أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - الرأسمالية انهارت دون استئذان الذوات (1)















المزيد.....

الرأسمالية انهارت دون استئذان الذوات (1)


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 5804 - 2018 / 3 / 3 - 21:19
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الرأسمالية انهارت دون استئذان الذوات (1)

العام 1992 كان عاما فاصلاً فقد تم الإعلان في موسكو عن أن الثورة الاشتراكية البلشفية كانت خطأً تاريخياً تم الاستغفار عنه . غير أن وكالة المخابرات الأميركية (CIA) لم تكن على يقين تام يأن انهيار الإشتراكية السوفياتية يعني بالضرورة الموت السريري للحركة الشيوعية المنبعثة من النظرية الماركسية فكلفت عميد كلية العلوم السياسية في جامعة جونز هوبكنز (Johns Hopkins) فرانسس فوكوياما (Francis Fukuyama) واستاذه عميد كلية العلوم السياسية في جامعة هارفارد (Harvard) صمويل هنتنغتون (Samuel Huntington) وهما أعرق جامعتين في الولايات المتحدة، كلفتهما بإطلاق رصاصة الرحمة على الماركسية فكان أن أطلقا رصاصتين على قدميهما وطرحا أطروحتين تافهتين خرقاوتين إذ عزا فوكوياما التطور الإجتماعي والتسلسل التاريخي إلى رغبة الإنسان في الزعامة "ethos" بدل الصراع الطبقي، وكأن العامل الذي يذهب مأجوراً للشغل كل صباح إنما يذهب من أجل أن يغدو زعيماً وليس ليجد خبزاً ليأكل ويطعم عائلته كما رآه ماركس . أما هنتنغتون فاستبدل الصراع الطبقي وهو حجر البناء الماركسي بصراع الحضارات بحجة أن المتأسلمين يصارعون الحضارة الغربية دفاعا عن الحضارة الإسلامية ؛ وفي هذا رؤية سطحية يعف عن رؤيتها تلميذ غرّ في الثانوبة، فالدين لا يصنع حضارة، والمتأسلمون لا يصارعون الحضارة الغربية بل يصارعون الغرب الاستعماري الذي تسبب في تخلفهم بل ويحول دون تقدمهم كما يعتقدون ، ويمكن القول أنهم يصارعون كي يبنوا حضارة أشبه بالحضارة الغربية ؛ إذ عندما تولى الإخوان المسلمون السلطة في مصر لم يجدوا من يعاضدهم أكثر من الولايات المتحدة .
أن يكتب أشهر استاذين في العلوم السياسية في الولايات المتحدة في نفس الوقت حال انهيار الاتحاد السوفياتي مباشرة يطلقان رصاصة الرحمة على جسم الماركسية ليؤبدا الرأسمالية كنهاية للتاربخ وبأطروحتين تافهتين خرقاوين يأنف من طرحهما جوف المرتدين الأوروبيين ومع ذلك يحفل بهما عالم الإعلام كما لم يحفل من قبل فذلك حري بأن يثير الشبهات في أن المخابرات الأميركية (CIA) هي وراء كل ذلك المهرجان السمج .
فيما كان يكتب فوكوياما وهنتنغتون أطروحتيهما كنت أكتب بنفس الوقت كتابي "أزمة الإشتراكية وانهيار الرأسمالية" معارضا أطروحتيهما قبل نشرهما والعلم بهما مؤكدا أن التظام الرأسمالي كان قد انهار انهياراً تاماً وأن الماركسية ما زالت تتفجر حيوية وتنير ظلمات الضلالات في العالم .
لكن العالم إنبهر بأطروحتي المخابرات الأميركية، كما يشتبه بهما، التافهتين الخرقاوين وقد بات يسيء الإعتقاد أن الولايات المتحدة هي زعيمة العالم دون منازع ليس في الجانب المالي والإقتصادي فقط بل وفي الفكر والثقافة أيضاً خاصة وأن الموضوع يتعلق بعميدي العلوم السياسية في أعرق جامعتين في الولايات المتحدة . فمن يلتفت بالمقابل لصعلوك بلشفي مثلي طرد من جميع الوظائف العديدة التي شغلها طيلة حياته العملية القصيرة بل ومن الحزب الشيوعي أيضاً وأخذ ينادي بإحياء الميت بعد دفنه !!؟

الصعلوك البلشفي ما زال ينادي مؤكداً أن الإشتراكية البلشفية على الأبواب وهي لا تموت وما زالت حيّة في الأرض تنتظر ربيعها الإشتراكي لتنهض من جديد وتبث الحياة قوية في جسد العالم الذي ينازع الموت منذ أربعة عقود وعلى رأسه الولايات المتحدة وشريكها الجديد الصين الشيوعية .
لن تنهض الإشتراكية من تحت الأرض قبل أن يدرك العالم والشيوعيون قبل غيرهم أن النظام الرأسمالي مات واندثر في سبعينيات القرن الماضي . يستولي على كل ماركسي متعقل الإستهجان والغضب عندما يرى الشيوعيين من أيتام خروشتشوف يرفضون رفضاً قاطعاُ انهيار النظام الرأسمالي دون أن يمتلكوا أدنى حجة لذلك . حجتهم عندما يفلسون هي أن أميركا تشن الحروب بلا سبب وتؤيد اسرائيل العدوانية بغير حساب، والحجتان باطلتان فحروب أميركا في العراق وفي أفغانستان كانت حروبا شرعية أيدتها شعوب ودول عديدة وأما حربها في صربيا فقد تمت مشاركتها بسلاح الجو فقط بعد ضغط متواصل من كافة دول أوروبا الغربية شركائها في حلف شمال الأطلسي ؛ أما علاقتها بإسرائيل فالعلاقة لم تكن إيجابية منذ عهد بوش الأب الذي ساق إسرائيل إلى مؤتمر مدريد رغماً عنها وإعلان بوش الإبن عن دولتين مستقلتين قابلتين للحياة في فلسطين، وكان ذلك أول رئيس أمريكي يعترف بحق الفلسطينيين بإقامة دولة مستقلة في فلسطين .
وبافتراض صحة هاتين الحجتين فذلك لا يعني بأي حال أن أميركا ما زالت دولة رأسمالية فالدولة الرأسمالية لا تشن الحروب إلا لأجل اكتساب أسواق جديدة وأميركا اليوم سوق مفتوحة لكل صناعات العالم ؛ والقول بأن أميركا تميل إلى شن الحروب دعماً لقيمة الدولار، وهذا أقرب للحقيقة، فذلك دلالة قاطعة على أن أميركا لم تعد رأسمالية حيث الإنتاج الرأسمالي هو وحده من يخلق القيمة في النقد . أما تأييدها لإسرائيل فقد كان وجود اسرائيل الشرعي في فلسطين بفضل دولتين اشتراكيتين هما يوغوسلافيا والاتحاد السوفياتي ومساندتهما لقرار التقسيم 47 .

قبل العام 1970 وهو العام الأخير من عمر النظام الرأسمالي كانت الصناعات الرأسمالية تشكل أكثر من نصف مجمل الإنتاج القومي للولايات المتحدة، فيما قبل التسعينيات كان حوالي 70% من تلك الصناعات الرأسمالية قد زال واختفى ولم يبق منها سوى 17.5% وتحول 82.5% منها إلى إنتاج الخدمات غير الرأسمالي – إنتاج الخدمات إنتاج فردي يقيم الحقوق الفردية ولذلك تنتفي عنه صفة الرأسمالي، حيث يمتنع تغريب المنتوج وهو الخدمة بذاتها عن العامل منتجها والتغريب شرط أساسي من شروط النظام الرأسمالي تبعاً لماركس .
الرفيق ستالين وقد برهن على أنه الوريث الشرعي الوحيد للماركسية اللينينية كان قد أكد في المؤتمر العام التاسع عشر للحزب الشيوعي في أكتوبر 1952 أن النظام الإمبريالي سينهار في وقت قريب . تأخر الإنهيار حلى العام 1972 بسبب إنقلاب خروشتشوف والعسكر على الثورة الاشتراكية، وأعلنت الأمم المتحدة نهاية عصر الاستعمار في العالم وحلت اللجتة التابعة لها المكلفة بتصفية الإستعمار التي كان الإتحاد السوفياتي قد طلب تشكيلها في العام 1960 . يكابر شيوعيو البورجوازية الوضيعة الذوات فيدعون أن نهاية الإمبريالية لا تعني نهاية النظام الرأسمالي إذ تحول النظام الرأسمالي الكلاسيكي إلى الرأسمالية المالية – نعم هذا صحيح وهو ما قرره الخمسة الأغنى (G 5) في اجتماعهم التأسيسي في رامبوييه 1975 حيث قرروا أن قيمة النقود هي في ذاتها وليس بإنتاج البضاعة ؛ غير أن النقود لا تنتج فائض القيمة الذي هو روح النظام الرأسمالي وعليه فإن تحول الرأسمالية الكلاسيكية إلى رأسمالية مالية إنما هو برهان قاطع على موت النظام الرأسمالي واندثاره في سبعينيات القرن الماضي .
خطاب خروشتشوف السري في العام 56 كان خطاب العسكر وليس خطاب الحزب ولم يكن من أعمال المؤتمر العشرين كما يسيء العامة الإعتقاد، ولم يدن ستالين فقط حيث أنه أستنكر كل بناء الدولة السوفياتية من جميع الوجوه ؛ ذلك الخطاب الذي كان حقاً راية الإنقلاب على الإشتراكية قد اعتذر عنه خروشتشوف نفسه في خطابة يفتتح المؤتمر الاستثنائي للحزب في العام 1959 حيث أكد افتخاره بإنجازات الحزب بقيادة ستالين وقد تمكن من الانتصار على سائر أعداء الاشتراكية وبنى دولة اشتراكية يفاخر بها السوفياتيون . خروشتشوف أنكر خطابه السري إلا أن أيتامه ما زالوا متمسكين بكل حرف فيه حيث أن إنكاره من شأنه أن يفضح تاريخهم غير المشرف . يصل الأمر بأيتام خروشتشوف إلى إنكار ثورة أكتوير الإشتراكية واعتبارها خطأ تاريخيا ارتكبه لينين يتوجب الاستغفار عنه كما كان قد طالب زعمار الأممية الثانية كاوتسكي وبليخانوف . إعتراف هؤلاء الذوات ذوي التاريخ الشائن بانهيار الرأسمالية في السبعينيات من شأنه أن يرغمهم على الإعنراف بثورة أكتوبر الإشتراكية وأثرها الحاسم في تحديد مجرى التاريخ . إنتفاضة أكتوبر 1917 سرعان ما تطورت لتغدو ثورة اشتراكية عالمية أعلنها لبنين في 6 مارس آذار 1919 مفتتحاً الإجتماع التأسيسي للأممية الشيوعية ومؤكدا ضمان نجاح الثورة في العالم . انهيار النظام الرأسمالي في السبعينيات كان دلالة قاطعة على نجاح الثورة الإشتراكية البلشفية حتى رغم انقلاب البورجوازية الوضيعة السوفياتية عليها في العام 1953 . كانت ألمانيا النازية قد فككت في الحرب أكبر إمبراطوريتين استعماريتين، بريطانيا وفرنسا، وتلا ذلك قيام الإتحاد لسوفياتي بسحق ألمانيا النازية حتى العظم ثم انثناؤه في الحال إلى الشرق لسحق اليابان الإمبريالية وخروجه من الحرب القوة الجبارة الوحيدة في العالم وهو ما هيأ المناخ لانطلاق ثورة التحرر الوطني وفك روابط الدول المحيطية بمراكز الرأسمالية التي لم تعد قادرة على التخلص من فائض الإنتاج فانهار النظام الرأسمالي في مراكزه .
بقي هناك مركز واحد وحيد للنظام الرأسمالي لم تمسه الحرب بسوء لا بل أمدته بدماء جديدة وهو الولايات المتحدة . لكن سوء حظ هذه البلاد الثرية هو بعد أن كان التاريخ قد حباها برئيس لا مثيل له في تاريخ الولايات المتحدة هو فرانكلين روزفلت فقد بلاها بالمقابل بإدارات جهولة حمقاء جاءت بعده وقد عماها الحقد على التحرر والإشتراكية خصوصاً وقد تحققت من جبروت الإتحاد السوفياتي حيث أرغم اليابان على الإستسلام بعد أن حطم جيوشها البرية في منشوريا خلال اسبوعين فقط وهو ما لم تحققه أمريكا بالحرب لثلاث سنوات بالرغم من استخدامها القنابل الذرية في هيروشيما وناغازاكي . حقدها الأحمق الأعمى على الشيوعية دفع بها إلى أن تستنفذ كل مقدراتها في مقاومة الشيوعية فأتفقت 12.5 مليار دولار في أوروبا الغربية في نهاية الأربعينيات لمقاومة الشيوعية وهو ما يعادل اليوم 500 مليار، ولم تجد حلا في كوريدورات الثورة الشيوعية في شرق وجنوب شرق آسيا سوى استزراع النظام الرأسمالي هناك وباتت هي نفسها سوقاً مفتوحة للصناعات الشرق أسيوية . ولعل الشيوعية بفعل حماقة الإدارات الأميركية المتعاقبة تبيض في الولايات المتحدة نفسها قبل أن تبيض في شرق آسيا . وهكذا انتهت الرأسمالية في العالم حيث الرأسمالية في الصين وشرق آسيا زائفة ستنهار لحظة انهيار السوق الأميركية التي تعمل بالدولار الزائف .



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - تأهيل - الخطاب التحريفي
- لماذا لا يعترفون بانهيار الرأسمالية !؟
- من يدوس على تاريخه !؟
- شيوعيون لم يعودوا شيوعيين
- من هم البلاشفة الجدد !؟
- الشيوعية المبكرة
- حول خطاب الأمين العام للحزب الشيوعي السوفياتي
- الماركسية هي علم العلوم
- تفكيك الستالينية (Destalinization)
- الشيوعية في الأفق القريب
- أهم قضية شيوعية !!
- الشيوعيّة قَدَر البشرية
- من يتذكر ثورة اكتوبر البلشفية
- حرب -الشيوعيين- على الشيوعية (2)
- حرب -الشيوعيين- على الشيوعية
- الليبرالية الجديدة (Neoliberalism)
- النقد المشبوه للإشتراكية السوفياتية
- لغز الصراع الطبقي (The Riddle of Class Struggle)
- الأحزاب الشيوعية هل كانت حقاً شيوعية ؟
- الديموقراطية البورجوازية لم تكن يوماً أفقاً للثورة الإشتراكي ...


المزيد.....




- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - الرأسمالية انهارت دون استئذان الذوات (1)