أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جورج حداد - سياسة الهيمنة الدولية لاميركا وخطر انفجار حرب تجارية عالمية















المزيد.....

سياسة الهيمنة الدولية لاميركا وخطر انفجار حرب تجارية عالمية


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 5866 - 2018 / 5 / 7 - 12:51
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


إعداد: جورج حداد*

عشية وخلال الحرب العالمية الثانية كانت شعوب العالم بأسرها مهددة بالوقوع تحت العبودية الوحشية المطلقة للنازية الالمانية والفاشية الايطالية والعنصرية اليابانية. ولم يبق بعيدا مؤقتا عن الخطر سوى اميركا، التي لم تطأها اقدام الجيش الالماني ودباباته وطائراته ومحارقه، بسبب الوضع الجزيري لاميركا البعيدة خلف المحيطات. ولكن النازية الالمانية كانت تعمل بشكل حثيث على تطوير سلاح الغواصات بعيدة المدى (التي وصلت طلائعها الى قرب المياه الاقليمية الاميركية) والسلاح النووي والصاروخي الذي اوشك على الاكتمال قبل نهاية الحرب بقليل. ولكن الجيش الاحمر السوفياتي استطاع اقتحام المانيا واجتاح وتجاوز برلين قبل ان تكتمل المشاريع العسكرية النازية، واضطر هتلر الى الانتحار (او الفرار والتخفي في مكان مجهول). وهذا ما انقذ العالم من الطاعون النازي والفاشستي، وانقذ اميركا بالذات من الصواريخ والقنابل الذرية لهتلر.
هذا مع العلم ان الاتحاد السوفياتي السابق (وقلبه روسيا) قدم اعظم التضحيات في الحرب العالمية الثانية. ويكفي ان نجري المقارنة التالية:
ـ ان اليونان الصغيرة (وكان عدد سكانها 7.222.000 نسمة) قدمت من القتلى عددا يتراوح (حسب مختلف الاحصاءات) بين 320.000 و 807.000 قتيل. عدا الخراب الكبير الذي حل بها.
اما الولايات المتحدة الاميركية (وكان عدد سكانها 131,028,000) فسقط لديها 420,000 قتيل. ولم يتهدم فيها حائط واحد في اسطبل للبقر.
واما الاتحاد السوفياتي (وكان عدد سكانه 168,524,000 نسمة) فقدم ما بين 21,800,000 و 30,000,000 قتيل (حسب مختلف الاحصاءات) وحل به دمار لا يوصف، نتيجة سياسة التدمير المبرمجة من قبل القيادة النازية الالمانية التي كانت قد قررت تحويل الاتحاد السوفياتي الى قاع صفصف وقتل اكبر عدد ممكن من السكان وتشريد واسر الباقي وتحويلهم الى "عبيد عمل" بالمعنى الحرفي للكلمة واستخدامهم في المصانع والورش والمزارع الالمانية، طبقا للمفهوم الروماني القديم بأن كل Slav (= سلافي) هو slave (= عبد).
وبالرغم من كل هذه التضحيات، لانقاذ شعوب اوروبا واميركا والعالم قاطبة، فإن الاتحاد السوفياتي (ولا سيما الشعب الروسي الذي لم تبق فيه عائلة لم تقدم الشهداء وتتحمل الجوع والتشرد في الصقيع والاعتقال والتعذيب الوحشي)، فإن الكتلة "الدمقراطية" الغربية بزعامة الولايات المتحدة الاميركية عاملته ـ اي الاتحاد السوفياتي ـ بمنتهى الجحود ونكران الجميل والشيطنة وفرضت عليه الحصار باسم "الستار الحديدي".
وعشية نهاية الحرب (واستسلام المانيا النازية في ايار 1945، واستسلام اليابان في اب 1952) تملكت اميركا عدة امتيازات دولية جيوستراتيجية ومالية واقتصادية استثنائية هي:
ـ1ـ التفرد بامتلاك القنبلة الذرية التي ترعب العالم. (وفي 1949 تمكن الاتحاد السوفياتي من كسر احتكار السلاح النووي).
ـ2ـ في 1 ـ 22 تموز 1944 عقد مؤتمر بريتون وودز (Bretton Woods) قرب واشنطن بأميركا. وحضره ممثلو 44 دولة من كافة ارجاء العالم. وفي هذا المؤتمر اعلنت اميركا التخلي عن التغطية الذهبية للدولار الورقي الاميركي، ولكنها حددت سعر اونصة الذهب بـ 35 دولارا ورقيا بكفالة الدولة الاميركية. وأعلن الدولار بوصفه العملة الدولية الرئيسية. وهكذا اطلقت يد السلطات الاميركية في طباعة ما تشاء من العملة الورقية حسب مقتضيات السياسة الدولية الاميركية، وليس حسب مقتضيات الاقتصاد الاميركي بحد ذاته.
ـ3ـ في مؤتمر يالطا (الذي عقد في 4 إلى 11 شباط عام 1945) وقع ستالين وروزفلت وتشرشل "اتفاقية يالطا". وبالاستناد الى هذه الاتفاقية اطلقت يد اميركا بالتنافس مع شركائها الغربيين في العمل للسيطرة على جميع دول العالم خارج الكتلة السوفياتية. (وبموجب اتفاقية يالطا وافق خائن الشيوعية ستالين على قرار تقسيم فلسطين وانشاء اسرائيل، وتم استخدام النفوذ السوفياتي لفرض هذا القرار على الاحزاب الشيوعية العربية والتخلص من القيادات الشيوعية العربية التي رفضت القرار، بما في ذلك اتفاق الانكليز والقيادة الستالينية على اعدام القائد التاريخي للحزب الشيوعي العراقي يوسف سلمان "فهد" ورفاقه الشهداء).
ـ4ـ فور مغادرته يالطا اتجه روزفلت الى مصر، وفي 14 شباط 1945 اجتمع مع الملك عبدالعزيز آل سعود على متن الطراد الاميركي "كوينسي". وعقد معه ما سمي "اتفاقية كوينسي" التي تقضي بوضع يد اميركا على النفط السعودي مقابل توفير الاموال والحماية الاميركية للاسرة السعودية.
بالاستناد الى هذه الامتيازات تحقق لاميركا ما يلي:
اولا ـ اطلاق يدها في انتهاج سياسة الهيمنة الاقتصادية ـ السياسة ـ العسكرية ـ الامنية على ما يسمى "العالم الحر" او "العالم الغربي" بمواجهة "المعسكر الاشتراكي" او "العالم الشرقي" وركيزتيه الاساسيتين الاتحاد السوفياتي السابق والصين الشعبية.
ثانيا ـ اطلاق يد الادارة الاميركيية في طباعة العملة الورقية (الدولار) ووضعه في خدمة السياسة التوسعية الاميركية للهيمنة على العالم.
ولدى وفاة فرانكلين روزفلت في نيسان 1945 كان دين الدولة الاميركية او ما يسمى الدين العام 200 مليار دولار. ولدى انتهاء ولاية باراك اوباما ومجيء ترامب الى البيت الابيض في كانون الثاني 2017 كان الدين العام الاميركي قد بلغ عشرين تريليون دولار (= 20.000 مليار دولار) اي 1000% او عشرة اضعاف الدين العام في نهاية عهد روزفلت. وبنتيجة ذلك فإن اميركا تحولت من دولة رأسمالية احتكارية انتاجية بالدرجة الاولى الى دولة امبريالية طفيلية ومطبعة للعملة الورقية التي تشتري بها ما تشاء من سلع العالم كما تشتري الاعلاميين والسياسيين والعسكريين في جميع انحاء "العالم الحر" وداخل "المنظومة السوفياتية" ذاتها. ولهذه الغاية اعتمدت اميركا سياسة "الابواب المفتوحة’" في الاستيراد والتصدير، بحيث تقلصت حصة الانتاج في الاقتصاد الاميركي الى حدود 10 ـ 12%. مما اصبح يهدد المجتمع الاميركي بالانفجار. وبلغ الامر في نهاية عهد اوباما ان الدولة اصبحت عاجزة عن دفع مرتبات موظفيها الا عن طريق زيادة الدين العام وطباعة كمية جديدة من العملة الورقية.
ولكن الاقتصاد له قوانينه "الطبيعية" كقانون الجاذبية الارضية التي لا يمكن الخروج منها الا كخروج الصاروخ الفضائي من الجو الارضي. فهل يمكن تحميل اميركا في صاروخ واطلاقها خارج الكوكب الارضي؟
لقد وجدت اقتصادات جميع بلدان العالم، حتى افقرها، طريقها للدفاع الطبيعي عن نفسها بالاعتماد على الانتاج. على عكس السياسة المالية اللاانتاجية للولايات المتحدة الاميركية.
وهكذا انعكست الآية: فبعد ان كانت اميركا تدفع المال من اجل تحقيق ستراتيجيتها السياسية والعسكرية، اصبحت الان تُخضع ستراتيجيتها السياسية والعسكرية من اجل الحصول على الاموال. وبدلا من سياسة "الابواب المفتوحة" للاستيراد والتصدير، بدأت تتجه نحو فرض سياسة الحماية بالضرائب الجمركية وتعديل الموازين التجارية بينها وبين دول العالم.
فسياسة العداء، مثلا، لروسيا وايران وكوريا الشمالية، لم تعد مقصودة بحد ذاتها، بل اصبح المقصود هو الضغط اقتصاديا على روسيا والصين وايران لصالح الاقتصاد الاميركي.
والاخطر من كل ذلك الان هو عزم ادارة ترامب على رفع الحواجز الجمركية حول السوق الاميركية لتشجيع الانتاج الاميركي، وهذا ما يهدد بتفجير حرب تجارية عالمية كبرى تشمل لا اعداء اميركا فقط بل واقرب حلفائها كالاتحاد الاوروبي وبريطانيا والسعودية وكندا والمكسيك.
وهذا يحمل في طياته خطر نشوب حروب اقليمية طاحنة، بل وخطر نشوب حرب عالمية ثالثة.
ولكن اذا تم تفجير اي حرب فإن دول الكتلة الغربية كلها هي مهددة، بما في ذلك اميركا ذاتها التي لم تعد بمنأى عن الخطر كما كانت في الحربين العالميتين الاولى والثانية، لان الصواريخ قربت جميع المسافات، واصبحت اميركا تحت قبضة حتى كوريا الشمالية الصغيرة، الفقيرة والجائعة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اميركا تتراجع امام الصواريخ النووية من كوريا الشمالية
- أميركا ترامب... الى الوراء در!!!
- الحملة الغربية ضد البرازيل لاسقاطها من مجموعة بريكس
- الصين تحذّر اميركا
- مع هزيمة الداعشية اميركا تلعب كل اوراقها ضد روسيا
- تشريح اولي للتحول المافياوي لتركيبة الامبريالية الاميركية ال ...
- سقوط -الداعشية- سيغيّر الجيوستراتيجية الدولية برمتها
- محمد بن سلمان في احضان العم سام
- بريطانيا دمية لاميركا
- المخابرات الاميركية تعترف بفشل سياسة العقوبات ضد روسيا
- الاسلحة المتطورة الروسية تحدد المسار الاساسي للسياسة الدولية
- العلاقات الاميركية الروسية من سيئ الى أسوأ
- خطر عدوان اميركي اسرائيلي جديد ضد محور المقاومة
- الصين في باب المندب
- الاقتصاد الاميركي والاوروبي على عتبة ازمة مالية اقتصادية جد ...
- هل تحرك الكتلة الغربية ازمة مولدافيا؟
- اميركا تقع في فخ كوريا الشمالية
- المنافسة الوجودية بين الاوراسية الروسية والاتحاد الاوروبي ا ...
- الجذور التاريخية للجيوستراتيجيا الاوراسية لروسيا
- الشعب الكوري البطل كسر التفوق النووي لاميركا


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جورج حداد - سياسة الهيمنة الدولية لاميركا وخطر انفجار حرب تجارية عالمية