أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - معتز حيسو - السوريون وتحديات المحافظة على السلم الأهلي














المزيد.....

السوريون وتحديات المحافظة على السلم الأهلي


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 5857 - 2018 / 4 / 26 - 09:56
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    



إذا دقّقنا في طبيعة العلاقات الاجتماعية التي كانت سائدة بين السوريين قبل عام 2011، نستنتج أن ثمة تحديات مختلفة أثّرت على حيثيات التعايش الاجتماعي بين مكونات المجتمع، ما تسبب باستمرار تعايش ظاهري وهشّ مقترن بأدوات السلطة المسيطرة. وأسباب ذلك لا تتعلق بإشكاليات يعانيها الإنسان السوري، رغم أنه لا يمكن نفي بعض من تجلياتها. فالسوريون حتى اللحظة لا يزالون يتمتعون بالقدرة على التصالح مع الذات ومع الآخر، ما يؤهلهم لبناء مجتمع يسوده السلام الداخلي. لكن طبيعة الحكم وآليات الاشتغال التمييزية للسلطة أسست لنشوء انقسامات عمودية وتصدعات بنيوية. وفاقم من تلك المظاهر إطلاق الزمام للأجهزة الأمنية للهيمنة على المجتمع ومؤسسات الدولة، إلى درجة تحوّلت فيها البلاد إلى مملكة للصمت. وتم اختراق الأوضاع المذكورة بداية الألفية الثالثة في سياق حركة ثقافية مدنية وسياسية شاركت فيها أعداد كبيرة من السوريين، لكن تم اغتيالها سريعاً. مع ذلك، أثبت السوريون لذاتهم قبل الآخرين أنهم قادرون على التواصل والحوار البيني.
وإذا انتقلنا إلى مرحلة الأزمة التي تحوّلت في سياقها سوريا إلى ساحات صراع تتباين فيه الأهداف والآليات وكذلك الأدوات، نلحظ أنه تم الاشتغال على تغييب لغة العقل والمنطق المفتوح على الآخر. في المقابل، جرى تمكين لغة التطرف التي حوّلت السوريين إلى ضحايا تتناهبها أطراف الصراع. وتتقاطع تلك الآليات مع حشر السوريين ضمن أطر هوياتية إثنية، طائفية، دينية، مذهبية عدمية وقاتلة. وجميعها عوامل ساهمت في تفاقم ملامح التصدع والتنابذ الاجتماعي حتى باتت تسيطر على طبيعة العلاقات الاجتماعية. وتعزّز ذلك في أحيان كثيرة بفعل سيطرة زعماء الحرب وتجار الأزمات، وامتهانهم القتل والخطف والنهب، ما أسس لتفاقم الشقاق الاجتماعي، وصولاً إلى التناقض الجبهوي المدعوم بقوة السلاح. كذلك، فإن عمليات التهجير ونهب الممتلكات العامة والخاصة استناداً إلى لغة إفناء الآخر المختلف سياسياً، مذهبياً، دينياً أو إثنياً أسّست لانتشار مظاهر التنابذ بين المكونات المجتمعية، وأيضاً الحقد والرغبة في الانتقام.
وفاقم من خطورة العوامل السابقة تفشي ظاهرة «التعفيش» ونهب المدن والبلدات «المحررة» التي يقودها علانية زعماء الحرب وتجارها. ويشاركهم في ذلك الفاسدون الصغار والمرتزقة. وتزامن ذلك مع انتشار الأسواق الخاصة بـ«الغنائم» وتسهيل نقلها بين المدن والمحافظات. ولم تقف الظاهرة المذكورة عند حدود النهب المادي، لكنها تتخذ بعداً سياسياً يتم من خلاله تبرير استباحة المناطق التي يتم السيطرة عليها، فيما تحوّلت أعداد كبيرة من الحواجز وبشكل خاص التي يديرها زعماء الحرب إلى مراكز للنهب وفرض السطوة.
وعليه، فإن تجاوز حالات الانقسام داخل المجتمع والتناقض بين مكوناته يحتاج إلى حلول شاملة وعميقة تلحظ مصالح السوريين وتُعيد لهم حقوقهم، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية والعرقية والإثنية والمذهبية. وذلك بحاجة إلى بناء رؤية وطنية عامة وشاملة تركز على إيجاد حلول موضوعية وعقلانية لكل الملفات الإنسانية والسياسية والإنمائية. ومعلوم أن المدخل إلى القضايا المذكورة وغيرها من القضايا المختلفة يتوقف على إنهاء الصراع وإطلاق حوار وطني يؤسس لتوافق سياسي تشرف على تطبيقه جهات أممية. ومن الضروري أن تضمن الأخيرة تطبيق شرعة حقوق الإنسان، وحق السوريين بوضع دستور عصري، وأيضاً التوافق على إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية. ومن الضروري أن تندرج جميعها في سياق التأسيس لنظام ديموقراطي برلماني لامركزي يضمن وحدة الجغرافية السياسية، والحريات السياسية والعدالة الاجتماعية والتداول السلمي للسلطة.
من جانب آخر، يجب التأكيد على ضرورة فصل السلطات وضمان استقلالية السلطة القضائية كونها تشكّل الرافعة الرئيسية لتحقيق العدالة الاجتماعية التي تندرج في إطارها محاكمة مرتكبي جرائم الحرب والفاسدين. وأيضاً إطلاق حرية الإعلام لضمان مراقبة آليات الحكم، وأيضاً السلطات التنفيذية. ويتصل ذلك مع التوافق على تعاقد اجتماعي يمكّن هيئات المجتمع المدني من ملء الفراغ بين السلطة المسيطرة والمجتمع ويؤسس لتجاوز التصدعات التي تهدد أمن المجتمع واستقراره، ويساهم في تمكين السلم الأهلي.



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصراع من أجل الهيمنة
- من الحرية إلى انهيار الوحدة الوطنية
- عن علاقتنا كعرب بصناعة التاريخ
- سوريا والخريطة الجديدة للصراع بين القوى العظمى
- الأكراد بعد عفرين
- الأنظمة الشمولية وإشكالية التماثل البنيوي؟!
- إلى «سوتشي» دُر؟!
- معتز حيسو - باحث وكاتب وناشط يساري سوري - في حوار مفتوح مع ا ...
- على أنقاض «جنيف 8»: في إشكالية التمثيل السياسي السوري
- بخصوص أعداء دولة المواطنة؟.
- الهوية وعلاقتها بالاستعصاء الديموقراطي
- عن أوضاع النساء السوريات في ظل الحرب اكتب
- عن أوضاع النساء السوريات
- سوريا الآن: سباقات من نوع مختلف
- استعصاء المشروع الديمقراطي في سوريا
- في أوضاع الصحافة العربية الرائجة
- ماذا عن مركزية الدولة السورية
- متلازمة العمى العصبوي
- تآكل خيار علمانية الدولة السورية
- في لغة الحوار السائدة بين الرأسماليات


المزيد.....




- من أجل صورة -سيلفي-.. فيديو يظهر تصرفا خطيرا لأشخاص قرب مجمو ...
- من بينها الإمارات ومصر والأردن.. بيانات من 4 دول عربية وتركي ...
- لافروف: روسيا والصين تعملان على إنشاء طائرات حديثة
- بيسكوف حول هجوم إسرائيل على إيران: ندعو الجميع إلى ضبط النفس ...
- بوتين يمنح يلينا غاغارينا وسام الاستحقاق من الدرجة الثالثة
- ماذا نعرف عن هجوم أصفهان المنسوب لإسرائيل؟
- إزالة الحواجز.. الاتحاد الأوروبي يقترح اتفاقية لتنقل الشباب ...
- الرد والرد المضاد ـ كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟
- -بيلد-: إسرائيل نسقت هجومها على إيران مع الولايات المتحدة
- لحظة تحطم طائرة -تو-22- الحربية في إقليم ستافروبول الروسي


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - معتز حيسو - السوريون وتحديات المحافظة على السلم الأهلي