أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - مهند طلال الاخرس - لماذا نحب الجزائر أكثر؟!















المزيد.....

لماذا نحب الجزائر أكثر؟!


مهند طلال الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 5815 - 2018 / 3 / 14 - 12:05
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


يعود قِدم التلاحم الفلسطيني الجزائري الى قدم نشوء الكون وإبتداءه، حيث ورد في النصوص والمرويات ان امازيغ هو شقيق كنعان وان كلاهما سكنا فلسطين، وما لبث امازيغ ان استأذن شقيقه كنعان للسعي في اركان المعمورة إنفاذا للوعد الرباني بإعمار الكون والبحث عن حظه ورزقه فيها، فكان ان ارتحل الى شمال افريقيا وسكن فيها وعمّرها بالانسان والبنيان وأعقب ذريته وانشأ حضارته حيث الجزائر وشقيقاتها من بلاد المغرب.

واستمر هذا التلاحم بين اخوة الدم رغم البعد، وعاد وتجدد عبر السنين واحداثها ونائباتها، وتعود اقدم طرق التواصل بين الجزائر وفلسطين كما اسلفنا الى الامازيغ والكنعانيين ابتداء والى اشتراكهما في نفس البحر واتصال موانئهما عبر مختلف العصور، واستمرت هذه العلاقة وتجددت عبر خضوع كل منها لنفس الاحتلال والاطماع والنفوذ وجهة السيطرة ابتداءً من الرومان واليونان والعهود الدينية والرسالات السماوية وصولا الى العهود الاسلامية المختلفة؛ حيث شكلت القدس مهوى الافئدة ومحط القلوب والسكينة المرتجاة، حيث كان من عادة الحجاج المغاربة ان يذهبوا الى بيت المقدس لتقديس حجتهم بعد انتهائهم من اداء مناسك الحج او العمرة في الديار الحجازية حيث تقع مكة والمدينة، ثم ما يلبثوا ان يستقروا ويسكنوا فيها لروحانيتها وقدسيتها وجماليتها التي تأسر القلوب.

واستمرت هذا العلاقة وهذا التلاحم وتعاظم عبر العصور حتى بلغ اوجه في عصر الحروب الصليبية حيث اصبح حائط البراق ملك للجزائر؛ وهذا ما أعلنته وزارة الإعلام الفلسطينية في وثيقة رسمية:" حيث ورد أن حائط البراق الذي يعرف ب حائط المبكى ملك إسلامي للجزائر، إذ يعود لعائلة العلاّمة الجزائري الشيخ "سيدي بومدين شعيب الغوث" - رحمه الله - وجزء لا يتجزّأ من المسجد الأقصى ولا علاقة له باليهود فضلا عن الصهاينة· وهذا بدوره ينفي الارتباط التاريخي لليهود بالأرض·
وقال الباحث المختصّ في التاريخ الفلسطيني الدكتور عمر القادري من رام اللّه، إن حائط البراق وقف إسلامي قدّمه صلاح الدين الأيوبي للمغاربة الذين قادهم سيدي بومدين الغوث في جيش للمشاركة في معركة حطّين، وأضاف القادري أن سيدي بومدين شارك القائد صلاح الدين في تنظيف المسجد الأقصى.

كما كشف المتحدّث أن عصبة الأمم أكّدت في 30 جوان من سنة 1930 أن حائط البراق ملك إسلامي أوقفه صلاح الدين على سيدي بومدين شعيب الغوث، وبعدها أصدرت العدالة البريطانية قرارا مطابقا لقرار عصبة الأمم، كما أن أرشيف أوقاف القدس لايزال يحفظ فرمان أو قرار صلاح الدين الأيوبي بشأن وقف حائط البراق وهو مسجّل بتاريخ 1193م·

من جهته، قال السيّد كمال بوشامة وزير الشباب وسفير الجزائر بدمشق سابقا وصاحب كتاب جزائريو بلاد الشام، إن الوثائق والوقائع والدلائل تثبت أن حائط البراق والجهة الغربية من الأقصى الشريف هي وقف جزائري·

وخلال منتصف القرن التاسع عشر جاء إلى فلسطين آلاف المهاجرين المسلمين من ثلاث مناطق ريفية في الدولة العثمانية: الجزائر، القوقاز، والبلقان. على الرغم من أن دوافع الهجرة كانت متشابهة في الحالات الثلاث، إذ هاجر هؤلاء نتيجة هزيمة العثمانيين أمام جيوش أوروبا، إلا أنه كانت لكل مجموعة من هؤلاء المهاجرين مميزات خاصة بهم من ناحية عددهم ومن ناحية تأثيرهم على المناطق التي سكنوا فيها.

ومن بين المجموعات المهاجرة الثلاث كانت مجموعة المهاجرين الجزائريين الأكبر عدداً، وقد سكن أفرادها في نقاط متفرقة على مساحات واسعة في محافظات سوريا: حلب وبيروت، بما يشمل كتلتين أساسيتين في منطقة الجليل الفلسطيني.

وعلى الرغم من عددهم القليل، برز الجزائريون كعامل نشط على المستوى الوطني في فترة الانتداب البريطاني، وقاموا بدورٍ فعّالٍ في ثورة 1936-1939 وخاصة في منطقة الجليل الأعلى الشرقي.

ويعتبر القائد الجزائري الفلاح موسى حج حسين الكبير من قرية تليل أحد أبرز القادة خلال فترة الانتداب البريطاني، والذي يوصف بأنه المنظم البارز للثورة في الجليل الشرقي.

في مطلع القرن العشرين تطلع الشعب العربي الفلسطيني لثورة اخوانهم في الجزائر على الاحتلال الفرنسي بكل فخر وكانت فلسطين بصفتها احد ولايات الدولة العثمانية حالها كحال شقيقتها الجزائر، موئلا وملاذا لاشقائها الجزائرين الذين توافدوا اليها هربا من بطش الاستعمار الفرنسي ومنهم الامير عبدالقادر الجزائري وعائلته ورفاقه واتباعه.

وعند إنتصار الثورة الجزائرية ودحر الاحتلال الفرنسي عن ارض الجزائر، شكلت الجزائر على الدوام رافعة ودعامة لشقيقتها الثورة الفلسطينية في كل الاوقات حتى شاعت مقولة بومدين الشهيرة:"نحن مع الثورة الفلسطينية ظالمة او مظلومة".

وما ان استقلت الجزائر في بداية الستينيات حتى هرع الفلسطينييون بحسهم الفطري وحدسهم الوطني نحو الجزائر للمشاركة في نهضة الجزائر وتعريبها وللتعّلُم من تجربتها والتعليم فيها. ففي الجزائر بعد الاستقلال بدأت عملية التعريب والتي تبوء فيها الشعب الفلسطيني صدارة المشهد، فكان ابو جهاد وام جهاد وصبري صيدم وغيرهم ممن أسهموا في عملية التعريب .

في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن العشرين كانت الجزائر تعاني من وطأة المديونية الثقيلة التي بلغت 27 مليار دولار، وكان الدائنون غلاظاً كأنهم ينتقمون من الجزائر نصيرة حركات التحرر. لذا أثقلت خدمة المديونية، أي فوائدها، على الموازنة الجزائرية. وظلت الجزائر ردحاً، تعاني من مأزقين: المديونية الثابتة التي لا تنقص، وفوائدها السنوية التي تخصم نحو ربع الدخل الوطني الإجمالي الذي يكفي بالكاد البلاد الشاسعة.

في يوم من أغسطس 1993 وقد كان المرحوم رضا مالك وزير خارجية الجزائر آنذاك وزيراً الخارجية، ينتظر في الصالة الشرفية في المطار، وصول طائرة "الختيار"؛ تلقى رضا مالك مكالمة من الرئيس المرحوم علي كافي، يبلغه فيها بتكليفه رئاسة الحكومة. يومها، رأى مالك أن التكليف جاءه بفعل الفأل الحسن لصديقه القديم الزعيم ياسر عرفات، الذي هو أيضاً صديق قديم للمرحوم المجاهد الرئيس علي كافي، منذ أن كان سفيراً للجزائر لدى لبنان، وظلت "فتح" تتلقى مساعدات مالية عربية عن طريق حسابه البنكي، بعد انطلاقة العاصفة!

كان "الختيار" يصطحب معه المرحوم فيصل الحسيني الذي جاءه يطلب مبلغاً لا يزيد عن مليون دولار تلبي شأناً من شؤون القدس. لذا جاء "أبو عمار" لكي يطلب المليون من الأشقاء الجزائريين وهو يعرف ظروفهم.

كانت المصادفة التي علمناها في حينه، وهي تنم عن عظمة الجزائر، أنهم جهزوا الشيك بعشرة أضعاف المبلغ. أما المصادفة التي علمناها بعدئذٍ، أن تكليف المرحوم رضا مالك برئاسة الحكومة، الذي وقّع شيك المساعدة، كان لمدة سنة واحدة، لكي يتفاوض مع صندوق النقد الدولي، على جدولة ديون الجزائر، بمعنى أن الرجل الذي وضع توقيعه على شيك بعشرة أضعاف المبلغ المطلوب للقدس، بينما هو مكلف بالتوصل الى حل للمحنة المالية الجزائرية، وهنا تكمن أيضاً عظمة الجزائر ومروءتها!

هذا الموقف مع الجزائر كغيره من المواقف الدائمة لها بجانب القضية الفلسطينية حدا بالختيار وهو على مائدة الغداء بالثناء على إخوته الجزائريين بلغة قرآنية. مال برأسه على رضا مالك الذي أصبح رئيساً للوزراء، وتلا عليه الآية الكريمة من سورة "الحشر": ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خَصاصَةٌ".

وعدا عن صلة القرابة تجمعنا مع الجزائر وجبهة التحرير الجزائرية رابط ثوري تأكد عبر محطات كثر ومواقف أكثر من ان تحصى. فهي من أول البلدان التي أفتتحت مكتب لحركة فتح بها، وعبر الجبهة ومكتب فتح هناك، فتحت لنا أبواب افريقيا على مصراعيها؛ بعد ان كانت مصر عبد الناصر شرعت في ذلك.

ومن الجزائر عبر سوريا وصلتنا أولى شحنات السلاح. وعندما كانت تضيق بنا السبل من كل إخواننا العرب ويكثر تدخلهم السلبي والعابث بنا ويتطاير علينا سهام غدرهم؛ كانت الجزائر ملجئنا، وعندما ضاقت بنا الارض بما رحبت ولم تتسع هذه الكرة الارضية لمجرد اجتماع لمجلسنا الوطني كانت الجزائر، وعندما أردنا منصة سياسية لنعلن الدولة الفلسطينية كانت الجزائر، وعندما أردنا منصة ادبية ذات ذائقة وطنية تنصت لمحمود درويش وتذيعه على العالم كانت الجزائر.

وعندما يشب خلاف بين الاخوة، كخلاف ابو يوسف الكايد وسعيد السبع، وتحتاج الى تدخل أخوي يحقن الدم كانت الجزائر. بينما إستمرأ الآخرون استباحة دمنا ودق الاسافين بيننا واشعال الفتن وسكب الزيت على النار.

في شمال فلسطين في الجليل وطبريا وصفد وحيفا وعكا يوجد ثلاث عشرة قرية اصولها جزائرية(الحسينينة وديشوم وماروس وعموقة وتليل وسمخ وكفر سبت وشعارة ومعذر وعولم وبير المكسور وكساير والهوشة) هذا بالاضافة الى تواجدهم في المدن والقرى الاخرى، وفي الجليل وطبريا وحيفا وعكا حيث سكنوا عادت لهم قلوبهم وعادت لنا أنفاسنا.

في عمليات الثورة وحربها الضروس مع الاحتلال كانت كل كلمات السر المشفرة عبر أجهزة اللاسلكي يتم إكتشافها، إلا أن استخدمت الثورة في عملياتها واشاراتها عبر اجهزة اللاسلكي اللغة الامازيغية حيث عجزت كل محاولات الاحتلال عن إكتشاف سر هذه اللغة أو فك شيفرتها.

وبينما في مباريات كرة القدم مع دول شقيقة واخرى صديقة تسب فلسطين وتشتم ويتم التغني باسرائيل ويمنع رفع علم فلسطين، تراهم في الجزائر يهتفون لمنتخب فلسطين ويرفعون علم فلسطين في مواجهة منتخبهم، لا بل وأكثر، إذ هددوا منتخبهم بالويل إن فاز على منتخب الفدائي.

وبعد كل هذا وأكثر، يأتيك سائل بسؤال غريب؛ لماذا كل هذا الحب للجزائر؟!
*بقلم المحامي مهند الاخرس



#مهند_طلال_الاخرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهوسة
- بغداد
- العمل الجماهيري والحفاظ على الذات
- جرح صويحب
- الكم والكيف في التنظيم الثوري
- الاخلاق في اللغة والاسلام والفلسفة والشعر
- مصر المحروسة، أم الدنيا
- الهشير
- شقائق النعمان
- ما هي الثورة؟
- أُغنية على ضفاف النهر
- الأم
- الهزيمة والنصر
- درب الآلام؛ حكاية الألفي عام
- الذاكرة الفلسطينية
- التاريخ والتراث؛ الدور الأصيل في النضال والتحرير ، -المقلوبة ...
- ناظم حكمت الإنسان والشاعر الثوري
- القدس؛ عاصمة التفاؤل والأمل
- القديسة فيرينا ابنة مصر أم الدنيا
- الكرامة


المزيد.....




- نهشا المعدن بأنيابهما الحادة.. شاهد ما فعله كلبان طاردا قطة ...
- وسط موجة مقلقة من -كسر العظام-.. بورتوريكو تعلن وباء حمى الض ...
- بعد 62 عاما.. إقلاع آخر طائرة تحمل خطابات بريد محلي بألمانيا ...
- روديغر يدافع عن اتخاذه إجراء قانونيا ضد منتقدي منشوره
- للحد من الشذوذ.. معسكر أمريكي لتنمية -الرجولة- في 3 أيام! ف ...
- قرود البابون تكشف عن بلاد -بونت- المفقودة!
- مصر.. إقامة صلاة المغرب في كنيسة بالصعيد (فيديو)
- مصادر لـRT: الحكومة الفلسطينية ستؤدي اليمين الدستورية الأحد ...
- دراسة: العالم سيخسر -ثانية كبيسة- في غضون 5 سنوات بسبب دوران ...
- صورة مذهلة للثقب الأسود في قلب مجرتنا


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - مهند طلال الاخرس - لماذا نحب الجزائر أكثر؟!