أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - زهير الخويلدي - تعقل بنية العالم الراهن طرف ألان باديو















المزيد.....

تعقل بنية العالم الراهن طرف ألان باديو


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 5859 - 2018 / 4 / 29 - 18:55
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


" ينبغي أن نفهم جيدا التناقض بين العدمية القاتلة للفاشيين وانتشار التحطيم الامبريالي وفراغ العولمة الرأسمالية الذي لا يجوز ولا يجب أن نصير قائمين به"1

أي تشخيص فلسفي للوضع العالمي راهنا يدعونا الى التفكير النقدي واليقظة المعرفية وأي محاولة للتغيير وتقديم البدائل تنطلق من اثارة الأسئلة التالية:
أين يتجه عالمنا منذ أن تم إخضاعه إلى عولمة مستمرة لكل أشخاصه وأشيائه سواء البضائع أو الأفكار؟
ماهي التأثيرات الكبرى لهذه البنية التي يتكون العالم الراهن على السكان والذاتيات وتنوعها وتشابكها؟
هل يمكن تقسيم العالم الراهن إلى أنماط من الذاتيات المتباينة والمتشابكة ضمن حركة تذويت متبادل؟
ألا توجد عدة صور من الحكم الفاسد تمارس أنماط من السياسات تتصف بالطغيان والاستبداد والشمولية ؟
ماذا الذي تطلبه عملية تغيير العالم بغية التخلص من الأمراض والكوارث والأعراض الإجرامية ؟
أي دور للدولة من جهة مؤسساتها وللمجتمع من زاوية تأثير فعاليه على الشأن العمومي في هذا التغيير؟
كيف يمكن بناء كتلة مقاومة ضد التمييز وتكوين فكر مختلف ينير درب الكرامة ويعيد سياسة الانعتاق؟
1-
إذا أردنا تسليط الضوء على البنية التي يتكون منها العالم الراهن من أجل وصف طبيعة المرحلة وتحديد الرهان فإننا نعثر على الأقل على ثلاثة عناصر تكوينية ومجموعة من الخصائص المنتشرة بشكل أفقي:
- لقد حرصت العولمة الرأسمالية المنتصرة على نشر ثقافة التفاهة والابتذال وعادت إلى النزعة التملكية الفردية من حيث هي الايديولوجيا التكوينية لليبرالية الكلاسيكية وسارعت إلى تعميم الجهل وتأبيد الغفلة وتسطيح الوعي وبرمجة الغباء من أجل تحويل الكائنات البشرية إلى حيوانات راغبة وآلات استهلاكية.
-التحكم الرأسمالي بطريقة عملية مباشرة في مختلف أنحاء الحياة البشرية والثروات الطبيعية في الكوكب أدى إلى إضعاف الدول وإنهاك المجتمعات وتفكيك البنى التقليددية للانتاج والتبادل دون القيام بإعادة بنائها وربط اقتصادياتها المحلية بالاقتصاد العالمي ضممن تقسيم دولي للعمل وتحرير التجارة وتدمير الفلاحة.
-لقد ظهرت ممارسات جديدة للهيمنة الامبريالية تعمل على ترجمة التوسع الرأسمالي في الكون وتقسم الثروة بين القوى الدولية الرئيسية ضمن عالم متعدد الأقطاب وتركز سلطة التحكم المباشر في الأرضية والإعلان عن زوال حقبة الاستقلال الوطني وإقفال ملف حركات التحرر الشعبي وسيادة الإمبراطوريات.
إذا كان انتصار العولمة الرأسمالية قد أدى إلى اعتماد السوق العالمي معيارا مطلقا للتاريخية الكوكبية فإن الوحشية العسكرية هي ثقافة صاعدة وأسلوب حضاري في التعامل مع المناوئين والخارجين عن السرب.
2-
لقد أفضت العولمة المتوحشة إلى بروز أشكال من التفاوت الحاد بين الشرائح الاجتماعية وإضعاف المقرة الشرائية وتعطيل ضرورات الحياة وشحن النزاعات الاجتماعية وتزايد الفقر والجريمة والأمية والبطالة.
واحد في المائة من سكان العالم يمتلكون نصف الموارد والثروات التي توجد في الكون ونصف السكان لا يمتلكون شيئا بينما يتصرف عشر السكان العالم في نصف الثروات المادية والموارد المالية ويترتب عن ذلك أن الطبقة الوسطى التي تمثل محور التربية والثقافة والسياسة تمثل أربعون في المائة من السكان وأن العشر هي الأولوغارشية التي تحكم في عالم السياسة والمال وتمسك بالقرارات الخاصة بمصير الكون.
3
لقد كشرت المركزية الأوروبية عن انحطاطها وتخلت بصورة علنية عن الموضوعية وأبرزت ما فيها من أحكام مسبقة وآراء متحاملة على الثقافات الأخرى والشعوب المغايرة وجسدت ذلك في إعادة إنتاج التوسع والهيمنة ورجعت لأسلوب التهديد والتدخل في شؤون الدول الضعيفة وحاولت إحياء النزعات الاستعمارية وأنتجت ذاتية نمطية تنقسم إلى أشكال من الاعتقاد وأسلوب في الحياة وطريقة في تدبير الوجود اليومي.
يمكن التفريق بين الذاتية الغربية التي تمسك بزمام الحكم في العالم وتنتج المعرفة والسياسة وتصدرها إلى العالم وتتحكم في الطبقة الوسطى وتمنحها وعيها بذاتها وتسهر على حمايتها وتدافع على مصالحها وبقائها في مستوى أول والذاتية التي ترغب في الثقافة الغربية وتحاكيها وتمثل امتدادا طبيعيا لها وتحاول اللحاق بها والهجرة إليها في مستوى ثان والذاتية العدمية التي تزدريها الثقافة الغربية وتحاول شطب وجودها وتنعتها بأبشع الصفات وتسعى إلى القضاء عليها وتظهرها في شكل التعصب والتخلف في مستوى ثالث.
4
كما تتسبب العولمة الرأسمالية وتتراجع دور النظرية الاجتماعية في السياسة والبدائل الاشتراكية لدولة العناية في ظهور النزعات الفاشية والتسلطية على السطح وتصدرت بعض الأصوات المنادية بعودة الحكم الفردي إلى المشهد السيادي قصد بناء دول قوية خارج النمط الذي ساد لمدة في الدول الشرقية والغربية.
تدافع الفاشية على سياسة تعميرية تجاه الذات وتدميرية تجاه الغير وتعتمد على العواطف الأنانية والأهواء الحدية والغرائز الوحشية والدوافع العنصرية والميولات اليمينية المتطرفة باسم المعتقد والمذهب والطائفة وتشحن المناخ السياسي برياح تشاؤم سوداوية وعواصف من الإقصاء وسحب دكناء كارهة للأجانب.
5
لقد شجعت أساليب العولمة المتوحشة على انتشار موجات الإرهاب وعملت بسياساتها الخاطئة على ظهوره وتناميه وتحويل الضحايا إلى قتلة والمنبوذين إلى مجرمين والمهمشين إلى أعضاء في شبكات التهريب وعصابات السلب والنهب وعناصر في الشركات الأمنية العابرة للدول وتغذي الحرب الشاملة.
لا مخرج من هذا المأزق سوى بوضع كل شيء في إطاره وتسمية الأشياء بمسمياتها واستعادة الوسائل الناجعة في بناء سياسة انعتاقية من الاستعمار والهيمنة الامبريالية وحسن استثمار مبادئ الاستقلالية في القرار والسيادة على الثروات وتأمين سلطة الدول على أراضيها وحسن انتفاعها بالمقدرات الذاتية.
لا يمكن مواجهة العولمة المتوحشة والخروج من الوضع المتفجر الذي يحاصره الإرهاب المعول مالا بإبداع فكر مختلف وفلسفة إنسية مغايرة للثقافة الاستهلاكية السائدة التي أغرقت الناس في حب التملك والممارسات الانتهازية والمتاجرة بالقيم وتسلعن كل شيء والمقاومة المنية للفاشية والتسلط والاستعمار.
لكن أين نحن من الانخراط في مقاومة مدنية للعدمية ؟ ألا تتحمل الثقافة الغربية مسؤولية العنف الذي اجتاحها؟ الم يأته الشر من داخل عنصريتها؟ وماهو الشغل الذي ينخرط فيه الفكر لكي يشفى من الحاضر؟
المرجع:
1- Badiou Alain, Notre mal vient de plus loin, édition Fayard, Paris, 2016, p60.

كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استطالة الأزمة وضرورة استدعاء البداية
- سياسة المعرفة مابعد الحديثة بين الاشتراكية والهمجية
- النزعة الانسانوية وفنومينولوجيا الكلام بين سارتر ومرلوبونتي
- نومادولوجيا الحدث وغراماتولوجيا الفرق بين دولوز ودريدا
- ميشيل فوكو بين أركيولوجيا المعرفة وميكروفيزياء السلطة
- فنومينولوجيا الحياة الدينية عند مارتن هيدجر
- راهنية الاقتصاد التعاوني وتبعاته الاجتماعية
- إسهام العمل النقابي في المجهود التنموي
- الكون صار بلا عالم في الكونيات
- شمس الفلسفة التحليلية مرئية بالنظارات الفنومينولوجية
- أسباب ظهور السلوكيات اللاإنسانية في الإنسان
- الفلسفة تنتصر لأنوار العلم ضد ظلام الجهل
- الفلسفة السياسية على نحو مختلف
- شروط الانعطاف المعرفي من الحس المشترك إلى الفهم السليم
- بماذا تطالب الفئات الاجتماعية المنتفضة؟
- مهنة الفيلسوف بين التعالي والمحايثة
- عواصف سنة 2017 ومنعطفاتها
- أغراض سياسة السرد
- النقد الفلسفي للتراث عند طيب تيزيني
- الفكر بما يعود الى ذاته


المزيد.....




- السعودية.. الديوان الملكي: دخول الملك سلمان إلى المستشفى لإج ...
- الأعنف منذ أسابيع.. إسرائيل تزيد من عمليات القصف بعد توقف ال ...
- الكرملين: الأسلحة الأمريكية لن تغير الوضع على أرض المعركة لص ...
- شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع ق ...
- قائد قوات -أحمد-: وحدات القوات الروسية تحرر مناطق واسعة كل ي ...
- -وول ستريت جورنال-: القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص ف ...
- -لا يمكن الثقة بنا-.. هفوة جديدة لبايدن (فيديو)
- الديوان الملكي: دخول العاهل السعودي إلى المستشفى لإجراء فحوص ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لنقل دبابة ليوبارد المغتنمة لإصلاح ...
- وزير الخارجية الإيرلندي: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - زهير الخويلدي - تعقل بنية العالم الراهن طرف ألان باديو