أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - ندى أمين - الإعلام والسياسة في السودان - غياب الإستقلالية وحضور الإيدولوجيا















المزيد.....

الإعلام والسياسة في السودان - غياب الإستقلالية وحضور الإيدولوجيا


ندى أمين

الحوار المتمدن-العدد: 5849 - 2018 / 4 / 18 - 01:27
المحور: الصحافة والاعلام
    


بصفة عامة يمكن توصيف الإعلام السوداني في غالبه، ومع بعض الإستثناءات لأصوات مستقلة، بأنه إعلام يتبنى خطاب السلطة لذلك فهوهوإعلام أحادي شمولي يخضع لرقابة حكومية صارمة. حيث ألقت البيئة السياسية والإقتصادية المتأزمة بظلالها على الحركة الإعلامية. لاسيما أن المشروع السياسي للحزب الحاكم حاليا لم يحمل في ثناياه هموما تنموية واجتماعية وإقتصادية صادقة وحقيقية حيث أن الهاجس السياسي والتمكين هو المسيطر على السلطة الحاكمة لأنها مهتمة بالسبل التي تبقيها على السلطة أكثر من إهتمامها بماذا تحقق للشعب السوداني من وجودها في السلطة.

يهدف هذا المقال إلى رصد الكيفيات التي أثرت فيها السلطة الحاكمة الحالية بقيادة حزب المؤتمر الوطني (1989-2018 ) على الأداء الإعلامي مع تسليط الضوء على سيطرة الإيدولوجية الإسلامية على الخطاب الإعلامي. سوف يتناول هذا المقال السمات الأساسية للأداء الإعلامي في ظل الحكم الحالي من خلال ثلاثة محاور: غياب الاستقلالية وحضور الإيدولوجيا وشيوع التفكير الخرافي وصناعة الأوهام وأزمة الثقة بين الجمهور والسلطة.

غياب الاستقلالية وحضور الإيدولوجيا

الشاهد أن النظم السلطوية تتعامل مع وسائل الإعلام بطريقة واحدة لا تختلف فيها دولة عن أخرى، لذلك بالضرورة أن إعلام كل دولة يعبر عن فكر وفلسفة النظام السياسي القائم والايدولوجية السائدة فيه. وقد لجأ الحزب الحاكم منذ مجيئه إلى السلطة وكبقية جميع حركات الإسلام السياسي في بلدان أخرى إلى مفردات الإسلام كدين للتعبيرعن مشروع سياسي، وقد أشار الدكتور عبدالله تركماني في مقاله "إشكالية الدولة في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر" إلى "أن النقطة المحورية في الإسلام السياسي هي سعيه للوصول إلى السلطة، باعتبار أن ذلك هو الشرط الضروري لإقامة مشروعه. حيث يكون الهدف هو تحويل إطار المرجعية في الحياة العامة إلى مرجعية يكون فيها الإسلام، بتفسيراته المختلفة، قوة رئيسية في تشكيل هذه الحياة".

وهذا ما حدث فعليا في السودان حيث أنه منذ مجيء الحزب الحاكم إلى السلطة عمل على فرض ايدولوجيته وأطروحاته وشعاراته وتعميمها على المشهد الإعلامي بصورة استبدادية منظمة مما أدى إلى الإعلاء من شأن الولاء الحزبي الضيق على حساب الولاء الوطني الواسع. وبذلك أثر النظام السياسي للدولة على الخطاب الإعلامي ولم يتأثر به ولم يستجب للدعوات الإعلامية المتكررة لإتاحة مساحة معقولة من الحرية حتى تتمكن من القيام بدورها كسلطة رابعة فعلا وليس قولا. فالخطاب الإعلامي للحزب الحاكم يعتمد مثل غيره من حركات الإسلام السياسي على التوظيف السياسي للدين والتعبيئة السياسية للرأي العام تحت غطاء ديني وذلك بتبني شعارات عامة قريبة من وجدان وثقافة أي مسلم مثل بناء الدولة الإسلامية ومجتمع الفضيلة والحكم بالشريعة الإسلامية ومقولة أنهم يعتبرون "الحكم تكليف وأمانة وليس تشريف". وتعد فترة التسعينات من أكثر الفترات التي شهدت اكتنازا بالأدبيات التي تلخص فكر الحركة الإسلامية أبان عهدها الأول حيث كان التركيز على أطروحات تشي بالزهد والابتعاد عن متع الحياة مثل "لا للسلطة ولا للجاه هي لله هي لله" أوالتحريض على العنف والكراهية لكل من يخالفهم الرأي في شعارات مثل "فليعد للدين مجده أو ترق منهم دماء أو ترق منا الدماء أو ترق كل الدماء".

أيضا تبدو أزمة الإدراك جلية في مضمون معظم خطابات القادة السياسيين بمعنى أن هؤلاء القادة لا يتعاملون مع الوقائع والأزمات السائدة في الساحة السودانية بوعي وفهم ومنطق، أو ربما كان هنالك تعمدا لعدم الفهم بغية الهروب من الواقع البائس الذي يعيشه الشعب. لذلك عادة ما يتسم الخطاب السياسي لهم بالفردية والمزاجية و"الإرتجالية"، أو على أحسن الفروض يعبرعن الفئوية أوعن النخبة الحاكمة بمعزل عن هموم القطاعات العريضة للشعب.

بالإضافة إلى مضمون الايدولوجيا الذي ذكر أعلاه يلاحظ في الخطاب السياسي الحالي الاستهانة الكبيرة باللغة اللفظية في مختلف الوسائل الإعلامية على الأخص الصحف. فبدلا من أن تمثل هذه الوسائل أداة فاعلة لتطوير اللغة وترقيتها صارت أغلب العناوين الرئيسية للصحف تتصف بقدركبير من الضعف والركاكة اللغوية المستقاة من الخطاب السياسي نفسه وهنالك الكثير من المقولات لقادة ومسؤولين سياسيين صارت إما مجالا للتندر أو التذمر من الجمهور وهنا لابد من الإشارة بأصابع اللوم إلى القائمين على أمر الصحف نفسهم لنشرهم هذه اللغة على الصفحات الأولى فيما يشبه الإحتفاء بها وبالتالي صار المسؤولون يتبارون في الحديث بهذه المفردات والتي من الواضح أنهم لا يأبهون كثيرا بركاكتها قدر حرصهم بأن تحتل أسماءهم وتصريحاتهم العناوين الرئيسية للصحف وتستحوذ على إهتمام الرأي العام ومواقع التواصل الإجتماعي ولو كان تداولها يتم في حيز سلبي أو فكاهي أو نقدي.

شيوع التفكير الخرافي وصناعة الأوهام

التفكير الخرافي هو إحدى الملامح الرئيسية للإعلام في البيئات المتأزمة. لذلك يمكن القول أن الخطاب السياسي للطبقة الحاكمة إنطوى على رؤى ومفاهيم انطلقت من ذهنية خرافية. وبذلك إحتل نمط التفكير الخرافي مساحات مقدرة من الفضاء الإعلامي مساهما بطريقة مباشرة في صناعة الأوهام التي هدفت إلى تخدير الشعب السوداني بالوعود الزائفة في غد أفضل.

فعند مجيئ النظام إلى السلطة غازل أشواق السودانيين إلى دولة مدنية وحضارية يتحقق فيها الرخاء ومبادئ العدالة الاجتماعية والاعتماد على الموارد الذاتية للسودان وتنميتها بدعوى أن الإنقاذ جاءت لإنقاذ البلاد والعباد من حالة الفوضى والخراب التي خلفهتا فترة الحكم الديمقراطي. وبالتالي سادت شعارات وأغنيات تعبر عن هذا الفكر على المشهد الإعلامي والثقافي مثل "نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع" و"حنعمر إحنا بلادنا وحنفوق العالم أجمع"ّ و "لن نذل ولن نهان ولن نطيع الأمريكان" و"أمريكا روسيا قد دنا عذابها". وبالرغم من أن هذه الشعارات تحمل في طياتها مضامين وطنية سامية من زيادة الإنتاجية وإلاعتماد الذاتي واستقلالية القرار السياسي إلا أن التجربة الماثلة أمامنا الأن وبعد ما يقرب من الثلاثين عاما من النظام الحاكم تثبت لنا أنها كانت مجرد شعارات هلامية لكسب الرأي العام ولم تقم على نظرة واقعية وخطط استراتيجية ولم تترجم على أرض الواقع إلى سياسات إقتصادية وتنموية تصب في هذا الإتجاه وتدعمه. هذا بالإضافة إلى البرامج الموجهة إلى الشباب لتجنيدهم في الحروب باستخدام المشاهد المرئية والسمعية مثل برنامج "في ساحات الفداء" والذي إنطوى على أطروحات جهادية لتحريض الشباب على خوض الحرب في جنوب السودان في سياق التسويق للخلاف مع الحركة الشعبية وصبغه بصبغة دينية مع الوعود بالشهادة والجنة والحور العين. وكمثال آخر على صناعة الأوهام هو إصرار الحزب الحاكم على إيهام الرأي العام وتعليقه لمشاكل السودان الإقتصادية المتفاقمة على مساكة العقوبات الإقتصادية الأمريكية على السودان دون الإعتراف بأن سياساته الإرتجالية الفاشلة هي السبب.

أزمة الثقة بين السلطة والجمهور

عموما يمكن القول أن ثقة الجمهور في وسائل الإعلام تفوق عادة ثقته في الحكومات، و تزداد هذه الثقة في الأنظمة غير الديمقراطية. ويميل الجمهور عادة إلى تصديق ما ينشر من أخبار و يصعب اقناعه، بعد ذلك، بعدم صحتها حتى ولو نفتها السلطة، على الأخص فيما يتعلق بقضايا الفساد وقصور الأداء الحكومي.

وحقيقة للإعلام سطوة ومقدرة هائلة على تشكيل الرأي العام سلبا أو ايجابا فيما يختص بالشخصيات العامة. وبالرغم من الافتقار إلى آليات رادعة للمحاسبة والعقاب في حالة نشر قضايا تتعلق بالفساد إلا أنه لابد من الإقرار بأنه هنالك دائما درجة عالية من الحساسية لدى المسؤولين تجاه ما ينشر عنهم في الأجهزة الإعلامية وعن قصور أدائهم في القيام بواجباتهم تجاه مواطنيهم. فالمسؤولون يخافون على صورتهم في الراي العام لذلك يعمدون إلى إستغلال الإعلام كأداة ا للترويج لأنفسهم وتسويق إنجازاتهم، ولو كانت مضخمة أو غير حقيقية، بغرض تحقيق هدف واحد هو الحصول على قبول الجماهير ورضاها.

ومما سبق ذكره أعلاه فإن سيادة الخطاب السياسي أدت إلى فتور الرأي العام وعدم إنشغاله بما يقوله المسؤولون في الحشود الجماهيرية أو ما يناقشه البرلمان على سبيل المثال من قوانين ومشاريع مهمة. لهذا فإن الخطاب السياسي صار خطابا أجوفا خشبيا ومكرورا مستهلكا لا يجد قبولا ولا صدى من الجمهور لأنه يمارس الكثير من الدجل والتهريج وهو أصبح غير مقنع لأنه يدعي كثيرا ويعد ولا يفي.

وعلى السلطة الحاكمة أن تدرك إن بناء الدولة لا يتم إلا عن طريق فتح أبواب المواجهة مع المشاكل الحقيقية للمواطنين بعيدا عن الشعارات الجوفاء وبعيدا عن الإيهام بالتنمية والتعمير والتطوير. ولن يتأتى ذلك إلا من خلا حضور إعلام حر وفاعل له القدرة على القيام بوظائفه الحيوية باإستقلالية. ومن المعلوم أنه من مهمات الإعلام في المجتمع السياسي المعاصر تقديم البدائل المختلفة لصناع القرار إضافة إلى القيام بدوره التنموي والرقابي في بناء الدولة وكيفية إدارتها.



#ندى_أمين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلام والسياسة في السودان - غياب الإستقلالية وحضور الإيدول ...


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - ندى أمين - الإعلام والسياسة في السودان - غياب الإستقلالية وحضور الإيدولوجيا