أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - جعفر المظفر - العراق وإشكالية الديمقراطية














المزيد.....

العراق وإشكالية الديمقراطية


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 5833 - 2018 / 4 / 2 - 20:41
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


العراق وإشكالية الديمقراطية
جعفر المظفر
قد لا يكون العنوان موفقا ما لم يجرِ التأكيد على أن الديمقراطية, وهي المنهج الإنساني السامي, ليست هي الإشكالية بحد ذاتها, ولكنها ستكون كذلك حينما لا تتوفر الظروف الملائمة لإحتضانها ورعايتها وتفعيلها. وتلك هي طبيعة الأشياء, فما من خير يمنح عطاءه بشكل مجاني, وما لم يتوفر الظرف الملائم المحيط وأدوات ووسائل تنمية الخير وحصده ورعايته فإن الطعام المفيد قد يصبح سُمّا.
وقد حظيت الديمقراطية نفسها بنصيب وافرمن التشويه حتى صارت كلام حق يراد به باطل. أحزاب الفكر الشمولي كالشيوعيين والبعثيين لا يؤمنون بقضية الديمقراطية اللبرالية وذلك إنطلاقا من تناقض عقيدي معها. لذلك فإن إدانة هذه الأحزاب يجب ان لاتقوم لمجرد أنها لا تؤمن بالديمقراطية, وإنما على أساس مدى القناعة بصحة أو خطأ نهجها النقيض أو المقابل: دكتاتورية البروليتارية لدى الشيوعيين أو دكتاتورية الطليعة أو الحزب السياسي لدى البعثيين.
لقد أصبحت الديمقراطية في منطقتنا (موضة) العصر وأحد إشتراطاته الفكرية والسياسية, وبخاصة بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي وسقوط الدكتاتورية في العراق وفي مناطقه المجاورة وتراجع حالة الإنبهار بالفكر الثوري عموما.
على مستوى المشاهدات المنظورة, والأحكام المتأسسة عليها, كان ذلك يعني في احدى تجلياته : هزيمة الفكر والنهج الثوروي أمام الفكر والنهج الديمقراطي وإقتصاد السوق وعموم الأفكار التي تنشأ من هذا الأخير والتي هي ذات علاقة حميمة مع قضية الفكر اللبرالي والحداثوي المتأسس على الحريات الفردية وحقوق الإنسان.
صحيح أن الصراع بين الرأسمالية والإشتراكية بشكله الأخير قد إمتد سياسيا على فترة إقتربت من ثلاثة أرباع القرن, إلا أن مشهد الإنهيار الذي تأسس على تراكمات ذلك الصراع, والذي اتى لصالح الرأسمالية, قد جاء سريعا بحيث اشاع حالة (إنبهار) أدت من جانبها إلى وقوع مفكر على مستوى (فوكو ياما) في فخ الأدلجة ومطب الحتميات معلنا أن الفكر الرأسمالي يعتبر خاتمة تطور الفكر الإنساني وذلك في كتابه المعروف (نهاية التاريخ).
ثم أن التجارب الديمقراطية البديلة لم تكن قد أظهرت مساوئها بعد بحيث يصير مقبولا ومعقولا رفع الفيتو مرة اخرى عن علاقة الفكر الشمولي العدائية مع قضية الديمقراطية اللبرالية التي تتناقض قيمها وآلياتها مع احزاب الحتميات التاريخية, وهي أحزاب مغلقة على ايدلوجيات مقدسة لا تقبل التعديل فكيف تقبل التبديل. وظلت بالتالي أفكار الحتميات الثورية مدانة بالقدر الذي يحسب عليها فشل تجربة الدكتاتوريات الفردية أو النخبوية.
لكننا سنكتشف لاحقا, بعد مجموعة الأخطاء التي إرتكبتها بعض الديمقراطيات المحتلة لمواقع التجارب الشمولية السابقة, وبخاصة في عراق ما بعد الإحتلال, كيف أعادت أكثرية الناس قراءتها لحاجتهم الفعلية إلى الديمقراطية في الوقت الحالي, بحيث أصبح التفكير مرة أخرى بضرورة إيجاد, على الأقل, طريق ثالث يجمع ما بين حسنات النظامين, الشمولي والديمقراطي, ويجعل تلافي أخطائهما, تلك التي تحصل لوجودهما كل على حدة, أمرا ممكنا, لا بل وحتميا.
إن فترة صعود أحزاب الأيدلوجيات (الثورية) كانت قد تمت في مرحلة مغايرة لمرحلتنا هذه, ففي تلك الفترة كانت (الموضة) هي سيادة الدكتاتوريات (الثورية) المُعرْفَّة بحزب وقائد كان من لوازمه ولزومياته أن يكون (تاريخيا), لذلك لم تكن تلك الأحزاب بحاجة إلى أن تُمَّكْيج علاقتها بالديمقراطية, وغير مجبرة على أن تقدم نفسها بصيغ تخالف أيديولوجياتها, القائمة أساسا على رفض الديمقراطية البرلمانية والإجتماعية, بل لعلها كانت تعتبر الدعوة إلى الديمقراطية دعوة مشبوهة ونقيضة لحاجة المجتمعات المتخلفة إلى تغييرات جذرية قسرية مُعبَّرٌ عنها من خلال أفكار حزب طليعي أيديولوجي نخبوي.
في هذا السياق فإن إنقلاب عام 1952 الذي أطاح بالملكية في مصر وإنقلاب عام 1958 الذي اطاح بشقيقتها في العراق لم يخلُ من كراهية معلنة للديمقراطية بعد أن إعتبرها الثوار لعبة سياسيين أرادوا من خلالها تصريف نفاياتهم, هاربين من وعاجزين عن تحقيق المطاليب المشروعة وفي مقدمتها المنجز الوطني الأول ألا وهو تحقيق الإستقلال .
ولقد ظُلمت الديمقراطية في هذه البلدان بشكل مضاعف لأنها كانت منهجا سياسيا لمجاميع إرتبطت نسبتها الأساسية بالإستعمار فأصبحت بالتالي هدفا في حقل رماية ضم غيرها من المستهدفات الأخرى. كما أن تلك الديمقراطية لم تكن تعدت شكلها السياسي لكي تكون عملية لها صلة بقضايا لبرالية مثل حقوق الإنسان وحق التعبير, لذلك كان رفض الديمقراطية رفضا سياقيا بإعتبارها جزءا من نظام تابع للإستعمار.
وفي يومنا الحالي, وبعد أن تحولت مفردة الديمقراطية ومضامينها إلى عناوين إستبدلت بِطَرَبٍ عناوين المرحلة السابقة المتجلية من خلال مفاهيم ذات الصلة بمفردات الطليعة والنخب الثورية, فإن هذه المفردة, أي الديمقراطية نفسها, سرعان ما وُضِعت تحت رحمة الجَلْدِ من جديد بعد ان أثبتت الأغلبية الحاكمة بإسمها أنها ليست أكثر من لعبة يتم من خلالها سرقة البلد وتفتيته وتكريس تخلفه وجعله مجرد ضيعة تابعة لإيران أو ممرا ومستقرا لعصابات الإرهاب السياسي والطائفي المتمثل بالقاعدة وداعش من جهة وبالميليشيات التي تدعي صلتها بالمذهب الشيعي من الجهة الأخرى أو بالتطلعات الإنفصالية ذات العناوين القومية على إختلافها.
وربما ان الظروف الحالية هي غير مؤهلة لإنتاج قوى وظروف تغييرات على شاكلة تلك التي جرت في الخمسينات من القرن الماضي لكن الثابت ان مفردة الديمقراطية قد فقدت بريقها ولمعانها ولم يعد لديها قدرة الصمود أمام دبابة قد يتلقى قائدها إشارة المرور الخضراء إلى المنطقة الخضراء.
.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانية ضمانة بقاء العراق الواحد
- الحسناء والوحش .. جارتي الجميلة روبن* ورئيس جامعة ليبرتي
- وبمقياس الجمال
- النظام العابر للطائفية والكتلة العابرة للطائفية.
- كيف نراجع وكيف نتراجع
- خيط بيط, يا محلى صوت التعفيط : بالوثيقة... مجلس الوزراء يواف ...
- مزرعة الخنازير
- ثنائية البدائل المجحفة
- ثلاثة قرود
- عرب فرس ترك دين سياسة
- ثلاثة إسلامات .. القسم الأخير
- ثلاثة إسلامات .. سرقة العصر*
- ثلاثة إسلامات ..
- في بيتنا فريال الكليدار
- العرب والمسلمون .. هل إستعمروا العراق ؟
- أخا وطن
- وضّاح اليمن
- أمريكا أولا أم إسرائيل
- تهويد القدس أمريكيا
- وادي السيليكون في العراق وصناعة الأحياء الأموات


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - جعفر المظفر - العراق وإشكالية الديمقراطية