أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد خيري الحيدر - العراقيون وقيلولة الظهيرة














المزيد.....

العراقيون وقيلولة الظهيرة


حامد خيري الحيدر

الحوار المتمدن-العدد: 5761 - 2018 / 1 / 18 - 15:04
المحور: الادب والفن
    


خلال دراستي الجامعية في قسم الآثار/ كلية الآداب قبل سنوات طويلة مضت، وضمن مادة الانثروبولوجي (علم الانسان)، القى علينا يوماً مُدرس المادة آنذاك أستاذ الآثار القديمة الراحل الدكتور وليد محمود الجادر (شقيق الفنان الراحل خالد الجادر) محاضرة ً عنوانها (أثر البيئة والطعام على سلوك الانسان). أحتدم خلالها نقاش أكاديمي حاد في منتهى المتعة... على أثرها سرد لنا أستاذنا الراحل الذي عُرف بروحه المرحة وأحاديثه الشيقة، حادثة ً في غاية الطرافة جرت معه لدى إكماله دراسته العليا في جامعة باريس عند ستينيات القرن الماضي... حيث يقول الدكتور الجادر.....
كان له زميل دراسة من النمسا شديد الحنق كثير التهكم على العراقيين، متهماً إياهم بالكسل وقلة العمل، معللاً ذلك بأنهم شعب بليد يقضي ساعات طويلة في النوم عند فترة الظهيرة، يدّعون في التاريخ ما ليس لهم وإن كل ما يقولوه وما نسبته اليهم كتب الآثار والحضارة عن أمجاد أسلافهم السومريين والبابليين والاشوريين زوراً وبهتاناً، أذ كيف استطاعوا من تشييد تلك الحضارة (المزعومة) التي يتفاخرون بها، بينما هم يقضون نصف يومهم نياماً، لذلك فحضارة ما بين النهرين لابد أنها قد شيُدت من قبل شعب آخر عمل ليلا ً ونهاراً ليتمكن من بناء حضارة بهذه العظمة.. كان ذلك الحديث يثير سُخط وغضب الطلبة العراقيين بشكل لا يوصف، خاصة أن الزميل النمساوي لم يقتنع بكل المبررات التي قدموها له، بأن مناخ العراق الحار وطول فترة نهاره، أضافة الى طبيعة ونوعية طعامه المُميز، قد حتّمت على أهل الرافدين هذه الممارسة... لذلك قرر الدكتور وليد وبعض زملائه أثبات تلك الحقيقة لزميلهم الحانق حسب قاعدة الاقناع الآثارية (أن ترى الشيء بعينك وتلمسه بيدك).. فدعوه في احد الأيام الى تناول وجبة غداء عراقية خالصة في محل اقامة بعض الطلبة العراقيين.
بالطبع لبى زميلهم الدعوة شاكراً غير داري بـ(المكيدة) التي دُبرت له. كانت تلك الوجبة عبارة عن (مرقة بامية بلحم غنم مع الأرز، أضافة الى رقي ولبن) أعدّها أحد الزملاء المتمرسين في الطبخ.. وعند المائدة أخذ صاحبنا يتناول الطعام بشراهة غير طبيعية كحال جميع الأوربيين حين يكون الطعام مجاناً، حتى أمتلئ تماماً.. ولم ينتظر به (الغادرون) فقدموا له بعدها مباشرة ً صينية مليئة بشرائح الرقي البارد (المجرّش). وما كاد يُنهي ما تيسر له حتى باغته زميل آخر بـ(دولكة لبن أبو الثلجاية)، ليحتسي منها بعد الحاح شديد كأس وأخرى، لتظهر بعد ذلك نتائج المؤامرة بشكل سريع وفعّال، حيث أخذت جفون الزميل النمساوي بالانغلاق تدريجيا ً مثل ستارة المسرح، حتى أسدلت تماماً (حسب وصف الدكتور الجادر)، فلم يعد يشعر بشيء من ما كان يدور حوله من ضحكات وكلمات سُخرية. وبعد دقائق أستعاد الرجل شيئاً من توازنه ليقول فقط كلمتين لا غير (كم الساعة)، ثم ما لبث أن أنطرح على أريكة كانت بجانبه ليغط في نوم ٍ عميق أستمر لأكثر من ساعة، أستيقظ بعدها ليرى الزملاء يُحيطون به ضاحكين مليء أفواههم، ففهم الموضوع برمته، ليشاركهم الضحك هو الآخر معترفا ًبالحقيقة (المُرّة).
وفي اليوم التالي مباشرة ً أنقلب الزميل النمساوي مائة وثمانون درجة، حيث أخذ يقول بصوت عال وبين الجميع وأينما حّل، أن أهل العراق أعظم شعوب الدنيا، فبالرغم من ساعات نومهم الطويلة شيدوا أروع حضارة في التاريخ.
رحم الله أستاذنا الراحل الدكتور وليد محمود الجادر، فقد كان أستاذاً رائعاً وعالماً فذاً، ومُربياً فاضلاً، وموسوعةً لا تُمل للأحاديث الطريفة.



#حامد_خيري_الحيدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سأنتصر
- أنهار الخمر ...... حكاية من خيال بلاد ما بين النهرين القديمة
- جوانب من المدينة العراقية القديمة
- أغلى من الذهب ...... حكاية من خيال بلاد ما بين النهرين القدي ...
- ذكرى مأساة العراق
- بسمات عند شجرة الكستناء ...... حكاية من خيال بلاد ما بين الن ...
- بعيداً عن نينوى ...... حكاية من خيال بلاد ما بين النهرين الق ...
- نبوءة الماضي ...... حكاية من خيال بلاد ما بين النهرين القديم ...
- أمنية لعامٍ جديد
- عام سعيد غربتي
- المهن والحرف في العراق القديم
- الخمور والحانات في العراق القديم
- عند أسوار بابل ...... قصة من خيال بلاد ما بين النهرين القديم ...
- حيرة كًلكًامش
- بين المعبد والماخور ...... قصة من خيال بلاد ما بين النهرين ا ...
- المرأة في العراق القديم
- ممارسات مجرمي شباط الأسود بحق الآثاريين العراقيين
- مجاديف ضائعة ...... قصة من خيال بلاد ما بين النهرين القديمة
- متاعب مهنة
- السِوار ...... قصة من خيال بلاد ما بين النهرين القديمة


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد خيري الحيدر - العراقيون وقيلولة الظهيرة