أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مازن صلاح العجلة - غزة الآن: البؤس الاقتصادي والإفقار















المزيد.....

غزة الآن: البؤس الاقتصادي والإفقار


مازن صلاح العجلة

الحوار المتمدن-العدد: 5764 - 2018 / 1 / 21 - 01:39
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


لم تعد المصطلحات الاقتصادية قادرة على تقديم وصف دقيق لحالة التردي الاقتصادي في قطاع غزة، لذلك استخدمنا كلمة البؤس الاقتصادي فهي تجمع بين شدة الفقر والبلاء والمشقة ونفاذ القدرة على التحمل واشتداد الحاجة. ورغم أن البؤس الاقتصادي العميق قد أنهى العام 2017 بحالة شديدة من الركود الاقتصادي أودى بالقليل الذي تبقى لدى الأُسر والتجار من إمكانيات للتكيف مع التردي المتواصل للنشاط الاقتصادي، إلا أن هذا العام وُلد من رحم سابقهِ وهو يحمل تركة ثقيلة من تراكم الهموم والقهر الاقتصادي والاجتماعي كخلاصة لعقد أسود ضاعت فيه جهود التنمية السابقة فضلا عن سُبل العيش وكرامة الناس.
لقد قامت منظومتي الحصار والانقسام معاً، إضافة لثلاث اعتداءات عسكرية اسرائيلية مدمرة، بعملية منظمة ومتتالية لإفقار القطاعات الرئيسية في الاقتصاد.، وخاصة القطاع العائلي وقطاع الأعمال (القطاع الخاص)، بينما اقتصر دور القطاع الخارجي على توفير واردات استهلاكية لم تؤدِ دورها المأمول في زيادة النمو الاقتصادي في ظل غياب شبه كامل للصادرات. أما القطاع الحكومي والمتمثل بالسلطة الوطنية الفلسطينية فقد اقتصر دوره على تمويل الإنفاق العام دون امتلاك القدرة على وضع السياسات فضلا عن تنفيذها. في الوقت الذي قامت فيه سلطة الامر الواقع بحملة جباية مالية متزايدة ومستمرة حتى تاريخه، رغم أن قدرات المواطنين الذين انهكم الفقر المدقع والإهمال تتآكل جنباً الى جنب مع قطاع الأعمال الذي فقد قدرته، أيضاً، على مواصلة دوره في النشاط الاقتصادي، بل لم يستطع وقف تدهور هذا النشاط.
إفقار القطاع العائلي:
تعتبر البطالة التي توطنت في النسيج الاقتصادي والاجتماعي المدخل الرئيسي للفقر والإفقار، لم يعد سوق العمل بفعل التشوهات الهيكلية قادراً على توليد حتى الحد الادنى من فرص العمل، لذلك زاد عدد المتعطلين من 85 ألف متعطل عام 2007 الاسود الى 250 ألف عاطل عام 2017، بزيادة نسبية قدرها 194%، ناهيك عن أن أكثر من نصف الفئة الأعلى انتاجية ضمن القوى العاملة (الفئة العمرية 18- 34) عاطلون عن العمل. غالباً ما يدخل جموع العاطلين بوابات الفقر المشرعة في غزة، لكن الحديث عن معدل الفقر العام فقط لم يعد مجدياً، فقد بات البؤس أكثر اتساعاً رأسياً وافقياً، حيث حدث حراك اجتماعي خطير داخل كل من الطبقة الوسطى والطبقة الفقيرة وبينهما. مع تراكم عملية الإفقار انتقلت الفئة الدنيا من الطبقة الوسطى (الفئة المعرضة للفقر) والمقدرة بحوالي 10% من عدد السكان تدريجياً الى الطبقة الفقيرة، بالتزامن مع استفحال الفقر بين الأسر الفقيرة نفسها لتبلغ نسبة الأسر التي تعاني من الفقر المدقع والشديد والشديد جداً حوالي 83% من الأسر الفقيرة، والأكثر خطورة ان هناك 53% منهم يعيش تحت خط الفقر المدقع وفقاً لأحوالهم السكنية والتعليمية والصحية. ومن ثم فقد انكمشت الطبقة الوسطى في القطاع الى حوالي 20% فقط من السكان.
وهناك عوامل أخرى ساهمت في عملية الافقار، مثل تراجع مستوى الأُجور النقدية والحقيقية سواء بفعل زيادة العرض من القوى العاملة أو تخفيضا للتكاليف المتزايدة بفعل الحصار وتزايد الجبايات المالية غير القانونية، أو بسبب التضخم أو نتيجة الخصم من الرواتب. والأخطر من ذلك تزايد حجم الديون الاستهلاكية التي لجأت اليها الأسر كآلية لتمويل احتياجاتها الاساسية غالباً. وتشير الاحصاءات أن حوالي 75% من الاسر في غزة تشتري ما يلزمها للمعيشة اليومية بالدين. لقد زاد حجم الدين الخاص للأسر خلال العقد السابق بنسبة 226%، وزادت نسبته الى الناتج المحلي من 16% عام 2007 الى 35% عام 2017. كل ذلك أدى الى تخفيض انفاق الاسر لسداد الديون، ومن ثم تراجع قوتها الشرائية بشكل تراكمي تمهيداً للوصول الى حافة الانفجار بعد أن فقدت القدرة على تدبير الأمور المعيشية لانعدام البدائل امامها، وهي الحالة الراهنة التي يعيشها الناس في غزة الآن.
إفقار قطاع الاعمال:
نعني بهذا التوصيف فقدان هذا القطاع لقدرته على توفير السلع والخدمات وتوفير فرص العمل وتطوير النشاط الانتاجي بالاستثمارات والابتكارات. تراجعت حصة قطاع الاعمال في الناتج المحلي من 83% الى 69% خلال نفس الأعوام المذكورة، وتراجعت قدرته على استيعاب القوى العاملة. وكذلك قدرته على الاستثمار بكل انواعه. منذ الانقسام وما تبعه من حصار وقطاع الاعمال مكبل اليدين فهناك قائمة من السلع الوسيطة والاستثمارية ممنوع من استيرادها بفعل الاحتلال، في نفس الوقت الذي مُنعت فيه الصادرات وبعد تخفيف المنع وصلت فقط الى 15% من مستواها عام 2006. أضف الى ذلك حجم الجبايات المالية الباهظة التي فرضتها حماس طوال العقد السابق في ظل سياسات متضاربة وغامضة هدفها الجباية فقط. وتزايَدَ حجم تكاليف الانتاج نتيجة تكاليف الكهرباء البديلة لمواجهة عدم توفر الكهرباء لساعات طويلة، وخلال العام 2017 ونتيجة تراكم أنواع البؤس والقهر جاء التراجع الحاد للقوة الشرائية للقطاع العائلي ليوجه الضربة القاصمة لإمكانية استمرار قطاع الاعمال في الوجود، فلم يعد هناك دورة اقتصادية تكتمل حلقاتها بين القطاعات الرئيسية. إن من أبرز مؤشرات هذا الانهيار زيادة عدد الشيكات الراجعة بعملة الشيكل بنسبة 75% عام 2017 مقارنة بعام 2016. من الأهمية بمكان الإشارة هنا الى تراجع قدرة عنصري الانتاج الرئيسيين وهما رأس المال البشري ورأس المال المادي، الأول بفعل بطالة القوى العاملة التي تطاول عهدها وزاد انتشارها ومن ثم تراجعت المهارات والقدرات، والثاني نتيجة ما لحق به من تدمير جراء الاعتداءات العسكرية الاسرائيلية الثلاث، وضعف قدرة قطاع الاعمال على زيادة الاستثمارات فضلا عن تأهيل وصيانة ما هو موجود.
ماذا أيضاً؟
تعزيزاً لحالة الإفقار، حدث تراجع خطير في حجم المساعدات الخارجية، فقد أوقف برنامج الغذاء العالمي مساعداته لآلاف الاسر من الفقراء غير اللاجئين يوم 25 ديسمبر 2017، وانتهى العام أيضاً بتراجع كبير في حجم المساعدات الموجهة للسلطة لدعم الموازنة بنسبة 26% مقارنة بالعام 2016، الذي شهد بدوره انخفاضاً حاداً فيها، ثم انتهت هذه السلسلة بحجب امريكا لمبلغ 65 مليون دولار من مساعداتها وتجميد 45 مليون دولار اضافية من المساعدات الغذائية للاونروا التي تقدم الرعاية والإغاثة للاجئين الفلسطينيين.
ماذا بعد؟ مناشدة للرئيس
لا بد من كسر هذه الدائرة الخبيثة من حلقات الإفقار في أضعف حلقاتها التي يمكن اختراقها لكي تستأنف الدورة الاقتصادية عملها، وتتمثل هذه الحلقة في زيادة القوة الشرائية، وهو حل فوري للمدى القصير جداً. هذا الأمر يحتاج لإطار سياسي وطني تفتقده غزة. وعليه، فإن وجود السلطة الوطنية الفلسطينية في سدة الحكم في غزة، من خلال وحدة وطنية نافذة، هو الشرط اللازم لهذا الحل، كما كان غيابها هو السبب في تراكم حالة البؤس والافقار. ولا يوجد لديَّ خيارات إلا مناشدة الرئيس ابو مازن الذي هو الملاذ الوحيد والشرعي، للتدخل العاجل لانقاد مواطنيه في القطاع، وعدم تركهم ضحايا لأجندات غير وطنية وتفتقر للنزعة الانسانية.
* جميع الاحصاءات الواردة في المقال من الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وسلطة النقد الفلسطينية
* باحث ومحاضر في الاقتصاد [email protected]



#مازن_صلاح_العجلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إعادة اعمار غزة .... الى أين؟
- التمرد الاقتصادي على إسرائيل
- مؤتمر القاهرة وحكاية النُص
- خطة كيري ومبادرة بلير والتنمية المفقودة (2-2)
- خطة كيري ومبادرة بلير والتنمية المفقودة (1-2)
- إغلاق الأنفاق: خطوة في المسار الصحيح
- الاقتصاد الفلسطيني بعد عشرين عاما من اتفاق أوسلو


المزيد.....




- سيلوانوف: فكرة مصادرة الأصول الروسية تقوض النظام النقدي والم ...
- يونايتد إيرلاينز تلغي رحلات لتل أبيب حتى 2 مايو لدواع أمنية ...
- أسهم أوروبا تقلص خسائرها مع انحسار التوتر في الشرق الأوسط
- اللجنة التوجيهية لصندوق النقد تقر بخطر الصراعات على الاقتصاد ...
- الأناضول: استثمارات كبيرة بالسعودية بسبب النفط وتسهيلات الإق ...
- ارتفاع كبير في أسعار النفط والذهب عقب الهجوم على إيران
- صحيفة: إسرائيل جمعت أكثر من 3 مليارات دولار منذ بداية الحرب ...
- ماذا تتضمن المساعدات الأميركية الجديدة لإسرائيل وأوكرانيا؟
- تراجع ردّ فعل الأسواق على التوترات بين إيران وإسرائيل
- -إعمار- تعلن عن إصلاح جميع مساكنها المتضررة من الأمطار


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مازن صلاح العجلة - غزة الآن: البؤس الاقتصادي والإفقار