أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - فلاح علوان - العمل الهش في العراق















المزيد.....

العمل الهش في العراق


فلاح علوان

الحوار المتمدن-العدد: 5807 - 2018 / 3 / 6 - 22:45
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


مقدمة
تفرض ظاهرة العمل الهش نفسها على الاقتصاد السياسي وعلى الاقتصاد الاكاديمي بصورة ملحة يوما بعد يوم، بعد ان فرضت نفسها في الواقع الحياتي والاقتصادي، واصبحت جزءا اساسيا يفوق في حجمه واتساعه، احيانا كثيرة العمل المنظم.
يسعى الاقتصاديون اليوم الى ايجاد تعاريف محددة للعمل الهش، ثم دراسة اساليب تنظيمه أو قنونته، اي تناول العمل الهش والعاملين في نطاقه ومعيشتهم كظاهرة اقتصادية قائمة وليس كحدث ثانوي او طارئ. وبالرغم من ان تعبير "الهش" قابل للنقاش ولا يرتقي الى سعة مفهوم عام، فاننا سنستخدمه بالمعنى المرن مع شروحات او استدراكات.
وحيث ان أشكال العمل في العديد من القطاعات اليوم في الاقتصاد المعاصرمتأرجحة متغيرة متقلبة، لا شكل محدد لها، فان الصعوبات في فهم العمل الهش تفرض الامعان في الوصف ووضع التحديدات. ومما يضيف صعوبات الى الموضوع هو التداخل بين مصطلحات العمل غير المنظم، والعمل غير النظامي، والاقتصاد غير المنظم، والقطاع غير النظامي.. وهكذا.
لا نسعى هنا الى تحديد مفاهيم صارمة وقياسية للظاهرة المعنية، قدر ما سيكون المحور الاساس في تناول الموضوع، هو الجذر الاجتماعي، والتأثير الاجتماعي والاقتصادي للظاهرة، واثرها على التنظيم العمالي، وارتباطها بحركة رأس المال العالمي. وهناك مجموعة تعاريف يمكن الاعتماد عليها في وضع اطار مفاهيمي في البحث.
وتزداد الصعوبة مع نقص البيانات التي تكشف اعداد او اوضاع العاملين في الاقتصاد غير النظامي، واحيانا انعدام مثل هذه البيانات وحتى الكتابات الصحفية او المقالات، مع بعض الاستثناءات هنا وهناك. الا ان ابحاثا عالمية عدة قد تناولت الموضوع من اكثر من زاوية. ويبدو الامر اكثرقتامة في المجتمع الريفي، وخاصة عندما يتداخل عمل المرأة المنزلي مع العمل الذي يدخل الى السوق ويجري تبادله، او مع عمل الاولاد غير مدفوع الاجر في رعي المواشي او في الحقول، والذي يجد طريقه الى السوق، ويدخل في دورة الانتاج والتبادل.
وهنا سنلجأ الى استخدام معطيات ومؤشرات الاقتصاد الكلي وحجم الدخل والناتج الاجمالي وحجم التشغيل ومساهمة المنشآت في القطاع الرسمي في الانتاج، لدعم معلوماتنا ومعارفنا بشأن الموضوع. وحتى مع توافر هذه المعطيات، والمشاهدات اليومية واللقاءات وتجمعات العمال واحتجاجاتهم، فان دراسة روتينية لن تكون في المتناول، ليس لمجرد نقص المعطيات بل لخصوصية الظاهرة نفسها، وبسبب الهدف المقصود من وراء البحث، وهو دراسة الظاهرة في حركتها ومصائرها ومآلها.
ان التوجه الاقتصادي العالمي للرأسمالية، فرض انماطا جديدة من الاعمال والانشطة الاقتصادية، برزت بصورة جلية خلال العقود الاخيرة. وتتسم على الاجمال بكونها تختلف في طريقة ادائها عن الاشكال المعروفة في الانتاج والتداول، أي انها خارج معايير الاقتصاد الرسمي، وتكاد تطبع اقتصادات الدول التابعة بصورة متسارعة وواسعة بطابعها، ويمتد اثرها بصورة واسعة الى الاقتصاديات المتقدمة.
وعلى الرغم من ان موضوع العمل الهش، هو موضوع عالمي، وان بواكير تشخيصه قد جرت في افريقيا في السبعينيات، الا انني ساركز على العراق، مع الاشارة الى الظاهرة في العديد من الاقطار سواء في افريقيا او اسيا او امريكا اللاتينية اي ما صار يعرف بالجنوب، وكذلك في الاقطار الرأسمالية المتقدمة في امريكا الشمالية واوربا، او ما يصطلح عليه بالشمال.
ان الغرض الاساس من سلسلة المقالات هذه هو تناول موضوع العمل في القطاع غير النظامي، لا باعتباره عرضا ونتاجا لازمة عابرة، او انه قصور في التنظيم يمكن تلافيه بحزمة اجراءات ادارية واقتصادية، بل للبرهنة على ان اتساع العمل في القطاع غير النظامي هو من متطلبات الرأسمالية والنمو الرأسمالي وتأمين قوة العمل الرخيصة غير المضمونة.
فاذا كانت الفاشية قد اختزلت الحياة السياسية الى فرد اعزل من اي تنظيم او نقابة او جمعية مقابل جهاز دولة هائل، اي اعزل مقابل ترسانة، فان النيوليبرالية تسعى لوضع العامل اعزلا امام جبروت رأس المال، مقابل المال البارد من كل شعور واحساس الا شهوة الربح المستعرة.
اي بكلمة وضع العامل المستلب في مقابل الرأسمالي ومقابل جدران المصرف الصماء الثقيلة؛ الرأسمالي الصناعي الذي لا يرى في العامل سوى مصدر ربح يجب ان لا ينضب ولا ينخفض، والتاجر الذي لا يرى فيه الا جيبه، الذي يجب ان يستنزفه.
يتخذ الامر في العراق شكلا اشد مأساوية، جهاز دولة موزع بين الحكومة واجهزتها العسكرية، والاحزاب المسلحة والمليشيات ورجال الدين والشيوخ والمافيات والعصابات. مقابل عامل منزوع السلاح حتى من النقابات الصفراء، ومكاتب احزاب تتحدث عن الحياة السياسية دون ان تنخرط فيها فعلا.
وبحسب احصاءات الحكومة فان أعداد العاملين في القطاع غير النظامي، تفوق كثيرا أعدادهم في القطاع النظامي، سواء القطاع العام ام الخاص. اذ تتحدث وزارة العمل عن اكثر من 7 ملايين عامل في الاقتصاد غير النظامي، عدا عن العمالة الاسيوية الوافدة، والتي تتدفق الى العراق تحت ستار السياحة وليس للاقامة والعمل، وبالتالي فان وضعهم غير قانوني اصلا.
ويجمع العمل الهش اشكالا متعددة من وجود شغيلة بين عمال مياومين وقتيين وفقراء كادحين وعمال خارج اطار اي تغطية قانونية.
واذا كانت سنوات ما بعد الاحتلال قد ابرزت هذه الظاهرة الى الواجهة بصورة سافرة، فانها لم تنبثق مباشرة كاملة وتامة التشكل، ان جذورا تاريخية سابقة قد لعبت دورا اساسيا في رسم ملامح هذه الظاهرة وبلورتها.
اربعة عوامل رئيسية تحدد العمل الهش في العراق من حيث حجمه، ظروفه، تاريخه، تأثيره الاقتصادي والسياسي.
اولا: الجذور التاريخية للاعمال التي استمرت الى اليوم ضمن اطار تنظيم شبه حرفي، وليس صناعي.
ثانيا: الحصار الاقتصادي.
ثالثا: مرحلة الاحتلال وما بعدها. وما عرف بالفوضى الخلاقة.
رابعا: الاعمال والصناعات التي يصعب تقنينها ووضعها في اطار اقتصاد رسمي مسجل، اما كونها من مستحدثات الاوضاع الانتقالية، اوبحكم طبيعتها التاريخية وتوارث تقاليدها.
جذور العمل غير النظامي في العراق تمتد الى صناعات واعمال احتفظت بالطابع الحرفي التقليدي القديم حتى في المدن ، مثل البناء، والصناعات التقليدية شبه الحرفية.وكذلك القطاع الزراعي والصيد، تربية المواشي، الزراعة الريفية شبه العائلية، عدا مزارع الحكومة والمزارع النظامية، الصناعات الصوفية التقليدية، صناعة الالبان المحلية، انتاج الخضروات، وتجارة بيع المفرق وملحقاتها.
لم تشكل هذه الفروع، بقايا لمرحلة ما قبل التصنيع، ولم تكن في تكن تمر في طور الانحلال، انها لا تلعب ادوارا رئيسية في اقتصاد واسع حديث، ولكنها مع انهيار الاقتصاد، وفي المراحل الانتقالية، تساهم في تفعيل وتعزيز وتقوية كل اشكال العمل غير المنظم في اطار رأسمالي واضح. اي انها تلعب دور التقليد القابل للنمو والاتساع.
لقد استجدت في مرحلة ما بعد الحصار العديد من الاعمال والمهن والتي كونت قنوات معقدة لادارة وتصريف شؤونها، واغلبها خارج الاطار الرسمي او النظامي.
وسيكون كل محور من المحاور الرئيسية المشار اليها فصلا على حدة، مع شروحات واضافات سواء في متن الفصل او منفردة. وفي الحقيقة ليس في قصدي مخطط لبحث او دراسة، قدر ما نية العمل على الخروج بنص يتضمن معلومات وتصورات وتوقعات عن ظاهرة تتسع بالايام وليس بالسنوات او العقود، وتمس حياة ملايين الناس. وعليه ستكون محاولة بحثها وتقصيها ذات فائدة بلا شك، سواء للمتخصص بدراستها كظاهرة، او لمن تمس حياته مباشرة.

بغداد
شباط - فبراير 2018



#فلاح_علوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بصدد رسالة السيد رائد فهمي الى التحالف الجديد
- السياسة الاقتصادية النيوليبرالية في العراق والموقف العمالي 3 ...
- السياسة الاقتصادية النيوليبرالية في العراق والموقف العمالي 2 ...
- السياسة الاقتصادية النيوليبرالية في العراق والموقف العمالي 1 ...
- بصدد الكادحين، الى الاخ عبد الحسين سلمان
- الى العزيز فؤاد النمري مع التحية
- في الرد على التصورات التصفوية واللاعلمية -2-
- في الرد على التيار التصفوي ثانية
- بصدد الاستفتاء، في الرد على ريبوار احمد
- ملاحظات حول - مبادئ واساليب القيادة الشيوعية- لمنصور حكمت.
- التجمع العام والنقابية في العراق
- لقد هزمنا في قطاع -الصناعة- هزيمة فعلية
- التظاهرات الحالية في العراق مقدمة لمسار سياسي جديد -4-
- حول مقالات بعض الرفاق !!
- التظاهرات الحالية في العراق مقدمة لمسار سياسي جديد -3-
- التظاهرات الحالية في العراق مقدمة لمسار سياسي اجتماعي جديد - ...
- التظاهرات الحالية في العراق مقدمة لمسار سياسي جديد
- ردا على مشروع الاصلاح الاقتصادي والخصخصة في العراق -2-
- حول مقابلة كورش مدرسي وشعار ضمان البطالة
- اين مركز الازمة في العراق؟


المزيد.....




- “الحق سجل حالا واستفيد بيها” .. تسجيل علي منحة البطالة بالجز ...
- WFTU GS Article: The role of the international trade union m ...
- The WFTU condemns the continuous Israeli aggressions on Leba ...
- اتحاد النقابات العالمي يدين الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة ...
- سجل بسرعة واستفيد .. رابط تسجيل منحة البطالة فى الجزائر 202 ...
- النسخة الألكترونية من العدد 1791 من جريدة الشعب ليوم الخميس ...
- إجازات العيد.. عدد أيام عطلة عيد الفطر 2024 للموظفين والعامل ...
- متظاهرون يغلقون مدخل وزارة التجارة وسط لندن احتجاجا على حرب ...
- “Renouvelez-le maintenant“ تجديد منحة البطالة في الجزائر 202 ...
- 100,000 دينار عراقي .. حقيقة زيادة رواتب المتقاعدين في العرا ...


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - فلاح علوان - العمل الهش في العراق