أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عماد عبد اللطيف سالم - أطلس الحُزن العظيم














المزيد.....

أطلس الحُزن العظيم


عماد عبد اللطيف سالم

الحوار المتمدن-العدد: 5894 - 2018 / 6 / 5 - 21:09
المحور: سيرة ذاتية
    


لستُ سعيداً .. ولَمْ أكُنْ يوماً كذلك.
لا أتذَكَّرُ أنّ أُمّي كانت سعيدةً يوماً.
و ماتَ أبي ، وهو حزين .
(حسيبةُ) بنت خالتي (بدريّة) ، كانت تُعاتِبُ اللهَ دائماً على كثافة حزنها الذي لا ينتهي ولا يُحتمَل ، وماتَتْ من القهر.
خالتي (بدريّة) ،انكَسَرَ ظهرها على ماكنة الخياطةِ اليدويّةِ "سُنْكَر" من شدّة الحزن.
خالي (نجم) ، كانَ عندما يرانا اطفالاً أيتاماً ، يبدأُ بالمزاحِ معنا ، ليجعلَ أيتام شقيقاتهِ يضحكون .. وعندما نبداُ بالضحك ، كان يختبيءُ من أسانا العميق ، ليبكي وحيداً في معمل "الدامرجي".
عمّي(حميد)، وعمّي (محمد) ، علّمونا أنْ لا نحزنَ أبداً ، وذهبوا لاصطياد الحزن الأبديِّ بعيداً عن شواطيء "العطيفيّة" التي أحّبوها .. حيثُ السمك ، حتّى السمك ، بعيونهِ التي تسألُ أسئلةً كثيرة ، كان يبدو حزيناً جداً .
(خالد) ابنُ خالتي (خيريّة) ، كانَ يرى الحزنَ طافحاً على "دشاديشنا" ، وبعدها على بناطيلنا الرخيصة ، ثُمَّ على وجوهنا الصَبيّة ، وكان مثلنا يتيماً و حزينا ، وما يزال .. وها هو في السبعينياتِ من العُمرِ يُردّد : لا تَحْزنوا .. لا تحْزَنوا ، سواء اكان اللهُ معنا ، أمْ لم يكن معنا في كلّ حين .
هذا أنا. الحُزنُ أهلي . الحزنُ عائلتي السعيدة.
أنتُم ايضاً ، لستُم سعداء.
حتّى اذا استلقيتُم على قفاكُم من الضحكِ ، وأصبحتُم بلا قفا ، فإنّكُمْ لستُم سعداء.
بلدي ليسَ سعيداً ، ولَمْ يكُنْ يوماً كذلك .
لَمْ يكُنْ سعيداً في زمن الآشوريّينَ ، والبابليّينَ، والسومريّينَ، والأكّديّينَ، و الغساسنة، والروم ، و ملوك فارسَ ، والخلفاء العثمانيّين ، والمندوبينَ السامينَ البريطانيّين ، و ملوك الحجاز ، والجمهوريّينَ الثوريّين ، والديموقراطيّين – التعدّديّين – الاتّحاديّين.
لَمْ يكُنْ الحلاّجُ سعيداً ، ولا الجُنَيْد البغداديّ ، ولا معروف الكرخيّ ، ولا الحافظ خليل ، ولا يوسف عمر ، ولا سعد الحليّ ، ولا عبد المحسن السعدون ، ولا عبد الجبار عبد الله ، ولا عبد الرحمن البزاز ، ولا السيّابُ ، ولا طه باقر ، ولا محمد سلمان حسن ، ولا جان دمّو .. ولا جاسم "أبو المُوَلّدة" ، ولا محمود "أبو الزِبِل" ، ولا قدّوري " أبو الغاز".
ليسَ لدينا "فَرّاشٌ" سعيد ، ولا مَلِكُ سعيد ، ولا رئيسُ جمهوريّةٍ سعيد .. مِن حسّوني "الفرّاش" في مصلحة البريد والبرق والهاتف ، الى دُريد "الفرّاش" في المفوّضيّة "العليا" ، "المُستقّلة" للانتخابات .. و مِن فيصل الأوّل ، الى فؤاد معصوم .
المسلمون ليسوا سعداء ، والمسيحيّون كذلك ، والصابئةُ المندائيّين ، والأيزيديّين ، والبهائيّين ، والعرب و الكُردَ والتُركمانَ و الشَبَكَ والفَيْليّين .
اليهودُ لم يكونوا سعداء بيننا . لقد "فرهدناهُم" هُنا ، و هَجّرْناهُم من هُنا ، فذهبوا الى اسرائيلَ ، ليكونوا أكثر سعادةٍ هُناك .
نحنُ جميعاً لسنا سعداء ، ولَمْ نكٌنْ يوماً كذلك .. منذُ كان أبانا آدم سعيداً ، فطردوهُ من الجنّة ، وجاء الى هُنا ، وكان حزيناً جدّاً ، فجلَسْنا كُلُّنا حولَهُ في "القُرْنَةِ" لنواسيه ، مثل شيخِ عشيرةٍ ساخط ، لأنّ أبناء عشيرته لَمْ يُقاتِلوا معهُ ببسالةٍ ، ضدّ جميع الأعداء .
لا أدري لماذا لَمْ يُطرَدُ آدمُ الى اليمن .
لأنّهُ لو كانَ قد طُرِدَ الى اليمن .. لما كانَ العراقُ حزيناً الى هذه الدرجة ..
ولَما كانَ اليمنُ سعيداً الى هذا الحدّ .



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دجلة و أليسو والمصالح الوطنيّةُ والفرات
- مَنْ .. و مَنْ .. و مَنْ .. ولماذا .. وإلى أين ؟
- ليبروإسلاميّات أُموميّة في رمضان
- كَيّاتْ و حِواراتْ و شُرْطَة في تقاطع الطُعْمَة الشهير
- غسيل الأموال .. و تبييض الوجوه
- ليسَ كما يجب
- يا لها من سياسة .. يا لَهُ من عراق
- رومانس الجوع والعطش
- كثيرون .. كثيرون
- لا بيتَ لك
- التعليم في العراق : يا لها من مهنة .. يا لها من محنة .. يا ل ...
- قصص انتخابيّة قصيرة جداً
- هذا الخراب العميق
- مولانا خام برنت
- صندوق قلبي القديم
- الطالب يتحرّى والأستاذ يشعر بالحَرّ !!!!!
- لافتات انتخابيّة
- حاضنات النكوص في المجتمعات المُهترئة
- صيصان السياسة
- عن السمسميّة العراقية و سمسميّة شيخ البزّوريّة السورية


المزيد.....




- نتنياهو لعائلات رهائن: وحده الضغط العسكري سيُعيدهم.. وسندخل ...
- مصر.. الحكومة تعتمد أضخم مشروع موازنة للسنة المالية المقبلة. ...
- تأكيد جزائري.. قرار مجلس الأمن بوقف إسرائيل للنار بغزة ملزم ...
- شاهد: ميقاتي يخلط بين نظيرته الإيطالية ومساعدة لها.. نزلت من ...
- روسيا تعثر على أدلة تورّط -قوميين أوكرانيين- في هجوم موسكو و ...
- روسيا: منفذو هجوم موسكو كانت لهم -صلات مع القوميين الأوكراني ...
- ترحيب روسي بعرض مستشار ألمانيا الأسبق لحل تفاوضي في أوكرانيا ...
- نيبينزيا ينتقد عسكرة شبه الجزيرة الكورية بمشاركة مباشرة من و ...
- لليوم السادس .. الناس يتوافدون إلى كروكوس للصلاة على أرواح ض ...
- الجيش الاسرائيلي يتخذ من شابين فلسطينيين -دروعا بشرية- قرب إ ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عماد عبد اللطيف سالم - أطلس الحُزن العظيم