أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - نايف سلوم - مأساة هاملت أو الوليمة المسمومة















المزيد.....



مأساة هاملت أو الوليمة المسمومة


نايف سلوم
كاتب وباحث وناقد وطبيب سوري

(Nayf Saloom)


الحوار المتمدن-العدد: 5898 - 2018 / 6 / 9 - 23:19
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


في عام 1969 صدر كتاب جورجو دي سانتليانا وجيردا فون دي هند ، "طاحونة هملت" وقد كَرّسا الكتاب لتاريخ العلوم ، ودرسا فيه مختلف القرائن الميثولوجية لمعارف القدماء عن البريسيسيا (وهو ميلان محور دوران الأرض حول نفسها مع تأخر يوميّ في الوقت مقداره جزء من اثنين وسبعين). وهنا يوجد ربط بين طاحونة هملت(طاحونة الزمن) وبريسيسيا الأرض.
وكلمة precis تعني: خلاصة الوقائع الأساسية ، و precise تعني ما هو مضبوط لا زيادة فيه ولا نقصان، أي محكم مقدّر، و precursor هو النذير سلف البشير/ المخلّص، شخص يمهد ظهوره لظهور غيره ، وتعني أيضاً ، المادة الأم أو مادة تتشكَّل منها أخرى، هو النذير يحي بن زكريا أعظم أولاد النساء، الممهد لعيسى المسيح ابن مريم ، وأوزيريس الابن البكر للإله المحيط بالأرض غِبّ(Gb) ، هو الممهد لحورس ابن إيزيس في الميثولوجيا المصرية . بهذا تكون البريسيسيا خلاصة دوران محور الأرض حول نفسها والوقائع الناجمة عن ذلك ، وإحكام ذلك وقدره ، والتأخير أو النسيء الحاصل نتيجة ميلان محور الدوران. ونؤكد هنا على أن زعم المؤلفَين عن قصور معارف المصريين بالبريسيسيا ليس الزعم الأول ، بل زعما بجهل المصريين القدماء بالنسيء ، وهذا جهل فاضح لوجود النسيء أو الشهر الصغير في التقويم القبطي . وقومت الشيء تقويماً أي أنك تقيم هذا مقام ذاك (تقويم الاعوجاج ومنه التقويم أي تقويم التأخير بإضافة خمسة أيام إلى السنة الشمسية) وسوف نلاحظ هذا النسيء أو التأخير في تنفيذ هاملت انتقامه لمقتل ابيه هاملت الملك وتقويمه للزمن المعوجّ.
لقد كان الأصل الأول لهملت هو بطل الميثة الدانمركية أملت أو الميثة الأيسلندية أملودي . ونحن نستخدم كلمة الميثة بدل الأسطورة لأن الميثة تختص بأنساب الآلهة وأنصاف الآلهة ، أي تختص بشخصيات مؤسسة للكون الجديد والزمن ؛ تأسيس الزمن الجديد المستقيم على سكته. إن الشخصية القديمة أمليت تعرض السمات عينها التي تعرضها شخصية هاملت : الأسى وقوة الإدراك . إنه أيضاً الابن الذي يكرّس نفسه ليثأر لوالده ، وهو نذير (precusor) الحقائق المبهمة (الحدسية) التي لا رادّ لها ، والمؤذن بحدوث أمر ما مبهم وأداة القدر و القضاء التي ينبغي أن تترك المسرح بعد أن تؤدي رسالتها. (أسرار الفلك ص 24 )
في الكون المصري : إله الهواء والضوء شو يباعد بين نوت القبّة السماوية ، وغِبّ الذي هو المحيط بالأرض ، بعد أن كانا هو ونوت بحالة جماع ، ومن هذه المسافة بينهما بعد تفريقهما ولد أوزيريس الابن البكر . كان ذو وجه أسمر اللون ، شعره أسود وعيناه واسعتان سودوان تلمعان ببريق ملفت . الابن الثاني لنوت وغِبّ هو حورس ذو الوجه الأبيض(القمر) والشعر الفاتح والعينان الصافيتان المشعتان كالشمس. والابن الثالث ست، صغير حقود شعره بلون النار ، يشبه سكان الصحارى ، وجهه أحمر، عيناه ضيقتان تتوهجان بعدائية تجاه العالم. ثم ولدت السماء نوت إثر هؤلاء الأختان(الذكور) ، إيزيس ونفطيس. (أسرار 27 )
إن الخلق وظهور الكون الجديد هو تأسيس للزمن التاريخي- الاجتماعي. يقول هاملت:
أنكون أم لا نكون ، ذلك هو السؤال.
أمن الأنبل للنفس أن يصبر على
مقاليع الدهر اللئيم وسهامه
أم يشهر السلاح على بحر من الهموم ،
وبصدها ينهيها
وإلا فمن ذا الذي يقبل صاغراً سياط الزمن
ومهانته،
ويرضخ لظلم المستبد ، ويسكت عن زراية المتغطرس
وأوجاع الهوى المردود على نفسه، ومماطلات القضاء
وصلافة أُولي المناصب، والازدراء الذي
يلقاه ذوي الجدارة والجلد من كل من لا خير فيه (104-105)
إن السؤال الكبير هو هل نسكت على الظلم والجور، أم نخرج ونقاومه في محاولة لخلق كون جديد لا اعوجاج فيه؛ زمن الحقّ والعدل . ولكن ما الذي يجعلنا جبناء أهو الخوف من الموت أم الخوف مما بعد الموت ، هذا العالم المجهول والذي لا يمكن اختباره أبداً. فلولا الخوف لكنا أقدمنا ، يقول هاملت :
لولا أن الخوف من أمر قد يلي الموت
ذلك القطر المجهول الذي من وراء حدوده
لا يعود مسافر، يثبط الإرادة فينا
ويجعلنا نؤثر تحمل المكروه الذي نعرفه
على الهرب منه إلى المكروه الذي لا نعرفه
ألا هكذا يجعل التأمل منا جبناء جميعاً؟ (105 )
وميثة أوزيريس شبيهة بميثة أمليت ، وكانت معروفة في مصر منذ أقدم الأزمنة. فحورس الأصغر (ابن أوزيريس وإيزيس) انتقم لوالده أوزيريس الذي قتله شقيقه ست . وحسب الميثة ، أن أوزيريس جاء ولده حورس في الحلم (على شكل طيف ) . ودعاه إلى الإطاحة بعرش ست الذي سلّمه إلى الموت غدراً . فقد انتظر المتآمرون وعلى رأسهم ست (عَمّ حورس) إلى أن حان دور أوزيريس ليقيس الناووس الذي جاؤوا به إلى الوليمة ، وكان قد قُدّ على قياس أوزيريس . ولحظة استلقى هذا في الناووس ، وضعوا الغطاء عليه ودقّوا الأسافين فيه ، ثم ربطوه بالأحزمة الجلدية الخام ورموا به إلى مياه النيل (أسرار ص27 ) وثمّة وصف بديع لهذا الناووس ، فعلى سطحه المرصَّع بالخشب الأسود تتلوّى أشرطة ذهبية ، وفي وسطه رمّانة كبيرة تصوّر الشمس يدحرجها على صفحة السماء جعل لازوردي ، وتبرق وتشعُّ حولها حجارة كريمة تمثل النجوم . لكن من غير الواضح كيف تجتمع النقائض(الشمس والنجوم ) على صفحة السماء في وقت واحد. ونحن سوف نبين أدناه أن الرمّانة هنا لا تمثّل الشمس ، بل تمثل الوميض الأحمر الساطع الذي أطلقه العملاق نجم الشعرى في العام 7500 ق. م . وقد اندرج هذا الوميض في ميثة أوزيريس وإيزيس بصورة رمزية. تظهر الشعرى بالتزامن مع فيضان النيل قبيل شروق الشمس كمقدمة لظهور الشمس وشروقها ، وهو ما يسمى بالشروق الاحتراقي لنجم الشعرى اليمانيّ (سيريوس أو سبدت)
وعلى عكس إبحار ناووس أوزيريس نزولاً مع تيار النيل (من الجنوب إلى الشمال وهي نفس حركة الأرض حول الشمس ) تجري حركة دوران (محور) الأرض حول نفسها (بريسيسيا) من الشمال إلى الجنوب . فدوران النفس حول ذاتها شمال ودورانها حول غيرها (حوله)جنوب.
والناووس نعش أو حجر منقور تجعل فيه جثة الميْت . قلت:
بعد تنزيله عن الصليب ميْتاً
رُفع يسوع على النعش
وبنات نعش كواكب، ثلاثة بنات وجدي
ونعشٌ؛ رفع وارتفاع
والنعش سرير الميت
ومحفّة تحمل الملك إذا مرض
وجاء حكماء المجوس من المشرق الى بيت لحم
أو بيت الخبز ، لأن لحم تعني خبز
ليشاهدوا ولادته ويقدًموا الهدايا
وقد هدتهم إلى المكان
نجمة لم تأفل حتى بلغوا غايتهم
هي نجمة المجوس الخماسية
الزهرة فينوس نجمة الصبح
وعشيقة الإله سِن في المساء
قال جيرم:
سمع الحكماء في تلك البقعة الطاهرة
بكاء الطفل الجديد/ نيروز
والندب على أدونيس/ تموز (ديوان الأفكار ص 77-78 )
أربعة أشخاص يشكلون الحلقة السرّية الخاصة بوحي الطيف . ضابطان هما مرسلُس وبرناردو ومثقف متعلم فقيه لقن هو هوراشيو وأمير قلق محزون بمقتل أبيه وزواج أمه من القاتل هو هاملت. وهاملت هذا هو الشخص الوحيد الذي كلّمه الطيف ؛ طيف الأب؛ الوحي أو روح الأمر في اليقظة . وقد أقسم الأربعة جميعاً على سيف هاملت بكتمان السر ، وعلى تنفيذ أمر الطيف بالانتقام وإصلاح الزمن . ولأن فلسفة هوراشيو عقلانية وضعية وهي لا تعير أرواح الأموات ولا الأشياء اللامرئية أي اعتبار ، فإنه لم يستطع فهم حقيقة الطيف العائد.
هاملت: إن في السماء والأرض يا هوراشيو أموراً
أكثر بكثير مما تحلم به فلسفتك (ص 65)
يظهر الطيف عند منتصف الليل، وما أن يصيح الديك حتى يختفي . لأن ظهور المخلص يجعل الأطياف تختفي من جميع الليالي. ما أن يتم اصلاح الزمن حتى تنشر أجنحة أرواح الموتى جميعها وتتكسر.
مرسلس: لقد تلاشى مع صياح الديك
يزعم بعضهم أنه عندما يحين موسم عيد ميلاد المسيح،
يغني طير الفجر الليل بطوله،
وعند ذلك يزعمون أن لا روح تقوى على التطواف،
فتمسي الليالي نقية، ولا تسقط الشهب،
ولا يؤذي الجن أحداً، وتعجز كل ساحرة عن سحرها
تلك فترة مقدسة ملؤها الخير.(الفصل 1، المشهد 1)
ويسترعي الانتباه في ميثة أوزيريس المشهد الذي يشارك فيه (72 ) متآمراً بالضبط في قتله وتشير سيليرس إلى أن ضرب العدد 72× 360= 25920 عاماً وهو أمد أو مدّة دورة البريسيسيا وعودة محور الأرض إلى مكانه الأول في الأصل (arche). ومن الملائم أن نذكّر في هذا السياق بميثة إنشاء حساب الزمن والتقويم التي ربح فيها توت (تحوت) من إلهة القمر (1/72) جزءً من التقويم السنوي . فكل يوم يتأخر محور دوران الأرض حول نفسها (1/72) جزء من اليوم ، بحيث يكون التأخير في السنة هو خمسة أيام 360 × 1/72 = 5 أيام وهو ما يسمى لدى المصريين القدماء بالنسيء أو الشهر الصغير الذي يضاف إلى عام الآباء الأوائل الذي ولد فيه أوزيريس وحورس وست وإيزيس(ربة القمر) ونفطيس ؛ السنت 360 يوماً فتغدو 365 يوماً في تصحيح للتقويم والزمن. والسنة الشمسية = السنة القمرية (354 ) + 11= 365 يوماً
علي= 70+30+10= 110=11 ، هكذا يكون علي هو مقوّم الزمن ومصلحه إلى وضعه الحق.
عندما هاجم ملك الفايكنغ البحري ميزنجر الأمازونيس ، وشحن الطاحونة (طاحونة هاملت) مع العملاقين في سفينته ، وأرغمهما على طحن الملح . وقع خللٌ في عمل السفينة ما أدى إلى غرقها ، بيد ان الطاحونة واصلت عملها ، فأدّى دورانها إلى تشكل الدوّار المائي (البحري) العملاق "مالستريم" ، ومن هذه الميثة أخذ ادغار آلن بو قصته العظيمة"الانحدار إلى مالستروم" المنشورة في مجموعته القصصية "الخنفساء الذهبية" أو الجعل الذهبي. يكتب بو في قصة الخنفسة الذهبية: خنفسة في حجم البندقة ، براقة ذهبية اللون، وتزين ظهرها بقعتان سودوان إلى فوق.. تبدوان وكأنهما حدقتا العينين ، وبقعة مستطيلة إلى اسفل .. هي صلبة تماماً وثقيلة. قال لوغراند: إنها أبدع شيء في الكون . فقلت: أهي بزوغ الشمس؟"
في الفجر، حيث ولدت للتو من المعبودة نوت، تظهر الشمس في هيئة خِبْري؛ الجعران(الجعل) المقدس" (الفلك في مصر 39 )
وغرق السفينة هو السبب في ملوحة البحر ، وقد سبب هذا الاختلاط والاعوجاج في الزمن ، زمن هاملت (همليت). ومهمة هاملت الإلهية هي إصلاح الزمن والسفينة وإعادة محور الدوران إلى وضعه الأصل (arche) من دون تأخير.
لقد استخدمنا مصطلح الميثة مع مماثلات هاملت لنشير إلى ان هاملت شخصية ميثولوجية إلهية لا اسطورية بشرية ، لأن وحي طيف الأب أو روح الأمر أمَره بالانتقام وإصلاح الزمن المفكّك ، الزمن خارج الوصل. وهدم الكلية الاجتماعية الفاسدة القائمة ، وهذا المشروع لتحويل الكلية الاجتماعية هو ما يضع شخصية هاملت في الحقل الميثولوجيّ(النسب الإلهي theogony) لا الأسطوريّ (النسب البشري) التي يدافع فيها البطل عن كلية اجتماعية قائمة، ومأساة البطل البشري أنه يضحّي بنفسه أخلاقياً في سبيل هذه الكلية القائمة. وهكذا يمكن أن نشير إلى ثلاث مستويات للحكاية: حكاية خرافية ( fable )، وحكاية اسطورية (legende)، وقصّة ميثولوجية (mythos) ، وهذه الأخيرة تعادل القصّة القرآنية(نحن نقص عليك احسن القصص)
يوجد شبه عظيم بين مأساة هاملت لشكسبير ومأساة اوريستس(حاملات القرابين) لأسخيلوس . والحق يقال أن جميع الأعمال المسرحية اليونانية التي عالجت مأساة أوريستس هي شديدة الشبه بمأساة هاملت وهي: أوريستس اسخيلوس، الكترا سوفوكليس، إلكترا يوريبيديس، أوريستس يوريبيديس، إيفيجينيا في أوليسن وإيفيجينيا في تاوروس ليوريبيديس، وهيكوبا يوريبيديس ، وأجاممنون سينيكا. لكن أثر سينيكا هو الأكبر ، خاصة بعد مقالة ت. س. إليوت الشهيرة "سينيكا والتراجيديا الإليزابيثية" . فقد اثبت النقاد والباحثون بعد هذه المقالة اثباتاً مستفيضاً أن سينيكا كان السلعة (البضاعة) الرائجة المتداولة لدى كتاب المسرح في عصر إليزابيث وهو عينه عصر شكسبير. إن تأثير أجاممنون سينيكا يقتصر على كلام الطيف؛ طيف الأب مع هاملت الابن ، أما علاقات سفاح القربى والمحارم والزنى فنجدها لدى سوفوكليس في أوديب ملكاً . والمحارم هنا والزنى هو اغتصاب السلطة من قبل شخص غير شرعيّ طاغية متآمر. هذه التيمة تتكرر في الأعمال الكلاسيكية اليونانية وعند شكسبير. إن الشبه بين كلتمنسترا سنيكا في "أجاممنون" وغرترود شكسبير أكثر من كبير ، خاصة وأن كليتمنسترا سينيكا ليست المتنمّرة التي نجدها في أسخيلوس ، المرأة التي أظهرت أنها "أخت الرجال". صلبة الإرادة، لا تجفل أمام الأهوال. بينما كليتمنسترا سينيكا عشيقة ضعيفة الإرادة ، دفعتها إلى الجريمة شخصية أقوى منها هي شخصية عشيقها. وقد نسخ سوفوكليس ويوريبيديس صورة كلتمنسترا كما وجدت عند أسخيلوس. بينما خرج كل من سينيكا وشكسبير عن النموذج الأصل.
غرترود شكسبير مجرمة لعدم وفائها كزوجة ، وزواجها من عمّ هاملت كلوديوس محرم أخلاقياً لاقانونياً ، وبهذا نفسر تهمة الزنى بالمحارم أو سفاح القربى التي يكيلها هاملت لها أكثر من مرة. فقد تزوجت مغتصب العرش وقاتل زوجها الملك ، بعد شهرين من مقتله ، وهذا من المحارم بالنسبة لهاملت. إن موضوع قتل الأم الذي أرّق القدماء تأريقاً عميقاً كان فيما يبدو مرفوضاً رفضاً باتاً عند شكسبير. وقد اعتمد على هذا التحريف للميثولوجيا الأسخيلية على يوريبيديس أكثر مما اعتمد على سينيكا.
نقرأ في هاملت على لسان الطيف:
الطيف: إن كانت الطبيعة سوية فيك انتفض!
ولا تدع سرير ملك الدانمرك يتحول
إلى فراش للفجور والزنى اللعين بذوي القربى
ولكن كيفما فعلت لتنفيذ هذا العمل ،
لا تلوّث دماغك ، ولا تدبر أي مكيدة
لأمّك. اتركها للسماء،
وللشوك المقيم في صدرها
ليُعْمل فيها وخزه ولسعه.." (ف1، م4 ص 60)
ونقرأ بالمقابل في أوريستس يوريبيديس:
أوريستس: إنما الوم لوكسياس لأنه دفعني إلى عمل لعين غاية في البشاعة ، معيناً إياي بالكلام وليس بأي عون فعليّ. فإني على يقين من أني لو سألت ابي وجهاً لوجه إن كان عليّ أن اقتل أمي لرجاني وكرر الرجاء بحارّ العبارة واستحلفني بلحيته ألاّ أغمد سيف القاتل في صدر أمي . فلو انّي فتكت بها لما استردَّ بذلك حياته أما انا فستحقّ عليّ اللعنة وأشرب من كأس الأحزان." (لويس عوض، مقدمة أوريست أسخيلوس ص 22 ) . الطيف ؛ طيف الأب أو روح الأمر يحذّر هاملت من قتل الأم في عبارات مشابهة لعبارة يوريبيديس، وحجته في ذلك أن قتل الأم يلوث العقل ويؤدي إلى الجنون ، وقصة أوريستس مجنوناً في "حاملات القرابين لأسخيلوس" ، وفي أوريستس يوريبيديس توضح ذلك. فقتل الأم عدالة منافية للطبيعة كقتل النفس أو الانتحار (قتل نفس الكون) . وقد كانت هذه "العدالة" المنافية للطبيعة موضوعاً حيوياً للتراجيديا اليونانية.
لا نجد في شخصية بولونيوس إلا النفاق والثناء الرخيص للملك الحاكم بغض النظر عن الحق والباطل ، والعدل والجور. إن بولونيوس امتداد لشيوخ أرجوس في كورس أسخيلوس . ففي أوريستس أسخيلوس تبلغ الدراما ذروتها في اغتيال أجاممنون ، حيث للدراما بداية ووسط ونهاية . لكن مع التطور الذي حصل مع سوفوكليس ويوريبيديس أمكن للدراما سرد هذا الحادث (الاغتيال) في نشيد ، ثم المضي رأساً إلى قصة الانتقام . وقد حذا شكسبير حذو سوفوكليس ويوريبيديس.
إن الكلمات الرهيبة الآتية من وراء القبر على لسان الطيف في هاملت: اقسم، اقسم، اقسم، تماثل وحي أبولون حين باح لأوريستس من خلال عرّافة دلفي بنهاية أجاممنون الحزينة، الذي جعله يحلف اليمين بأن ينتقم لمقتل أبيه. وهرمس الرسول مولى على الأطياف .
قلت:
في وسط ميدان المدينة (بوليس) العام الفسيح
والمحاط بسور مجلل بالقداسة
وحيث يدعوه اليونان "أغورا"
ينتصب هرمس وقد قدّ من الحجر
ملتحٍ
ومربّع الزوايا
هذا الإله الآغوريّ
زوج هيستيا
يقوم بكشف الطالع
ويظهر كنبي رسول
كما أن هذه الكلمات ليست سوى صياغة مسرحية لكلمات بيلاد في "حاملات القرابين" لأسخيلوس.
بيلاد: أين ضاع إذن أمر أبولون في دلفى
وأين إذن حِلفانك بالعهد الرهيب؟ (مقدمة عوض 25 )
وهكذا نعرف من أسخيلوس أن ابولون حين نزل وحيه على أوريستس من خلال عرافة (علّامة) دلفى بنهاية أجاممنون الحزينة جعله يحلف اليمن بأن ينتقم لمقتل أبيه. وهنا نلاحظ أمراً هاماً هو أن كلام طيف أب هاملت أو وحي ابولون في دلفى لم يكن تذكيراً فقط ، بل أمراً بالتنفيذ والفعل، أمر بإعادة الزمن إلى محاوره ، بإعادة وصل عناصره المخلّعة المفككة، إعادة الزمن إلى سكّته. هذا الأمر أمر الطيف لا يمكن إيقافه وإنهاء تكرار عودته إلا ببيان للحزب. كتب ماركس في بيان الحزب الشيوعي سنة 1848 م : "إن طيفاً يسكن أوربا هو طيف الشيوعية. كل قوى أوربا القديمة دخلت في تحالف مقدس لرُقْية هذا الطيف، بوب ، سيزار، مترنيخ ، وغيزو ، والراديكاليون الفرنسيون ، وجواسيس البوليس الجرمان "(البيان ، الطبعة الإنكليزية ص 33 ) ولم يكن من الممكن الحديث مع الطيف وإيقافه إلا عبر ظهور بيان الحزب الشيوعي.
يوجد أيضاً تواز بين شخصيتي بيلاد وهوراشيو . حيث كل منهما زميل دراسة ، وغرباء أصبحوا أصدقاء ودعاة أوامر الوحي ، وحي الحق والعدل. هناك لطخة من العار تلوث سمعة كل من أوريستس وهاملت ، وإنما وظيفة هذا الصديق المثقف الفقيه (اللقِن) (بيلاد/ هوراشيو) هي أن يزيل هذه اللطخة . باعتبار أن الجمهور لا يعلم شيئاً عن كلام الطيف ، لأن الوحي سر كان مقصوراً على هاملت ، لكن هوراشيو ومرسلس وبرناردو قد رأوه بأعينهم لكن هاملت الوحيد الذي أسر له الطيف فحوى الأمر. وقد طلب الطيف من هوراشيو ومارسلس كتمان السر وحلّفهم على ذلك . كان الجمهور يظن في أوريستس وهاملت شيطاناً مريداً كاسراً أو مجنوناً طليق السراح مخبول ، بدلاً من رؤيته رسول المنتقم الجبار، والقائم الذي أرسلته السماء كي يعيد الزمن إلى سكته بعد أن ألحد عنها ومال . ولا مخرج إلا بإعدام هاملت وأوريستس لأن شروط القيامة غير متضافرة تاريخياً. فالحلاج الذي تسلم الوحي في الزمن خارج الوصل ، حقق الأمر بأن أعطى حق "تصرف الأغيار في دمه" فمن دون إعدامه لن يكتمل ظهور الحق واكتمال توحيده. (جبريل ص 47 ) قال الحلاج في الديوان:
بيني وبينك إنّيٌ ينازعني فارفع بإنّيك إنيّي من البين (الأعمال ص 325)
لقد حقق هاملت رغبة أوريستس الأخيرة بأن يدفن بما يليق بكرامته. لم يتردد هاملت بسبب وجود جريمة أمه في طريقه ، ولا لنقص في اليقين، ولكن ليقينه الأكيد أن انتقامه من عمّه لن يجرّ سوى القتل من دون أن يقود إلى إصلاح العصر وإعادة وصل الزمن المخلّع.
إن هاملت يجد نفسه وحيداً مع عمّه كلوديوس المغتصب عندما يكون هذا الأخير وحيداً مع الله. فهاملت يد الأمر (يد الله) التي جاءت تريد القصاص من المغتصب. يسوّف ويتردّد ، لا لأنه خائف من الطعن، لكنه متهيب من الحضرة المقدسة. وهو ما يشير إلى أن الهدف الأكبر من قتل كلوديوس ليس الانتقام لمقتل الملك ابيه وغسل شرف أمه المسفوح فحسب ، بل تصويب الاعوجاج أو الميلان وإقامة الحق والعدل وإعادة الأمر إلى نصابه. وهذا على عكس عقل كلوديوس المغتصب المتآمر الذي يخاطب لرتيس في المشهد الرابع ، الفصل الرابع:
يقيناً ، يجب ألا يكون هناك مكان يُحرّم فيه القتل.
كما يجب ألا يُجعل للانتقام حدود. (175)
أما هاملت فعلى عكس ذلك:
ولكن أن نقسه على أحوالنا ومجرى ظنوننا
فإنه حساب عسير ولا ريب . أفأكون انتقمت
إن أنا فاجأته وهو يطهر روحه ،
وهو في خير أوان للرحيل؟
كلا! (133)
هاملت يتردد و ينفر من فكرة أن يكون الحق قاتل من أجل الثأر وفي أي مكان ، حتى لو كان هذا المكان مقدساً. إن تردده يحمل مغزيين: الأول أن عقله يجب أن يختلف عن عقل المغتصب المتآمر كلوديوس ، وألا يكون الثأر هو الدافع الوحيد للانتقام، فلقد توفرت لهاملت ثلاثة اضعاف دوافع لرتيس للانتقام ، ومع ذلك قال لرتيس : أن أذبحه وهو في الكنيسة! والمغزى الثاني: لم تكن المشكلة التي تواجه هاملت سوى المشكلة التي واجهت أوريستس من قبل، فحين واجه اوريستس قتل أمه في بيت إلكترا انهارت عزيمته.
الكترا: وكيف يحيق بك السوء من الانتقام لأبيك؟
أوريستس: لو قتلتها حملت معي في منفاي وزر دم الأم من بعد ان كنت طاهراً.
لقد أخطأت العرافة(العلاّمة) حين وجّهته إلى هذا الهدف المحرّم. (مقدمة 36-37 )
إن الوحي الذي نزل عليه إن هو إلا وحياً شيطانياً (آيات شيطانية) و هو يسأل نفسه: "أهو روح صالح أم أنه جنّي لعين؟ " ويقول: "لا شك أن من أمر بهذا شيطان في صورة الآلهة.. " فقد حسبه لوهلة شيطاناً مريداً يقتاده إلى دماره. (مقدمة 37 )
إن مداولات أوريستس مع أخته الكترا بهذا الشأن يقابلها مداولات هاملت الباطنية مع نفسه. وهو نفس التردد الذي أصاب محمد حين جاءه الوحي يأمره بالقراءة (قال: اقرأ ) فاستشار زوجته خديجة (نفسه) واستشار ورقا ابن عم خديجة وعدّاس النينوي غلام عتبة وشيبة ، وبحيرا الراهب في الشام. فقالوا لها: هذا الملاك النازل عليه هو جبريل، ومحمد هو النبي المنتظر والقادم لإصلاح الزمن وتقويم ميلانه واعوجاجه. هو القائم بالحق والعدل. والقراءة والقرء وضده النسء والنسيء. جاء في القرآن الكريم: (إنّما النسيء زيادة في الكفر)[التوبة: 37]
يبدو هاملت شكسبير شيزوفرينياً منقسماً وسيكوباتياً معادياً للمجتمع ، إنطوائي على نفسه وسريرته. منقسم انقسام الطبيعة ، انقسام الأهداف والوسائل لتحقيق الغاية. قد يفسر ذلك السوليلوكوي(حديث النفس ) عند شكسبير ، وكان هذا الحديث يسر به البطل للكورس. ومع إلغاء الكورس استخدم حديث النفس(كلام السوليلوكوي). وهذا شائع في عصر شكسبير ، وهو سر شهرة سوداوية هاملت وكآبته واختلاله العقلي، وشهرة المضمون المرضي للسوليلوكوي، ألم يتهم محمد بإصابته بالصرع ولاحقاً إصابته بالجنون!
هذا التحول يشير إلى نقل الكورس من الخشبة إلى قاعة الجمهور ، فهاملت يسرُّ للجمهور في الصالة ، كما فعل أوريستس مع الكورس من قبل. وهاملت أشهر دراسة في الهلوسة. وقد ذهب اتباع إرنست جونز تلميذ فرويد الإنكليزي إلى لايوس وجوكستا (والدي أوديب) لتفسير هذه الهلوسة وهذا التردد.
إن المعادل الباطني لتردّد هاملت هو قتل الأم . يمضي أوريستس إلى تعذيب أمه بقسوة عقلية لا نظير لها ، كما فعل هاملت بأمه في مخدع الملكة. لكن الفوريات (ربات العذاب) لا تفترس أوريستس إلا بعد أن يقتل أمه. فأي معنى لإصلاح الزمن من بعد قتل نفس الكون!
أوفيليا تقابل الكترا أخت أوريستس ، فاوفيليا هي أخت هاملت ورفيقته وحبيبته
هاملت: لقد أحببت أوفيليا أربعون ألف أخٍ
بمجموع حبهم لن يساووا
مقدار حبي أنا (140).
وكلمة فيليا في اليونانية تعني الصداقة وتعني الحبيبة معاً. Oh . philia تعني ايضاً دائرة القرابة العائلية ، ومصير أوفيليا الرهيب مثل مصير إيفيجينيا في تاوروس ليوريبيديس ، حيث تذهب هذه الأخيرة إلى معبد ديانا / أرتميس ربّة العفّة وتصبح سادنة المعبد والحارسة الكبيرة للبكارة في بلاد تاوروس. ومصيرها كمصير أنتيغونا سوفوكلس التي سجنت نفسها في دائرة القرابة العائلية (philia)، ونذرت نفسها طواعية لنهر الجحيم. لم تستطع اوفيليا –مثلها مثل انتيغونا- بحكم روابطها العائلية التماشي مع خطة هاملت للانتقام وإصلاح الزمن، ولا الانفتاح على الآخر ، لتستقبل إيروس ولتجدد الحياة بالارتباط مع غريب.
المبارزة تقابل الألعاب البيثية في الكترا سوفوكليس . بالمقابل يوجد توازياً بين جنون هاملت المصطنع من جهة وبين الموت المصطنع لأوريستس . وهدف الحيلتين واحد، هو الفوز بالمغتصب وقتله.
إذا لم يكن ظهور المخلّص الذي طال انتظاره مقدراً، فإنها مقبلة أن تكون هي نفسها الكترا أداة القصاص. تقول هذا لأختها كريزوثيميس. وفي الواقع أن تهوّر الكترا سوفوكليس هو الذي جعل الكورس وجعل كريزوثيميس وجعل المؤدّب paedagogus ، بل جعل اوريستس نفسه يحذرون هذه العذراء التعسة مراراً وتكراراً ، ويناشدونها أن تكبح جماح غضبها وأن تخفي ما يدور في عقلها إذا هي أرادت السلامة أو أرادت تحقيق خطتها بنجاح. هذه الغلطة يرتكبها هاملت في (فصل3، مشهد4) حيث يعترف لأمه وهو في حالة هلوسة ، يعترف لها انه يصطنع الجنون كي ينتقم. حين لا يكون الوقت مناسباً امسك عن الكلام الكثير.
في إيفيجينيا في تاوروس يقسم بيلاد اليمين على تسليم الرسالة . ولكي يحصّن بيلاد شرفه تماماً نراه يذكّر إيفيجينيا بمهالك البحار ، راجياً ان يُحَلّ من قسمه لو ألمّت به كارثة. يقول: أرجو إذن ان يغفر لي هذا الحنث لو ان زورقي ضاع وضاع معه خطابك في الأمواج الهائجة وبلغتُ الشاطئ عارياً" نجد أصداء هذا الكلام في خطاب هاملت إلى كلوديوس(فصل4، مشهد4 ) حيث يعلن هاملت عودته المفاجئة العجيبة من رحلته المحفوفة بالمهالك ، قائلاً: "ونزلت شاطئ مملكتك عارياً" فهو لا يحمل أي رسالة أو أوراق رسمية.
يقال أن عقله غدا مسموماً ببغض النساء وهذا منبع الملاحظات الواردة من قبل هاملت والتي لطخت طهارة أوفيليا (الصداقة). قال هاملت: أيتها الغواية انت الاسم الاخر للمرأة"
أما بولونيوس فيفسر الأمر على أنه احباط هاملت في حب أوفيليا ، كونها غدت صورة عن امه التي سممت عقله. هذا الإحباط وجد صداه في علاقة الفيلسوف الدانمركي سورين كيركيغور عبر قطعه كل علاقة مع خطيبته ريجينا التي كانت علاقتها بأهلها جيدة.
قال الملك ثاوس في إيفيجينيا في تاوروس عن جريمة قتل الأم : "لم يجسر عليها همجي" (المقدمة 55)
إن اغتصاب العرش وغشيان السريرthalamus، غرفة السرير أو مستودع السرّ(الفراش أو المهاد) هو غشيان محارم من قبل متآمر مغتصب. وسلطة غير شرعية.
في المقابلات السالفة الذكر يتضح أن تراجيديا هاملت هي مثل أحدث عن سيرة الأوريستيا ، فكلوديوس يسمم ملك السرير الشرعي ليتزوج من ارملته ويغتصب عرشه كما اغتصب فراشه أي ليغتصب سريره. وغرترود هي كلتمنسترا ودورها هو دور الزوجة الخائنة ، زوجة الملك الغائب أو المغيّب . مثل هاملت كمثل أوريستس أداة القصاص الإلهي ، ومهمته أن يثأر لمقتل والده وأن يصحح ميلان الزمن أو يعيد محور الدوران إلى اصله في مماثلة مع دورة البريسيسيا. وهوراشيو هو بيلاد ، وهو الجانب الآخر من شخصية أوريستس . والطيف هو وحي أبولون في دلفي الذي نطقت به العرّافة ، هذا الوحي الملهم بالحقائق الرهيبة . وأوفيليا هي مزيج غريب من إيفيجينيا في ديرها والكترا في نواحها الحزين على مقتل أخيها لرتيس. وفكرة هاملت مجنوناً furens (جنون الغضب والهياج) نشأت أصلاً من فكرة جنون أوريستس التي بدأها أسخيلوس في "حاملات القرابين" وتابعها في "الصافحات" .
في صياغة ماركسية نجد هاملت تعبيراً عن التوتر القائم بين النظرية والممارسة ، أو ما يسمى بابتعاد حالية الثورة الاجتماعية، مع وجود الوعي النظري المقارب لحقيقة الكلية الاجتماعية وفسادها التاريخي- الاجتماعي. أي غياب أشراط الساعة وعلاماتها . وهنا يظهر مفهوم الطيف والطيفية في الزمن خارج الوصل ( time out of joint ) كمصطلح لازم في التحليل الماركسي المناهض للوضعية. فالميت يمكن أن يكون احياناً أكثر قدرة من الحي" (أطياف 99 ) والطيفية تأتي بها الأصالة أو الفعل المؤسس (جبريل34) فلا معنى لإعادة محور الأرض إلى أصله لولا وجود الأصل والميلان، مع تقدم الزمن وفساده، عن هذا الأصل ونسيء أو تأخير في الوقت، ونقص. يكتب ديريدا في أطياف ماركس: "ربما يكون هذا (الطيفية) درساً للماركسية لا يمحى من بين دروس أخرى" ص 38
أما مسألة اللحظة الحاسمة للفعل أو أمر القراءة والقرار العظيم (اقرأ) والذي يأخذ لحظات ثلاث وهي act, do, perform ، مسألة تمت مناقشتها لدى التوسير في فكرة الشروط المتضافرة أو راهنية الثورة الاجتماعية في شرطها التاريخي- الاجتماعي كما ظهرت في أوكتوبر الروسي مع قرار لينين العظيم باقتحام قصر الشتاء. فالتأملات النظرية والحاجة إلى التعبئة والتصميم ليست هي السبب المباشر في تأخر الانتقام ، بل هي نتيجة لسبب آخر أعمق يكمن وراءها. إن أعراض الحالة من القلق واليأس ربما شذت عن الطبيعة السوية ، يعرف هاملت وجودها في نفسه . فإشاراته إلى "الطبيعة" وهي السويّ الذي احس بأنه مهدد بفقدانه ، يتكرر من أول القصة إلى آخرها ، وهو يخشى شذوذه وخروجه عن الطبيعة ، وهو ما نبهه إليه كلام الطيف. فهو الآن ينبه نفسه إلى ذلك وهو في طريقه إلى حجرة (غرفة) أمه بعد مشهد التمثيلية التي أراد بها إجراء اختبار توكيدي أخير للملك القاتل وأمه المتواطئة بالزواج منه. يقول:
لعمري بوسعي الآن
أن أشرب الدماء حارة.. وآتي من رهيب الفعل
ما يرتعد النهار لرؤيته! على رسلك – إلى أمي
أيها القلب لا تتخلّى عن سويّ طبيعتك . إياك أن
تفسح لروح نيرون طريقاً إلى صدري الصامت هذا
فلأكن قاسياً لا شاذاً عن الطبيعة
يا ليت الأزلي لم يضع شريعته
ضد قتل النفس (الانتحار). ربّاه، ربّاه!(هاملت ، نهاية م2- ف3)
العصر خارج الوصل والأشراط والعلامات على القيامة وتحويل الزمن غير متوفرة والعناصر مفككة غير متضافرة ولأن فعله يتوضع في نظام زمني لا سلطة له عليه ويتلقى سلبياً النتائج التي تنجم عنه ، تفلت أفعاله منه وتتجاوزه (الميثة والتراجيديا 80 ). وخشية هاملت الكبرى وسر تردده الأساس هو أن يجر الثأر إلى سلسلة من أعمال القتل والجرائم دون ان يقود ذلك إلى عودة في إلى استقامته، ودون إقامة الزمن الجديد ، زمن الحق والعدل. خاصة وأن الطيف يقول:
قضي عليّ أن أحوم في الليل إلى أجل
وأن أُحبس صائماً في النيران
حتى تحترق جرائمي النكراء
التي ارتكبتها في أيام حياتي وأتطهر. (18 مقدمة أوريس)
فهناك أخطاء ارتكبها هاملت الأب لم تؤسس جيداً للزمن الجديد.
ولأن هاملت قد تلقى الوحي في الزمن خارج الوصل فهو كسقراط سممته جوهرة في كأس خمر و كالحلاج في وحدته وعدم فهم الناس له ، لن يكتمل توحيده إلا في إعدامه وموته. قال الحلاج (من مجزوء الرَمَل):
اقتلوني يا ثقاتي إن في قتلي حياتي. (الأعمال 294)
قال الملك بعد خروج هوراشيو:
ما هذا إلا سم الفجيعة ينبع
كله من موت أبيها، آه يا غرترود، غرترود
إذا ما أتت الأحزان ، لم تأتِ فرادى
بل جحافل.." ص 160
يصف هاملت الزمن المعوجّ الذي يعيشه بالقول قاصداً أوسرك الشاب:
لا ريب أنّه تمسك بالآداب إزاء ثدي أمه قبل أن
يرضع منه! إنه وأمثاله من هذا الفصيل، ممن يعشقهم
زمن الحثالات هذا ، لم يكتسبوا إلا نبرة العصر
ومظاهر اللقاء والتحية، وهي أشبه بعادات يغشوها
الزبد والفقاقيع، نقلع بهم خلال كل رأي ذرته
الريح وسفّهه العقل. ولكن ما أن تنفخ عليهم
لتمتحنهم حتى ترى فقاقيعهم تطير وتتلاشى" 201
هاملت: ياللرجس ، كيف، كيف أوصدوا الباب!
غدر، غدر! ابحثوا عنه.
هوراشيو ، لقد متُّ
وستحيا: حدّث بالحق عني وعن قضيتي
كل من شكّ ولم يقتنع
وفي عالم الجور هذا استل أنفاسك ألماً
لتروي قصتي. 209
ولأن هوراشيو قد حدّث قصة هاملت بالحق ، فقد حمل هاملت من قبل أربعة رؤساء في الجيش إلى المنصة كجندي مات في ساحة المعركة.
فرتنبراس:
ارفعوا الجثمان. مشهد كهذا
خليق بساح القتال، ولكنه هنا في غير موضعه.
ليتقدم أربعة من رؤساء الجيش
ويحملوا هاملت إلى المنصة كجندي
اذهب ، ومر الجنود بإطلاق المدافع.
في النهاية، يتقدم شخص أنت وأنا ، ويقول: أريد أن أتعلّم، أن أحيا ، أخيراً ، ولكن لماذا؟
لأنك فقيه، أنت متعلم فكلّمه يا هوراشيو ، أوقفه وكلّمه لأنه روح الأمر في اليقظة ، روح الأب ؛ الطيف العائد. إن أوامر ماركس العائدة كطيف في عصرنا لا يمكن محادثتها وإيقافها إلا عبر إعلان بيان الحزب الشيوعي وبناء قوة التغيير التاريخي- الاجتماعي.
خلاصة
أربعة أشخاص يشكلون الحلقة السرّية الخاصة بوحي الطيف . ضابطان هما مرسلُس وبرناردو ومثقف متعلم فقيه لقن هو هوراشيو وأمير قلق محزون بمقتل أبيه وزواج أمه من عمّه القاتل هو هاملت. وهاملت هذا هو الشخص الوحيد الذي كلّمه الطيف ؛ طيف الأب؛ الوحي أو روح الأمر في اليقظة فهو بهذا وصيّ. وقد أقسم الأربعة جميعاً على سيف هاملت ثلاث مرات بكتمان السر ، وعلى تنفيذ أمر الطيف بالانتقام وإصلاح الزمن . ولأن فلسفة هوراشيو عقلانية وضعية وهي لا تعير أرواح الأموات ولا الأشياء اللامرئية أي اعتبار لم يستطع محادثة الطيف العائد.
هاملت: إن في السماء والأرض يا هوراشيو أموراً
أكثر بكثير مما تحلم به فلسفتك (ص 65)
يظهر الطيف مطالباً هاملت بالانتقام لمقتل والده من المغتصب المتآمر كلوديوس الذي اغتال هاملت الأب وأخذ زوجته أم هاملت وهي التي تواطأت معه بقبولها الزواج بعد شهرين من مقتل زوجها غيلة .
يظهر الطيف عند منتصف الليل، وما أن يصيح الديك حتى يختفي . لأن ظهور المخلص يجعل الأطياف تختفي من جميع الليالي. ما أن يتم اصلاح الزمن حتى تُنشر أجنحة أرواح الموتى جميعها وتتكسر.
مرسلُس: لقد تلاشى مع صياح الديك
يزعم بعضهم أنه عندما يحين موسم عيد ميلاد المسيح،
يغني طير الفجر الليل بطوله،
وعند ذلك يزعمون أن لا روح تقوى على التطواف،
فتمسي الليالي نقية، ولا تسقط الشهب،
ولا يؤذي الجن أحداً، وتعجز كل ساحرة عن سحرها
تلك فترة مقدسة ملؤها الخير.(الفصل 1، المشهد 1)
أما تردد هاملت فله ثلاثة دوافع: الدافع الأول، أنه يريد أن يعلم علم اليقين لأنه خشي أن يكون وحي الطيف ضرب من آيات شيطانية ، وأن يكون الطيف شيطاناً مريداً يقوده إلى دماره ، فلجأ إلى فكرة التمثيلية داخل المسرحية. خاصة وأن الطيف يقول: قضي عليّ أن أحوم في الليل إلى اجل
وأن احبس صائماً في النيران
حتى تحترق جرائمي النكراء
التي ارتكبتها في أيام حياتي وأتطهر. (18 مقدمة أوريس)
الدافع الثاني: أن أمه تقف في مواجهة خطته للانتقام ، ويخشى على طبيعته السويّة من الشذوذ والتورط الرهيب في قتل أمه، وهو فعل يماثل قتل النفس ؛ نفس الكون أو الانتحار ما يقود إلى الجنون على درب أوريستس اسخيلوس في "حاملات القرابين" وهو ما تكلم به الطيف:
الطيف: ولكن ، كيفما فعلت لتنفيذ هذا العمل
لا تلوث دماغك، ولا تدبر أي مكيدة
لأمك . اتركها للسماء
وللشوك المقيم في صدرها
ليعمل فيها وخزه ولسعه" (60)
الدافع الثالث: أن العصر خارج الوصل out of joint والأشراط والعلامات على القيامة وتحويل الزمن غير متوفرة والعناصر مفككة غير متضافرة. وخشية هاملت أن تفلت أفعاله منه وتتجاوزه، وخشيته الكبرى وسر تردده الأساس هو أن يجر هذا الثأر إلى سلسلة من أعمال القتل والجرائم دون ان يقود ذلك إلى عودة الزمن إلى استقامته، ودون إقامة الزمن الجديد ، زمن الحق والعدل. ولأن هاملت قد تلقى الوحي في الزمن خارج الوصل فهو كسقراط سممته جوهرة في كأس الخمر أو كالحلاج في وحدته وعدم فهم الناس له، فلن يكتمل حقيقته وتوحيده إلا في قتله وإعدامه .
في النهاية، يتقدم شخص أنت وأنا ، ويقول: أريد أن أتعلّم، أن أحيا ، أخيراً ، ولكن لماذا؟
لأنك فقيه، أنت متعلم فكلّمه يا هوراشيو ، أوقفه وكلّمه لأنه روح الأمر في اليقظة ، روح الأب ؛ الطيف العائد. فمهمة الفقيه المتعلم الذي تجاوز العقلانية الوضعية في فلسفته هي القدرة على محادثة الطيف العائد وإيقافه ببناء قوة التنفيذ وبرنامجه لإصلاح العصر وتقويم الزمن الجائر الظالم.

هوامش
1- وكلمة (طوف) تعني دوران الشيء على الشيء ، وأن يحفّ به، طاف بالبيت طوافاً ومنه الطواف حول الكعبة وقت الحج. ، ثم يقال لما يدور بالأشياء ويغشيها طوفان ، ومنه : طوفان الظلام ، والطيف والطائف ما أطاف بالإنسان من الجنان(الأشياء الخفية) ، والطائف قرية جنوب مكة ومسكن ثقيف. ويقولون عند مزاولة خيال للشخص، أو في الخيال: طاف وأطاف . (طيف: خيال)
وتُصبحُ من غِبّ السُّرى وكأنما ألمّ بها من طائف الجن أولقُ
والطائف : العاسّ الذي يسري ليلاً عبر طوفان الظلام ، فما أن يصيح الديك نفير الصباح حتى يختفي الطيف.
أنّى ألمّ بك الخيال يُطيف وطوافه بك ذِكرة وشُعوف
ويروى: ومطافه لك ذِكرةٌ وشغوف. أي أن طوافه ومطافه تذكرة له كي يعيد الحقّ إلى نصابه ، ويعدل الزمن المعوجّ ويقوّمه ويعيده إلى سكته بعد أن خرج عنها.
والطائفة من الناس ، كأنها جماعة تطيف بالواحد أو الشيء ، ولا تكاد العرب تحدها بعدد معلوم. والطائفة من الناس كالفرقة أو القطعة منهم. كل جماعة يمكن ان تحفّ شيء فهي طائفة. حفّ: أن يُطيفَ الشيء بالشيء. الحفيف : حفيف الشجر، وحفيف جناح الطائر ، وحفيف جناح جبرائيل. وبعد حِفّ يظهر حقّ مباشرة. قال الشاعر: نعم سرى طيف من أهوى فأرّقني...
2- وعَمّ طوفان الظلام الأثأَبا
ثَئِبَ ثأباً فهو مثؤوب ، وتثاءب وتثأّب: أصابه كسل وفترة (غِبّ) كفترة النُّعاس وهي الثوْءباء. لاحظ الفترة(غِبّ) التي أصابت هاملت. قال الأعشى:
وتُصبح من غِبّ السّرى وكأنّما ألمَّ بها من طائف الجِنّ أولقُ.
الأولق: الجنون أو شبهه .
3- قارن مع ميثة موسى عند رمي أمه له في النيل بعد وضعه في ناووس
4- اللازورد معدن أزرق ضارب إلى خضرة وحمرة.
5- وبنات نعش أربعة: ثلاثة بنات وجدي
6- قال علي مكلماً أهل الكهف في الميثة الشيعية "عيون المعجزات": السلام عليكم يانجباء الله في أرضه، الوافين بعهده، نِعم الفتية أنتم. وإذا بأصوات جماعة من داخل الكهف تقول: وعليك السلام يا أمير المؤمنين. فقال علي: لما لا تجيبون أصحابي أبا بكر وعمر وسلمان ، فقالوا: إنّا نحن أحياء محجوبون عن الكلام ، ولا نجيب او نكلم إلا الأنبياء أو وصيّ نبيّ وعليك السلام، وعلى الأوصياء من بعدك حتى يظهر حق الله على أيديهم. " عيون المعجزات ص 139 لـ حسين بن عبد الوهاب. علي أمير وصيّ وهاملت أمير وصيّ. نرى في مسرحية المستجيرات مفهوم Krάtos ينوس بين مفهوم الاقناع والهيمنة والشرعية وبين مفهوم السيطرة والاكراه والاخضاع بالقوة العارية فتدل الكلمة حين ترتبط بكلمة kúrios على سلطة شرعية أو على الهيمنة التي يمارسها الوصي بكل استحقاق، في حين تدل الكلمة حين ترتبط بالمجال الدلالي لكلمة bia على القوة الفجة والقسر والعنف في شكله الأكثر تعاكساً مع العدالة والحق.
7- لوكيوس أنّايوس سينيكا: فيلسوف وخطيب وكاتب مسرحي روماني كتب أعماله باللاتينية ، ولد في قرطبة بأسبانيا ، يلقب بالفيلسوف الأصغر تمييزاً له عن والده سينيكا الخطيب الشهير . توفي سنة 65 م حيث أجبره نيرون على الانتحار.
8- لاحظ مستويات العمل وفروعه الثلاثة: عمل ، فعل، تنفيذ : do, act, perform
9- oh تهجية متأخرة للحرف o منتصف القرن السادس عشر. وهو تعبير عن الدهشة والألم وعدم التصديق.
10- ففي مسكن إريختيوس في أثينا مقر إقامة كسوأنون أثينا كما في طيبا، تحفظ غرفة السرير thalamus ثِميله (سيميلي) في قصر قدموس ، صنم ديونيسوس، وصور ذات طابع سري ، صورة او ايقونة eikon أو نسخة (اسم) mimema (الأسطورة 588، 581 )
11- an act hath (have) three branches ,to act ,to do , to perform p. 189 لاحظ مستويات العمل وفروعه الثلاثة: عمل ، فعل، تنفيذ : do, act, perform
12- أمر نيرون بقتل امه أغرِبينا ، وكانت قد سممت زوجها. كما اجبر مستشاره سينيكا على الانتحار سنة 65 ميلادية.
13- Ho : هتاف للفت الانتباه إلى شيء معين ، وراشيو ratio : نسبة (مثال : 1/72) ومثله مثل تحوت الإله المصري. معبود الكتابة والقمر ، وهو المعبود الكاتب . (يُمثّل على هيئة بابون وآبيس)
14- وبنات نعش أربعة: ثلاثة بنات وجدي
15- قال علي مكلماً أهل الكهف في الحكاية الشيعية "عيون المعجزات": السلام عليكم يانجباء الله في أرضه، الوافين بعهده، نعم الفتية أنتم. وإذا بأصوات جماعة من داخل الكهف: وعليك السلام يا أمير المؤمنين. فقال علي: لما لا تجيبون أصحابي أبا بكر وعمر وسلمان ، فقالوا: إنّا نحن أحياء محجوبون عن الكلام ، ولا نجيب او نكلم إلا الأنبياء أو وصيّ نبيّ وعليك السلام، وعلى الأوصياء من بعدك حتى يظهر حق الله على أيديهم. " عيون المعجزات ص 139 لـ حسين بن عبد الوهاب. وعلي أمير وصيّ وهاملت أمير وصيّ.
16- لاحظ مستويات العمل وفروعه الثلاثة: عمل ، فعل، تنفيذ : do, act, perform
17- Ho : هتاف للفت الانتباه إلى شيء معين ، وراشيو ratio : نسبة (مثال : 1/72) ومثله مثل تحوت الإله المصري. معبود الكتابة والقمر ، وهو المعبود الكاتب . (يُمثّل على هيئة بابون وآبيس)

مراجع الوليمة المسمومة
1-وليم شكسبير: هاملت ترجمة جبرا إبراهيم جبرا
2-بريوشنكينك أسرار الفيزياء الفلكية والميثولوجيا القديمة ترجمة د. حسان ميخائيل اسحقدار علاء الدين ط1 2006
3- قاموس المورد 2010
4- نايف سلوم: ديوان الأفكار مخطوط غير منشور
5- نايف سلوم: أوزبر جبرائيل –تفسير رواية عزازيل دار التوحيديّ 2016
6- ابن فارس: معجم مقاييس اللغة تحقيق وضبط عبد السلام محمد هارون دار الفكر
7- ماسميليانو فرانشي: الفلك في مصر القديمة ترجمة فاطمة فوزي مراجعة علاء شاهين، انس إبراهيم المركز القومي للترجمة ط1 2015
8- الحلاج الأعمال الكاملة تحقيق قاسم محمد عباس دار الريس 2002
9- حسين بن عبد الوهاب : عيون المعجزات
10-مقدمة الدكتور لويس عوض لترجمة أوريست أو حاملات الفرابين
11-جاك ديريدا : أطياف ماركس ترجمة منذر عياشي
12-هاملت النسخة الإنكليزية
13-جان فرنان: الميثة والفكر اليوناني(الأسطورة والفكر عند اليونان) ترجمة جورج رزق مركز دراسات الوحدة ط1 2012
14-بيان الحزب الشيوعي الطبعة الإنكليزية
15-جان فرنان و بيير ناكيه : الميثة والتراجيديا (الأسطورة والتراجيديا في اليونان القديمة) ترجمة د. حنان قصاب حسن ط1 1999 .
16-قاموس اوكسفورد oxford انكليزي
17- سينيكا ويكيبيديا



#نايف_سلوم (هاشتاغ)       Nayf_Saloom#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزمن الموحش- دراسة نقدية
- قراءة -المفتش العام- ل غوغول
- عائد إلى حيفا- تعليق هوامش بسيطة
- قراءة في -طقوس الإشارات والتحولات-*
- قراءة في رواية -حجر الصبر-
- تعليق حاشية على تراجيديا -أوديب ملكاً-
- ملاحظات أساسية حول بيان حزب توده
- استهلال كتاب -نقد النساء-
- إيمان الرجل التعس الخاطئ وإيمان إبراهيم
- تعقيب مقتضب على مقالة: -ماذا بقي من الماركسية؟-!
- ديالكتيك الطبقي والقومي
- هوامش الأيديولوجية الألمانية - القسم الثالث
- هوامش -الأيديولوجية الألمانية- - القسم الثاني
- هوامش -الأيديولوجية الألمانية-
- استعراض الأدب الاقتصادي/ السياسي الماركسي بعد الحرب العالمية ...
- الاشتراكية الماركسية والمهمات الديمقراطية
- حول الإمبريالية الجديدة
- مقاربة لأزمة الإمبريالية الرأسمالية سنة 2008
- عرض وتلخيص مقدمة مارتن نيكولوس ل -الغروندريسّة-
- قراءة نقدية في مقدمة -العقل والثورة- - ملحوظة عن الديالكتيك-


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - نايف سلوم - مأساة هاملت أو الوليمة المسمومة