أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - اوليفيا سيد - ألف أرنب.. باء بطة














المزيد.....

ألف أرنب.. باء بطة


اوليفيا سيد

الحوار المتمدن-العدد: 5823 - 2018 / 3 / 22 - 02:02
المحور: حقوق الانسان
    


قديما قال الفيسلوف الصينى لاتسو: "راقب أفكارك لأنها ستصبح كلمات، راقب كلماتك لأنها ستصبح أفعال، راقب أفعالك لأنها ستتحول إلى عادات".

قبل أيام قلائل وفى خلال فعاليات الندوة التثقيفية السابعة والعشرون للقوات المسلحة، وفى حضرة الرئيس السيسى وكل من وزير الدفاع الفريق أول صدقى صبحى، ووزير الداخلية اللواء مجدى عبد الغفار، إرتجل أب الشهيد كلمة وجه فيها كلمة لأعداء الوطن قائلا: "انتم ماتعرفوش معنى كلمة مصر، مصر..الميم (محمد)، الصاد (صلى الله عليه وسلم)، الراء (رسول الله)..ضجت القاعة بالتصفيق تعبيرا عن استحسان الحضور لهذا التأويل لكلمة (مصر)، ولم أعجب لما قاله هذا الأب الطيب والرجل الريفى البسيط - رغم منصبه كما أعلن كمدير بوزارة التربية والتعليم - قدر ما تعجبت لتصفيق الرئيس ووزير الدفاع -حتى وان كان مجاملة أو على مضض- وراق لى تصرف اللواء مجدى عبد الغفار بالتزام الصمت وعدم التصفيق.

لكن قبل أن ندين كلمة الرجل فلندن كل ما يقال بحسن نية وسجية طيبة دون قصد..كدعاء امرء "اللهم اشف مرضى المسلمين"، قاصرا دعواه لمرضى ديانته دون غيرهم، لكنه لو تعقل دعائه حرفيا لشعر بالخجل والرثاء لحال انسان مريض يتألم دون النظر لدينه ومعتقده وطريقة إيمانه، يكفى انه انسان ضعيف يتألم، وما أضعف الإنسان!
اللهم اشف وارحم كل مريض يتألم.

من منكم يردد خلف إمام المسجد (آمين) مصدقا على دعوته على اليهود والنصارى بتيتم ابنائهم وترمل زوجاتهم، يحسب أنه يتقرب لله بذلك، يحسب ان دموع عينيه من خشية الله والتضرع بالدعاء يغسل حقد وغل قلبه.
لو تعقل هذا الشخص ما يقله لخجل من فكرة تصور الإله شخص سادى يعذب الخارجين عن ناموسه، لو تعقل ما يدعو به لوقفت الكلمات فوق لسانه قبل ان ينطق بها وهو يتصور ان الإله فى عقله قاتل مأجور يريد أن يخلصه من شخص ما فيسلطه عليه.
انه حسن نيته يسئ لفكرة الإله وينتقص من ايمانه ولا يعلى شأنه بل يدنيه.

نردد كلمات محفوظة ومعلبة نطلقها فى عدة مناسبات ومواضع دون التعقل فى ما وراء معانيها وما ترمى إليه.

هذا الرجل قدم تأويلا لكلمة (مصر) وفقا لمعتقداته الشخصية أو حالته النفسية بما يشبه إختبارات التداعى اللفظى فى علم النفس، ذلك عن طريق ذكر عدة ألفاظ أمام الشخص وتسجيل الكلمات التى تخطر بباله وربط الكلمة وتأويلها عند الشخص نفسه بناء على تجاربه وتأثير الكلمة فى نفسه.

وهذا الرجل قدم تفسيرا من وجهة نظره كرجل مسلم، يؤمن بأن مصر مهد الإسلام كما يؤمن المسيحى بأنها مسيحية فى الأصل قبل دخول الإسلام، وحقيقة الأمر -تاريخيا- سبقت المسيحية الإسلام فى مصر حيث توالت الديانات فى الظهور والإنتشار تباعا بترتيب الأحداث زمنيا ليس أكثر.

ولو سلمنا بتطبيق وجهة نظره ورؤيته من منظور مختلف، يكون تأويلها عند الرجل المسيحى كالتالى:
الميم (مسيح)، الصاد (صليب)، والراء (رب الأرباب).
وقد تفسر عند اليهودى كالتالى:
الميم (موسى)، الصاد (صهيون)، والراء (راحيل).

وحتى لو بعدنا عن التأويل تبعا للأديان، ليكن وفقا لأيدلوجية سياسية مثلا، الشيوعية نموذجا.. يصبح التأويل هكذا، الميم (ماركس)، الصاد (صراع طبقى)، والراء (رأس المال).

مادامت لعبة حروف وكلمات فليكن.. وفقا لأسماء حكام مصر عبر التاريخ، الميم "مينا نارمر" ، الصاد "صلاح الدين" ، الراء "رمسيس"، وهكذا.

وفى كتب تفسير الأحلام، وضع النابلسى وابن سيرين وغيرهم دلالات لتفسير كل رمز، غافلين اختلاف الرؤى ودلالاتها فى نفسية كل شخص، وليس هكذا تقاس المشاعر الانسانية او القياسات النفسية او الدلالات، انها ليست مسائل حسابية وقواعد فيثاغورث، لكنها تقاس هكذا عند أمة نائمة.

ليس فى الأمر جرم أو خطيئة، فالذنب ليس ذنب المردد بل ذنب الملقن.. غاية ما هناك هو ايضاح معنى ما نقله، ومغزى ما نرمى اليه كقوالب جاهزة تقدم كما هى دون التحديق فيها لنرى نواقص او قصور يجب معالجته.

علمونا فى المدارس حين كنا صغارا حيث كان عالمنا صغير مثلنا، أن حرف الألف يعنى أرنب، والباء يعنى بطة، والتاء تفاحة.. ولم تخرج مدرسة عن الإطار المألوف لتخرج لنا بكلمة جديدة تبدأ بنفس الحرف، هى اسطمبة واحدة، واقتصرت مفاهيمنا للحروف الثلاث على الكلمات الثلاثة، وحين كبرنا قليلا علمنا أن للحرف الواحد مائة كلمة ومائة تفسير، تعلمنا أن الألف أرنب، وإبرة، أب، أم، ألف فتحة وكسرة وضمة وشدة وسكون.
وحين كبرنا أكثر علمنا أن (الحرف يقتل).
علمنا أن العالم يتسع لحروف كثيرة وكلمات عدة ومفاهيم كثر فى ظل عالم رحب بالانسان والانسانية، دون إقصاء، دون استحواذ، دون تحيز.. دون تفسيرات وتحليلات تبعا للميول والرغبات والأهواء.

ليكن عالمنا يتسع للجميع.. لتكن مصر باقية وخالدة دون اضفاء صبغة دينية لبقائها وخلودها.
فلتحيا مصر وليحيا الإنسان بلا تمييز.



#اوليفيا_سيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحياه من خلف كتاب
- وقفة مع النفس
- قاضي المحكمة وقاضي البلاج
- مغادرة لم تفض الحضور
- تزوجت مسيحيا
- وش سجون
- مصر اليوم فى عيد
- كم من يهوذا على هذه الأرض
- الرجل فتنة وعورة!


المزيد.....




- تقرير أممي مستقل: إسرائيل لم تقدم حتى الآن أي دليل على ارتبا ...
- الأمم المتحدة تدعو بريطانيا إلى مراجعة قرار ترحيل المهاجرين ...
- إغلاقات واعتقالات في الجامعات الأميركية بسبب الحرب على غزة
- مراجعات وتوصيات تقرير عمل الأونروا في غزة
- كاريس بشار لـCNN: العنصرية ضد السوريين في لبنان موجودة لدى ا ...
- رئيس بعثة الجامعة العربية بالأمم المتحدة: العمل جار لضمان حص ...
- الأمم المتحدة: نزوح أكثر من 50 ألف شخص بسبب المعارك شمال إثي ...
- بعد تقرير -اللجنة المستقلة-.. الأونروا توجه رسالة للمانحين
- مراجعة مستقلة: إسرائيل لم تقدم أدلة بشأن ادعاءاتها لموظفي ال ...
- منتقدة تقريرها... إسرائيل: الأونروا جزء من المشكلة لا الحل


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - اوليفيا سيد - ألف أرنب.. باء بطة