أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - محمد عبد المجيد - عيد الأم، ست الحبايب .. ألا تخجلون؟














المزيد.....

عيد الأم، ست الحبايب .. ألا تخجلون؟


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 5822 - 2018 / 3 / 21 - 19:16
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


كنتَ تسمع النداءَ تلو الآخر: الأكل حيبرد، فتقوم من مقامك بتكاسل؛ ثم تجلس وتلتهم وجبة العشاء، ولا تنتبه إلى أن ست الحبايب أخذت لنفسها ( العيش البايت) لتتلذذ أنتَ بالخبز الطازج، فلا تشكرها، ولا تعتذر لها، ولا تُلقي نفسَك على قدميها تُقبلهما.

كان اخوتك يخرجون من الغرفة سِراعـًـا وهم يسدّون أنوفهم. وتأتي أمُك، فتعطيك الحقنة الشرجية، وتشم غائطــَــك الأصفر السائل، فلا تتأفف، فبرازُكَ لم يتغير منذ أنْ كنت في بطنها تسعة أشهر. ثم تمسح مؤخرَتــَـك، وتطبع قُبلة على رأسك متمنية لك الشفاء والنومَ الهانيء، فلا تشكرها، ولا تعتذر لها.

كانت ملابسك الداخلية مسؤوليتَها، ورائحتك الكريهة سرًا في بئر أمومتها، وكرامتك قبل أي شيء آخر، فلا يلاحظ اخوتك أو أبوك بللا أو اتساخا، ومع ذلك فلا تشكرها، ولا تعتذر لها؛ ولو مرة واحدة!

كانت تعرف ليلة أول سيجارة اخترق دخانها رئتيك، فتشم رائحتك وهي تُقبّلك، وتصمت. وكانت تعرف مع من كنت، ومن أغراك ببداية التدخين، وتحتفظ لك بسرك دونما حاجة لاستئذانك، فلا تشكرها، ولا تعتذر لها.

في كل مرة كنتَ تحتلم كانت هي الأسرع لاخفاء ملابسك الداخلية، فتجد النظيفة جاهزة قبل أن تذهب إلى المدرسة، وبسذاجتك تظن أنها لم تلاحظ ولو مرة واحدة.
إذا عاتبتك لأمر ما؛ ارتفع صوتك فوق صوتها، وإذا زجرك والدك.. أطرقت خجلا أو خوفـًـا، ولم تفهم أنْ قوتها في ضعفها، وضعفَ والدك في صرامته؛ ولم تعتذر لها ولو مرة واحدة.
كانت تدلف خلسة إلى غرفتك فتشدّ الغطاء الزائد من جسد أخيك، وتغطي به أطراف قدمك لئلا تبرد في غرفة دافئة، ثم تتأمل وجهك كأنك قـَـدَمت من بطنها في اليوم السابق.

الفنان السعودي محمد عبده حكىَ أنه في طفولة فقر الأسرة كان ينام على السطوح تحت قدمي والدته، وكان يعتبر نومه الهاديء والمسالم ليلة في الجنة، فتحتَ قدميها الأمان كله يسري في جسده وأحلامه.

كانت ست الحبايب قادرة أنْ تستخلص الصدق والكذب من أي حكاية، وتتألم لآلامك، وتحزن لأوجاعك، وتعرف قصص حبك الطفولية والصبيانية والعبيطة، وكانت تلتقط أول نقطة حيض في ملابس ابنتها، وتزيلها قبل اليوم التالي، فحياءُ أختك ينبغي أن لا يتحول إلى خجل.

كانت أمُك تضع القرش فوق القرش فإذا بهما يتضاعفان، ويظن والدك أنها تأخذ من الحصّالة، لكنها في الواقع تُدبّر من عبقرية ربة بيت تربطها بالسماء حبال غير ظاهرة لا يعرفها أبوك أو كل ذكور عائلتك.

أتحدىَ من يقول بأن كل أم كانت تفعل هذا؛ سيحاسبها الله يوم القيامة.
لا تصدّقوا من يقول لكم بأن أمهاتكم، محجبات أو سافرات، مؤمنات أو كافرات، عالمات أو جاهلات، ثريات أو فقيرات، سيُحشَرن في نار جهنم، فحسابُ الأم هو التربية والحنان والمحبة وتماسك الأسرة وسعادة أبنائها فإذا التزمت به، سليقة أو فطرة أو أمومة، فابحثوا عنها يوم القيامة في الجنة، ولا تنصتوا للحمقىَ الذين يحدثونكم عن أم ربّت أولادها، وملأت بيتها بهجة، وغمرت فلذات أكبادها حنانا، ثم يحاسبها الله.

كانت لديها الحاسة التاسعة وبها تعرف من الذي سيستمر صديقا لك طوال عمركما، ومن الذي سيعطيه ويمضي بعيدًا عنك، لكنك بغرورك لم تُصدّقها، وتؤكد لها أنك أعرف بأصدقائك منها، وعندما كبرت، وأصبحت أبا، اكتشفت أنها كانت على حق.

كان لطعامها رائحة غير موجودة في مطاعم أو لدى أمهات أصدقائك، وكان مذاق طعامها يتسلل إلى الخارج، ويهبط السلالم، ويخترق ويلمس لسانك قبل أن تضع المفتاح في باب الشقة.

كنت تجلس أمامها وتضع ساق فوق ساق بغير اكتراث، وإذا دخل والدك اعتدلت في جلستك، وكانت تلاحظ ولا تنبس ببنت شفة.

قليلة هي المرات التي دعوتها لمشاهدة فيلم في دار عرض أو مسرحية، ولم يقرعك ضميرك، حتى طلبك منها الخروج بمفردكما كانت حالة نادرة.
كنت تدخل خلسة عليها فتسمعها تدعو الله لك ولأشقائك وشقيقاتك بالسلامة، ولا تدعو هي لنفسها خشية أن تكون طلباتها على الله كثيرة.

ملعونة كل التراثيات التي ترفع أمـَّـك عن أبيك، فأي عقيدة أو دين أو مذهب يُحقّر من شأن ست الحبايب ليس من الله في شيء.
لو تغربت مائة عام وعدت إلى بيت الأسرة القديم المتهالك فستستقبلك رائحتها فور دخولك.

كل الكائنات الحية تموت إلا الأم فهي تموت فقط عندما يدفنك حفار القبور!
قد تكون لأعز الناس وأقربهم ابتسامة غير مريحة؛ إلا الأم فجمالها صناعة ربانية حتى لو خربش وجهَها الزمانُ والعُمر والحزن والفقر والمرض.
تختلف مع أبيك واخوتك فتبهت صلة الرحم ولو قيد شعرة، وتخاصم أمــَّـك وتتشاجر معها، فتعود إليك من الباب الخلفي في غربتك أو غيابها أو من قبرها، وتحتضنك لتحفظ لك كرامتك في تأخرك في الاعتذار لها.

تلتقي مع عائلات في سهرة أو حفل فيه شباب وشابات، وإذا بحثت عن أمك بينهم ستجدها تراقبك من بعيد وهي تشكر الله أنها أنجبت أجمل خلقه حتى لو كنت دميما ومشوها.
حتى اليوم وأنت تحتفل بعيد الأم لا تسمع منها، ولو كانت في قبرها الطاهر، كلمة عتاب فعيد الأم العُمر كله، وهو أهم من الأعياد الوطنية والدينية.
الحمقىَ يتعجبون أن الله لم يبعث نبية أنثى، فالحقيقة السماوية التي لا نراها هي أن كل الأمهات نبيات!

غريبٌ أنك الآن لا تتمنىَ أن تُقبــَّــل رأسَها، ويديها، وقدميها، أو تمرّغ وجهك في تراب قبرها.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو النرويج



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في شتائم الغوغاء!
- البابا تواضروس في حديث إلى السعوديين!
- الملائكة تهاجر من مصر في الولاية الثانية!
- كل شعوب الدنيا إلا في مصر!
- سيناويات طلسمية؛ ومع ذلك فشعبُنا جيشُنا!
- لماذا يكره الإعلاميون المصريون الإعلاميين المصريين؟
- السيسي سيحكم لمئة عام قادمة!
- تبرئة إبليس بشهادة الجماهير!
- كلنا في الانتخابات أصفار!
- أنا والخليج .. الحبُ المُحرَّم!
- حكايتي مع إيران!
- البحث عن مصر!
- رؤية جديدة لأزمة الخليج.. ماذا نفعل مع قطر؟
- وداعًا مونتبلّو!
- إنهم يدافعون عن عُش الدبابير!
- إنهم يغتصبون الينايريين!
- أدعو لترك الفلسطينيين وليس للتخلي عنهم!
- إسماعيل هنيّة من جديد!
- الإمارات وشفيق .. محاولة لفهم ما حدث!
- هذا إعلان حرب قطري ضد الإمارات!


المزيد.....




- “بدون تشويش أو انقطاع” تردد قنوات الاطفال الجديدة 2024 القمر ...
- ناشطة إيرانية تدعو النساء إلى استخدام -سلاح الإنستغرام-
- شوفوا الفيديو على قناتنا وقولولنا رأيكم/ن
- دراسة تكتشف سببا غير متوقع وراء الرغبة الشديدة في تناول السك ...
- تجدد حملة القمع ضد النساء في إيران من قبل شرطة الأخلاق بسبب ...
- سوريا.. انتهاكات وقتل جماعي في مراكز احتجاز
- جانيت.. طفلة سودانية رضيعة تعرضت للاغتصاب والقتل في مصر
- بعد وفاة امرأة بالسرطان.. شاهد مفاجأة صادمة لعائلتها عند الق ...
- دخل شهري.. رابط التسجيل في دعم الريف للنساء 1446 والشروط الم ...
- “احصلي على 15 ألف دينار”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الما ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - محمد عبد المجيد - عيد الأم، ست الحبايب .. ألا تخجلون؟