أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فرانسوا باسيلي - التحرر من المرجعية الدينية شرط النهضة














المزيد.....

التحرر من المرجعية الدينية شرط النهضة


فرانسوا باسيلي

الحوار المتمدن-العدد: 5793 - 2018 / 2 / 20 - 09:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كثيراً ما يتوهم البعض خاصة في المجتمعات الشرقية الدينية، أن الموبقات المجتمعية مثل الفساد والرشوة والمحسوبية والكذب والنفاق وغيرها ترجع لأنحطاط الأخلاق، وبالتالي يظنون أن العلاج هو المزيد من الوعظ الديني والتبكيت الأخلاقي والترهيب الإلهي، فيزيدون من الجرعات الدينية للمجتمع، ويزداد الإقبال علي المساجد والكنائس ويزداد التشدد الديني والتمسك بالمسالك والعبادات ثم الغلو والتعصب والتطرف، ليكتشفوا في النهاية أن الفساد والكذب والنفاق وبقية الموبقات والتشوهات الانسانية الفردية والجماعية قد ازدادت بدلاً من أن تنقص، وهو ما تجده في مصر حين تقارن بين المجتمع المصري في الخمسينات والستينات حين غابت عنه الدروشة الدينية، وبينه منذ منتصف السبعينات وإلي اليوم حيث تصاعدت ثم تسيدت وسيطرت الدروشة الدينية أو الجرعة الدينية الزائدة، وربما أبسط مثال للدلالة هنا هو أن يتعاطي إنسان جرعات زائدة من دواء فبدلاً من أن يشفي نجده يصاب بتسمم أو جلطة يموت بها موتاً سريعاً أو موتاً سريرياً بطيئاً.

الإنسان علي الأرض كائن يحمل صفات فسيولوجية واحدة رغم إختلاف الثقافات والحضارات واللغات والمعتقدات، ولذلك يمكن لأي إنسان أن يعالج صحياً في مستشفي في أي بلد آخر دون حاجة الأطباء إلي تغيير أساليب علاجهم، لن الجسد واحد، وما يجعل مجتمعاً أفضل من غيره، حضارياً وسلوكياً ومادياً وروحياً، ليس سببه أن الإنسان فيه كان أرقي أخلاقياً منذ البدء، ولكن أن طرقاً وأساليب معينة تطورت وطبقت في هذا المجتمع أدت إلي مستوي أجدي وأنفع من السلوكيات الاجتماعية الحضارية.

إذا نظرت إلي تطور الحضارة الحديثة ستجد أن أساسها هو عصر النهضة وحركات التنوير في أوروبا وخاصة فرنسا وإنجلترا وإيطاليا وألمانيا، وهو العصر الذي بدأت فيه النخبة المثقفة في التحرر من السيطرة الدينية التي كانت ضد العلم والتحرر العقلي خوفاً من مناقشة ألدين نفسه، ومع تحرر العقل البشري من المرجعية الدينية التي تحرم التفكير خارج التسليم الموروث، ولجوئه إلي مرجعية إنسانية يصنعها هو بنفسه، إستطاع أن يعتمد المعرفة العلمية أساساً للبناء الإنساني والإجتماعي، دون خضوع قسري لأي موروث أخر ديني أو ثقافي، مع عدم حرمان النفس والمجتمع من الاستفادة من أي موروث يظل مفيداً، دون إضفاء أي نوع من القداسة عليه حتي لا تصبح القداسة حاجزاً مانعاً لحرية التفكري والإبداع.

بمجرد أن تحرر العقل الاوروبي من سلاسل التسلط الكهنوتي راح يجوس في أرجاء الكون الخارجي للطبيعة والداخلي للجسد والنفس البشرية، وراح يكتشف قوانين الطبيعة في الحالتين، وعليها وضع أساسيات أجدي وافضل للتصرف في جميع المجالات، من التربية والتعليم في الطفولة، إلي سلوكيات العدالة وضبط علاقتها بالحقوق والحريات، إلي المفاهيم الاقتصادية بمختلف ألوانها، إلي النظم السياسية، وأساليب الإدارة الحديثة، وبالطبع حرية الفكر والإبداع والتعبير، وفنون الإعلام والصحافة والتسويق، وغيرها المئات من مجالات الأنشطة الانسانية.

لا يعني هذا إجبار أي انسان علي التخلي عن معتقداته الدينية، ولكن كانت النقلة النوعية في منع التسلط الديني علي الحياة السياسية أو الاجتماعية أو أي حياة أخري عامة، مع ضمان حرية المعتقد أو اللامعتقد للجميع، دون إنحياز من الدولة لأي دين، أو ضد أي دين.

كان التحرر من السيطرة الدينية هو السبب الأساس في النهضة الأوروبية الحديثة، التي كانت بدورها الأساس في نهضة كل المجتعات العصرية الأخري التي اقتادت بها وتقتدي بها حتي اليوم.

بدون إستيعاب هذه الحقيقة التاريخية وتمثلها في مصر والشرق العربي بشكل هاديء علمي غير متشنج يكون الحديث عن أي تقدم هو مضيعة للوقت والجهد، وجريمة في حق الأجيال القادمة.



#فرانسوا_باسيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مئوية عبد الناصر: مصر بين التطرف والطرافة
- وَقَفْتُ أَحْرسُ السَّمَاء
- البروستانتية والثورة الدينية في الإسلام
- أي بلاد هذه؟
- قتيل في ساحة المسجد
- حوار مع رجل يحترم الإخوان
- طريق الآلام
- مصر السيسي: بذخ الرؤية ومخاطر الواقع
- حين يتحول المهجر إلى منفى.. فرانسوا باسيلي في ديوان -شمس الق ...
- لماذا ثار المصريون، ولا يثور الأمريكان
- إقرأي
- في مصر أمشي علي مهلي
- طعنة في شوارع نيو يورك
- رأيت للأرض يدا تكتب أبجدية السماء
- خبز الغريب
- هذا مخاضك يا وطن
- الأسباب الفكرية لسقوط الاخوان
- شهوة الموت
- في القاهرة
- صوت يطلبني


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فرانسوا باسيلي - التحرر من المرجعية الدينية شرط النهضة