أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسين علوان حسين - َترَسْمُل المُتَمَرْكِس : عصام الخفاجي أنموذجاً /12-20















المزيد.....

َترَسْمُل المُتَمَرْكِس : عصام الخفاجي أنموذجاً /12-20


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 5842 - 2018 / 4 / 11 - 00:40
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


ح. البرامج السياسية
يسترسل الدكتور عصام الخفاجي المحترم في سرد مندرجات نعيه الموهوم على الماركسية و الماركسيين بالقول :
"دعوني أطرح أمثلة ملموسة على سخف اشتقاق السياسة من نظرية كبرى كالماركسية. كيف نصوغ برنامج عمل ماركسي نواجه به الوضع العربي القائم الآن؟ الأمثلة التالية كلّها يمكن اشتقاقها من كتابات ماركس ولينين وممارستهما السياسية:
- برنامج أول: الماركسية تؤمن بضرورة وقوف القوى الديمقراطية بوجه الدكتاتورية، وبالتالي فعلينا التحالف مع اللبراليين ضد الدكتاتورية الإسلامية.
- برنامج ثان: الماركسية تؤكد على أن الأولوية هي لمجابهة الإمبريالية والصهيونية، وعلينا بالتالي أن نوحّد جهودنا مع النظام "الوطني التقدّمي" مهما كانت سياسته الداخلية.
- برنامج ثالث: علينا التحالف مع القوى ذات القواعد الشعبية التي تقدّم خدمات للفقراء حتى لو كانت إسلامية.
- برنامج رابع: علينا رسم خط فاصل بيننا وبين أعدائنا الطبقيين واللبراليون والإسلاميون هم أعداء طبقيون.
- برنامج خامس: علينا الإستفادة من الزخم الجماهيري وعدم التوقّف عند مطالب الديمقراطية.
أتوقّع أن يردّ بعض القرّاء بالقول أن الأحزاب الشيوعية والماركسية المشرقية لم تعد تبرر مواقفها وسياساتها بالإستناد إلى ماقاله ماركس أو أتباعه. لكن القضية لا تكمن هنا، بل في أن قضايا كبرى لفهم الواقع المعاصر لاتزال تستمد مرجعيتها، وإن بشكل مضمر، من الماركسية بشتّى تلاوينها."
إنتهى .
من الواضح أن بيت القصيد من كل الكلام أعلاه إنما هو الجملة الأخيرة التي تقول : " لكن القضية لا تكمن هنا، بل في أن قضايا كبرى لفهم الواقع المعاصر لاتزال تستمد مرجعيتها، وإن بشكل مضمر، من الماركسية بشتّى تلاوينها" ؛ و التي تنطوي على ذات الدعوة المشبوهة التي سبق و أن لخصتها في الحلقة الرابعة من هذه السلسلة بشعار : " يا أيها الشيوعيون ، لا تقربوا الماركسية في نشاطكم السياسي " ! إذن ، فالمطلوب من كل هذا الكلام غير المنطقي إنما هو عزل الشيوعيين عن النظرية الماركسية : أرقى نظرية أقتصاجتماسية عرفتها البشرية لحد الآن . لماذا كل هذا العداء المستحكم ضد الماركسية ، و هذا التصدي "النضالي" لعزل الشيوعيين عن الماركسية بأي ثمن ؟ الجواب هو : لكون النظرية الماركسية هي سلاح فكري ماض و فعال في سوح النضال من أجل للتحرر و الحرية و التقدم ، و هو الوحيد القادر على الوقوف بثبات صلد بالضد من المصالح الرجعية المدمرة للإمبريالية ـ سيدة الدكتور عصام الخفاجي المحترم . المطلوب هو نزع هذا السلاح الثوري من عقول و قلوب و حراك كل الثوريين في العالم العربي بأي وسيلة ممكنة خدمة للامبريالية و حلفائها في المنطقة . هذا المطلب قديم قدم الرأسمالية ، و إن كان يُصار إلى بعثه من جديد بين الآونة و الأخرى بعد تزويقه بالمساحيق الامبريالية الجديدة لذر الرماد على العيون .
و لكن الدكتور عصام الخفاجي المحترم لا يصارح قراءه بدوافعه المكشوفة هذه و المتمثلة بخدمة أسياده الإمبرياليين الرجعيين المتعفنين ، بل إنه يلجأ لخلط الأوراق عبر تسطيره "البرامج" الخمسة أعلاه للدلالة على أن الماركسية تسمح باتباع أي منها رغم التناقضات المزعزمة التي تنطوي عليها . و سأقيم الدليل هنا على أن التناقضات موجودة و بكثرة – ما شاء الله – في عقلية الدكتور عصام الخفاجي نفسه ، و ليس في الماركسية أبداً ، و ذلك بالاستناد على دلالات نصوصه أعلاه نفسها التي تمثل خطوطاً عامة و ليست برامج سياسية البتة .
و لكن من يقرأ صيغة "البرامج" الخمسة يخرج بالانطباع بأن الماركسية إنما تتطلب صياغة البرامج السياسية انطلاقاً من النظرية عبر جر الواقع إليها قسراً ، أي لوي عنق الواقع لتنطبق عليه النظرية . من يرتكب هذه الحماقة السياسية ليس هو الماركسي الحقيقي ، بل هو الإمبريالي الذي يقول لشعوب العالم أجمع بغض النظر عن الوقائع المعاشة : "إقتصادياً : أفتحوا اسواقكم لمنتجاتنا و ثرواتكم لشركاتنا و خصخصوا كل نشاط دسم الربح لديكم ، و اتركوا للدولة مهمة حلب فقراءكم و زيادة تلال الذهب للرأسماليين في كل مكان تلالاً ؛ جيوسياسياً : أخدموا مصالح الصهاينة و الامبريالية و حلفائهم في كل مكان بالاعتماد كلياً على قدراتهم العسكرية و الاستخباراتية ، و أفسحوا كل المجال لمن يتبع هذه السياسة بإسنادكم القوي الدائم لسيطرته على مقدرات الحكم في دولكم و استعبادكم بالتسبيط لحلبنا سواء كان هذا رئيساً عصابياً عربيداً مثل قلنطون و بوش و ترمب و شارون و صدام و نتنياهو و سوهارتو و تشومبي و بوكاسا و موسفيني و البشير و دوتيرتي و سرقوزي و بيرلسكوني و من لف لفهم ، أو حتى إن كان ملكاً مطلقاً يحكم بالحديد و النار بلا دستور و لا مجلس أمة و لا أحزاب سياسية مثل ملوك آل سعود الزهايمريين و ابن سلمان القماص المهووس أبو الحروب و الحصارات و المؤامرات . نحن نجيد التعامل مع كل الرؤساء و الملوك المسبِّطين لحلبنا بكل مفهومية و براغماتية . "
أما الماركسي الحقيقي فإنه ينطلق من الواقع الاقتصاجتماسي الملموس إلى النظرية لأن الوضع الاجتماعي الموضوعي هو الذي يحدد الوعي الاجتماعي ، و هو الذي يملي بالتالي متطلبات التعامل السياسي الذاتي معه ، و لهذا قال لينين : الماركسية هي التحليل الملموس للوضع الملموس . هذه هي حقيقة الماركسية ، و ليست ما يحاول أعداؤها لصقها به جزافاً و ظلماً و عدواناً . و في موضوعات نيسان (1917) يوضح لينين : "من الجوهري وعي الحقيقة التي لا جدال بشأنها ألا و هي أن الماركسي يجب أن يكون على إدراك بمجريات الحياة الفعلية ، بالحقائق الصحيحة للواقع ؛ و أن لا يتعلق بنظرية البارحة ، و التي هي ، مثل كل النظريات ، مجرد إطار في أفضل الحالات لما هو عام يدنو من معانقة الحياة بكل تعقيدها " . ثم يستشهد بمقولة غوته الشهيرة : "إن النظرية يا صديقي هي رمادية ، أما الشجرة اللانهائية للحياة ، فهي خضراء" .. الماركسية ليست دوغما و لا مسطرة معيارية ، بل هي دليل عمل قابل للتعديل و التغيير و التطوير حسبما تمليه حقائق الواقع القائم ، و من هنا تتأتى قوتها و حيويتها . و لكن يبدو أن الدكتور عصام الخفاجي المحترم لم يستوعب بعد هذا الدرس الأساسي و الابتدائي في الماركسية ؛ أم لعله يتجاهله عامداً لأمر في نفس يعقوب ؟
و لكن ما الذي تقوله خطاطاته العامة التي يسميها ببرامجه الخمسة أعلاه ؟ إنها ترفل بجهله المطبق ليس بألفباء الماركسية ، بل و بكل ما له علاقة برسم البرامج السياسية المؤثرة . كيف ؟ لنتفحص مندرجاتها من جديد . إنه يستهلها بالحرف الواحد بمقولة : "كيف نصوغ برنامج عمل ماركسي نواجه به الوضع العربي القائم الآن ؟ " . و هذا النص الصريح الفصيح يقطع بكون المطلوب من الأحزاب الماركسية – بموجب نص الدكتور عصام الخفاجي المحترم هذا – إنما هو "صياغة برنامج عمل نواجه به الوضع العربي القائم الآن" ! شنو هذا مكدوس بطيخ بصل عدس عسل ؟ كيف يمكن تسويغ الترويج لمثل هذه الأوهام في السياسة ؟ كيف يمكن صياغة برنامج عمل سياسي واحد ينطبق على شعب فلسطين الدولة المحتلة ، و على شعبي اليمن و قطر الدولتان المحاصرتان اليوم ، و على شعوب ليبيا و سوريا و اليمن و ليبيا الغارقة في الحروب الأهلية الآن ، و على شعوب الجزيرة التي تحكمها الملكية المطلقة ، في حين أن العراق و لبنان و تونس و الجزائر جمهوريات نيابية ، و مصر و السودان و الجزائر جمهوريات عسكرتارية ، و المغرب و الأردن و الكويت ملكيات دستورية ؟ من المعلوم لكل ذي عقل صاح ان كل دولة عربية تعيش واقعها السياسي المتفرد الخاص بها و الذي يملي على السياسيين فيها رسم برامجهم السياسة المطابقة بموجب ذلك الواقع حسب الأولويات القائمة و ليست العالقة في الفضاء ـ أليس كذلك ؟ فأولويات البرنامج السياسي المطلوب تطبيقه على الإصلاح في نجد و الحجاز و الإمارات و البحرين و عمان (إقامة السلطة الدستورية و إجازة الأحزاب السياسية و فصل السلطات و تأسيس المجالس النيابية ، مثلاً) غير فاعلة المفعول في فلسطين أو لبنان أو العراق أو مصر ... إلخ التي تحققت فيها هذه المطاليب بهذا الشكل أو ذاك . ثم كيف يمكن للماركسي أن يطبق منهجه العلمي التحليلي على واقعه المعاش دون أن يأخذ بعين الاعتبار شكل الحكم السياسي القائم و النظام الاقتصادي السائد فيه و كفاءة مكوناته ، و مديات حرية التنظيم السياسي و النقابي و المدني و حقوق الإنسان المتاحة فيه ، و المرحلة التاريخية التي يمر بها بلده ، و شكل الاصطفافات الطبقية و القومية و الأثنية و الطائفية فيه ، و التوجهات السياسية الداخلية و الخارجية السائدة لقواه السياسية الفاعلة المفعول ، و التوازن الحاضر للقوى السياسية العاملة في البلد و ما يُتيحه من إمكانات ، و السياسات التي تتبعها الدول الخارجية المؤثرة في شأنه الداخلي ، و الأخطار الداخلية و الخارجية المحدقة به ؟ الإحاطة التامة بكل هذا و غيرها كثير هي من البديهيات للمتصدي للبرمجة السياسية ، و بدونها يستحيل صياغة البرامج السياسية من أي نوع كان لأي حزب في أي بلد من بلدان العالم !
و لكن لا ! الدكتور عصام الخفاجي المحترم قادر على تدبيج "البرامج" السياسية الشمولية التي تنطبق على كل البلدان العربية قاطبة و الواجبة التطبيق عليها مجتمعة منذ الآن دون الأخذ بعين الاعتبار وزن وفعل كل هذه المتغيرات المكونة للمعادلة السياسية القائمة لكونه يشتغل بالگوترة ، صفِّط و عبّي گندورة برمجاسية ، و هي :
- برنامج أول: الماركسية تؤمن بضرورة وقوف القوى الديمقراطية بوجه الدكتاتورية، وبالتالي فعلينا التحالف مع اللبراليين ضد الدكتاتورية الإسلامية.
- برنامج ثان: الماركسية تؤكد على أن الأولوية هي لمجابهة الإمبريالية والصهيونية، وعلينا بالتالي أن نوحّد جهودنا مع النظام "الوطني التقدّمي" مهما كانت سياسته الداخلية.
- برنامج ثالث: علينا التحالف مع القوى ذات القواعد الشعبية التي تقدّم خدمات للفقراء حتى لو كانت إسلامية.
- برنامج رابع: علينا رسم خط فاصل بيننا وبين أعدائنا الطبقيين واللبراليون والإسلاميون هم أعداء طبقيون.
- برنامج خامس: علينا الإستفادة من الزخم الجماهيري وعدم التوقّف عند مطالب الديمقراطية.
نأتي على نص "البرنامج" (كذا!) الأول الذي يقول بأن مقارعة الدكتاتورية تتطلب من القوى الديمقراطية التحالف مع اللبراليين ضد الدكتاتورية الاسلامية (الصحيح : الدينجية) ، مع تغييبه المتعمد للتراصف الطبقي الفعلي لهذه الأحزاب . طيب ما علاقة الدكتاتورية بالعناوين السياسية الدينية و غير الدينية ؟ الجواب لا توجد مثل هذه العلاقة بالضرورة . بعض "الدينجية" ديمقراطيون ، وبعض "اللبراليين" دكتاتوريون ، و العكس صحيح . نظرياً - لا يوجد هناك ما يمنع "اللبراليين" و "الدينجية" عن الاعلان عن انتهاجهم أياً من النهجين : الديمقراطي أو الدكتاتوري . كل الدكتاتوريين العرب في السلطة الآن من مختلف التلاوين ما انفكوا عن التسبيح ليل نهار بحمد الديمقراطية و الدين في وسائل الإعلام طوال نصف القرن المنصرم . هل سمعتم بوجود قوة سياسية عربية تعترف بدكتاتوريتها ؟ طبعاً لا . المهم هنا هو هل تقبل هذه القوة السياسية أو تلك بتداول السلطة و تمارسه فعلاً على أرض الواقع ما دامت هذه الامكانية متاحة ، أم لا ، في ضوء الوقائع الملموسة و التراصف الطبقي القائم ؟ و ما دام هذا الواقع المعطى قد جاء معلقاً في الفضاء و غير محدد المعالم عند الدكتور عصام الخفاجي المحترم ، فأن برنامجه هذا و ما هو مسطر بعده ما هو إلا كلام فارغ ، ليس أكثر .
ثم أن الدكتور عصام الخفاجي المحترم يتكلم هنا على "التحالف السياسي" ، و من المعلوم أنه لا بد لكل تحالف سياسي من ميثاق عمل مشترك يحدد الأهداف الملموسة التي يسعى المتحالفون لتحقيقها معاُ ، أليس كذلك ؟ و من المعلوم أيضاً أن كل تحالف سياسي ينطوي على تراصف طبقي ، و الماركسيون يصطفون طبيعياً مع مصالح الطبقات المسحوقة اقتصاسياسياً و مع التيارات السياسية المدافعة عنها ، و ليس مع أعدائها ، بغض النظر عن عناوين التيارات السياسية القائمة ، "لبرالية" كانت أم "دينجية" لكون كل نضال سياسي يستهدف تطمين المصالح الاقتصادية العريضة لطبقات الشعب المحرومة هو نضال ديمقراطي مثلما تعلمنا الماركسية . لنأخذ مثلاً من العراق الحالي . في الصف اللبرالي لدينا الحزبان الكرديان ، و في الصف الدينجي لدينا حزب الدعوة و حزب عمار الحكيم و التيار الصدري . هذه خمسة أحزاب . مع مَنْ منها يتحالف الماركسيون ؟ استناداً للبرنامج الأول للدكتور عصام الخفاجي المحترم فإن على الماركسيين التحالف مع الحزبين الكرديين "اللبراليين" ضد الأحزاب الثلاثة "الدينجية" . ما هذا الخرط ، في ضوء كون "اللبراليين" هنا هم أكثر "دكتاتورية" من "الدينجية" على صعيد الممارسة ؟ ثم ماذا عن الاصطفاف الطبقي لكل حزب من هذه الأحزاب و المغيَّب اعتباطاً هنا ؟ الممارسة الإقتصاسياسية للأحزاب الأربعة الأولى تقطع بكونها تصطف مع مصالح البرجوازية الطفيلية في العراق حالياً ، في حين أن التيار الصدري يصطف الآن مع مصالح سواد المسحوقين . إذن ما يعتبره الدكتور عصام الخفاجي في "برنامجه" الموهوم هذا "لبراليا" و "دكتاتورياً" لا تربطه أي صله بالوقائع السياسية القائمة في العراق و لا بوقائع التراصف الطبقي المتبلور سياسياً فيه ، و هو بالتالي محض كلام فارغ .
لنحاول تطبيق نفس هذا "البرنامج" الأول في كل من : فلسطين ، و في نجد و الحجاز . في فلسطين الأولوية هي للتحرر من الاحتلال الصهيوني و ليس للديمقراطية المنجزة فعلاً ، و في نجد و الحجاز الأولوية هي لأسقاط ملكية آل سعود القروسطية المتفسخة و الخائنة لمصالح الشعوب العربية قاطبة . أليس كذلك ؟
و لكن ، لنتفحص ما يسميه "البرنامج" الثاني الذي يقول : "الماركسية تؤكد على أن الأولوية هي لمجابهة الإمبريالية والصهيونية ، وعلينا بالتالي أن نوحّد جهودنا مع النظام "الوطني التقدّمي" مهما كانت سياسته الداخلية " . السؤال هنا هو : في أي بلد عربي يوجد الآن مثل هذا النظام "التقدمي" المزعوم و الذي يجمع بين معاداة الصهيونية و الإمبريالية ؟ الجواب : لا يوجد . أما وقائع التاريخ فتقول بأن كلاً من عراق عبد الكريم قاسم و صومال محد سياد بري و اليمن الجنوبي و الجمهورية العربية المتحدة قد توفرت فيهما سابقاً أنظمة حكم قريبة أقل أو أكثر من هذا النوع ، و كلها تكفلت الامبريالية و أعوانها في المنطقة (آل سعود المجرمين خصوصاً) بإسقاطها ، و من بعدها اصطفت كل الأنظمة العربية مع الامبريالية بالفعل لا بالقول ، وبقي أقلها يكتفي بالدعاية الجوفاء ضد الصهيونية متاجراً بالمأساة الفلسطينية الرهيبة لإطالة عمر تسلطه بالقمع الداخلي المبرمج . و بعضها ، مثل نظام حكم صدام و آل سعود و حكام الإمارات و قطر ، فقد قدم أنفس خدمة للإمبريالية و للصهيونية بالغزو الإجرامي للكويت و للعراق . ثم كيف يمكننا الكلام الآن عن "نظام تقدمي" إذا كان هذا دكتاتورياً لا يقبل بتأسيس و عمل الاحزاب السياسية حسبما يستبطنه هذا النص ؟ تقدمي بماذا ، إذن ؟ بالدعاية الجوفاء ؟
نأتي الآن على ما يسميه الدكتور عصام الخفاجي المحترم بالبرنامج الثالث الذي يقول : " علينا التحالف مع القوى ذات القواعد الشعبية التي تقدّم خدمات للفقراء حتى لو كانت إسلامية " ، و هذا ممكن ، بشرط الاتفاق معها على ميثاق عمل مشترك يلتزم بالديمقراطية و حقوق الإنسان و بالدولة المدنية . ماذا يعني هذا الكلام ؟ يعني أن " التحالف مع القوى ذات القواعد الشعبية التي تقدّم خدمات للفقراء حتى لو كانت إسلامية " هو مجرد إمكانية سياسية قد تحصل و قد لا تحصل حسب ظروف كل واحد من الطرفين و استعداداته و قناعاته ، و ليس برنامجاً سياسياً مثلما يحاول الدكتور عصام الخفاجي المحترم إيهامنا به . البرنامج السياسي سيكون في هذه الحالة هو بنود ميثاق العمل المشترك الموقع بين الطرفين المتحالفين .
أما ما يسميه الدكتور عصام الخفاجي المحترم بالبرنامج الرابع – الذي يقول : "علينا رسم خط فاصل بيننا وبين أعدائنا الطبقيين واللبراليون والإسلاميون هم أعداء طبقيون" – فهو الفجيعة في الجهل بكل شيء لكونه يعتبر أن اللبراليين و الدينجية يشكلون طبقتين اجتماعيتين بمعزل عن علاقات الانتاج لأفرادهما ! قه ، قه ، قاااه !
و أخيراً تأتي مقولة "علينا الإستفادة من الزخم الجماهيري وعدم التوقّف عند مطالب الديمقراطية" ، و هذه هي أمكانية متاحة و واجبة التدبر للحزب الماركسي المكين و القادر على المبادرة السياسية في الزمكان لأن التاريخ يحتاج في ظرف محدد إلى "دَفعة" ثورية مثلما يقول لينين . وهو لا يتناقض مع ما سبقه مما يسميه بالبرنامج الثالث ، أي أن ما يطرحه هنا الدكتور عصام الخفاجي المحترم من مقولتين على اعتبار كونهما متناقضتين و طاردتين لبعضهما البعض الآخر (mutually exclusive) إنما هما في الواقع مكملتان لبعضهما البعض لإمكان أن تصُحّا و أن تتواجدا معاً (collectively exhaustive).
و الآن إلى السؤال المهم ، ما دام الدكتور عصام الخفاجي المحترم لا يفهم لا بالماركسية و لا بالسياسة مثلما أثبتت نصوصه التي لا تميز بين المبدأ السياسي المتاح و بين البرنامج السياسي القائم ، و بين الاحتمالات المتناقضة و المتكاملة ، و بين النظرية و الإمكانية السياسية و الواقع ، و بين العناوين السياسية و الطبقات الاجتماعية ، و بين هذه الدولة العربية و تلك ، فلماذا تسول له نفسه سخف الخوض في السياسة لتسويغ المصالح الشريرة للإمبريالية العالمية عدوة الشعوب بأي شكل كان ؟

يتبع ، لطفاً .



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترسمل المتمركس : عصام الخفاجي أنموذجاً / 11-20
- تداعيات في وقت الفراغ
- الأرنب و السلحفاة
- الجيف بروائحها ، لا بألوانها
- انحناءة إجلال للبلاشفة في مئوية ثورة اكتوبر / 5-5
- انحناءة إجلال للبلاشفة في مئوية ثورة اكتوبر / 4-5
- انحناءة إجلال للبلاشفة في مئوية ثورة اكتوبر / 3-5
- المنهج البنيوي في العلوم الاجتماعية (5-5)
- المنهج البنيوي في العلوم الاجتماعية (4-5)
- المنهج البنيوي في العلوم الاجتماعية (3-5)
- المنهج البنيوي في العلوم الاجتماعية (2-5)
- المنهج البنيوي في العلوم الاجتماعية (1- 2)
- قصيدة من دفتر قديم للشاعر : عمار حسين علوان (عمار العراقي) ع ...
- جرائم آل سعود تخجل منها النازية
- انحناءة إجلال للبلاشفة في مئوية ثورة اكتوبر / 2-5
- أرزاق الله
- ماركس : تدوير رأس المال و الخدمات (5-5)
- ماركس : تدوير رأس المال و الخدمات (4-5)
- ماركس : تدوير رأس المال و الخدمات (3-5)
- ماركس : تدوير رأس المال و الخدمات (2-5)


المزيد.....




- حوار مع الرفيق فتحي فضل الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي الس ...
- أبو شحادة يدعو لمشاركة واسعة في مسير يوم الأرض
- الوقت ينفد في غزة..تح‍ذير أممي من المجاعة، والحراك الشعبي في ...
- في ذكرى 20 و23 مارس: لا نفسٌ جديد للنضال التحرري إلا بانخراط ...
- برسي کردني خ??کي کوردستان و س?رکوتي نا??زاي?تيي?کانيان، ماي? ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 28 مارس 2024
- تهنئة تنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج بالذكرى 9 ...
- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسين علوان حسين - َترَسْمُل المُتَمَرْكِس : عصام الخفاجي أنموذجاً /12-20