أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رابح لونيسي - توظيف إستراتيجي أمريكي لكتاب -نار وغضب- حول ترامب















المزيد.....

توظيف إستراتيجي أمريكي لكتاب -نار وغضب- حول ترامب


رابح لونيسي
أكاديمي

(Rabah Lounici)


الحوار المتمدن-العدد: 5836 - 2018 / 4 / 5 - 21:26
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


توظيف إستراتيجي أمريكي لكتاب "نار وغضب" حول ترامب

البروفسور رابح لونيسي
- جامعة وهران-


يدفع الترويج المفرط والإهتمام الغير الطبيعي الذي حظي به كتاب "نار وغضب- البيت الأبيض في عهد ترامب" لمؤلفه الصحفي مايكل وولف إلى شرائه مهما كان ثمنه، لكن بعد قراءة الكتاب الذي هو في حدود 400 صفحة يخرج القاريء الجاد غاضبا من الوقت الذي ضيعه مع الكتاب، لأن الإهتمام الإعلامي الكبير به، يجعلك تبحث وتسعى لفك شيفرة سر ذلك، فلن تجد فيه إلا معلومات عامة تريد أن توحي لنا كأنها أسلوب وطريقة صناعة القرار في البيت الأبيض في عهد ترامب، بل يمكن لنا القول أنها قصة صعود وسقوط كبير إستراتيجيي البيت الأبيض ستيف بانون وصراعه الصبياني مع عائلة ترامب المتمثلة في الثنائي "جارفانكا" حسب تعبير الكاتب، وهما صهره جاريد كوشنير وزوجته إيفانكا ترامب، فتعتقد في الأخير أنك وقعت تحت تأثير خدعة دعائية، لكن بعد فترة يدفعك ذلك كله إلى طرح تساؤلات أخرى، فهل كان الترويج مجرد خدعة دعائية فعلا للكتاب كي يباع بقوة لدرجة بيع ملايين النسخ ونفاذه في الأسواق في أسبوعه الأول، كما ترجم إلى عدة لغات، بل وضعت طبعات خاصة بكل بلد؟، فهو كتاب يعرض بقوة وبشكل لافت على رفوف كل مكتبات بيع الكتب في العالم وفي كل المطارات.
لكن بعد تأمل عميق وعودة إلى المشروع الأمبرطوري الأمريكي للقرن21 بهدف الزعامة الأمريكية للعالم تبعد فكرة الخدعة التجارية، وبأن هناك هدف إستراتيجي أمريكي من خلال الترويج للكتاب، فليس صحيح بأن أمريكا تترك كل شيء للصدفة، فهو البلد الذي تصنع سياساته وإستراتيجياته مئات مراكز البحث والدراسات الإستراتيجية وآلاف الخبراء والأكاديميين، ثم ماقاله وولف عن ترامب ليس شيء كبير مقارنة بما تنقله عنه يوميا وسائل الإعلام الأمريكية كي يسعى ترامب لمنع صدور الكتاب إن لم يكن يختفي وراء ذلك الترويج له بناء على مبدأ "كل ممنوع مطلوب"، فنحن نفهم الإنتشار الواسع لكتب بريجنسكي خاصة كتابه "رقعة الشطرنج" أو كتاب فوكوياما حول "نهاية التاريخ" أو "صدام الحضارات" لهنتنغتون أو كتاب "إنتقام الجغرافيا" لروبرت كابلان، فهي تشكل ثورة في قراءة التغيرات العالمية، وتضع تفسيرات أخرى للعلاقات والإستراتيجيات والسياسات الدولية، لكن أن يحظى كتاب وولف عن ترامب بهذه الأهمية، فهو يدفعنا إلى تساؤلاءت عدة عن دوافع ذلك.
لم يقل وولف أي شيء يستدعي الإهتمام في كتابه بإستثناء بعض الفضائح والصراعات الشخصية داخل البيت الأبيض وإظهار ترامب أنه مستهتر لايفهم شيئا وضعيف المستوى والمعرفة، لكن سبقه في هذه الصفات عدة رؤساء أمريكيين مثل رونالد ريغان الذي لعب دورا رئيسيا في تحقيق الإنتصار على السوفيات أثناء الحرب الباردة، ولعل هذا ما جعل بعض الأكاديميين الصينيين الذين كلفتهم الحكومة الصينية بتتبع دقيق لترامب يبدون شكوكا فيما يروج عنه، ويرون أنها خدعة لتنويم وتخدير القوى الكبرى الأخرى إنتظارا لمفاجأتها بإستراتيجية جديدة تخص الصراع حول الزعامة العالمية في إطار الإستراتيجيات الأمريكية، فما ترامب في نظرهم إلا مرحلة في إستراتيجية المشروع الأمبرطوري الأمريكي، خاصة بعد التغييرات الأخيرة التي أحدثت في بعض المناصب الإستراتيجية ككتابة الدولة للخارجية ومجلس الأمن القومي والمخابرات.
لكن ما يثير الكتاب هو رغبة دفينة في دفن النموذج الديمقراطي الأمريكي الذي يعد أحد العوامل التي تعطي أمريكا قوة ناعمة حسب إستراتيجية جوزيف ناي، كما أن الكتاب يشجع كل مستبدي العالم، ويعطي ذريعة لهم بالإستشهاد بظاهرة ترامب لتبرير سياساتهم، خاصة في العالم الثالث ومنطقتنا، وذلك من خلال إبراز الكتاب عدة شواهد ومنها:
- سيطرة المال الفاسد وإمكانية وصوله إلى السلطة في أمريكا من خلال ترامب الذي يعد رجل العقارات، وهو أول من يصل إلى السلطة من ضمن هؤلاء، ونحن نعرف الدور الذي لعبه الإستثمار في العقار في الأزمة المالية في 2008، فوصول ترامب المفاجيء وغير المنتظر إلى السلطة، يبرر السماح لرجال مال فاسدين بالوصول إلى الحكم في بلداننا.
- تدخل أسرة ترامب في سياسات البيت الأبيض من خلال صهره جاريد كوشنر وأبنته إيفانكا، وهو ما يبرر ما يمارس في منطقتنا من التوريث وتدخل أسرة الحكام في إتخاذ القرارات، ولعل هذا ماسمح بترويج الكتاب بقوة في العالم العربي التي تعرف هذه الظاهرة منذ عقود، بل كانت أحد أسباب إندلاع ما سمي بالربيع العربي في 2011 في مصر وليبيا واليمن وسوريا وغيرها من الدول التي طرحت مسألة توريث السلطة، فبإمكان أمريكا تشجيع الإستبداد في دولنا ثم إتخاذ ذلك ذريعة للتدخل بهدف نشر الديمقراطية في وقت الملائم.
- إبراز تصرفات ترامب بأنها غير محسوبة العواقب، أي تصرفات طائشة ومجنونة، وبإمكانه القيام بفعل غير عقلاني، وهو رئيس أكبر دولة عالمية، و يمتلك مفاتيح الأسلحة النووية، ونعتقد أن هذا هو جوهر الكتاب، فهنري كسينجر الناصح لغاريد صهر ترامب هو صاحب نظرية الهف Bluff بإمكان لجوء أمريكا إلى إستخدام القنبلة الذرية أثناء الحرب الباردة، مما جعل الكثير من الدول تفكر ألف مرة خوفا من إغضابها، وعوضت نظرية كيسنجر حول إمكانية إستخدام السلاح النووي اليوم بتخويف العالم بجنون ترامب ولاعقلانيته.
- إعطاء صورة بأن لا أخلاق في السياسة، وهو ما يراد الترويج له من خلال الكتاب، وهو ما جعل الكثير ممن تطرح أمامه مسألة أخلقة العمل السياسي، يعطي لك أمريكا ترامب كنموذج متناسين أن هناك فرق كبير بين السياسة الذي هو عمل نبيل مرتبط بالأخلافق والبولتيك اللآأخلاقية الذي هو عمل مدمر للأمم والدول والشعوب، فهذه المسألة لازالت في إطار نقاش واسع، فالأخلاق عامل مهم في السياسة، وهو ما يسمى بالويلسونية في أمريكا نسبة إلى وودر ويلسون الذي وضع المباديء14 في مؤتمر فرساي في 1919، فكل محاولة لإبعاد الأخلاق عن السياسة معناه الإنهيار التام للسياسة التي ستصبح مبتذلة وفي غير صالح الشعوب، فكيف ذلك وكل الشعوب تنظر بإعجاب إلى الأنظمة الديمقراطية الأمريكية والبريطانية والفرنسية.
لكن نقول في الأخير ما قاله الإعلامي الفرنكو-أمريكي جوي سورمان Guy Sorman في حواره مع العدد الأخير لمجلة روفو Revue(مارس-أفريل2018) بأن واضعو الدستور الأمريكي في 1787 قد وضعوا حسابهم في حالة وصول مجنون إلى السلطة في أمريكا من خلال مؤسساتها الديمقراطية القوية، فترامب مجرد رئيس بصلاحياته المحددة بدقة في هذه الديمقراطية، فلن يستطيع تغيير أي شيء، بل ينتظر الكثير بأن تعطي هذه المؤسسات درسا آخر في تنحية ترامب بسبب ما يروج عن دور الروس في إنتخابه إضافة إلى الفساد المالي، والتي أخذت منعطفا آخر مع كبير المحققين روبرت مولرRobert Mueller، ولعل قضية الدور الروسي في إنتخاب ترامب هو الأمر الوحيد الذي أعطى أهمية لكتاب وولف.

البروفسور رابح لونيسي
- جامعة وهران-



#رابح_لونيسي (هاشتاغ)       Rabah_Lounici#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقاربة لمنع صدام حضاري بين ضفتي البحر المتوسط
- تطور الفساد المالي ورهاناته في الجزائر
- هل مذكرات الرئيس الشاذلي بن جديد أصيلة فعلا؟
- الإتحاد المغاربي في ذكراه29-مقاربة لإعادة تفعيله-
- جبهة القوى الإشتراكية-حزب ضيق أم جبهة واسعة للقوى الوطنية ال ...
- علاقة تجارة الرقيق بظهور الرأسمالية في أوروبا
- النضالات النقابية بين المطالب الهامشية والجوهرية
- ماموقع المعارضة الجزائرية في رئاسيات2019؟
- أين ذهبت أموال الثورة بعد1962؟-دفاعا عن الحقيقة، وليس عن خيد ...
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في ذكراه69-أي تجسيد عملي له؟-
- تدمير صهيوني لأوطاننا بمواقع التواصل الإجتماعي
- مشروع صهيوني في ثوب أيديولوجية العروبة في منطقتنا
- السياسة علم، وليس دجل-مقاربات لفهم الأزمة الجزائرية-
- الصراع في السعودية-الجذور والرهانات-
- في ذكرى مئوية ثورة أكتوبر1917-إنقاذ الإستعمار للنظام الرأسما ...
- تصور جديد للمشكلة الإقتصادية
- فلنغير النظام، لكن لصالح من؟
- مقالات حول جدلية الدين والسياسة(6)-حلول أوروبية متعددة-
- مطاردة المناضل البطني لمناضلي المباديء في الجزائر
- مقالات حول جدلية الدين والسياسة(5)-مظاهر لتوظيف الدين في الع ...


المزيد.....




- رئيس وزراء فرنسا: حكومتي قاضت طالبة اتهمت مديرها بإجبارها عل ...
- انتخاب جراح فلسطيني كرئيس لجامعة غلاسكو الا?سكتلندية
- بوتين يحذر حلفاء أوكرانيا الغربيين من توفير قواعد جوية في بل ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 13 ...
- رئيس جنوب إفريقيا يعزي بوتين في ضحايا اعتداء -كروكوس- الإرها ...
- مصر تعلن عن خطة جديدة في سيناء.. وإسرائيل تترقب
- رئيس الحكومة الفلسطينية المكلف محمد مصطفى يقدم تشكيلته الوزا ...
- عمّان.. تظاهرات حاشدة قرب سفارة إسرائيل
- شويغو يقلّد قائد قوات -المركز- أرفع وسام في روسيا (فيديو)
- بيل كلينتون وأوباما يشاركان في جمع التبرعات لحملة بايدن الان ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رابح لونيسي - توظيف إستراتيجي أمريكي لكتاب -نار وغضب- حول ترامب