أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - تقنية المعلمومات و الكومبيوتر - أحمد بدوي - مرحبًا بك في -العصر المظلم الجديد-















المزيد.....

مرحبًا بك في -العصر المظلم الجديد-


أحمد بدوي

الحوار المتمدن-العدد: 5891 - 2018 / 6 / 2 - 07:18
المحور: تقنية المعلمومات و الكومبيوتر
    


الكاتبة: Niki Seth-Smith (openDemocracy/Transformation)
ترجمة: أحمد بدوي
يدعونا كتاب مرعب جديد من تأليف James Bridle إلى تبني عدم اليقين.
البيانات الرقمية تجعلنا أكثر صمتا. هذا التناقض الظاهري يكتسب دقة على الأقل في النصف الشمالي العالمي المتقدم المشبع بالتكنولوجيا. هنا نتعرض بشكل متزايد لنصائح حول كيفية إدارة تحميلنا الزائد بهذه البيانات. وقد لخص ذلك الكوميديان الإنجليزي Dave Gorman في العنوان الساخر لكتابه الحديث: "الكثير من المعلومات: أو: هل يمكن أن يخرس الجميع، البعض منا يحاول أن يفكر". نحب أن نضحك من هذه الاشياء. ذلك يساعدنا على التعامل مع الخوف البشري العميق أن العالم قد تجاوز فهمنا وسيطرتنا.
إذا كنا بالفعل في حالة إنكار هستيري، يقدم James Bridle لنا جميعا صفعة في كتابه القادم "العصر المظلم الجديد: التكنولوجيا، والمعرفة، ونهاية المستقبل". يدعونا فيه Bridle للمشاركة في مواجهة مباشرة مع تدني فهمنا للعالم. ومن خلال تحقيق واسع النطاق في مجالات متنوعة من الطيران إلى وسائل التواصل الاجتماعي والصناعات الدوائية وعلوم المناخ، يبدأ رحلته ليوضح لنا كيف تهدد ثقافتنا القائمة على البيانات تواجدنا كأنواع بيولوجية.
في حين أننا قد نتوقع أن يدلنا الكتاب على طريق العودة إلى المعرفة والأمان، فإنه يحقق اختراقا جديدا من خلال اقتراح أننا نتبنى عدم اليقين كبديل عن ذلك.يقول المؤلف: أننا وإن كنا مبرمجين تلقائيا للتفكير في الظلام على أنه مكان خطر أو للموت، فإن الظلام - على النقيض - يمكن أن يكون مكانًا للحرية والإمكانية أو للمساواة. وبذلك يمكن أن يكون عدم اليقين مثمرًا وعظيما.
يثير هذا الاقتراح الاهتمام والقلق. كصحفي، وتقني، وفنان بصري، وظف Bridle إستراتيجيات متعددة للتفكير بشكل مختلف حول التكنولوجيا. ولايزال معروفًا غالبا بتطوير ما أسماه New Aesthetic (أو الجمالية الجديدة) في عام 2011، وهي الآن ميم (وحدة معلومات ثقافية) للفن يتمركز حول حساب tumblr ويلتقط الأشياء المادية وعلامات العالم الرقمي مثل مراكز البيانات أو طائرات الاستطلاع بدون طيار.
في حين أن هذه "الجمالية الجديدة" تجعل غير المرئي مرئيا، يبدو أن هذا "العصر المظلم الجديد" يطلب منا تصور ما لا نتصوره. وإذا كنت لا تحب المفارقات، فاربط حزام الأمان واستمر؛ فالكتاب ليس قراءة سهلة. في الواقع، يعترف Bridle أنه اجتهد كثيرا لكتابته، فيقول: "هناك نوع من الخجل والضعف الشديد في الحديث عن مقتضيات اللحظة، ولكن يجب ألا يمنعنا ذلك من التفكير، كما لا يمكن الآن أن نفشل بعضنا البعض.
هذان الخجل والضعف ينبعان من حقيقة غير مريحة، وهي أن إيماننا بالبيانات يفشلنا. فعلى الرغم من افتراض أن مزيدا من المعلومات يؤدي إلى اتخاذ قرارات أفضل (وهو منطق ثقافي هيمن على العالم الغربي، على الأقل منذ عصر التنوير)، غير أن تحذيرات لافتة في مجالات متعددة بأن هذه العلاقة يتم تعطيلها أو ربما هي بالفعل معطلة. ما يحاول Bridle عمله هنا هو تجميعهم معًا.
يرسم المؤلف صورة شاقة، ونتعلم أن الخبراء يغرقون في بحر من البيانات، وان هناك زيادة في تجريف هذه البيانات، ثم يلتقط الباحثون بعد ذلك النتائج التي يحتاجونها، حتى ولم تم ذلك عن غير قصد. تواجه الصناعات الدوائية مثلا أزمة في الاكتشافات الدوائية وتراجعا كبيرا ومتضاعفا في تحقيق اختراقات علمية وتصنيع عقاقير جديدة. تخبرنا أجهزة الاستخبارات القصة نفسها. ففي عام 2016 صرح عميل وكالة الاستخبارات الوطنية الأمريكية (NSA) William Binney بأن التجميع الأكبر لجمع بيانات الاتصالات كان عديم الفائدة بنسبة 99 في المائة. وهو فقط واحد من العديد من التصريحات المتشابهة خلال السنوات الأخيرة.
لا يقتصر الأمر فقط على أن البيانات يمكن أن تدمرنا أو تضلنا ؛ بل أنها أيضا توفر صورة مقنعة تقودنا غالبا لرفض إدراكنا أو حسنا العام والبديهي. يوفر الكاتب سلسلة من الأمثلة الكابوسية لما يُعرف باسم automation bias (أو التحيز الآلي)، بما في ذلك حوادث الطيران المأساوية ومجموعة من السائحين اليابانيين الذين قاموا بقيادة سيارتهم مباشرة نحو البحر في أستراليا بعد اتباعهم للتوجيه القائم على معلومات من الأقمار الصناعية أو SatNav. معظمنا قد ارتكب أخطاء سخيفة بسبب الثقة في الآلة أكثر من أنفسنا.
أكثر ما يزعج هو فصل المناخ. يقول المؤلف: "إن أزمة المناخ هي أيضًا أزمة معرفة وفهم"، "ما نعتبره في الوقت الحالي الطقس الذي يلقى بظلاله على العالم مثل المناخ: لحظات ضئيلة من النشاط المضطرب الذي يمكننا من خلاله وبالكاد إدراك كلية غير مرئية وغير معروفة". إن أنظمتنا للتنبؤ تخفق بالفعل في وجه الأحداث المناخية غير المتوقعة. إذا لم تساعدنا البيانات، فمن الأفضل أن نعتاد على مستويات قصوى من عدم اليقين كقاعدة.
وهكذا يصبح المناخ هو المجاز الكبير لفقداننا الهائل للمعرفة والتحكم. لكن بدلاً من الركض نحو التلال (وتمنى عدم غرقها في البحر) ، يقترح الكاتب أن نعتنق "التفكير السحابي أو الغائم غير الواضح" الذي ينبع من هذا الفقدان لليقين.
إنه هدف مثير نظريًا، ولكن كيف يتحقق عمليا؟ بالنسبة للمؤلف، فإن الخطوة الأولى هي رفض أي شيء ينم عن "التفكير الحاسوبي". يضيف الكاتب: "يصرّ التفكير الحسابي على الإجابة السهلة". "يتم عمل نماذج للأشياء التي تجميعها كبيانات على النحو الذي هي عليه، ثم يتم إسقاطها - مع افتراض ضمني بأن الأشياء لن تتغير جذريًا أو تتباعد عن التجارب السابقة.
المشكلة هي أننا مدمنون على طريقة التفكير هذه. يقارن الكاتب "عطشنا للبيانات" ب "عطشنا للنفط"– عطش نهم ومدمر في نهاية المطاف. ومع ذلك يقر الكاتب لاحقا أنها استعارة هشة؛ ذلك أن المعلومات - على عكس النفط - لديها القدرة أن تكون موردًا مجانيًا ولانهائيا، غير أنها في وقتنا الحالي أبعد ما يكون عن ذلك. تسبب عادات استهلاك البيانات الحالية تكلفة بيئية عالية، فيشير الكاتب أيضا: "كما أصبحت الثقافة الرقمية أسرع وبمعدلات نقل للبيانات أعلى وقائمة على المزيد من الصور، فإنها (أي الثقافة الرقمية) أصبحت أيضًا أكثر كلفة وتدميراً".
وعلى الرغم من صعوبة تغيير هذه الثقافة الرقمية، يبدو من الممكن على الأقل إبطاء أنفسنا نحوها. تحظى مثلا كتب مثل"العقل المنظَّم: التفكير بشكل مباشر في عصر المعلومات الزائدة" لعالم الأعصاب Daniel Levitin كواحد من أكثر الكتب الحديثة شعبية اهتماما؛ لأنها تقدم للأفراد نصائح عملية حول كيفية القيام بذلك التنظيم العقلي أو التفكير، كما أنها تقترح استراتيجيات لكيفية توجيه عالمنا الغني بالبيانات بطريقة أكثر فعالية.
"العصر المظلم الجديد" يتعامل أيضًا مع تحدي. كثيرا ما تم رسم التشابه بين الإنترنت و "مكتبة بابل"، وهي مكتبة لا نهائية متخيلة في قصة قصيرة إبداعية كتبها الكاتب الأرجنتيني Jorge Luis Borges. يشارك كاتب "العصر المظلم الجديد" هذه الاستعارة ليدعو إلى "فئات وملخصات وسلطات" جديدة ومختلفة جذريًا بحيث يمكن أن تساعدنا في الاستفادة من مجموع أنظمتنا المتداخلة للمعلومات. يستخدم الكاتب مصطلح "محو الأمية"؛ لتمييز الفرق بين الفهم الكامل (وهو أمر مستحيل)، وبين تعلم كيفية التحدث بلغة الشبكة.
لكن من يقرر نظام التوجيه هذا– من هم أمناء المكتبات الجدد؟ ربما تتداعى ردود الفعل العنيفة الأخيرة ضد شركات التكنولوجيا العملاقة والتي أثارتها جزئيا فضيحة شركة "كامبريدج أناليتيكا"، ولكن لا شيء جذري من المحتمل أنه قد تغير. ستظل شركات مثل فيسبوك، وأبل، وجوجل، وأمازون هم الحراس الأقوياء جدا وغير الخاضعين للقواعد إلى حد كبير لبوابة هذه المكتبة اللانهائية للبيانات، وقد أظهروا مرارًا وتكرارًا أنهم لا يستحقون ثقتنا.
هذا يعيدنا إلى موضوع عدم اليقين. البشر يخافون من الظلام لسبب ما. نحن نخاف خصوصا إذا كنا معصوبين العينين ويمكن للآخرين من حولنا الرؤية.
هنا يضرب تفكير الكاتب جدارا طوبيا مألوفا. في مكان آخر من الكتاب، يقر الكاتب بأن التكنولوجيا هي "المحرك الرئيسي لعدم المساواة في العديد من القطاعات"، وأن أحد الأسباب الرئيسية هو "عتامة الأنظمة التكنولوجية نفسها". كلنا نعلم أن المعرفة قوة، وأن تاريخيا أولئك الذين يفتقرون إليها يتم استغلالهم دائما من قبل أولئك الذين يمتلكونها.
في الفصل الافتتاحي من الكتاب، يستشهد الكاتب بمقولة الأب الروحي للرعب الخارق للطبيعة (H. P. Lovecraft) الذي يبدو أنه يتوقع مخاطر الحاضر: "... في يوم من الأيام، فإن تجميع المعرفة المنفصلة سيفتح آفاقاً مرعبة من الواقع، وموقفنا المخيف هناك، إما أننا سنجن من الكشف، أو نهرب من النور القاتل إلى سلام وأمان عصر مظلم جديد".
أنها مقولة سامة، ماذا نحن لكي نصنع مثل هذا "السلام والأمان"؟ من المؤكد أن Lovecraft كان يعلم أنه عندما يواجه البشر الظلام، فإنهم يملأونه باعتقاد غير عقلاني؟ في تاريخ أوروبا، غالباً ما تسمى فترة العصور الوسطى المبكرة "العصور المظلمة". قرون تميزت بالحروب الدينية والصراعات الأهلية والانحدار الحضاري.
قد يرى المرء الأكثر ميلا لتنبأ الكوارث أوجه الشبه مع عصرنا الحالي ما بعد الحقيقة؛ إذ تبدو مجتمعاتنا مستقطبة وتؤكد من جديد القناعات القديمة بالقبيلة والعرق والأمة. إن التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في المملكة المتحدة وانتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليسا سوى عرضين للاتجاه الذي يغذي شعورنا المزعج بعدم الارتياح. يستكشف المؤلف هذه اللحظة السياسية، لكنه لا يقدم سببًا مقنعًا يجعل الناس يختارون "حالة عدم اليقين المثمر" علي الظلام الذي تتلاعب به الشركات المتعطشة للربح والمجموعات المتطرفة وجيش التوجيه الرقمي.
هنا اقتباس آخر من Lovecraft: "إن أقدم وأقوى عاطفة للبشرية هي الخوف، وأقدم وأقوى أنواع الخوف هو الخوف من المجهول". في طلبه للتغلب على هذا الخوف، يبدو أن الكاتب يتغاضى عن المستحيل.
ومع ذلك، فإن "العصر المظلم الجديد" يضرب عصبا. إذا كنا بالفعل قد تجاوزنا ذروة المعرفة، فقد حان الوقت أن نبدو يائيسين وضائعين. يقوم الكاتب بمحاولة شجاعة لكسر هذا المأزق الوجودي، وسواء نجح أم لم ينجح، يوفر كتابه دافعاً رائعا ومطلوبا جدا للتحرك والعمل.



#أحمد_بدوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المتحف المصري الكبير وفساد الدولة الكبير
- المال الخليجي في دكان مصر
- شبه الدولة المصرية
- كرة القدم والمصريون


المزيد.....




- الصحة العالمية تحذر من انهيار النظام الصحي بقطاع غزة
- الشرطة الدنماركية تحذر من -أصحاب النميمة- ممن يشاركون الشبا ...
- متى يخضع مريض السرطان لـ بزل النخاع؟ فى ضوء أحداث مسلسل بدون ...
- حملة قومية للتطعيم ضد الحصبة.. كل ما تريد معرفته عن الأعراض ...
- عاصفة جيومغناطيسية شديدة تضرب الأرض وتلهب الشفق القطبي
- صحف عالمية: الجيش الإسرائيلي قتل مدنيين بالخطأ بسبب اعتماده ...
- الدنيا تراب وصيام.. نصائح للوقاية وتطهير الجسم
- الحكومة الروسية: 90% من سكان روسيا يستخدمون الإنترنت
- -مشكلة تصبح أسوأ كل عام-.. لماذا يضرب هذا النوع من السرطان ع ...
- وفاة 2400 سوداني في جبل مرة بسبب سوء التغذية


المزيد.....

- التصدي للاستبداد الرقمي / مرزوق الحلالي
- الغبار الذكي: نظرة عامة كاملة وآثاره المستقبلية / محمد عبد الكريم يوسف
- تقنية النانو والهندسة الإلكترونية / زهير الخويلدي
- تطورات الذكاء الاصطناعي / زهير الخويلدي
- تطور الذكاء الاصطناعي بين الرمزي والعرفاني والعصبي / زهير الخويلدي
- اهلا بالعالم .. من وحي البرمجة / ياسر بامطرف
- مهارات الانترنت / حسن هادي الزيادي
- أدوات وممارسات للأمان الرقمي / الاشتراكيون الثوريون
- الانترنت منظومة عصبية لكوكب الارض / هشام محمد الحرك
- ذاكرة الكمبيوتر / معتز عمر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - تقنية المعلمومات و الكومبيوتر - أحمد بدوي - مرحبًا بك في -العصر المظلم الجديد-