أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - الصين.. من «الثورة الثقافية» إلى «الثقة الثقافية»














المزيد.....

الصين.. من «الثورة الثقافية» إلى «الثقة الثقافية»


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5794 - 2018 / 2 / 21 - 21:55
المحور: الادب والفن
    


الصين.. من «الثورة الثقافية» إلى «الثقة الثقافية»

عبد الحسين شعبان
بعد أن دمّرت «الثورة الثقافية» (1965-1976) التي أطلقها زعيم الثورة الصينية (1949) ماو تسي تونغ، «الركائز الأربع» القديمة التي تمثل ماضي الصين، عادت السياسة الصينية الجديدة، وخصوصاً في عهد الزعيم زي جين بينغ، لبذل جهود كبيرة واستثنائية على النقيض من توجهات مرحلة الاندفاعات «الثورية»، وذلك في إطار محاولة مدّ الجسور مع الماضي، فقد أخذ العهد الجديد يقدّم نفسه باعتباره «الوريث الشرعي» للثقافة الصينية التقليدية، وذلك حسب تعبير بينغ «إن حضارتنا تطوّرت بشكل مستمر من العصور القديمة إلى المعاصرة»، بل إن الأطفال أخذوا يبدؤون مهرجاناتهم بأغنية وطنية تمجّد «الولاء للوطن» ويصطفون لينحنوا أمام صورة كونفوشيوس، وكأنهم يمارسون صلاتهم في طقس أقرب إلى العبادة والخشوع.
إن محاولة الصين استعادة «توازنها»، تتّجه عكسياً، فمن تدمير المعابد والقصور والتحف الأثرية وملاحقة الأشخاص الذين يمثّلون طريقة العيش والتفكير «البرجوازية»، وتلك تهمة خطرة، إلى الحفاظ على كل ذلك من خلال سياسات وبرامج ترعى التقاليد الثقافية المتوارثة، تلك التي كانت تمثّل الماضي، ونعني بها: «العادات القديمة» و«الثقافة القديمة» و«التقاليد القديمة» و«الأفكار القديمة»، والأمر لا يخلو من رغبة حزبية قديمة - جديدة للحفاظ على الهيمنة الدائمة على الدولة والمجتمع، وإنْ كانت على نحو مختلف عن الماضي.
وغدت الاحتفالات بالأعياد المحلية والوطنية ظاهرة حيوية جديدة، حتى أن «عيد الحب»، وهو بديل عن عيد الأم الذي تعتمده الولايات المتحدة، أصبح عيداً شعبياً، كما أن استخدامات الطب الصيني الذي يقوم على الأعشاب والإبر الصينية أو ما يسمى «بالطب البديل» أصبحت شائعة ليس في الصين وحدها، بل إنها مصدر من مصادر نشر الثقافة الصينية على المستوى العالمي، ويندرج في ذلك برامج ثقافية لاستخدام الشعر الكلاسيكي الصيني في مسابقة يقوم بها الأطفال، إضافة إلى مسابقات بالخط الصيني والحروف الصينية.
ويتوجّه الحزب الشيوعي الصيني، ولاسيّما بعد مؤتمره التاسع المنعقد في 18 تشرين الأول / أكتوبر 2017 للشباب في إطار «مشروع سكب الروح» عبر الكتب المدرسية والبرامج ذات الصلة بالثقافة القديمة، وكذلك القيام برحلات دراسية وتوفير دروس عن الثقافة، إضافة إلى الاهتمام بالفن وإعطائه مسحة صينية، وخير دليل على ذلك موسيقى الجاز الصيني التي عُرضت خلال احتفالات كبيرة في أوبرا بكين الشهيرة.
وتستثمر الاقتصادات الصينية في الثقافة، وهذه الأخيرة في عملية التنمية لحماية الشركات الصينية ولدعمها في مواجهة المنافسة الأجنبية، وكذلك في حق الكتّاب والفنانين على «اكتساب الطاقة من كنوز الثقافة الصينية»، بما يعزّز قيم الصين وثقافتها التاريخية. ويتم توظيف كل ذلك لمنع حصول فراغ روحي، وذلك من خلال تعزيز التراث باعتباره ركيزة للهوّية الوطنية، وخصوصاً باختيار ما هو مناسب وصحيح منه، بما فيه طاعة النظام، وهكذا تتصدّر عبارة كونفوشيوس «استمع إلى والديك في المنزل وإلى معلمك في المدرسة وإلى رئيسك في العمل وإلى الدولة في الشارع، وذلك لكي تكون سعيداً»، ولعلّ تلك المقولة تمثّل رؤية الحزب ومؤتمره الأخير.
ولا يشمل تعزيز القيم القديمة «التسامح مع الدعوات الدينية»، بل إن الحكومة اتخذت إجراءات قاسية ضد البوذيين والمسلمين، ولاسيّما في التيبت، لأن الحزب لا يقبل أي منافسة لأتباع الأديان ولرجال الدين على قيادته للمجتمع وبعثه «روح الأمة»، حتى إن العبادات في المعابد والأديرة أصبحت شحيحة بفرض رسوم على دخولها باعتبارها مرافق سياحية، وقليل منها تقام فيها الطقوس والشعائر الدينية للعبادة. وحسب مجلة «الإيكونوميست»، فقد صدر مرسوم حكومي «الكتاب الأبيض» يقضي بحظر القيام بأنشطة دينية على المسؤولين المتقاعدين.
وإلى جانب تعزيز جسور الثقة الثقافية، داخلياً، فإن الصين في إطار برامج طويلة الأمد، تسعى لتعزيز الثقة دولياً من خلال عدد من الرسائل:
أولها- الثقة في الاختيار والطريق والتجربة الذاتية بخصائصها الوطنية، وذلك بتأكيد أنّ لكل بلد طريقه الخاص للتنمية الذي يتناسب مع واقعه.
ثانيها- الثقة بالاشتراكية ذات الخصائص الصينية والقدرة على التحديث والتنوّع، لتأسيس حضارة جديدة على أساس هذه الثقة.
ثالثها- الثقة بوجود وجه آخر للعولمة، أي مبادئ جديدة أكثر إنصافاً وعدلاً وانفتاحاً.
رابعها- الثقة بالتطور الدولي وبناء نظام جديد للعلاقات الدولية، يقوم على الاحترام المتبادل والعدالة والإنصاف والتعاون والنجاح المشترك، وذلك بالتخلّي عن مفهوم «القوي» و«الضعيف»، وخلق علاقات متوازنة وندّية بين الدول الكبرى والدول الصغرى، لأن مصير العالم مرهون بيد شعوب جميع دول العالم. ويذهب الصينيون للترويج لفكرة مضمونها أن الثقة حين تتحوّل إلى عمل، فإن دافعاً قوياً سيتولّد لبناء مجتمع المصير البشري المشترك لعالم أجمل.
[email protected]


نشرت في صحيفة الخليج الإماراتية ، الاربعاء، 21/2/2018



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في مئويته الثانية : ماركس المفترى عليه
- إعادة إعمار العراق :دبلوماسية ما بعد داعش
- «الإسلامفوبيا» و«الويستفوبيا»
- حوار الثقافات وأسئلة الهوية
- إشكالية المشترك الإنساني - الهويّة، الثقافة، الذّاكرة
- الهوّيات والدرس الهندي
- أمريكا «العظيمة»
- النجف في وجهها الآخر!
- ثقافة التنمية وتنمية الثقافة
- وعد بلفور في مئويته : وقفة مراجعة
- الامبراطور عار
- ما بعد حل الدولتين
- العنف وفريضة اللّاعنف- شذرات من تجربة شخصية
- التنمية والبيئة العربية
- العلاقات العراقية - الأمريكية : أي تاريخ وأي مستقبل؟
- ثلاثية السياسي والحقوقي والديني
- دوافع قرار ترامب
- لن يكون للسلطة قيمة إذا لم تنحَزْ لخيار الشعب بالمقاومة
- المرأة وعملية بناء السلام
- أبو كَاطع يشرق في بغداد


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - الصين.. من «الثورة الثقافية» إلى «الثقة الثقافية»