أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - ثلاثية السياسي والحقوقي والديني














المزيد.....

ثلاثية السياسي والحقوقي والديني


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5740 - 2017 / 12 / 27 - 21:50
المحور: حقوق الانسان
    


ظلّت العلاقة بين السياسي والحقوقي والديني من أعقد القضايا الفكرية والثقافية والحقوقية في العالم العربي على الإطلاق، لأنها علاقة تحيط بجميع جوانب الحياة في توجّهات الدولة والمجتمع والفرد. ومع أن العلاقة منفصلة بحكم تنوّع حقولها، لكنها متّصلة ومتداخلة ومتفاعلة، وهي تشمل الوحدة والصراع في آن، إذْ لا يمكن فكّ الاشتباك فيما بينها، لأنها علاقة عضوية وجدلية وروحية في الآن.
والأمر ليس جديداً، لكن بعض مظاهر الاختلافات أخذت تزداد تعقيداً، بل اتخذ بعضها شكلاً تصادمياً أحياناً، سواء فيما يخص التشريعات والقوانين وخصوصاً فيما يتعلق بحقوق المرأة أو قضايا النضال المطلبي الحقوقي، ولاسيّما ما يخصّ حقوق الإنسان، وكلاهما يلامس على نحو مباشر موقع الدين في هذه المعادلة، وهو يتعلّق بالفتاوى والاجتهادات الفقهية التي تتعارض أحياناً مع السياسي والحقوقي، وقد تترك صراعات الديني معهما أو مع أحدهما تأثيرات مجتمعية انقسامية أحياناً، وخصوصاً لو أخذ بها فريق من الناس بما يتعارض مع القوانين الوضعية للدولة.
وإذا كان السياسي يهدف للوصول إلى السلطة لتطبيق برنامجه فإن الحقوقي يهدف إلى تقييد أداء السلطة السياسية بشكل خاص والسياسي بشكل عام، بإلزامهما بالمعايير والقيم الإنسانية التي تؤكد حماية الحقوق والحرّيات. وبهذا المعنى تختلف آليات السياسي عن آليات الحقوقي والديني، ومثلما تختلف الغايات فالوسائل هي الأخرى تكون مختلفة في الكثير من الأحيان.
وفي حين يحاول السياسي تمرير برنامجه من خلال سلطة الدولة، خلال وجوده في الحكم أو في معارضته حين يكون خارج الحكم، بينما يستخدم الديني، الوعظ والإرشاد والفتوى، أحياناً لفرض رأيه وتعميم وجهات نظره.
وإذا كانت آليات السياسي «آنية»، فإن آليات الحقوقي «بعدية»، أي أن حركته في الغالب هي بعد وقوع الانتهاكات، لأن آليات الوقاية أو المنع لا تزال محدودة جداً. أما آليات الديني فإنها «آخروية»، ويزداد الاحتدام حين يُراد اعتبارها دنيوية أو إقحامها بالشأن السياسي اليومي أو بالشأن الحقوقي والقانوني. وإذا ما أريد زج الدين بالسياسة أو تديين الدولة فسيدخل الدين في حقل المضاربات، خصوصاً وأن من يمارسه بشر يصدرون تعليمات على شكل أحكام أو فتاوى قد تكون صحيحة وقد تكون خاطئة، وهي آراء فقهية من صنع الإنسان وليست وحياً إلهياً، الأمر الذي سيفقد الدين جانبه الروحي.
فهل يمكن رسم «استراتيجية» تتوافق فيها السياسة مع الحقوق دون أن تتعارض مع القيم الدينية، حتى وإن اختلفت الأهداف، وبالطبع الوسائل أيضاً؟ إن مثل تلك الاستراتيجية ممكنة حين تتصالح الحقول الثلاثة مع نفسها أولاً وثانياً في إطار عقد اجتماعي يعلي من شأن الدولة، ويبقى الدين تعبيراً عن حاجة روحية تربط الإنسان بخالقه ولا ينبغي حشره في العمل السياسي اليومي أو أي عمل من شأنه أن يبعده عن وظيفته التي يفترض فيها أن تكون توحيدية وجامعة.
ومثلما تبدو هذه العلاقة متّصلة فهي منفصلة بين السياسي والحقوقي والديني، أي بين الآني والبعدي والآخروي، وهي علاقة مركّبة لا تزال تشغل الفكر السياسي في منطقتنا العربية والإسلامية ويزداد أمرها صعوبة، بل وخطراً أحياناً، حين تنتقل من التنظير إلى التنفيذ، وخصوصاً حين يتجه الدين بفعل عوامل وضغوط مختلفة إلى التعصّب والتطرّف والعنف والإرهاب، ويتخذ منحىً طائفياً سياسياً.
وما الفتنة الطائفية في مجتمعاتنا إلّا انعكاس لمثل هذه الاستقطابات والتخندقات بين الديني والسياسي، وبين الديني والحقوقي، وبعضها يذهب بعيداً ليقول بين «المقدس والمدنّس» وبين «الإيمان والكفر»، فينهي النقاش والجدال بوضع حدّ له، خصوصاً وأن الدين عقيدة، في حين أن كل ما يتعلق بالحقوق له علاقة بالعقل والتطور والتقدم في حاجات الإنسانية الروحية والمادية، مثلما هو انعكاس للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
وكثيراً ما جرت محاولة لتدوير نصوص دينية لكي تصبُّ لصالح حاكم أو سياسي أو بالعكس من ذلك، والمسألة ليست قديمة فحسب، بل هي جديدة أيضاً، ولا تتعلّق أحياناً بالعالم الثالث، بل إن بعضها بالعالم المتقدّم، فالحرب على العراق، حسب رؤية جورج دبليو بوش، هي بمثابة و«حي الهي» أو «وعد ربّاني». وكانت رحلة ابن رشد نحو الحقيقة قد حملت التباس علاقة السياسي بالديني والعقل التساؤلي بالعقل التبشيري والعقل النقدي بالعقل الإيماني.
وقد حمل «داعش» الملف الديني والحقوقي والسياسي في أطروحته لإقامة «دولة الخلافة» بتأثيم وتحريم وتجريم كل رأي مخالف لتوجهاته التي تزعم أنها تقوم على الدين، وهناك ممارسات باسم الدين لا يجمعها جامع بقيمه، فضلاً عن القيم الإنسانية المشتركة والتطور السياسي والقانوني ولاسيّما الدستوري، الذي وصل إليه المجتمع الإنساني. وحين نقول «داعش» فإننا نعني المظهر الأكثر همجية للإرهاب «الإسلاموي» وللجماعات التكفيرية بمختلف مسميّاتها.
إن إقامة علاقة سويّة بين السياسي والحقوقي والديني تحتاج إلى الإقرار بمرجعية الدولة باعتبارها هي الفيصل في الحكم، وهذه الأخيرة يفترض فيها احترام المجال الديني وحرّية العبادة وممارسة الطقوس بكل ما يوفّر قيام الدولة بواجبها، مثلما يحتاج إلى تلبية الحدّ الأدنى من الحقوق والحريات، باعتبارها لا غنى عنها لتقدّم الدولة.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دوافع قرار ترامب
- لن يكون للسلطة قيمة إذا لم تنحَزْ لخيار الشعب بالمقاومة
- المرأة وعملية بناء السلام
- أبو كَاطع يشرق في بغداد
- الحق في التعليم
- رسالة مفتوحة إلى الراحل آرا خاجادور
- صفقة العصر وثقافة الاعتذار
- الطفولة الملغومة
- تحديات ما بعد داعش!
- حافة الحرب
- هل تستمر دبلوماسية -القوة الناعمة-؟
- الإمام الحسني البغدادي.. مقاربات في سسيولوجيا الدين والتديّن ...
- «ذاكرة مياه المحيط».. التنوّع والتسامح
- الإمام الحسني البغدادي.. مقاربات في سسيولوجيا الدين والتديّن ...
- لإمام الحسني البغدادي.. مقاربات في سسيولوجيا الدين والتديّن- ...
- الإمام الحسني البغدادي.. مقاربات في سسيولوجيا الدين والتديّن ...
- في الجدل حول الدولة المدنية
- العراق وتوازن القوى بين الاضطرار والاختيار !!
- الإمام الحسني البغدادي.. مقاربات في سسيولوجيا الدين والتديّن ...
- الإمام الحسني البغدادي.. مقاربات في سسيولوجيا الدين والتديّن ...


المزيد.....




- اعتقال أكثر من 100 متظاهر خارج منزل تشاك شومر في مدينة نيويو ...
- مسؤولان أمميان يدعوان بريطانيا لإعادة النظر في خطة نقل لاجئي ...
- مفوض أوروبي يطالب بدعم أونروا بسبب الأوضاع في غزة
- ضابط المخابرات الأوكراني السابق بروزوروف يتوقع اعتقالات جديد ...
- الأرجنتين تطلب من الإنتربول اعتقال وزير داخلية إيران
- -الأونروا- تدعو إلى تحقيق في الهجمات ضد موظفيها ومبانيها في ...
- الولايات المتحدة: اعتقال أكثر من 130 شخصا خلال احتجاجات مؤيد ...
- مسؤول أميركي: خطر المجاعة -شديد جدا- في غزة خصوصا في الشمال ...
- واشنطن تريد -رؤية تقدم ملموس- في -الأونروا- قبل استئناف تموي ...
- مبعوث أمريكي: خطر المجاعة شديد جدا في غزة خصوصا في الشمال


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - ثلاثية السياسي والحقوقي والديني