أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - نضال الصالح - كيف عادت كاتكا من الموت















المزيد.....

كيف عادت كاتكا من الموت


نضال الصالح

الحوار المتمدن-العدد: 5894 - 2018 / 6 / 5 - 15:17
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


كيف عادت كاتكا من الموت
قبل عدة أعوام صدمت سيارتي، عندما كنت اقودها في الطريق العام، سيارة شحن كان سائقها مشغولا بمحادثة على هاتفة النقال. كانت الصدمة قوية لدرجة ان سيارتي انقلبت على نفسها عدة مرات ثم سقطت في حفرة على جانب الطريق. كان من نتيجة ذلك ان كسر رسغ يدي اليسرى وقطعة من ركبتي اليمنى. نقلت على إثر ذلك الى المستشفى وأجريت لي العمليات اللازمة وخرجت من المستشفى لا أستطيع المشي ولا قيادة السيارة ورغم مختلف العلاجات الطبية إلا ان الوضع ساء وانتفخت أرجلي وكانت آلام قدمي وارجلي مبرحة و تزعج حياتي.
كانت ابنتي الصغيرة تصر على ان اذهب معها لزيارة صديقة لها نجاحات في علاج كثير من المرضى وكنت دائما ارفض طلبها بحجة ان الأطباء يقومون على معالجتي وماذا تستطيع صديقتها كاتكا زيادة عما يقوم به الأطباء. ولكن إلحاحها المستمر دفعني للقبول وكنت أتساءل في نفسي ما الذي سأخسره من هذه الزيارة. حذرتني ابنتي بان كاتكا عندما تلمس المريض فإنها تخرج المرض من جسده عن طريق التجشؤ من فمها وعلي ان لا اندهش من ذلك.
عندما دخلنا منزل كاتكا، نظرت إلي وبان على وجهها الدهشة وقالت لابنتي معاتبة، كيف تتركون والدكم بهذا الشكل فهو خال من أي طاقة إيجابية ويكاد يقع على الأرض وكنت فعلا اشعر كما تقول. نزعت عني ملابسي وجعلتني استلقي على بطني على سرير خشبي خصص لعملها واخذت بأصابعها تضغط على أماكن مختلفة من جسدي وكانت اثناء ذلك تتجشأ من فمها حتى كادت تختنق. وكانت بين الحين والآخر تطلب من ابنتي ان تحضر لها كأسا من الماء، تشربه دفعة واحدة.
عملت عل جسدي حوالي الساعتين حتى رأيتها منهكة لا تستطيع الوقوف على قدميها. أخبرتني أن وتر العرقوب عندي او ما يسمى بالكاحل في كلا القدمين مكسورا وهو ما لم يخبرني به الأطباء. وعندما اخبرت طبيبي الأخصائي في العظام بذلك، تعجب من ذلك وارسلني لأعمل صورة مغناطيسية لقدمي ولقد اكدت الصورة صحة قول كاتكا، ولقد ضرب طبيبي على رأسه وهو يصيح" كيف لم نفكر بذلك".؟
بعد شهرين من علاج كاتكا بدأت امشي بدون مساعدة وبعدها بشهر بدأت اقود سيارتي التي لم اقدها لمدة ستة أشهر بعد الحادثة. وهكذا بدأت رحلتي مع كاتكا التي ساعدتني لكي أقف على رجلي وامشي واقود سيارتي وخلصتني من آلامي التي اضنتني وعكرت علي حياتي، وجعلتني اعيش حياة عادية.
كنت اذهب لزيارتها كل اسبوعين او ثلاثة في اسوأ الأحوال ولم انقطع عن زيارتها طوال ستة اعوام. ولقد تعرفت من خلالها على مجموعة من المرضى الذين عالجتهم كاتكا وحررتهم من امراضهم وآلامهم، وانضم إليهم كثير من اصدقائي وافراد عائلتي. كانت كاتكا ملاذا لنا جميعا عند المرض.
من اسرار هذه الطريقة العلاجية أن على المريض ان يكون مؤمنا بها وليس رافضا لها ويستسلم لأيدي المعالج كما استسلمنا نحن لأيدي كاتكا . من مخاطر هذه الطريقة العلاجية ان المعالج يخرج المرض من جسم المريض في شكل طاقة سلبية ويخرجها إما عن طريق فمه كما تفعل كاتكا بانها تجشأه او عن طرق اخرى كأن تخرجه عن طريق الأصابع ومن ثم تقذف به بعيدا. ولكن التجارب اثبتت ان بعضا من موجات الطاقة السلبية او المرضية يظل في جسم المعالج وعليه أن ينتبه لذلك بأن لا يكثر من عدد المرضى الذين يعالجهم يوميا والأفضل ألا يزيد عن ثلاثة وعليه أن يأخذ لنفسه إجازة لتنظيف جسده من بقايا الموجات المرضية وذلك بالتأمل لساعات والمشي في الطبيعة الغنية بالأشجار الخضراء ومن اهم طرق التنظيف هي الإقامة لعدة ايام بجانب البحر حيث الشمس والماء والرمل.
لقد تطورت العلاقة بيني وبين كاتكا حتى انها كانت تعتبرني أبا لها وكنت اضغط عليها بأن تهتم بنفسها ولا تستسلم لضغط بعض الأقارب والأصدقاء الذين يصرون عليها لقبول مرضى من اقاربهم او اصدقاءهم وبذلك يتجاوز عدد المرضى الرقم الذي حددته لنفسها بأن لا يزيد عن ثلاثة، وكانت في بعض الأحيان تقبل مرضى في ايام الإجازة المخصصة للتنظيف وكنت اغضب عليها وألومها على ذلك للحفاظ على صحتها وقدرتها العلاجية.
قبل ايام اتصلت بي ابنتي واخبرتني بأن كاتكا في المستشفى، حيث قامت في الليل على آلام مبرحة في الجهة السفلى من بطنها. طبيب الإسعاف اعتقد ان موقع الآلام يدل على مشكلة نسائية فحولها إلى القسم النسائي وهناك بعد اتمام الفحوص اللازمة وجدوا أن على جدار الأمعاء يوجد ورم لم يعرف نوعه فقاموا بدعوة الجراح الذي اسرع في فتح بطنها وهنا انفجر الورم والقى بمحتوياته إلى داخل جسم كاتكا فأصيبت بالتسمم العام وذهبت في غيبوبة عميقة.
طلب مدير القسم منا ان نحضر بنات كاتكا لكي يودعن أمهن التي ،حسب راي الأطباء، في حالة موت. أحضرنا بناتها الأربعة ودخلن عند والدتهن باكيات، يمسكن بيدها ويهتفن باسمها والدموع تسيل من عيونهن. اجتمع عدد منا، من الأصدقاء المقربين لكاتكا في قاعة الانتظار في المستشفى ونحن في حالة وجوم ورعب. كنت الرجل الوحيد من مجموعة من النساء اللواتي كن يبكين بحرقة. صرخت بهن: تعالوا نساعد كاتكا كما كانت تساعدنا، فقالوا كيف؟ قلت لهم بنفس الطريقة التي كانت تعالجنا بها. أخذت بأيديهم ومسك كل منا بيد الأخر وجلسنا في دائرة. أغمضنا اعيننا وأخذنا نركز تفكيرنا بكاتكا ونرسل لها من خلال تفكيرنا بطاقة حب. طالت جلستنا على هذه الحال حوالي الساعتين، وكانت الدموع تسيل على وجه النساء، حتى انا ودون إرادتي سالت دموعي وكنا نشعر أننا على اتصال بكاتكا. بعد حوالي الساعتين انقطع الاتصال وفتحنا اعيننا مستغربين مما حدث. قالت إحدى النساء وهي تبكي، خسرناها، كاتكا ماتت. رفضت هذه الفكرة وقلت لهن: لم تمت، بل عادت إلينا".
أخرجت هاتفي النقال وفتحت سماعة الصوت حتى يسمع الحضور المكالمة وسألت الطبيب المسؤول عن كاتكا، قال: اسألها بنفسك، وفجأة سمعت صوتا ضعيفا كأنه يخرج من نفق: كانت كاتكا ، قالت وهي تبكي، لقد عدت، رأيتك ومعك مجموعة لم اتعرف عليها ولقد مددت يدك لي وقلت: عودي يا كاتكا، هذا ليس وقتك، بناتك في حاجة إليك ونحن في حاجة إليك، ومسكت يدي وسحبتني وها انا عدت، ورأيت بناتي حولي يمسكن بيدي ويبكين وها أنا اسمع صوتك وهناك من يبكي معك فأخذت المجموعة تتكلم بصوت واحد حتى شعرت أن كاتكا قد تعبت. طلبت منهن ان يتركنها لكي ترتاح فودعتها ووعدتها بزيارتها وأغلقت الهاتف.
زرتها أول أمس في منزلها، وكانت تبتسم. عانقتني وقالت، أنت أعدتني فقلت لها أبدا، بناتك هن اللواتي أعدنك. عانقتني بشدة وقالت: لن أستطيع العمل لمدة أربع او ستة أشهر، ثم بكت وقالت، كيف اعيل بناتي؟ قلت لها ان لا تهتم فلقد فتحنا لها حسابا سيصلها عليه كل شهر مبلغا من المال، ثم تابعت لقد ساعدتنا أعواما طوالا وآن الوقت ان نرد لك الجميل، وخرجت من عندها.



#نضال_الصالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللص الفاشل
- خلافة إسلامية ام قبلية عصبية وصراعا على الملك والسلطان
- الديموقراطية الأوربية ماتت ودفنت
- التوراة : الخيال الأدبي في خدمة اللاهوت والسياسة
- الدولة تأكل أولادها، من علامات النزع الأخير للنظام الاشتراكي
- الأعراض المرضية السعودية
- علم بصمة النص وإمكانية تطبيقه على النص القرآني:
- مهمة فاشلة
- المسلمون في أوروبا
- لماذا انقطعت عن الكتابة
- الجد و الحفيد
- حرق القرآن الكريم
- السياسة بين النظرية والتطبيق
- داعش وأخواتها لم تأتيا من فراغ, بل هما نتاج فكر مزروع في وعي ...
- فتوى الإنقاذ
- الضفدع
- رسالة إلى العالم الغربي : تريدون مني أن أكون إرهابيا، سأكون، ...
- لا مع المعارضة ولا مع الموالاة وإنما مع سوريا
- الشهيد جحش عبد المجيد
- حديث بين القبور


المزيد.....




- شاهد..قرية تبتلعها الرمال بعد أن -تخلى- عنها سكانها في سلطنة ...
- الأمن الروسي يعتقل 143 متورطا في تصنيع الأسلحة والاتجار بها ...
- وزارة الخارجية الروسية تصر على تحميل أوكرانيا مسؤولية هجوم م ...
- الحرب على غزة| وضع صحي كارثي في غزة وأيرلندا تنظم إلى دعوى ا ...
- ضغوط برلمانية على الحكومة البريطانية لحظر بيع الأسلحة لإسرائ ...
- استمرار الغارات على غزة وتبادل للقصف على الحدود بين لبنان وإ ...
- تسونامي سياسي يجتاح السنغال!!
- سيمونيان لمراسل غربي: ببساطة.. نحن لسنا أنتم ولا نكن لكم قدر ...
- قائد الجيش اللبناني يعزّي السفير الروسي بضحايا هجوم -كروكوس- ...
- مصر تعلن موعد تشغيل المفاعلات النووية


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - نضال الصالح - كيف عادت كاتكا من الموت