أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدلي عبد القوي العبسي - رحله الى ميني تشاينا















المزيد.....


رحله الى ميني تشاينا


عدلي عبد القوي العبسي

الحوار المتمدن-العدد: 5850 - 2018 / 4 / 19 - 14:03
المحور: الادب والفن
    


رحله الى ميني تشاينا
قصه من الخيال المستقبلي
عدلي عبد القوي العبسي
هذه هي المره الاولى التي يحظى فيها الاعلامي الاميركي ( بول ) بشرف زياره ( ميني تشاينا ) اجمل واضخم مدينه في العالم وهي مدينه من طراز مختلف ليس لمبانيها الفخمه المعلقه ذات الاشكال الرموزيه الملفته وليس للمستوى التقني العالي الذي تتميز به وانما لنظامها الاجتماعي الاقتصادي الجديد ( نظام الكومونه ) والذي تستحق ان توصف معه بانها مدينه المستقبل .
(ميني تشاينا )مدينه لا تعرف الخطأ !! ناهيك عن الفوضى فها هو الروبوت رقم 703 يأمر بول بالتوقف عن التسكع قرب مبنى البوليس المركزي المعلق في الجو على ارتفاع 500 متر في الشارع المعلق البلوري وينصحه بالابتعاد مسافه 2 كيلومتر .
: كيف عرف انني اعلامي اميركي وهو يبعد عني مسافه 200مترا من دون ان يلتقط حتى صوره لي او يقترب مني !"
نسي السيد بول ان قطعه المعدن المثبته على بدلته كفيله بكشف هويته بمجرد اقترابه من ذاك النوع من الروبوتات البوليسيه الذي لديه قدره ملاحظه الاشياء المعدنيه الصغيره عن بعد .وقراءه اي ارقام او كلمات مدونه عليها .
كانت المناظر العمرانيه الخلابه تأسر نفسه بجمالها التصميمي الرائع لدرجه انه كان يتجول في الشوارع المعلقه وهويتلفت يمنه ويسرى دون ان يتنبه للماره على الطريق وكثيرا ما كان يتعثر باشيائهم التي كانوا يصطحبونها معهم !! ولكن مهلا هي لم تكن مجرد حاجيات او امتعه او عربات نقل انما روبوتات مساعده متعدده الاغراض والاشكال التصميميه هكذا لاحظ بول مؤخرا عندما ساعده احد تلك الاشياء في استنقاذ حاسوبه الصغير الذي وقع من خاتم اصبعه وكاد يسقط من حافه الجسر المعلق الى الاسفل .
عندما دلف بول الى المطعم الجوي الفخم الذي يقدم العديد من الاصناف الفاخره من جميع انحاء العالم لاحظ انه لا وجود لاي روبوتات او اقسام او رفوف للطعام او الات تقديم الاطعمه وانما مقاعد دائريه الشكل وطاولات على شكل نجمات حمراء وجدران بلوريه تعرض عليها اشكال للاصناف المختلفه .
وحين هم بالجلوس على احدى الطاولات لم يستطع ان يفتح الكرسي المخصص للجلوس وفجأه سمع صوت رساله انبعثت من قطعه مثبته على الطاوله
: ليس مسموحا لك تناول هذه الاطعمه يا سيدي !!
: لماذا ( مندهشا مما سمع !!! ) ثم اردف بعد صمت قصير وحيره هل لانني اميركي غير مرغوب فيه !!
: كلا يا سيدي . ولكن لان نسبه الكوليسترول لديك مرتفعه ! اما جنسيتك لا تهمنا انت انسان قبل كل شئ وقد سجلت عليك مخالفه الاساءه للمجتمع الكوموني عندما قلت متبجحا الانني اميركي غير مرغوب فيه !!
: اوه انا اسف حقا ( وقد شعر بالاحراج ) ولكنه اردف في نفسه لكنها آله على اي حال فلم الاحراج اوه نسيت لقد سجل علي مخالفه هل ساواجه المتاعب لاحقا!!
: كيف عرفتم ذلك هل لديكم بيانات حالتنا الصحيه كزوار !
: كلا ولكن الكمبيوتر المثبت على المدخل قام بفحصك على الفور من صوره اشعاعيه التقطها لك
: اوه حقا هذا مدهش
تعجب بول من كلامه ومن درجه الحرص الشديد على صحه المواطنين هنا!!
كان هناك حوالي الف صنف من الاطعمه مكتوبه بمختلف اللغات بما فيها الانجليزيه وهي اصناف من جميع انحاء العالم
: اين اطعمتنا المشهوره !! الهامبورجر مثلا !!
: الاطعمه السيئه الضاره بالصحه من هذا النوع محضوره هنا يا سيدي
: الا توجد استثناءات للسياح الاميركيين
: ارجوك يا سيدي توقف عن هذا !!
: حسنا اكرر اسفي ! وتمتم في نفسه مستاءا ( هنا عليك ان تكون ملتزما الى درجه كبيره والا تعرضت للانتقاد والسخريه .
(انا ايضا اخضر ولكن ليس الى هذا الحد من التزمت !) وخطر في نفسه ان يسأل الكمبيوتر سؤالا غريبا !!
: هل تعرف من انا اقصد اسمي وعملي
: نعم , انت السيد بول س جاك اعلامي اميركي يساري يعمل لجريده جرين التابعه للقناه العتيقه المتخلفه NR1 السيئه الصيت !
شعر الاعلامي بمزيج من الدهشه والامتعاض والاعجاب ثم اشار الى احد الاصناف الاميركيه الممتازه واللائقه صحيا بحسب اقتراح الكمبيوتر المضيف
: اذا هذا مناسب لي
: نعم سيدي تفضل طعاما هنيئا
فجأه هبط الطبق من السقف( وتحرك بول من مقعده مرتبكا ) وتبعته ثلاثه اصناف ملحقه
استغرب بول قليلا وتساءل كيف هبطت الاطباق بمفردها !! من اين جاءت "! ثم رمق الى السطح وشاهد فتحه دائريه الشكل تنغلق ببطء بنصفيها المتقابلين وسرعان ما فهم ان الاطباق تتحرك عبر انابيب مغناطيسيه افقيه وعموديه وهذا هو التفسير الوحيد هنا في حضاره المغناطيس!!!!
بدأ بول يتناول طعامه بسرعه لقمه اثر اخرى حتى وجه له الكمبيوتر ملاحظه
: هذه ليست طريقه صحيه لتناول الطعام سيدي !! هل صادفت دبا مفترسا في الغابه !!
بدأ بول يتذمر من كثره الانتقادات والملاحظات حتى انه لم يسمح له بالرد على الحاسوبالصغير الحجم المثبت على خاتمه فقد تم التشويش على الاتصال فورا فمن غير اللائق الرد على الاتصالات وقت الطعام !!
بعد ان انتهى من تناول طعامه غادر المطعم مسرعا وركب سيارته الجويه المركونه في المرآب المجاور وراح يلتقط صورا للمدينه المدهشه من اعلى وبعد دقائق قليله جاءت رساله قصيره
: يا سيد بول الصور التي التقطتها للمواقع الحيويه قد يتم حذفها مباشره من حاسوبك الصغير وعددها220 لاسباب امنيه "! ويتوجب عليك اخذ الاستئذان من دائره الامن الكوموني .
شاهد بول المباني الفخمه المعلقه البلوريه ( يوجد في نيويورك فقط عشره مباني معلقه رديئه التصميم ومثلها في بعض المدن الاميركيه !!) المباني هنا تم انشاؤها من المعادن المخلقه بتقنيه النانو والمصممه باشكال رموزيه مثيره متلألأه الاضواء ملونه كالتنين والنجمه الحمراء والكره الارضيه والمطرقه والمنجل والشجره الخضراء والكتاب وسفينه الفضاء والحواسيب الصغيره والكواكب وخارطه الصين وآسيا وغيرها من القارات والدول وكذلك صور العلماء المشاهير والمفكرين والفلاسفه والقاده ونجوم الفن والادب والرياضه منذ مطلع القرن الماضي الى الان وقد فادرك ان هذا الهوس بالصور والاشكال والرموز يرجع الى كونهم يفتخرون كثيرا بالتراث الانساني الثوري العظيم الذي كان ملهما لهم في الوصول الى حضاره اليوم . , لكنه اردف في نفسه :ومهما يكن انا لدي اعتراض على هذا التقليد الثقافي الاجتماعي الذي يبدو ا رجعيا في الوقت الحاضر ومناقضا للعقل السائد هنا ! هذه مفارقه سلوكيه غريبه ! لا اجد لها تبريرا !!( وكان يقصد طبعا هذا التمجيد للرموز والذي يبدوا كما لوكان نوعا من التقديس !!).

وادهشه ارتفاع بعض ناطحات السحاب المعلقه حوالي سبعه منهن تعانق السحاب في ثلثها الاول تقريبا ثمه شبكه من الممرات البلوريه الممتده في الجو وعلى الارض وتحت الارض وفوق البحر وتحت البحر باقطار عشرين مترا مما يجعل منظر المدينه من الجو مدهشا .
وهناك المشهد الاكثر اثاره لمئات والاف النقاط المتحركه في سماء هذا العالم الصغير مئات والاف السيارات الفضائيه والبدلات الفضائيه المتحركه تجوب سماء المدينه في كل الاتجاهات من دون اي حوادث تصادم او وقائع شجار او سقوط ضحايا !! البشر والروبوتات يعملون جنبا الى جنب بانسجام منقطع النظير وفق الانظمه والقوانين والقواعد المعموله كل يؤدي عمله وواجبه بهمه ونشاط عاليين دون تذمر او ملل ! .
لكن بول صادف مشهدا لن ينساه ابدا في حياته عند مدخل البوابه الرئيسيه للجمنازيوم ( مبنى الرياضه للجميع ) وهو مبنى فخم يحوي اقساما مفتوحه للمواطنين لممارسه كافه الالعاب الرياضيه ولمشاركه المتدربين ايضا استعدادا لافتتاح دوره الالعاب الاولمبيه القمريه بالتزامن مع افتتاح مستوطنه بكين الجديده على القمر مطلع الصيف القادم.
اقترب بول لكي يستمع الى نقاش حاد جرى بين احدالمواطنين والروبوت الحارس عند مدخل مبنى الجيمنازيوم
المواطن : هي تقول لماذا تقوم بتفتيشها ولم تفتش الرفيقه (لي )التي دخلت قبلها بثوان هل هذا عدل !"
الروبوت الحارس : الرفيقه لي هي ابنه القائد شوان وهي زائره متكرره ولا يوجد عليها اي اخطاء او مخالفات للقواعد المعموله وتتمتع بمستوى عال من الاخلاق والثقافه والفكر والانضباط
المواطن : هذا ليس مبررا لعدم تفتيشها والرفيقه شيا تشعر بالالم والمهانه وقد انسحبت للتو وعادت الى منزلها حزينه - هل تقر بانك ارتكبت خطأ !!
الروبوت الحارس : عذرا سيدي انت محق ساقدم لها الاعتذار الان سارسل لها برساله قصيره فيها اعتذار فورا
المواطن : حسنا تفعل
اندهش بول من سماع هذا الكلام وقد اعتاد ان يستمع الى روبوت يحاجج بشريا لا العكس وادرك حينها لماذا يقود هؤلاء القوم الحضاره البشريه الآن !! .
طبعا لا احد يعرف السبب الخفي الذي دفع الروبوت لمنع دخول الرفيقه ( شيا )
فقد علم الروبوت من مصدر مركزي ان حاسوبها الصغير وحاسوبها المنزلي قد تم اختراقه من قبل مجهولين !! وانها بصدد المنع من دخول المنشآت الحيويه ووضع حاسوبها تحت المراقبه المؤقته لحين معرفه ماهيه المجهولين و المعلومات التي حصلوا عليها !"
عاد الاعلامي الى شقته الذكيه !! التي اعطيت له كاستئجار مجاني من قبل الوحده 938 وهي عباره عن مجمع سكني للاصدقاء والرفاق الاجانب .وتحوي هذه الوحده الاف المنازل الذكيه حيث الاداره المؤتمته عبر الحاسوب وعبر آلات ذكيه وروبوتات منزليه للخدمه والحراسه والتسوق . يتم تحديد الاحتياجات الاسبوعيه للاستهلاك المنزلي من قبل الحاسوب المنزلي المركزي المتصل بحاسوب الوحده الرئيس ويقوم روبوت التسوق بقطع مسافه عشرات الامتار الى المخزن الضخم في اسفل المبنى لجلب المواد الاستهلاكيه ونقلهاعبر عربه صغيره تعمل بوقود الهليوم وتسلك ممرا جانبيا خاصا بالتسوق وموصول بكل الشقق .
ثمه وفره هائله من السلع ( الغذاء والوقود والادويه وسائر المنتجات اللازمه .ويتم بشكل دوري اسبوعي حساب الاحتياج المنزلي الكامل وكلها مجانا اي انه ليس عليه ان يدفع شيئا مقابل ذلك!!
راح بول يطالع لوحه الحاسوب المنزلي وبها قائمه بمحتويات التموين الجديد وادرك ان الروبوتShop المخصص للتسوق قد عاد لتوه من المخزن قبل دقائق
وكان واقفا في غرفه مجاوره بينما كان بول منهمكا في مطالعه هذا النظام وقراءه اللوحه ومتابعه سجل التزويدات السابقه للزوار السابقين وبعد هنيهه فاجأه صوت ينبعث من جهاز صغير مثبت على اللوحه .
: هل تحتاج شيئا آخر سيدي !!
ارتبك بول عندما سمع صوت الروبوت
: انا الروبوتShopفي الغرفه المجاوره هل تحتاج ان اجلب لك شيئا آخر سيدي
: لا لا شكرا
: حسنا فهمت ! انت اميركي واعرف ماذا تريد !!
: اوه لا داعي !
: يا سيدي تذكر انا روبوت ولست انسانا والعمل الشاق لا يتعبني هذه هي وظيفتي
: حسنا شكرا لك
خرج الروبوت من غرفته مسرعا وانحنى برأسه امام الاعلامي بول وقال على الرحب والسعه بادله بمثل التحيه
غادر الروبوت المنزل عبر احدى البوابات الموصوله بنفق التموين , بينما جلس بول على احدى الارائك المغناطيسيه المريحه يشاهد في الصاله فيلما عن مراحل بناء المدينه العظيمه ميني تشاينا وقد ادهشه منظر تلك الجيوش الجراره من العمال وعشرات الاف الروبوتات بانواعها وعمال بشريين من مختلف التخصصات والاف المركبات والالات الصناعيه المتنوعه وعربات النقل وغيرها .
بعد خمس دقائق فقط عاد الروبوت ومعه كميه من الاطعمه والمشروبات والمنتجات الاميركيه
: شكرا لك .. منتجاتكم اكثر جوده وروعه .. ولكنها العاده !!
: اعرف يا سيدي ولكنني اشفق عليك من تدهور الصحه بعد فتره !
: ماذا تقصد ( صعق بول من كلامه) !!
: اقصد منتجاتكم اغلبها ليست صديقه لصحه الانسان !!
: هذا غير صحيح ونحن كما تعلم انصار البيئه ومنتجاتنا هي كذلك!
: كلا يا سيدي هي كذلك صحيح ولكن بمقياسكم انتم اما نحن فقد اخضعناها للتحليل الدقيق الشامل ووفق نتائج ابحاثنا العلميه الاخيره وجدنا انها تسبب الاصابه بالكثير من الامراض الشائعه لديكم !!
: هل تريد يا سيدي ان تجري بعض الفحوصات قبل تناول هذه الاطعمه
: كيف ستقوم بذلك !! هل سيأخذ هذا وقتا طويلا!!
: كلا يا سيدي فقط سالتقط لك عده صور لانحاء مختلفه من جسمك وارسلها الى الكومبيوتر الطبيب لهذه الوحده السكنيه وسيجيب على الفور في غضون ثوان!!
: حقا!! هذا رائع نعم ارجوك افعل !!
وخلال عشرين ثانيه راح الروبوت يلتقط صورا لبول عبر عين الكاميرا الصغيره جدا المثبته في وجهه وقام بارسالها مع حساب كميات الاغذيه وعناصرها وسعراتها واستلام النتائج
: خذ هاهي النتائج معروضه على الشاشه امامك
واخذ بول يتطلع في الشاشه ويقرأ النتائج وقائمه الامراض المرشح للاصابه بها وهي في معظمها امراض مكتشفه حديثا لم يسمع عنها في اميركا !!!! وبعضها امراض واسعه الانتشار في بلده !"
قرر بول الامتناع عن تناول هذه الاطعمه وفضل بدلا منها الاطعمه الصينيه الصحيه
ابتسم للروبوت وشكره ثم وقف على طاوله الطعام يلتهم بقناعه الوجبه الصينيه الرائعه .
: مذاق الطعام شهي شكرا لك.
.......
في اليوم التالي قرر ان يتجول في احد الطرق الخضراء وهي شوارع مفروشه بالعشب الاخضر وارصفتها عباره عن اسيجه من الشجيرات الخضراء ونباتات الزينه والورود بمختلف اصنافها
جلس في مقعد مصنوع من الاغصان والاوراق الخضراء يقع في نهايه احدى هذه الطرق وراح يطالع الانباء العالميه في قنوات الميكروكوم .
كان الجو ربيعيا والسماء صافيه خاليه من الغيوم !! والشمس ترسل اشعتها الذهبيه لتبعث الدفء في الارجاء .
ولكن .. مهلا...!!! هل هذا حقيقي و طبيعي !! اخذ بول يقلب بصره في ارجاء المكان يمنه ويسرى الى الخلف والى الامام ثم الى الاعلى واخذ يطيل النظر ويتمعن !! ليكتشف في النهايه ان هناك قبه سماويه صناعيه قطرها عشره كيلومترات وانه داخل مدينه خضراء صغيره الطقس فيها صناعي ويتم التحكم به من مبنى مجاور للهندسه المناخيه مزود بمعدات ضخمه لتوليد عناصر المناخ ( اي انه طقس مصغر موضعي تتم صناعته والتحكم به )
كان حقا مشهدا خرافيا وممتعا , وهو لا يذكر مطلقا انه في حياته كلها قد رأى مثل ذلك من قبل ....
مرت ساعه كامله تقريبا من المتعه والفرجه الخضراء في محاكاه رائعه للربيع في الريف الشرقي الصيني الخلاب ولكن متى ! في عز فصل الشتاء !!!!
اخذه ذلك الجو الرومانسي لتذكر طفولته في الريف الاميركي الاخضر الجميل ثم راح يغوص في رحله عبر الذاكره يسترجع اجمل ذكريات الحياه .
ولم يعكر صفو ذلك المشهد الجميل ولحظات المزاج الرائق الا منظر اطلاق النار والمطارده بين اثنين من الروبوتات !!
ماالذي يحدث ! تساءل بول متعجبا !!
ارتمى الناس ارضا احترازا من الاصابه وظلوا يشاهدون بوجل مشهد اشتباك بالمسدسات المغناطيسيه بين الروبوتين في مساحه صغيره لا تتعدى 50&50 مترا على العشب الاخضر وكانت حركاتهما القافزه في كل الاتجاهات شبيهه بلاعبي الكونغ فو المحترفين وتبعث على الاعجاب !!
ثمه قدره عجيبه على تلافي اصابه المكونات الحساسه في دماغ الروبوت وكل منهما يتوخى الحذر في اصابه الاخر لئلا يخرق قواعد الاشتباك !! حيث يمتلكان سرعه فائقه ومقدره جيده في تحريك اجزاء هياكلهما المعدنيه وسائر اعضاءهما كامله. استمرت المعركه قرابه عشر دقائق لتنتهي بتعطيل الروبوت المهاجم الذي كان يشبه الاخر في كل شئ تقريبا !
قام المنبطحون من الارض فور سماعهم للرساله الصوتيه المنبعثه من الحاسوب المدير المركزي .
: كل شئ تحت السيطره الان ! لقد كان روبوتا مخالفا متمردا يعاني من خلل ما ولديه بعض الاعتراضات حول طريقه تسيير الامور !! ولقد تم تعطيله الان وسيتم سحبه الى معمل الروبوتات لمعالجته !! ثم مناقشته ودراسه اعتراضاته !!
بعدها تابع بول رحلته السياحيه متجولا في الشوارع الارضيه للمدينه ولفت نظره ساحه ضخمه مصممه على شكل نجمه حمراء يقبع في وسطها ابنيه شاهقه الارتفاع مصممه على شكل الوجوه الشخصيه لكبار رموز المنهج العلمي ( ماركس وانجلز ولينين وماو ) وكلها مصنوعه من معادن بللوريه حمراء ويصل ارتفاعها الى قرابه الف متر , وعندما سأل عن طبيعه هذه المباني اجابوه بانها معارض ثقافيه علميه وفكريه وفنيه ورياضيه تحوي تراث البشريه منذ العصر البدائي وحتى الان .
الذي اجابه عن سؤاله كان روبوتا جالسا على مقعد بللوري يقرأ كتابا الكترونيا عباره عن لوح زجاجي 20&30سم وسماكه 1 سم .
بدافع الفضول سأله : ماذا تفعل !
: اقرأ كتابا
: لماذا تقرأ كتابا بهذه الطريقه الكلاسيكيه وانت روبوت!!
: انا احاكي فعل البشر ولا احب كوني روبوتا هذه حقيقه امقتها !!
: لست مقتنعا بوضعك وطبيعتك !!!
: نعم يا سيدي ليتني كنت انسانا !!
: لكنك تضاهي البشر في فعلهم وذكائهم بل وتتفوق عليهم !
: هذا وهم ! ليس الامر كذلك !!! ينقصني الشئ الكثير
: مثل ماذا !
: المشاعر اجل المشاعر وهي اهم شئ تمتلكونه انتم البشر اما نحن فمجرد الات جامده !!
: تقصد المشاعر العاطفيه !!
: نعم ...انظر !!( واشار باصبعه الى زاويه كان فيها مواطن جالس على المقعد ويحضن ابنه الصغير ذا العشره اعوام) واردف هذا الاب لم ير ابنه منذ الثالثه من عمره
: اوه فعلا صدقت مشهد مؤثر
: لقد عاد لتوه من مهمه علميه طويله في القمر لقد ساهم في انشاء مستوطنه بكين 2
: تقصد المستوطنه التي يزمعون افتتاحها قريبا
: نعم , انظر هناك الى تلك الساعه المنتصبه هي تشير الان الى العد التنازلي لموعد الافتتاح .
نظر بول الى الساعه الضخمه المعلقه والذي يعادل حجمها حجم ناطحه سحاب تقريبا وتنتصب على ارتفاع 1000 متر تقريبا !
: ما الداعي لهذا العمود السميك المرتفع كل هذا الارتفاع وذلك القرص كبير الحجم هذا يشبه ما قام به بعض العرب في العشرينات والثلاثينات عندما بنوا العشرات من ناطحات السحاب دون ان يتمكنوا من تطوير تقنيات حلب السحبالبدائيه التي لديهم
: من تقصد
: اتكلم عن عرب الصحراء عرب الجزيره في مدنهم
: ولكن يا سيدي معلوماتك قديمه ترجع الى عشر ين عاما الى الوراء !!
ويبدوا انك غير متابع او انك قد غبت كثيرا عن زياره ذاك المكان
: في الواقع نعم ماذا تعرف انت هل هناك شئ جديد !
في الواقع كانت تلك الحقبه هامه جدا لانها كانت بمثابه انتقال بطئ لما بعدها ا بمعنى انها اسست للنهوض الصحيح اللاحق
ففي العقود الزمنيه التاليه شيدت حكومه الاتحاد العربي العشرات من المدن الخضراء الجديده والاف المزارع الحديثه ومنشآت صناعيه ضخمه ثم ان تلك الانهار الصناعيه المقامه والحدائق الشاسعه قد غيرت كثيرا من ملمح الصحراء في ما يزيد عن مائه مدينه كما انهم بالمناسبه يستدرون كميات هائله من المطر ويصطادونها عبر مصائد الغيوم المشيده في الادوار العليا من تلك الناطحات !! ثم ينقلونها عبر انابيب الى داخل ادوار المباني والى قنوات اصطناعيه مشيده على الارض في احيائهم السكنيه
: ما هي طبيعه الائتلاف السياسي الحاكم الان !!
: تجمع من البيئيين والاشتراكيين وحزبا ليبراليا صغيرا يقوده مواطن ينحدر من الاسره الملكيه وهو حفيد احد الامراء الدستوريين السابقين
: هذا شئ مفاجئ حقا (ارابيا ) تغيرت بالفعل!!
نعم ولكن ما يعكر صفو ذاك المكان هو حوادث هذا العام المؤسفه وقد نزح قرابه ثلاثين مليونا من ارجاء الجزيره كلها بسبب تغير المناخ وارتفاع الحرارهالشديد
: هو حقا شئ كارثي لم يكن بالحسبان لديهم
: ما عدا الائتلاف الحاكم وهو يبذل ما بوسعه للتخفيف من اثار الكارثه وكذلك لمحاصرتها
: متى سيتم افتتاح المستوطنه !
: عندما يتعانق العقربان يتم اطلاق اشاره الافتتاح الدقيقه توازي يوما كاملا
: اذا الافتتاح سيكون مطلع الشهر القادم بقي نصف ساعه تماما
.....
غادر بول المكان مسرعا لم يكن لديه متسع من الوقت للذهاب وزياره المعارض الضخمه واكتفى بالدخول الى موقع المعرض الفكري على الشبكه العالميه التي تمتلكها ميني تشاينا وسأل ما هو الكتاب الاكثر مبيعا حتى الان !
فجاءه الجواب انه كتاب مستقبلي بعنوان (حضارتنا القادمه على المريخ )
: لابد انه كتاب مدهش
: نعم يا سيدي هو كتاب عظيم الفائده وانصحك بقراءته
استدار ليرى الفتاه الجميله الجالسه الى جواره في المقهى المفتوح الكائن في نفس الساحه المسماه ( ساحه الكومونه )
: عفوا لقد سمعتك تتكلم بصوت مرتفع سمعتك تتكلم عن الكتاب الاكثر مبيعا فاحببت ان اعمل بعض الدعايه فقط
: شكرا لك على الافاده ساقتنيه على الفور
كانت فتاه شديده الجمال والذكاء في آن معا ومفعمه بالمشاعر الانسانيه .اجابته برقه ونعومه بالغه
: على الرحب والسعه ابتسم فانت هنا في ميني تشاينا في كنف حضاره القرن الواحد والعشرين الحقيقيه فاومأ برأسه موافقا واردف
: نعم انت محقه وهذا هو انطباعي الراهن عن مدينتكم وبلدكم انتم شعب عظيم وتستحقون منا عظيم الاحترام والعرفان
الفتاه : اعتقد انكم ستشهدون ثوره في القريب العاجل هل توافقني الرأي
بول : نعم نعم اشعر بشئ من هذا القبيل محتمل جدا وانتفاضتنا الخضراء تقترب كثيرا من هذا الهدف
: هل انت عضو في منظمه جرين بلانت !!
: نعم هل ابدو كذلك !!
: شعرت ذلك من لهجتك وانطباعاتك
: نعم في الواقع هذا هو سبب زيارتي الاساس الى هنا لقد كلفت باعداد تقرير مطول لجريدتنا الالكترونيه جرين بلانت لاكتب عن تجربتكم البيئيه والاجتماعيه الجديده
: هذا عظيم تمنياتي لك بالتوفيق لقد تشرفت بالحديث معك
عندئذ غادرت الفتاه المثقفه الانيقه المكان تاركه في نفس الاعلامي الزائر انطباعا مؤثرا جدا كل شئ رائع في هذا البلد ويبعث على الاعجاب والامتنان !!
ثم استقل سيارته الجويه عائدا الى الفندق البلوري الضخم الواقع في الطرف الغربي للمدينه العملاقه استعدادا للعوده الى الديار صباح الغد
ثم اكمل في ذلك المساء كتابه الصفحات الاخيره من تقريره المطول عن اعظم تجربه في تاريخ البشريه يبدأ خوضها الان بشر حضاريون استثنائيون بمعنى الكلمه في (ميني تشاينا )مدينه الجمال والعداله والانسانيه الاروع والاعظم في تاريخ البشريه .



#عدلي_عبد_القوي_العبسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روما الجديده تستعرض القوه في بحر الفينيقيين
- عن فشل الديموقراطيه الاجتماعيه (البرنامج الاصلاحي )
- العجوز الشمطاء والاطماع القديمه الجديده في اليمن (2-2 )
- العجوز الشمطاء والاطماع الجديده القديمه في اليمن (1-2 )
- سوريا , الثبات على الحق في عالم منزوع الكرامه
- المشروع الامبريالي. التحولات الاخيره بوصفها علامات بدايه اضم ...


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدلي عبد القوي العبسي - رحله الى ميني تشاينا