العدد: 5904 - 2018 / 6 / 15 - 09:52
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


هل تذكرون مجنون الناصرة يسوع !!

أنطيوخس كان يعتقد أنه تجسُّد للإله "زيوس" على الأرض! غير أن أعداءه أطلقوا عليه اسم "أبيمانوس" ويعنى "المجنون"!

سفر المكابيين الأول 1
1 إِنَّ الإِسْكَنْدَرَ بْنَ فِيلُبُّسَ المَكْدُونِيَّ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ أَرْضِ كِتِّيمَ وَإِيقَاعِهِ بِدَارِيُوسَ مَلِكِ فَارِسَ وَمَادَايَ، مَلَكَ مَكَانَهُ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ مَلَكَ عَلَى الْيُونَانِ.
2 ثُمَّ آثَارَ حُرُوباً كَثِيرَةً، وَفَتَحَ حُصُوناً مُتَعَدِّدَةً، وَقَتَلَ مُلُوكَ الأَرْضِ،
3 وَاجْتَازَ إِلَى أَقَاصِي الأَرْضِ، وَسَلَبَ غَنَائِمَ جُمْهُورٍ مِنَ الأُمَمِ، فَسَكَتَتِ الأَرْضُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَتَرَفَّعَ فِي قَلْبِهِ وَتَشَامَخَ.
4 وَحَشَدَ جَيْشاً قَوِيًّا جِدًّا،
5 وَاسْتَوْلَى عَلَى الْبِلاَدِ وَالأُمَمِ وَالسَّلاَطِينِ، فَكَانُوا يَحْمِلُونَ إِلَيْهِ الْجِزْيَةَ.
6 وَبَعْدَ ذلِكَ انْطَرَحَ عَلَى فِرَاشِهِ، وَأَحَسَّ مِنْ نَفْسِهِ بِالْمَوْتِ،
7 فَدَعَا عَبِيدَهُ الْكُبَرَاءِ الَّذِينَ نَشَأُوا مَعَهُ مُنْذُ الصَّبَاءِ، فَقَسَمَ مَمْلَكَتَهُ بَيْنَهُمْ فِي حَيَاتِهِ.
8 وَكَانَ مُلْكُ الإِسْكَنْدَرِ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ سَنَةً وَمَاتَ.
9 فَتَمَلَّكَ عَبِيدُهُ كُلُّ وَاحِدٍ فِي مَكَانِهِ،
10 وَلَبِسَ كُلٌّ مِنْهُمْ التَّاجَ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَكَذلِكَ بَنُوهُمْ مِنْ بَعْدِهِمْ سِنِينَ كَثِيرَةً، فَكَثُرَتِ الشُّرُورُ فِي الأَرْضِ.
11 وَخَرَجَتْ مِنْهُمْ جُرْثُومَةٌ أَثِيمَةٌ، هِيَ أَنْطِيُوكُسُ الشَّهِيرُ ابْنُ أَنْطُيُوكُسَ الْمَلِكِ، وَكَانَ رَهِينَةً فِي رُومِيَةَ، وَمَلَكَ فِي السَّنَةِ الْمِئَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالثَّلاَثِينَ مِنْ دَوْلَةِ الْيُونَانِ.
12 وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ خَرَجَ مِنْ إِسْرَائِيلَ أَبْنَاءٌ مُنَافِقُونَ، فَأغْرَوْا كَثِيرِينَ قَائِلِينَ: «هَلُمَّ نَعْقِدْ عَهْداً مَعَ الأُمَمِ حوْلَنَا فَإِنَا مُنْذُ انْفَصَلْنَا عَنْهُمْ لَحِقَتْنَا شُرُورٌ كَثِيرَةٌ».
13 فَحَسُنَ الْكَلاَمُ فِي عُيُونِهِمْ.
14 وَبَادَرَ نَفَرٌ مِنَ الشَّعْبِ، وَذَهَبُوا إِلَى الْمَلِكِ، فَأَطْلَقَ لَهُمْ أَنْ يَصْنَعُوا بِحَسَبِ أَحْكَامِ الأُمَمِ.
15 فَابْتَنَوْا مَدْرَسَةً فِي أُورُشَلِيمَ عَلَى حَسَبِ سُنَنِ الأُمَمِ.
16 وَعَمِلُوا لَهُمْ غُلْفاً وَارْتَدُّوا عَنِ الْعَهْدِ الْمَقْدِسِ، وَمَازَجُوا الأُمَمَ وَبَاعُوا أَنْفُسَهُمْ لِصَنِيعِ الشَّرِّ.
17 وَلَمَّا اسْتَتَبَّ الْمُلْكُ لأَنْطِيُوكُسَ، أَزْمَعَ عَلَى امْتِلاَكِ مِصْرَ لِيَكُونَ مَالِكاً عَلَى كِلْتَا الْمَمْلَكَتَيْنِ،
18 فَدَخَلَ مِصْرَ بِجَيْشٍ كَثِيفٍ وَعَجَلاَتٍ وَفِيَلَةٍ وَفُرْسَانٍ وَأُسْطُولٍ عَظِيمٍ.
19 وَأَثَارَ الْحَرْبَ عَلَى بَطُلْمَاوُسَ مَلِكِ مِصْرَ، فَارْتَاعَ بَطُلْمَاوُسُ مِنْ وَجْهِهِ وَهَرَبَ، وَسَقَطَ قَتْلَى كَثِيرُونَ.
20 فَاسْتَحْوَذُوا عَلَى الْمُدُنِ الْحَصِينَةِ بِأَرْضِ مِصْرَ وَسَلَبُوا غَنَائِمَ أَرْضِ مِصْرَ.
21 وَرَجَعَ أَنْطِيُوكُسُ بَعْدَمَا أَوْقَعَ بِمِصْرَ، وَذلِكَ فِي السَّنَةِ الْمِئَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالأَرْبَعِينَ، وَنَهَضَ نَحْوَ إِسْرَائِيلَ.
22 فَصَعِدَ إِلَى أُورُشَلِيمَ بِجَيْشٍ كَثِيفٍ،
23 وَدَخَلَ الْمَقْدِسَ بِتَجَبُّرٍ، وَأَخَذَ مَذْبَحَ الذَّهَبِ، وَمَنَارَةَ النُّورِ مَعَ جَمِيعِ أَدَوَاتِهَا، وَمَائِدَةَ التَّنْضِيدِ، وَالْمَسَاكِبَ وَالْجَامَاتِ وَمَجَامِرَ الذَّهَبِ وَالْحِجَابَ وَالأَكَالِيلَ وَالْحِلْيَةَ الذَّهَبِيَّةَ الَّتِي كَانَتْ عَلَى وَجْهِ الْهَيْكَلِ وَحَطَّمَهَا جَمِيعاً.
24 وَأَخَذَ الْفِضَّةَ وَالذَّهَبَ وَالآنِيَةَ النَّفِيسَةَ، وَأَخَذَ مَا وَجَدَ مِنَ الْكُنُوزِ الْمَكْنُونَةِ أَخَذَ الْجَمِيعَ وَانْصَرَفَ إِلَى أَرْضِهِ.
25 وَأَكْثَرَ مِنَ الْقَتْلِ وَتَكَلَّمَ بِتَجَبُّرٍ عَظِيمٍ.
26 فَكَانَتْ مَنَاحَةٌ عَظِيمَةٌ فِي إِسْرَائِيلَ فِي كُلِّ أَرْضِهِمْ،
27 وَانْتَحَبَ الرُّؤَسَاءُ وَالشُّيُوخُ وَخَارَتِ الْعَذَارَى وَالْفِتْيَانُ وَتَغَيَّرَ جَمَالُ النِّسَاءِ،
28 وَكُلّ عَرُوسٍ اتَّخَذَ مَرْثَاةً، وَالْجَالِسَةُ فِي الْحَجَلَةِ عَقَدَتْ مَنَاحَةً.
29 فَارْتَجَّتِ الأَرْضُ عَلَى سُكَّانِهَا، وَجَمِيعُ آلِ يَعْقُوبَ لَبِسُوا الْخِزْيَ.
30 وَبَعْدَ سَنَتَيْنِ مِنَ الأَيَّامِ، أَرْسَلَ الْمَلِكُ رَئِيسَ الْجِزْيَةِ إِلَى مُدُنِ يَهُوذَا، فَوَفَدَ عَلَى أُورُشَلِيمَ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ،
31 وَخَاطَبَهُمْ خِطَابَ سَلاَمٍ مَكْراً فَوَثِقُوا بِهِ،
32 ثُمَّ هَجَمَ عَلَى الْمَدِينَةِ فَجْأَةً، وَضَرَبَهَا ضَرْبَةً عَظِيمَةً، وَأَهْلَكَ شَعْباً كَثِيراً مِنْ إِسْرَائِيلَ،
33 وَسَلَبَ غَنَائِمَ الْمَدِينَةِ وَأَحْرَقَهَا بِالنَّارِ، وَهَدَمَ بُيُوتَهَا وَأَسْوَارَهَا مِنْ حَوْلِهَا،
34 وَسَبَوُا النِّسَاءَ وَالأَوْلاَدَ وَاسْتَوْلَوْا عَلَى الْمَوَاشِي،
35 وَبَنَوْا عَلَى مَدِينَةِ دَاوُدَ سُوراً عَظِيماً مَتِيناً وَبُرُوجاً حَصِينَةً فَصَارَتْ قَلْعَةً لَهُمْ،
36 وَجَعَلُوا هُنَاكَ أُمَّةً أَثِيمَةً رِجَالاً مُنَافِقِينَ، فَتَحَصَّنُوا فِيهَا، وَوَضَعُوا فِيهَا السِّلاَحَ وَالطَّعَامَ وَجَمَعُوا غَنَائِمَ أُورُشَلِيمَ،
37 وَوَضَعُوهَا هُنَاكَ فَصَارُوا لَهُمْ شَرَكاً مُهْلِكاً،
38 وَكَانَ ذلِكَ مَكْمَناً لِلْمَقْدِسِ، وَشَيْطَاناً خَبِيثاً لإِسْرَائِيلَ عَلَى الدَّوَامِ،
39 فَسَفَكُوا الدَّمَ الزَّكِيِّ حَوْلَ الْمَقْدِسِ وَنَجَّسُوا الْمَقْدِسِ.
40 فَهَرَبَ أَهْلُ أُورُشَلِيمَ بِسَبَبِهِمْ، فَأَمْسَتْ مَسْكِنَ غُرَبَاءَ وَصَارَتْ غَرِيبَةً لِلْمَوْلُودِينَ فِيهَا، وَأَبْنَاؤُهَا هَجَرُوهَا.
41 وَرَدَّ مَقْدِسُهَا خَرَاباً كَالْقَفْرِ، وَحُوِّلَتْ أَعْيَادُهَا مَنَاحَةً وَسُبُوتُهَا عَاراً وَعِزُّهَا اضْمِحْلاَلاً.
42 وَعَلَى قَدْرِ مَجْدِهَا أٌكْثِرَ هَوَانُهَا، وَرِفْعَتُهَا آلَتْ إِلَى مَنَاحَةٍ.
43 وَكَتَبَ الْمَلِكُ أَنْطِيُوكُسُ إِلَى مَمْلَكَتِهِ كُلِّهَا بِأَنْ يَكُونُوا جَمِيعُهُمْ شَعْباً وَاحِداً، وَيَتْرُكُوا كُلُّ وَاحِدٍ سُنَنَهُ.
44 فَأَذْعَنَتِ الأُمَمُ بِأَسْرِهَا لِكَلاَمِ الْمَلِكِ.
45 وَكَثِيرُونَ مِنْ إِسْرَائِيلَ ارْتَضَوْا دِينَهُ، وَذَبَحُوا لِلأَصْنَامِ، وَدَنَّسُوا السَّبْتَ.
46 وَأَنْفَذَ الْمَلِكُ كُتُباً عَلَى أَيْدِي رُسُلٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَمُدُنِ يَهُوذَا، أَنْ يَتْبَعُوا سُنَنَ الأَجَانِبِ فِي الأَرْضِ.
47 وَيَمْتَنِعُوا عَنِ الْمُحْرَقَاتِ وَالذَّبِيحَةِ وَالسَّكِيبِ فِي الْمَقْدِسِ،
48 وَيُدَنِّسُوا السُّبُوتَ وَالأَعْيَادَ،
49 وَيُنَجِّسُوا الْمَقَادِسَ وَالْقِدِّيسِينَ،
50 وَيَبْتَنُوا مَذَابِحَ وَهَيَاكِلَ وَمَعَابِدَ لِلأَصْنَامِ وَيَذْبَحُوا الْخَنَازِيرَ وَالْحَيَوَانَاتِ النَّجِسَةَ،
51 وَيَتْرُكُوا بَنِيهِمْ قُلْفاً، وَيُقَذِّرُوا نُفُوسَهُمْ بِكُلِّ نَجَاسَةٍ وَرِجْسٍ، حَتَّى يَنْسَوُا الشَّرِيعَةَ وَيُغَيِّرُوا جَمِيعَ الأَحْكَامِ.
52 وَمَنْ لاَ يَعْمَلْ بِمُقْتَضَى كَلاَمِ الْمَلِكِ يُقْتَلْ.
53 وَكَتَبَ بِمِثْلِ هذَا الْكَلاَمِ كُلِّهِ إِلَى مَمْلَكَتِهِ بِأَسْرِهَا، وَأَقَامَ رُقَبَاءَ عَلَى جَمِيعِ الشَّعْبِ،
54 وَأَمَرَ مَدَائِنَ يَهُوذَا بِأَنْ يَذْبَحُوا فِي كُلِّ مَدِينَةٍ.
55 فَانْضَمَّ إِلَيْهِمْ كَثِيرُونَ مِنَ الشَّعْبِ، كُلُّ مَنْ نَبَذَ الشَّرِيعَةَ فَصَنَعُوا الشَّرَّ فِي الأَرْضِ.
56 وَأَلْجَأُوا إِسْرَائِيلَ إِلَى الْمُخْتَبَآتِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ فَرُّوا إِلَيْهِ.
57 وَفِي الْيَوْمِ الْخَامِسِ عَشَرَ مِنْ كِسْلُوَ فِي السَّنَةِ الْمِئَةِ وَالْخَامِسَةِ وَالأَرْبَعِينَ، بَنَوْا رَجَاسَةَ الْخَرَابِ عَلَى الْمَذْبَحِ وَبَنَوْا مَذَابِحَ، فِي مُدُنِ يَهُوذَا مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ.
58 وَكَانُوا يُقَتِّرُونَ عَلَى أَبْوَابِ الْبُيُوتِ وَفِي السَّاحَاتِ،
59 وَمَا وَجَدُوهُ مِنْ أَسْفَارِ الشَّرِيعَةِ مَزَّقُوهُ وَأَحْرَقُوهُ بِالنَّارِ،
60 وَكُلُّ مَنْ وُجِدَ عِنْدَهُ سِفْرٌ مِنَ الْعَهْدِ أَوْ اتَّبَعَ الشَّرِيعَةَ، فَإِنَّهُ مَقْتُولٌ بِأَمْرِ الْمَلِكِ،
61 هكَذَا كَانُوا يَفْعَلُونَ بِسَطْوَتِهِمْ فِي إِسْرَائِيلَ بِالَّذِينَ يُصَادِفُونَهُمْ فِي الْمُدُنِ شَهْراً فَشَهْراً،
62 وَفِي الْيَوْمِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الشَّهْرِ ذَبَحُوا عَلَى مَذْبَحِ الأَصْنَامِ الَّذِي فَوْقَ الْمَذْبَحِ.
63 وَالنِّسَاءُ اللَّوَاتِي خَتَنَّ أَوْلاَدَهُنَّ قَتَلُوهُنَّ بِمُقْتَضَى الأَمْرِ.
64 وَعَلَّقُوا الأَطْفَالَ فِي أَعْنَاقِهِنَّ، وَنَهَبُوا بُيُوتَهُنَّ، وَقَتَلُوا الَّذِينَ خَتَنُوهُمْ.
65 وَإِنَّ كَثِيرِينَ فِي إِسْرَائِيلَ عَزَمُوا وَصَمَّمُوا فِي أَنْفُسِهِمْ عَلَى أَنْ لاَ يَأْكُلُوا نَجِساً، وَاخْتَارُوا الْمَوْتَ لِئَلاَّ يَتَنَجَّسُوا بِالأَطْعِمَةِ،
66 وَلاَ يُدَنِّسُوا الْعَهْدَ الْمُقَدَّسَ فَمَاتُوا.
67 وَكَانَ عَلَى إِسْرَائِيلَ غَضَبٌ شَدِيدٌ جِدًّا.


شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري

مكابيين أول 1 - تفسير سفر المكابيين الأول



تأملات في كتاب المكابيين الأول:

الآيات (1-10): "1 أن الاسكندر بن فيلبس المكدوني بعد خروجه من ارض كتيم وإيقاعه بداريوس ملك فارس وماداي ملك مكانه وهو أول من ملك على اليونان. 2 ثم آثار حروبا كثيرة وفتح حصونا متعددة وقتل ملوك الأرض. 3 واجتاز إلى أقاصي الأرض وسلب غنائم جمهور من الأمم فسكتت الأرض بين يديه فترفع في قلبه وتشامخ. 4 وحشد جيشا قويا جدًا. 5واستولى على البلاد والأمم والسلاطين فكانوا يحملون إليه الجزية. 6 وبعد ذلك انطرح على فراشه وأحس من نفسه بالموت. 7 فدعا عبيده الكبراء الذين نشأوا معه منذ الصباء فقسم مملكته بينهم في حياته. 8 وكان ملك الاسكندر اثنتي عشرة سنة ومات. 9 فتملك عبيده كل واحد في مكانه. 10 ولبس كل منهم التاج بعد وفاته وكذلك بنوهم من بعدهم سنين كثيرة فكثرت الشرور في الأرض."

هذا عرض سريع لتكوين مملكة اليونان كمدخل ليتكلم عن أشر ملوكهم أنطيوخس أبيفانيوس. وهو أول من ملك على اليونان= تترجم في ترجمات أخرى مبتدئًا من اليونان. ولقد مات الإسكندر سنة 323ق.م. وبعد موته انقسمت المملكة إلى أربعة ممالك، ما يهمنا منها هنا سوريا وتحكمها أسرة السلوكيين نسبة إلى مؤسسها سلوكس ومصر وعاصمتها الإسكندرية ويحكها البطالمة. أما اليهودية فكانت مرة مع هؤلاء ومرة مع أولئك ثم خضعت نهائيًا لسوريا سنة 198ق.م. علي يد أنطيوخس الثالث (الكبير). كتيم= أصلًا تشير لقبرص ومع الوقت صارت تشير لكل اليونان بل صارت تشير لكل الغرب البعيد. وداريوس الذي هزمه= إيقاعه هو داريوس كودومانوس. ووصلت فتوحات الإسكندر إلى (إيران وأفغانستان وكازاخستان حاليًا) وكان هذا الانتشار لليونان بسماح من الله لتنتشر اللغة اليونانية في العالم كله، وهي لغة غنية بمفرداتها، ولتكون لغة الإنجيل فيما بعد. ولقد دارت معارك كثيرة بين الأربعة القادة الذين حكموا الإمبراطورية بعد الإسكندر.



الآيات (11-16): "11 وخرجت منهم جرثومة أثيمة هي أنطيوكس الشهير ابن أنطيوكس الملك وكان رهينة في رومية وملك في السنة المئة والسابعة والثلاثين من دولة اليونان. 12 وفي تلك الأيام خرج من إسرائيل أبناء منافقون فأغروا كثيرين قائلين هلم نعقد عهدا مع الأمم حولنا فأنا منذ انفصلنا عنهم لحقتنا شرور كثيرة. 13 فحسن الكلام في عيونهم. 14 وبادر نفر من الشعب وذهبوا إلى الملك فأطلق لهم أن يصنعوا بحسب أحكام الأمم. 15 فابتنوا مدرسة في أورشليم على حسب سنن الأمم. 16 وعملوا لهم غلفا وارتدوا عن العهد المقدس ومازجوا الأمم وباعوا أنفسهم لصنيع الشر."

أنطيوخس هو أنطيوخس الرابع أو أبيفانس ابن أنطيوخس الكبير (الثالث). وأبيفانس تعني اللامع أو المتجلي، وهو أطلق هذا على نفسه إذ إعتقد أنه تجسد للإله زيوس على الأرض. وأسماه اليهود إبيمانوس أي المجنون. وفي معركة بين الأب أنطيوخس الثالث الكبير مع الرومان، اضطر الأب أن يسلم ابنه أنطيوخس إبيفانيوس كرهينة في يد الرومان وذلك ضمن إتفاقية هدنة بين الطرفين ليضم الرومان أن لا يبدأ أنطيوخس حربًا ضدهم. فظل هناك 14سنة بدأت في سنة 198ق.م. إلى أن حل محله ديمتريوس الأول وهو الابن الثاني لسلوكس الرابع كرهينة. ولقدعينوا أنطيوخس في أثينا رئيسًا للقضاة. ثم في سنة 175 قبل الميلاد تولى الملك، وذلك بالاحتيال إذ أن هناك من إخوته من هم أحق منه بالعرش، وقتل أحدهم بعد أن تولى الملك. السنة المئة والسابعة والثلاثين من دولة اليونان= ودولة اليونان تأسست سنة 312ق.م. فتصبح هذه السنة هي 312-137= 175ق.م.

أبناء منافقون=هذه="بنو بليعال" أي أشرار. وهؤلاء تجاوبوا مع دعوة أنطيوخس في نشر الثقافة اليونانية. فانقسمت اليهودية إلى قسمين [1] هذا الحزب اليوناني الذي يميل للتشبه باليونانيين [2] قسم آخر أصروا على التقوى وعرفوا بعد ذلك بالحسيديين.

أما الحزب اليوناني فعرف باسم أبناء طوبيا. وهؤلاء ذهبوا ووشوا بإخوتهم عند الملك. وطلبوا تأييد الملك ضد إخوتهم، وكان منذ أيام الفرس وحتى أنطيوخس الرابع هناك قوانين ملكية سواء من الفرس أو اليونان تجعل التوراة هي التي تحكم اليهود، فهؤلاء احتاجوا لقرار ملكي حتى يسلكوا بعكس التوراة وحسب عادات اليونانيين. وكان رئيس الكهنة أونيا رجل تقي، فجاء أخيه ودفع رشوة للملك فعينه رئيسًا للكهنة وعزل أونيا. وكان هذا اسمه يشوع فصار ياسون. فإبتنوا مدرسة= هي مؤسسة رياضية للألعاب (جري/ ماراثون/ فروسية..) بالإضافة للتعليم المدني والأدبي. وهذه الألعاب خطورتها أنها كانت تقام على شرف الإله زيوس بالإضافة للعري بداخلها، فكانوا يمارسون بعض الألعاب عاريين تمامًا. وعملوا لهم غلفًا= إذ كانوا يمارسون بعض الرياضات عاريين، كان اليونانيين يسخرون من ختانهم، فعملوا جراحات تعيد لهم غلفتهم وفي هذا إنكار لعلامة انتسابهم لله. وللآن فهناك من يسخر من المتدينين ويدعو للتشبه بالعالم الخاطئ. بل هناك دعوات في الغرب لحذف الآيات التي تهاجم الشذوذ الجنسي من الكتاب المقدس ليكون كتابًا متحضرًا.



الآيات (17-29): "17 ولما استتب الملك لأنطيوكس أزمع على امتلاك مصر ليكون مالكا على كلتا المملكتين. 18 فدخل مصر بجيش كثيف وعجلات وفيلة وفرسان وأسطول عظيم. 19وأثار الحرب على بطلماوس ملك مصر فارتاع بطلماوس من وجهه وهرب وسقط قتلى كثيرون. 20 فاستحوذوا على المدن الحصينة بأرض مصر وسلبوا غنائم ارض مصر. 21 ورجع أنطيوكس بعدما أوقع بمصر وذلك في السنة المئة والثالثة والأربعين ونهض نحو إسرائيل. 22 فصعد إلى أورشليم بجيش كثيف. 23 ودخل المقدس بتجبر واخذ مذبح الذهب ومنارة النور مع جميع أدواتها ومائدة التنضيد والمساكب والجامات ومجامر الذهب والحجاب والأكاليل والحلية الذهبية التي كانت على وجه الهيكل وحطمها جميعا. 24 واخذ الفضة والذهب والآنية النفيسة واخذ ما وجد من الكنوز المكنونة اخذ الجميع وانصرف إلى أرضه. 25 واكثر من القتل وتكلم بتجبر عظيم. 26فكانت مناحة عظيمة في إسرائيل في كل أرضهم. 27 وانتحب الرؤساء والشيوخ وخارت العذارى والفتيان وتغير جمال النساء. 28 وكل عروس اتخذ مرثاة والجالسة في الحجلة عقدت مناحة. 29 فارتجت الأرض على سكانها وجميع آل يعقوب لبسوا الخزي."

هذه الحرب بين أنطيوخس وبطليموس= بطلماوس تنبأ عنها دانيال النبي (25:11-27). الفيلة= كانت حاملة للجنود والعتاد وكان يثبت صندوق خشبي ضخم فوق الفيل يتسع لعشرة جنود مع أسلحتهم، وكانت الأفيال بشكلها ورائحتها تجعل خيول الأعداء تنفر فتهرب وهذا يحدث ارتباك في صفوف الأعداء.
وعند عودته من مصر هاجم أورشليم والهيكل، لأنه سمع بحدوث اضطرابات في اليهودية وقطعًا إذ يهاجم الهيكل ويضعفه فهو ينتصر للحزب اليوناني. وتصرف أنطيوخس ضد الهيكل كان سببًا في حزن لا يوصف لليهود الأتقياء إذ أن الهيكل هو حياتهم وفخرهم، وقيل هنا= جميع آل يعقوب لبسوا الخزي.

الآيات (30-42): "30 وبعد سنتين من الأيام أرسل الملك رئيس الجزية إلى مدن يهوذا فوفد على أورشليم في جيش كثيف. 31 وخاطبهم خطاب سلام مكرا فوثقوا به. 32 ثم هجم على المدينة فجأة وضربها ضربة عظيمة واهلك شعبا كثيرا من إسرائيل. 33 وسلب غنائم المدينة واحرقها بالنار وهدم بيوتها وأسوارها من حولها. 34 وسبوا النساء والأولاد واستولوا على المواشي. 35 وبنوا على مدينة داود سورا عظيما متينا وبروجا حصينة فصارت قلعة لهم. 36 وجعلوا هناك أمة أثيمة رجالا منافقين فتحصنوا فيها ووضعوا فيها السلاح والطعام وجمعوا غنائم أورشليم. 37 ووضعوها هناك فصاروا لهم شركا مهلكا. 38 وكان ذلك مكمنا للمقدس وشيطانا خبيثا لإسرائيل على الدوام. 39 فسفكوا الدم الزكي حول المقدس ونجسوا المقدس. 40 فهرب أهل أورشليم بسببهم فأمست مسكن غرباء وصارت غريبة للمولودين فيها وأبناؤها هجروها. 41 ورد مقدسها خرابا كالقفر وحولت أعيادها مناحة وسبوتها عارا وعزها اضمحلالا. 42 وعلى قدر مجدها اكثر هوانها ورفعتها آلت إلى مناحة."

رئيس الجزية= هو أبولونيوس بن منستاؤس (2مك24:5-26) وكلمة رئيس الجزية أصلًا تعني "قائد المرتزقة". ثم عينه أنطيوخس رئيسًا لوزرائه (2مك21:4).

خاطبهم خطاب سلام= أي حتى يطمئنهم حتى تنتشر جنوده وسطهم، ثم ضربهم عظيمة حتى يجعل اليهودية خاضعة تمامًا للملك، فهي حتى الآن كان لها امتيازات. بنوا على مدينة داود.. قلعة= كانت هذه القلعة سبب آلام شديدة لليهود، لأن عساكر اليونان الذين فيها كانوا يطلون على الهيكل ويشاهدون كل طقوسهم، وينزلون منها ليلحقون الأذى باليهود. وهذا الحصن يسمى "عكرة أو أكرا".



الآيات (43-56): "43 وكتب الملك انطيوكس إلى مملكته كلها بأن يكونوا جميعهم شعبا واحدًا ويتركوا كل واحد سننه. 44 فأذعنت الأمم بأسرها لكلام الملك. 45 وكثيرون من إسرائيل ارتضوا دينه وذبحوا للأصنام ودنسوا السبت. 46 وانفذ الملك كتبا على أيدي رسل إلى أورشليم ومدن يهوذا أن يتبعوا سنن الأجانب في الأرض. 47 ويمتنعوا عن المحرقات والذبيحة والسكيب في المقدس. 48 ويدنسوا السبوت والأعياد. 49 وينجسوا المقادس والقديسين. 50 ويبتنوا مذابح وهياكل ومعابد للأصنام ويذبحوا الخنازير والحيوانات النجسة. 51ويتركوا بنيهم قلفا ويقذروا نفوسهم بكل نجاسة ورجس حتى ينسوا الشريعة ويغيروا جميع الأحكام. 52 ومن لا يعمل بمقتضى كلام الملك يقتل. 53 وكتب بمثل هذا الكلام كله إلى مملكته بأسرها وأقام رقباء على جميع الشعب. 54 وأمر مدائن يهوذا بأن يذبحوا في كل مدينة. 55 فانضم إليهم كثيرون من الشعب كل من نبذ الشريعة فصنعوا الشر في الأرض. 56 وألجأوا إسرائيل إلى المختبآت في كل موضع فروا إليه."

أنطيوخس كان يحاول أن يجعل لمملكته كلها شكلًا واحدًا، لذلك أرغم كل من يخضع له بما فيهم اليهود أن يلتزموا بالعبادات اليونانية والثقافة اليونانية. وأمر أن تكون المذابح في كل مكان= يذبحوا في كل مدينة ليلغي شريعة اليهود التي تنص بتقديم الذبائح في الهيكل فقط (تث5:12-27) ومن هنا بدأ الاضطهاد السلوكي لليهود لمن تمسك بعبادة الله بحسب الشريعة.



الآيات (57-67): "57 وفي اليوم الخامس عشر من كسلو في السنة المئة والخامسة والأربعين بنوا رجاسة الخراب على المذبح وبنوا مذابح في مدن يهوذا من كل ناحية. 58 وكانوا يقترون على أبواب البيوت وفي الساحات. 59 وما وجدوه من أسفار الشريعة مزقوه واحرقوه بالنار. 60 وكل من وجد عنده سفر من العهد أو اتبع الشريعة فانه مقتول بأمر الملك. 61 هكذا كانوا يفعلون بسطوتهم في إسرائيل بالذين يصادفونهم في المدن شهرا فشهرا. 62 وفي اليوم الخامس والعشرين من الشهر ذبحوا على مذبح الأصنام الذي فوق المذبح. 63 والنساء اللواتي ختن أولادهن قتلوهن بمقتضى الأمر. 64 وعلقوا الأطفال في أعناقهن ونهبوا بيوتهن وقتلوا الذين ختنوهم. 65 وأن كثيرين في إسرائيل عزموا وصمموا في أنفسهم على أن لا يأكلوا نجسًا واختاروا الموت لئلا يتنجسوا بالأطعمة. 66 ولا يدنسوا العهد المقدس فماتوا. 67 وكان على إسرائيل غضب شديد جدًا."

رجاسة الخراب= مذابح للإله زيوس فوق مذابح الله. يقترون= يحرقون البخور. وقدم خنزيرة على هيكل الله. الملك أراد تحويل العبادة إلى زيوس وإلى نفسه فهو زيوس المتجسد. وكانت عبادات الأوثان هذه تشمل الدعارة، ولذلك سمى كل هذا رجاسة الخراب. على أبواب البيوت وفي الساحات= لضمان اشتراك كل الناس في هذه العبادات. شهرًا فشهر= المقصود في مناسبة العيد الشهري لزيوس كان الجنود يقتلون من يخالفهم ويرفض تقديم ذبيحة لزيوس ومع كل هذا العنف نجد أتقياء يرفضون النجاسة مهما حدث حبًا في الله. وكان على إسرائيل غضب شديد= إذًا ما يحدث لم يكن راجعًا لقوة أنطيوخس ولا أن الله غير قادر على حماية شعبه، بل لأن الله غاضب عليهم، وهو سمح بهذا التأديب بسبب خطاياهم.

__________

الأنبا مكاريوس الأسقف العام !!
أنطيوخس: اسم يوناني معناه "مقاوم" بينما إبيفانس يوناني أيضًا معناه "الظاهر" أو "المتجلي" وهو لقب فخري للآلهة الوثنية، أطلقه أنطيوخس على نفسه إذ كان يعتقد -كما سيجيء- أنه تجسُّد للإله "زيوس" على الأرض! غير أن أعداءه أطلقوا عليه اسم "أبيمانوس" ويعنى "المجنون"!

لم تكن عادة الملوك السلوقيين إطلاق صفات خاصة لهم ولكنهم اقتبسوها من الملوك البطالمة المصريون، كتب كل من بوليبييوس وهو كاتب معاصر لهذه الأحداث، وديودوروس الصقلي وليبيوس وصفوه بالآتي: "المتقلب في سلوكه وأعماله" ويذكر يوسيفوس أنه كتب على تيجان ملكه وخواتم يديه (ثيئوس) أي الله !!
وأحيانا نيكيفوروس "أي الجبار" وكان تاجه يحمل لقب الألوهية في المنتصف وله قرنان (كعادة الآلهة السورية الكنعانية وأشهرهم بعل قرنايم) وباللاتينية corona radiata، وهو الوصف الذي أطلقه عليه السامريون حين طلبو منه أن لا يسلمهم كقربان لليهود وكتبوا له في مقدمة رسالتهم ما نصه الآتي: "للملك أنطيوحوس، الله الظاهر، من الصيدونيون...) !!

ويقول يوسيفوس في تاريخه أنه في ذلك الوقت (عند بداية الأزمة) ظهر حشد كبير من الخيول النارية في السماء وكأنها حرب وذلك لمدة أربعين يومًا، وكان في المدينة ثلاثة من الكهنة الأشرار هم (مياليس / شمعون / ألقيموس) وكان لكل منهم أتباعه من اليهود، وقد مضى أولئك الثلاثة إلى أنطيوخس في أنطاكية، حيث وشوا بأخوتهم أنهم فرحون لما رأوا من خيول في السماء متهللين إذ في ذلك علامة على مقتل أنطيوخس! ومن ثمّ اقترحوا عليه تعضيدهم لنشر الهيلينية في البلاد ؛ وهذا هو المقصود ب (الآية13).

المؤسسة الرياضية:
تعنى المؤسسة الرياضية إقامة مدارس لممارسة أنواع مختلفة من الألعاب الرياضية والمسابقات، مثل سباق الجري (والذي عرف حديثًا بـ: الماراثون) ورمى القرص (بيسبول) ورمى الرمح والملاكمة وألعاب الحظ (مثل النرد) ولعبة أخرى أشبه بالشطرنج، والفروسية وهي ألعاب بدنية، يضاف إليها العزف على الآلات الموسيقية.
ولكن الملعب أو الإستاد (المدرسة) Gymnesium كان من معالم الحضارة اليونانية في العالم الهيليني، فلم يكن للألعاب البدنية فحسب، بل للتعليم المدني والأدبي أيضًا .

اللفظة اليونانية "gumna sion" لا يوجد في اللغة العبرية مفهوم يطابق ما تحمله من معنى، وقد استخدم اليهود عدة ألفاظ تصف ما يحدث فيه مثل: "بيت العاريين، بيت للدعاية و نشر الأفكار" وفي الترجمات الآرامية القديمة للسفر الواردة في التلمود ترجموها هكذا: استاديون، وهي من الكلمة اليونانية ستاديون stadion أي ساحة للألعاب الرياضية، كما استخدمت هذه الكلمة في التلمود، راجع وصف يوسيفوس للجمنازيوم (الآثار اليهودية 12: 5) وكان الجيمنازيوم ساحة دائرية محاطة بسور وبجانبها غرف لتغيير الملابس وللاستحمام . وكانت الساحة الدائرية مزدانة بتماثيل الآلهة وخاصة هرمس وهرقل، ويحيط بها أماكن للجلوس.

وما تزال الكثير من الألعاب اليونانية خالدة حتى اليوم فيما يسمّى بالألعاب الأوليمبية Olympic والتي كانت في العصر المكابي تقام مرة كل أربع سنوات على شرف الإله زيوس، وكان تمثال هذا الإله مقامًا في المكان الذي تجرى فيه المسابقات، وما يزال تمثال "رمى المطاث" أو "رمى القرص" والمعروف الآن بـ"البيسبول" موجودًا كما هو منذ العصر اليوناني.

ولكن هذه الألعاب أثرت تأثيرًا سلبيًا على أخلاق اليهود، إذ لم تكن مجرد رياضيات جسدية "نافعة لقليل" (تيموثاوس الأولى 4: 8) وإنما كانت تحمل في طياتها خطورة شديدة، وهي الاختلاط بالوثنيين (لاعبين ومتفرجين) مما أثر على أفكارهم، لا سيما وأن اليهود كانوا منعزلين حتى ذلك الوقت، كمجتمع مغلق على نفسه منذ عودتهم من السبي (بسبب ما كان هناك من اختلاط بالوثنيين وحضارتهم). وكان من شأن هذه الألعاب والدراسات والمسابقات أن تكسر هذا الطوق المضروب حولهم، لا سيما وأن هذه الممارسات مرتبطة بالآلهة الوثنية من حيث الشكل والمضمون. فمن جهة الشكل كانت تتم على شرف الإله زيوس في اليهودية مثلًا، وما يصاحب ذلك من ممارسات وإيماءات تعبدية له من بخور وذكر اسمه.. إلخ، وأما من جهة المضمون فهو الفكر الهيليني نفسه.

صنعوا لهم قُلفًا:

كانت بعض تلك الألعاب في الدورة الأولمبية، يمارسها اللاعبون وهم عرايا تمامًا، فكان اليهود المشتركون فيها يجدون حرجًا شديدًا بسبب الختان، والذي لم يكن معروفًا بين اليونانيين، لا سيما وقد كانوا يرون أنه تشويه جسدي لا مبرر له، وبالتالي فقد كانوا يسخرون من المختونين. مما دفع أولئك اللاعبين اليهود إلى عمل جراحة يخفون بها الختان، وقد كان ذلك يحمل في طياته استخفاف اللاعب بقيمة عظمى تكمن في الختان والذي كان يساوى اليهودية كلها!! (راجع تكوين 17: 9-14) وهكذا كان ذلك السلوك: (على حسب سنن الأمم آية 14) ينطوى على خطورة أخلاقية ناجمة عن المذهب الجديد. وكان ذلك بداية الأزمة التي ستنشأ في اليهودية ما بين اليهود والسلوقيين.

ترجمت لفظة "غرلة" للآرامية بـ(غرل) وهي مطابقة تمامًا للمصطلح التلمودي الوارد في (يباموت 72: 1): "أن الأغرل يجب أن يختن"، و(سنهدرين 44: 11) في قوله: "ختنوا غرلتهم" والكلمة الآرامية هي (عورلوتا).

إلى ذلك يشير كتاب ميثاق موسى (وصية موسى) من كتابات قمران Qumran: "سيحرض ضدهم ملك ملوك الأرض والذي سيصلب الذين يعترفون بختانهم .. وسيعالج أطفالهم أطباء أطفال سيعيدون لهم القلف" (8: 1و3)(2).

وقد حذر الكتاب من مثل هذه الممارسات الوثنية، والتي ينتج عنها الخراب والسبي (تثنية 4: 25-28) كما نجد في موضع آخر أن "العهد" الذي يسمح بالتعامل بحرية مع الأمم المحيطة، كان يعتبر مدخلًا لعبادة آلهة تلك الأمم (خروج 34: 15-16 و تثنية 7: 2-4) لذلك كان الأمر الإلهي لليهود بالانفصال التام عن الأمم السبع الساكنين في أرض الموعد (خروج 23: 32 و34: 12-16 و تثنية 7: 1-4).

كما أن ممارسات وعادات الأمم في (الآيتين 14و15) هنا، تذكرنا بما نقرأه في (لاويين 18: 3 و ملوك ثان 17: 8) فإن الذين يقبلون التشبّه باليونانيين ستكون خطيتهم كبيرة، مثلها مثل عبادة الأوثان والزنا والانحراف، كذلك فإن تعبير اقترنوا بالأمم (آية 15) نجد له نظيرًا في سفر العدد، حيث يشير إلى مصاهرة الوثنيين. فيرد تعبير "على سنن الأمم" في السبعينية هكذا "kai ezeugisqhsan" والذي يعني: "أصبحوا في علاقات مزدوجة مع الأمم" راجع (سفر العدد 25: 3- 5).

وفي العصر الرسولي كانت الكنيسة تشترط على الراغبين في الانضمام إلى الكنيسة، التخلّي عن أية وظائف أو ممارسات وثنية وارتياد حلبات المصارعات وإدارة بيوت الدعارة أو ارتيادها، والتسرّي والسحر، وغيرها !!

وفي المقابل فإنه كثيرا ما بدأ الانحراف والارتداد، بمجرد مشاركة بريئة في أنشطة رياضية أو اجتماعية، وكثيرًا ما استخدمت الثقافة والمدنية في جذب الكثيرين بعيدا عن التدين، ولعله من المناسب هنا أن نشير إلى أن هناك الآن اتجاه شديد الخطورة، يهدف إلى ضمّ العالم كله تحت "ديانة عالمية" هي ديانة العقل واللذة والعلم المجرد، وبسبب سوء فهم البعض للدين ونتيجة للممارسات غير الناضجة والصحيحة لبعض المتدينين، يتشدّق الملحدون بأن سبب تخلّف بعض الشعوب يرجع إلى "تعاطي الدين". ومن ثمّ فإن هناك برامج عدّة منفذة الآن -في غفلة من الأكثرين- للتخلّص من الدين! وهو ما فعله من قبل أنطيوخس أبيفانيوس. وعلى الرغم من الفوائد الكثيرة للعلم، فكثيرا ما يتطاول العلماء على الله والدين وينسبون الكون والخلائق للصدفة بل ويؤلّهون الكون! وهكذا يعيد التاريخ نفسه !!

ورد في كل من المصادر اليهودية والوثنية أن أبيفانس أهدى الحجاب الفاصل بين القدس وقدس الأقداس لهيكل زيوس الأوليمبي، فذكر فيسنياس (عاش في القرن الثاني): "حجاب هيكل زيوس الأوليمبي كان من قدس أقداس اليهود" وكان الحجاب يشابه لحد كبير حجاب هيكل أرطاميس في أفسس، كما أخذ الحجاب الذي عمل بعد هذا -أي في الهيكل الثاني- إلى روما. فقد ورد في التلمود ما نصه الآتي: عن رابي إليعازار عن رابي يوسي أنه قال: "لقد رأيته في روما ورأيت عليه دم الذبائح الخاصة بيوم الكفارة".

فمن خلال عيد الساتورناليا "عيد الشمس التي لا تقهر" في 25 ديسمبر ومن خلال الأعياد اليونانية والكنعانية القديمة عرفنا لماذا اختار هذه الأيام بالذات ولماذا ارتبط هذا العيد المذكور هنا بالنجاسة، وذلك لإقامة طقوس الدعارة الجماعية الذي كان يحتفل به مرتين في السنة عند الربيع و في هذا اليوم بالذات. لأن فيه يبدأ النهار يطول مرة أخرى، ونتيجة لارتباط هذه الآلهة بالشمس والخصب فقد أقاموا لها هذا العيد في هذه الفترة ..

وجاءت رجسة الخراب في العديد من المراجع التلمودية بـ(تمثال لزيوس الأوليمبي ( التلمود الأورشليمي - السبت 11: 4) وجاءت في مراجع أخرى: رجسة الخراب كانت وجه ملك، أو وجه كلب . والبعض قدم أبحاثا في أن رجسة الخراب كان إله الفينيقيين بعل شمايم، وهكذا جاءت في الترجمة الآرامية لمكابيين الثاني 6: 2 "بعل شامين" وقد وضعوا التمثال في واجهة الهيكل كعادة اليونان في وضع تماثيل آلهتهم في مقدمة هياكلهم.

وكان هذا السلوك وهذا التاريخ هو الطريقة التي خلّد بها أنطيوخس عمله هذا، ويقول يوسيفوس أن السامريين بالفعل كانوا يسمون أنطيوخس "الإله المتجسد". وتوحي (الآية 55) بإقامة الُنصب والتماثيل في الشوارع، وبوجود رجال دين وثنيين يجتهدون في نشر العبادات الوثنية من خلال الطقوس والثقافة!!

كما نجد أن عبادة ملكة السماء كانت تمارس في مدن يهوذا وشوارع أورشليم.


راجع

كتاب: مدخل إلى سفري المكابيين.

دائرة المعارف الكتابية/كتيم- دار الثقافة المسيحية.

دائرة المعارف البريطانية- الحروب السورية.

يوناثان جولدشتاين - المقدمة

قصة الحضارة: وول ديورانت. الجزء الرابع .

تفسير رابي كوهين للمكابيين ومجموعة الشواهد اليهودية التراثية .

تاريخ يوسيفوس - الخواجا سليم نقولا. بيروت .

الديداكية، تعريب الأبوين جورج نصور ويوحنا ثابت. رابطة الدراسات اللاهوتية في الشرق الأوسط- الكسليك/1975م .

كتاب الديداخي (تعاليم الرسل) راهب من الكنيسة القبطية .

إلياس الدبس مطران بيروت المارونى، تاريخ سورية الدنيوي والديني .

التلمود: باب يومًا " 57:1"

الحضارة الفينيقية " ل ج. كونتو وترجمة د. محمد عبد الهادي شعيرة.

كتاب " الحثيون " للكاتب جرني وترجمة الدكتور محمد عبد القادر .

كتاب: المعتقدات الكنعانية /خزعل الماجدي .



#أبو_زينب_النجدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرِّقُّ ؛ العبوديَّة والأديان الثلاثة .
- المانويَّة والعقائد المسيحية . 1


المزيد.....




- نهشا المعدن بأنيابهما الحادة.. شاهد ما فعله كلبان طاردا قطة ...
- وسط موجة مقلقة من -كسر العظام-.. بورتوريكو تعلن وباء حمى الض ...
- بعد 62 عاما.. إقلاع آخر طائرة تحمل خطابات بريد محلي بألمانيا ...
- روديغر يدافع عن اتخاذه إجراء قانونيا ضد منتقدي منشوره
- للحد من الشذوذ.. معسكر أمريكي لتنمية -الرجولة- في 3 أيام! ف ...
- قرود البابون تكشف عن بلاد -بونت- المفقودة!
- مصر.. إقامة صلاة المغرب في كنيسة بالصعيد (فيديو)
- مصادر لـRT: الحكومة الفلسطينية ستؤدي اليمين الدستورية الأحد ...
- دراسة: العالم سيخسر -ثانية كبيسة- في غضون 5 سنوات بسبب دوران ...
- صورة مذهلة للثقب الأسود في قلب مجرتنا


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أبو زينب النجدي - الإله الأولمبي المتجلي الظاهر في الجسد وعيد الشمس والرياضة !!