أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسين علوان حسين - ترسمل المتمركس : عصام الخفاجي أنموذجاً / 11-20















المزيد.....


ترسمل المتمركس : عصام الخفاجي أنموذجاً / 11-20


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 5837 - 2018 / 4 / 6 - 04:36
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


جـ . الدين ، و الفلسفة ، و قوالب انماط الأنتاج
في نص الدكتور عصام الخفاجي المحترم الوارد في الحلقة السابقة نجده يعلن عن "تحفظه على قوالب أنماط الإنتاج" (كذا !) ؛ و هو يساوي جزافاً بين الفلسفة و الدين في محاولة خائبة منه لربط الماركسية بالدين ظلماً و عدواناً .
سأبدأ بالحماقة الأخيرة . الدكتور عصام الخفاجي يخلط بفجاجة بين الفلسفة و الدين أولاً ؛ ثم ينبري – عبر تعمد التعمية بعبارة "الفلسفات الكبرى" – لدمج الماركسية بالدين .
و لكن ما هو الدين ؟ من المعلوم أن كل الأديان هي بالضبط منظومات تربط الإنسان بالمقدسات و تبعده عما تعتبره المنجسات على نحو ثابت ؛ في حين أن الماركسية لا تقول بالمقدسات ، بل تقول بنسبية كل الحقائق – بضمنها الماركسية نفسها – و بتغيرها و بتطورها ، و هي تعتبر أن نقد الخرافات و التسلكات الدينية هو أول النقود . الماركسية هي علم ، و من المعلوم أنه ما أن تدخل العلوم من الشباك حتى تسارع الأرباب و الملائكة و الجن و الشياطين من كل الأصناف بالهروب من الباب .
أما الفلسفة ، فهي ليست بدين مطلقاً . الفلسفة تُعنى بالدراسة النقدية للوجود و للمعرفة و للقيم و العقل و المنطق و اللغة ، و هي ترفض المقدسات و الخرافات من قبيل "كُن فيكون" . الفلسفة دراسة لا تبدأ و لا تنتهي إلا بالشك و النقد المنطقي ؛ و الدين شيء آخر مختلف تماماً عنها لكونه يبدأ و ينتهي بالإيمان المطلق ، و هو يرفض النقد و التشكيك . كل هذا الكلام معروف ، و لا يقبل بخلط الزاغ بالدباغ مثلما يفعل الدكتور عصام الخفاجي المحترم بقصد النيل تعسفاً من الماركسية خدمة منه للرأسمالية .
و لا ينبغي لنا أن ننسى حقيقة أن الرأسمالية هي الدين الشمولي الأوحد الذي ابتلع و يبتلع كل الأديان الأخرى : وثنية كانت أم موحدة . و هذا الدين الشمولي يفرض على البشر قاطبة الاعتناق و الممارسة و الركوع لشعيرة واحدة فقط : حق الزحف المقدس لتحقيق الربح الرأسمالي بأي وسيلة كانت . و هذا الرب الرأسمالي كلي القدرة في زحفه الكاسح الرهيب هذا للتصيد الرأسماجغرافي في كل مكان بفضل احتكاره لنفسه لأفتك أنواع أسلحة الإبادة المادية و الفكرية . و لهذا نجده مكيناً في تدمير كل الثروات و الكائنات الحية فوق و تحت يابسة الأرض ، و تحت مياهها ، و في جوِّها ، و في أعماق الفضاء و بنى الحركات التقدمية الحقيقة . و في كل تدميره الرهيب هذا ، فإنه لا يقبل بأقل من استعباد عمل كل الأحياء و علومهم و ابداعاتهم للإستحواذ المستدام الذي لا حدود له على مصادر مراكمة رأس المال ؛ بل و لا يقبل بأقل من تدجين آلهة الديانات الأخرى كافة بتعميل كهنتها كخدم مطيعين لإرادته و ناطقين بحمده و مشرعنين لجرائمه الكونية . رأس المال هو الرب الكلي القدرة المسموح لمريديه فعل كل جريمة ، و الويل و الثبور لكل من يحاول وقف زحف هذا الدين الشمولي الكاسح الذي لا يتيح للبشر- شعوباً كانوا ، أم حركات ثورية و أفراد - سوى خيارين داعشيين إثنين لا ثالث لهما: إما الهبر ، أو الطبر . و هو يواصل زحفه الشمولي هذا حتى لو اقتضى الإبادة لكل البشر على الأرض قاطبة . إنه دين لا إشباع لنهمه المستديم ، و لا طعام عنده غير الابتلاع المتواصل للحياة عبر إبادة كل شيء يقف ضد أنانيته ، و أولها إنسانية الإنسان .
فهل أن من ينادي بوعي ضرورة أتحاد البشر الأحرار لتحرير الإنسان و هذا الكوكب من دمار هذا الرب الشمولي الرهيب هو مبشر بالدين ، مثلما يزور دعاة الدين الرأسمالي الوثني المبيد ؛ أم إنه الضد الإيجابي لهذا الدين الشمولي بغية تحقيق الضرورة الممكنة في التحرر من نير دين المراكمة التي لا حدود لها لرأس المال و الذي لا خلاص للبشرية من دونه ؟
و لكن ماذا يقول ماركس عن الدين الذي يدعو له الدكتور عصام الخفاجي المحترم و المتمثل بالطاعة العمياء للرب الرأسمالي الكلي القدرة ، ناهيك عن القول المشهور "دينكم دنانيركم" ؟ إنه يقول في "رأس المال" (الأقواس لي) :
"مثلما هي الحال في الدين عندما يصبح الإنسان محكوماً بما ينتجه عقله نفسه (من إله وهمي) ، كذلك في الأنتاج الرأسمالي ، فإن الأنسان يصبح محكوماً بما تتنتجه يده نفسها (من رأس المال) ."
و لكن ماهو جوهر رسالة الأديان السماوية الشمولية ؟ أنه ببساطة : إفعل هذا ، و لا تفعل ذاك في هذه الحياة ، و سيتم النظر بأمر دخولك الجنة بعد مغادرتك هذه الحياة بالموت . الستراتيجية هنا هي إدامة أستعباد الأنسان الحي ما دام حياً ، و ترحيل سعادته لعالم خيالي موهوم لا وجود له البتة بعد أن يتحول إلى جثة لا حراك بها . و المخلصون لهذه الأديان ، بالطبع ، يخسرون الفرصة في بناء و ممارسة الحرية و السعادة طيلة حياتهم التي لن يفوزوا بها مرتين إطلاقاً . أما الماركسية فتقول للإنسان : أقم جنتك على هذه الأرض بكسر قيد العبودية لرأس المال كي تربح سعادة حياتك أنت و كل الأجيال القادمة من البشر. هذه هي رسالة كل الأحرار على مر العصور . رسالة الماركسية هي رسم خارطة طريق السعادة للبشر عبر نضالهم الفعلي على أرضهم هذه مادام تحقيق السعادة في الحياة مرهون بالكفاح الناجع الملموس يومياً لكل البشر على أرض الواقع و ليس بالتبتل لتحقق المعجزات الخرافية الموهومة المستحيلة . و هذا الهدف النبيل يليق بكل البشر الذين يستطيعون تجربته بأنفسهم عملياً . في الأيديولوجيا الألمانية (1845) ، يقول ماركس :
إن قواعدة الإنطلاق التي نبدأ منها هي ليست تحكمية ، و لا هي دوغماتية ؛ بل هي قواعد فعلية لا يمكن أستخلاص التجريدات منها إلا في الخيال . إنهم البشر الحقيقيون ، و نشاطهم و الظروف المادية التي يعيشون فيها - سواء تلك التي يجدونها قائمة أم تلك التي تنتجها نشاطاتهم . كل قواعد الانطلاق هذه يمكن إذن التحقق منها بطريقة تجريبية خالصة ."
مثل هذا النبل في التضحية من أجل سعادة الانسانية جمعاء على هذه الأرض هو الضد المباشرلكل الأديان قاطبة.
في رسالته لوالده (1835) يقول ماركس :
"أن التاريخ يسمي الأعظم من الرجال أولئك الذين ارتقوا بأنفسهم بواسطة العمل للصالح العام ، و تشهد التجربة بأن أسعد الرجال هو من يصنع السعادة لأكبر عدد من الناس ...فإذا كنا قد اخترنا ذلك الموقف في الحياة الذي يمكننا من العمل لصالح البشرية قبل شيء آخر ، فلن يستطيع أي ثقل أن يُحْني قاماتنا ، و ستذهب تضحياتنا لصالح الجميع ؛ عندها سنتجاوز المتعة الأنانية الرخيصة المحدودة ، حيث ستعود سعادتنا للملايين ؛ و ستحيا أعمالنا بهدوء و لكن بتاثير مستديم ، و على رمادنا سيذرف البشر النبلاء الدموع السخينة ."
و من المعلوم أن ماركس يقصد هنا الإنسان الماركسي النبيل الذي يضحي بالغالي و الرخيص لإسعاد البشرية ، أما كهنة الرأسمالية – مثل الأستاذ عصام الخفاجي المحترم و من لف لفه – فسيواصلون الطرق على رؤوسنا ليلاً و نهاراً بهراوات التراتيل الدينية لرب الإمبريالية الوثني المكين هذا بمثل و أمثال هذه الرقية "اليسارية الثورية" الخرافية :
" أيها الشيوعيون من ذوي النفوس الأبية ، أنما الرأسمالية هي حركة ثورية يسارية ، فانقادوا لها إن كنتم تعقلون ! إبقوا عبيداً لرأس المال كي يواصل عشرون من القديسين : آل روتشيلد و روكفلر و مورغن و شركاهم و خدمهم المتقين ، الاستحواذ على دماء و ثمار عمل سبعة مليارات إنسان مسكين ؛ فيدمروا كل شيء لصالح البشرية جُل الدمار المكين ؛ فأنتم لا تعرفون ، و لكنهم هم و عصام الخفاجي العارفون . إنهم التنانين القادرة على كل شيء لأنها تملك كل شيئ ، فتضرب بأسلحة الدمار الشامل كل الكافرين مثلكم بدين رأس المال ، فتسلخ منكم أنتم أهل الماركسية لحومكم و جلودكم حسب قوانين الشرعية الإمبريالية الدولية العال العال ، فالحق التاريخي لرأس المال يعلو و لا يعلى عليه بالأقوال . بددوا خجلكم و وجلكم و قدِّسوا لهذا الرب المكين : آمين لأرباب العالمين الرأسماليين ! فإن كنتم في ريبة من أمركم هذا ، فانظروا عذاب سعيرهم النازل بالكافرين في نانكنك و هيروشيما و ناغازاكي و أشفيتز و دوزلدورف و فلسطين و كوريا و الكونغو و فيتنام و اندونيسيا و العراق و أفغانستان و ليبيا و اليمن و السودان و سوريا و غيرها كثير كالقاطور ، و القادم أكثر بكثير بفضل صواريخ الساجور ، حيث ترون الشعوب الفقيرة بكل استسلام و خشوع يقفون بانتظار الموت الزؤام في الطابور ، و كذلك هم يفعلون ! فقد قضى أرباب دين رأس المال أنهم إن أرادوا أمراً فسيقولون له : كن ، فيكون ! ألم يسرقوا من عمال العالم في أزمة 2008 وحدها من الدولارات سبعة عشر ترليونا ، و ذبحوا و شردوا من العراقيين خمسة عشر مليونا ، و رفعوا الخِبِل ترامب من الزبالة إلى كرسي الحكم في واشنطونا ؟ و لقد أرسلوا رسولاً منهم إلى موقع الحوار المتمدن ، ليبشركم بدين أبو ناجي ؛ فمن أراد الخلاص منكم بالتدجين و التسبيط للحلب المُتحاجي ، فليُطع أقوال الرسول الطهراني الامبريالي اليساري الثوري عصام الخفاجي ! "
أما عكس الدين الإمبريالي الاستعبادي هذا فهي رسالة الماركسية للبشرية ، البسيطة و الواضحة وضوح الشمس . الماركسية تقول بأن سكان الأرض قاطبة يستحقون العيش الحر الكريم في ذلك النوع من نمط الحياة الذي يؤمن لهم مختلف حاجاتهم المادية و المعنوية و يوفر لهم البيئة المشجعة للعمل و تحقيق الذات و التطور العلمي و الثقافي و التقني و الاجتماعي على نحو دائم و متصاعد . غير أن نمط الحياة الضروري هذا ممنوع من التحقق الناجز و التطوير بلا انقطاعات و أزمات كارثية بسبب الملكية الخاصة لوسائل الانتاج التي تكرس دكتاتورية رأس المال على المجتمعات البشرية قاطبة ، فتتسبب باستغلال حفنة من الرأسماليين لبقية البشر بتغريبهم و افقارهم و تدميرهم هم و هذه الأرض في سلسلة متنامية لا تنتهي من الأزمات الدورية و البطالة و الحروب ، إلخ . لذا ، فإن السبيل الوحيد الضروري و المتاح لتحرر كل البشر من كل هذه الشرور و الفوز الدائم بثمار التقدم العلمي و التقني المتواصل و المتصاعد بلا انقطاع هو النضال لالغاء الملكية الخاصة لوسائل الأنتاج .
هل هذا التحليل العلمي هو دين قائم على الإيمان بوجود كائنات و أماكن وهمية مقدسة - مثلما يزوِّر الإستاذ الدكتور عصام الخفاجي المحترم - أم هو علم قائم على المفاهيم الملموسة اجتماتارخياً لمس اليد و القابلة للتثبت و التعديل و التطوير ؟
نأتي الآن على التحفط المجاني للدكتور عصام الخفاجي على "قوالب أنماط الانتاج" . إنه يقول : "قوالب" ، و لكن هذه القوالب غير موجودة في الماركسية قط ، و إنما هي أوهام تتواجد و بكثرة في العقول المقولبة للمتقلبين المنقلبين في خدمة الاميريالية عدوة الإنسان . المفهوم الماركسي : نمط الانتاج الاجتماعي (Produktionsweise) يشير إلى أي شكل من أشكال العلاقة القائمة بين قوى الانتاج الاجتماعي للمستلزمات المادية لديمومة الحياة (العمل البشري و وسائل الإنتاج) و علاقات الانتاج الإجتماعي (علاقات الملكية و القوة ) عرفه تاريخ المجتمعات البشرية . و هو مفهوم وصفي بحت محكوم كلياً بوقائع التاريخ و ليس أي شيء آخر . و الأهمية العلمية لهذا المفهوم الماركسي تتأتى من كونه يحدد ليس فقط شكل إنتاج الخيرات المادية الضرورية لحياة البشر ، بل و يحدد كذلك شكل توزيعها و تداولها و استهلاكها . فإذا ما كان التاريخ المكتوب للمجتمعات البشرية في الزمكان يثبت وجود خمسة أنماط إنتاج ، فإن الماركسية تسعى لوصفها و تحليلها و أستخلاص الدروس منها ؛ و كذا الحال إذا أثبت التاريخ وجود سبعة أنماط أو عشرة أو عشرين ، إلخ . لذا نجد أن ماركس و انجلز قد تناولا في مؤلفاتهما كل أنماط الانتاج التي عرفها التاريخ المكتوب في زمنهما ، و صحّحا مؤلفاتهما تباعاً كلما إتضح لهما من الدراسات الجديدة للباحثين المتخصصين وجود نمط آخر للإنتاج لم يكن معروفاً من قبل ، مثلما فعل أنجلز في عام 1888 ، أي بعد وفاة ماركس بخمس سنين ، في مقدمته للطبعة الإنجليزية للبيان الشيوعي ، حيث يدرج إنجلز ملاحظته أدناه بخصوص جملة :" إن تاريخ كل المجتمع الذي وجد لحد الآن هو تاريخ الصراعات الطبقية ."
The history of all hitherto existing society(2) is the history of class struggles.
التي تستهله ، و ذلك بوضعه إشارة رقم (2) بعد كلمة "المجتمع" للهامش المفصل التالي [الأقواس لي] :
"المقصود هنا هو : "كل التاريخ المكتوب"[بتوكيد إنجلز على مفردة : المكتوب] . في عام 1847 [و هو تاريخ كتابة الجملة أعلاه] ، كان كل مجتمع ما قبل التاريخ ، و النظام الإجتماعي الذي وجد قبل التاريخ المكتوب ، غير معروفين . بعد ذلك ، إكتشف أوگست فون هاكسهافن (1792-1866) الملكية الجماعية للأرض في روسيا ، و أثبت گيورگ لودفيك فون ماورر أنها [أي الملكية الجماعية للأرض] كانت الأساس الإجتماعي الذي انطلقت منه كل الأجناس التيوتونية في التاريخ ، و قريباً من تلك الفترة ، فقد وُجد أن المجاميع القروية هي الشكل البدائي للمجتمع ، أو أنها كانت كذلك ، في كل مكان من الهند إلى أيرلندا . و لقد أُميط اللثام عن النظام الداخلي لنظام المشاعة البدائية ، بشكله النمطي ، من طرف لويس هنري مورگن (1818-1861) ، و الذي توَّجَهُ باكتشافه للطبيعة الحقيقة للعشيرة و لعلاقتها بالقبيلة . و مع تفكك الجماعات البدائية ، بدأ المجتمع يتمايز إلى طبقات منفصلة أولاً ، و متناحرة أخيراً . و قد حاولتُ أعادة اقتفاء آثار هذا التفكك في [كتابي] "أصل العائلة ، و الملكية الخاصة ، و الدولة "، الطبعة الثانية ، شتوتگارت ، 1886. "
و في كتاباتهما ، يتولى ماركس و إنجلز وصف نمط الانتاج الخاص بالمشاعة البدائية و الإنتاج الآسيوي و القديم و الأقطاعي و الرأسمالي و الاشتراكي . و يتناول تحليلهما إمكانية تداخل أنماط الانتاج حيثما توضح الوقائع التاريخية تواجد نماذج متعاصرة لنمط الانتاج المتنحي و الغالب قبل أن يتسنى للأخير ابتلاع سابقه ؛ كما حللا تأثير التفاوت في مستويات التطور المتزامن في كل نمط منها . في رسالته إلى إدورد بيرنشتاين ، (1882) ، يقول إنجلز :
"إن تاريخ إضمحلال المجموعات البشرية البدائية (سيكون من الخطأ وضعهم كلهم على مستوى واحد ، فمثلما يحصل في التكوينات الجيولوجية فقد كانت هذه الإنماط التاريخية تتضمن سلاسل كاملة من الأشكال الأولي و الثانية و الثالثة ، إلخ) ما زال بحاجة إلى التدوين . فكل ما رأيناه لحد الآن هي مجرد خطوط عامة ضئيلة . غير أن البحث على كل حال قد بلغ حداً يسمح بتثبيت ما يلي : 1) أن حيوية المجتمعات البدائية كان أكثر تطوراً بما لا يقاس من المجتمعات السامية و الأغريقية و الرومانية ، بل و حتى من المجتمع الرأسمالي المعاصر ؛ 2) و أن أسباب إضمحلال تلك المجاميع تعود لعوامل اقتصادية منعتهم من تجاوز مرحلة معينة من التطور . "
انتهى نص إنجلز .
و يفرّق ماركس و إنجلز بين أنماط الانتاج الواسعة النطاق و أنماط الانتاج الضيقة النطاق أو المحلية ، مثل "ألأوبشينا" ، أي "الكومونة الريفية" الروسية . ففي رسالته لفيرا زالسولتش في الثامن من آذار ، عام 1881 ، يكتب ماركس :
"إن التحليل في رأس المال ، إذن ، لا يزودنا بالأسباب التي تدعم حيوية الكومونة الروسية و لا ضدها . و لكن الدراسة الخاصة التي أجريتها عليها ، و بضمنها البحث في أصل مواردها المادية ، قد ولدت عندي القناعة بكون الكومونة الروسية هي نقطة الإرتكاز في إعادة التوليد الإجتماعي في روسيا ؛ و لكنها لكي تستطيع أن تمارس وظيفتها هذه ، ينبغي أولاً إزالة التاثيرات المؤذية التي تهاجمها من كل جانب لكي يصار إلى تأمين الشروط الطبيعية لتطورها الذاتي ."
انتهى نص ماركس . المصدر :
https://www.marxists.org/archive/marx/works/1881/zasulich/reply.htm
أين هي إذن قوالب أنماط الإنتاج الماركسية التي يستعرض بها الدكتور عصام الخفاجي عضلاته في ضوء هذا النص الذي يوجب فيه ماركس على كل باحث أن ينحدر من النظرية الرمادية إلى مجريات الواقع الحيوي لاستكناه الشروط المادية لآفاق تطور الكومونة الروسية المستقبلية عملاً بمقولة أولوية الوجود الاجتماعي على الوعي الإجتماعي ؟
أما إنجلز ، فنجده في رسالته لكونراد شميت المؤرخة في (5) آب ، 1890 ، يكتب النص الآتي [القوس من عندي]:
"بشكل عام ، فإن عبارة "المادي" تخدم العديد من الكتاب الشباب في ألمانيا كمجرد عبارة يصار إلى لصقها بأي شيء و بكل شيء دون أية دراسة إضافية ، أي : أنهم يلازمون هذه التسمية و من ثم يعتبرون أن الموضوع قد إنتهى . و لكن مفهومنا للتاريخ هو فوق كل شيء مجرد دليل للدراسة ، و ليس رافعة للبناء على شاكلة الهيجليين . يجب دراسة كل التاريخ مجدداً ، و يجب تفحص شروط وجود مختلف التكوينات الاجتماعية كل واحدة على حدة قبل محاولة استنتاجها من الأفكار السياسية و القانون المدني و الجمالية و الفلسفية و الدينية إلخ المطابقة لها . لم ينجز لحد الآن إلا الشيء الضئيل بهذا الخصوص لعدم انعكاف سوى عدد قليل من الناس على هذا العمل جدياً . في هذا الحقل نستطيع الاستفادة من أكوام من المساعدة ، لأنه حقل ضخم جداً ، و كل من سيعمل عليه جدياً يستطيع إنجاز الكثير و أن يبرز نفسه . و لكن بدلاً من هذا نجد أن العديد جداً من الشبان الألمان الأصغر سناً يكتفي باستعمال عبارة المادية التاريخية (لأن بالإمكان تحويل كل شيء إلى مجرد عبارة) لا لغرض سوى لجعل معلوماتهم التاريخية الفقيرة نسبياً - لكون التاريخ الاقتصادي ما يزال لحد الآن بملابس التقميط ! - تتخذ بنية النظام الأنيق بأسرع ما يمكن ، و من ثم يعتبرون أنفسهم شيئاً كبيراً جداً . بعدها ، يأتي شخص مثل "بارت" فيهاجم الشيء نفسه [ "المادية التاريخية" ] الذي يجده و قد تحول في دوائره فعلاً إلى مجرد عبارة ."
انتهى نص إنجلز .
المصدر
https://www.marxists.org/archive/marx/works/1890/letters/90_08_05.htm
إذن ، فإن الذي سبق له و أن تحفظ على "قوالب أنماط الانتاج" هما أولاً و آخراً : ماركس و انجلز ، و ذلك قبل الدكتور عصام الخفاجي بقرن و ربع من الزمان . هذه هي البضاعة الأصيلة التي أنتجتها الماركسية و التي لا تقبل للغير باختلاسها لنفسه في معرض العداء لها ، حتى و لو بعد أكثر من قرن و ربع من هذا الزمن الرديء . كل الحقائق هي نسبية في الماركسية ، و مسلماتها محكومة بوقائع تاريخ البشر ، و الواقع المعاش الملموس و آفاقه الممكنة . و حيثما لا تتطابق وقائع التاريخ أو الحاضر مع أي نص لماركس و إنجلز ، فأن على الماركسي ليس فقط أن يعدّل نصوص ماركس و إنجلز ، بل و أن يعدّل معها أي إستنتاج لهما يمكن أن يكون قد أستند عليها . و لهذا فإن الماركسية هي علم واقعي واسع و متطور .
يتبع ، لطفاً .



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تداعيات في وقت الفراغ
- الأرنب و السلحفاة
- الجيف بروائحها ، لا بألوانها
- انحناءة إجلال للبلاشفة في مئوية ثورة اكتوبر / 5-5
- انحناءة إجلال للبلاشفة في مئوية ثورة اكتوبر / 4-5
- انحناءة إجلال للبلاشفة في مئوية ثورة اكتوبر / 3-5
- المنهج البنيوي في العلوم الاجتماعية (5-5)
- المنهج البنيوي في العلوم الاجتماعية (4-5)
- المنهج البنيوي في العلوم الاجتماعية (3-5)
- المنهج البنيوي في العلوم الاجتماعية (2-5)
- المنهج البنيوي في العلوم الاجتماعية (1- 2)
- قصيدة من دفتر قديم للشاعر : عمار حسين علوان (عمار العراقي) ع ...
- جرائم آل سعود تخجل منها النازية
- انحناءة إجلال للبلاشفة في مئوية ثورة اكتوبر / 2-5
- أرزاق الله
- ماركس : تدوير رأس المال و الخدمات (5-5)
- ماركس : تدوير رأس المال و الخدمات (4-5)
- ماركس : تدوير رأس المال و الخدمات (3-5)
- ماركس : تدوير رأس المال و الخدمات (2-5)
- ماركس : تدوير رأس المال و الخدمات (1-5)


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسين علوان حسين - ترسمل المتمركس : عصام الخفاجي أنموذجاً / 11-20