أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - بشير صقر - من ذكريات الطفولة والشباب – رحلة لقريتى.. الماى (ج 2/6)















المزيد.....



من ذكريات الطفولة والشباب – رحلة لقريتى.. الماى (ج 2/6)


بشير صقر

الحوار المتمدن-العدد: 5722 - 2017 / 12 / 9 - 23:15
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


يتناول الجزء الثانى: رحلتى إلى قريتنا الماى التى تبعد عن مدينة شبين الكوم 5 كم فى الجنوب الغربى التى بدأتْ فى أول يوليو 1960فى أعقاب وفاة أبى. وفيها تعرُّفت على أصدقاء جدد من شباب القرية ساهمنا معا فى النشاط بها ؛ الذى تنوع بمرور الوقت من مقاومة آفات القطن، و البعوض ، إلى التثقيف الزراعى ومحو الأمية ؛ إلى العمل السياسى المباشر فيما بعد، علاوة على تجربة فريدة رائدة بافتتاح مركز للخدمة العامة بإحدى مدارسها. هذا وتتضمن حديثا عن بدء النشاط الشبابى الأوسع ( رياضى ، اجتماعى، خدمى ) وعن كيفية تجميع الشباب ، فضلا عن تماسٍ مؤقت مع التنظيم السياسى ( الاتحاد الاشتراكى ) ، وحديثا آخر عن العودة إلى مدينة شبين الكوم ، وإنهاء دراستى الجامعية ، وتعيينى بإدارة رعاية الشباب بالأزهر. ثم صدامى مع بعض ضباط مكتب المشير عامر بالإسكندرية . كما يتضمن وقائع عملية عن النساء منها ما يخص بنات مقاومة آفات القطن ، ومنها ما يخص بائعات الخضر بسوق شبين الكوم.

صعوبات متوقعة :

كنت وشقيقى عبد الغفور مَنْ نُدرك من الإخوة الثمانية ماذا يعنى انتقالنا للعيش فى قرية بعد الحياة فى المدينة ، وكان عبد الغفور قد أصيب بحالة من الانهيار بسبب الوفاة لدرجة أنه ظل فى المنزل لم يبارحْه ولم يحضرْ تشييع الجنازة ؛ فقد كان أكثرَنا رومانسية ورهافة وحزنا على أبيه.

ورغم أن أمى كانت شخصية قوية وواثقة من نفسها وتتميز بكثير من الاتزان والحصافة والجَلَدْ إلا أن عدم تعليمها وثقافتها الريفية حالتا دون اختيار التقديرات الصائبة فى بعض ما صادفنا من مشكلات؛ ناهيك عن كونها ربة منزل لاتغادر شقتها إلا لِماماً. هذا وقد واجهتنا أربعة صعاب أو مشكلات فى بداية انتقالنا للقرية هى:

الأولى: طبيعة الحياة فى القرية ؛ فلا أرضية المنزل مغطاة بالبلاط ولا كهرباء ولا مياه كما فى المدينة ؛فضلا عن الفضول الشديد الذى يَطبع حياة القرويين؛علاوة على بعض تقاليدها الخانقة.

أما الثانية :فكانت تأخُر الإدارة التعليمية فى صرف المعاش لمدة 15 شهرا وعند صرفه فقدَتْ أمى جميع الشيكات التى تسلمتها واستغرق استخراج بدل فاقدها ثلاثة شهورأخرى. ولأن مدخراتنا لم تكن ذات بال فقد شرعت أمى فى الاقتراض من خالى محمد نجم طيلة هذه المدة .. حتى تم صرف المعاش وتسديد ما استدناه.

وتمثلتْ الثالثة : فى تسرب امتحان الثانوية العامة الذى بدأ فى 11 يونية 1960 وتقررت إعادته بعد شهروهو ما أثار استيائى لأنى – ورغم الوفاة وتوقيتها– كنت قد أديته بشكل جيد ومُرْضى، وجاء قرارالإعادة فى وقت كانت تداعيات الوفاة النفسية قد بدأت تظهر وتفعل فعلها .. وهو ما فتَّ فى عضدى وأضعف تركيزى فى المذاكرة وانعكس على نتيجة امتحان الإعادة. ففى أحد الأيام التى تلت الوفاة وأثناء جلوسنا جميعا لتناول الفطور فاجأنا شقيقى شفيع بدموع غزيرة تنساب على وجهه .. فسألناه لماذا تبكى..؟ فأجاب : أصلى افتكرت بابا. فصمتنا جميعا ولم يتمكن معظمنا من استكمال فطوره .. وغادرنا حجرة الطعام.
وأذكر أن محمد الشبشيرى أحد أبناء القرية والمنطقة هو مَن زاملنى فى تلك الأيام.. يذاكر معى ويواسينى ويتعاطف معى ومع ذلك كان المجموع الذى تحصلتُ عليه كافيا للالتحاق بالمعهد العالى الصناعى بشبين الكوم وهو ماكنت أستهدفه بإعادة الحصول على الثانوية العامة مرة ثانية .

أما المشكلة الرابعة : فتلخصَتْ فى كِبَر سن شقيقتى بشرى عن الحد الأقصى المسموح به للتقدم لامتحان الشهادة الابتدائية ( القبول )، حيث كان أبى لدى مروره على مدرستها - فى سنوات سابقة - ومتابعته لها يشعر بانخفاض مستواها التعليمى فيطلب من إدارة المدرسة ألا ينقلونها للصف التالى وتكرر ذلك عدة مرات . وسبب ذلك هو تغيبها عن المدرسة كثيرا بناء على احتياج أمى لها فى أعمال المنزل.. لأنها كُبرى البنات.وبعد أن استسلمنا للأمرالواقع بشأن توَقف بشرى عن التعليم اكتشفت ُبعد سنتين أن أمى تدخر لها مبلغا يقارب المائة جنيه – وهو مبلغ لا بأس به فى ذلك الزمن – استعدادا للحظة زواجها؛ وكان ذلك المبلغ كفيلا بإلحاقها بمدرسة إعدادية خاصة فى شبين لمدة ثلاثة سنوات يمكن فى نهايتها أن تنتقل لمدرسة حكومية بدون مصروفات ومن ثم تستأنف تعليمها أسوة بإخوتها وقريناتها.

أصدقاء جدد بالقرية:

تعرفت فى الشهور الأولى لانتقالنا للقرية على أحد شبابها وكان يكبرنى بستة أعوام اسمه سامى سلامة ويعمل مدرسا فى المدارس الابتدائية والإعدادية للدراسات الاجتماعية ( تاريخ ، جغرافيا ، تربية وطنية ) وبمرور الوقت توثقت صلتنا لعدة أسباب منها طيبته وإنسانيته الشديدة ومنها اهتمامه بالأمور العامة للقرية والوطن.. لكنه للحقيقة لم يكن قارئا قراءة منهجية وعميقة رغم انتسابه لكلية التجارة وبلوغه الصف الثالث بها أى لم يكن دءوبا فى بناء نفسه فكريا وثقافيا. ومن خلال سامى سلامة تعرفتُ على صديقين آخرين له أحدهما صالح صقر الذى لم يكن متعلما تعليما نظاميا وإن كان يحب ويجيد القراءة ويجيد الكتابة والأهم أنه كان محبا للأدب ومستمعا جيدا لإذاعة البرناج الثانى الذى لا يتابعه إلا المثقفون.، وكان صالح يعمل خياطا لملابس الفلاحين وبعدها التحق بالوحدة الصحية عاملا وقد ساعدناه أنا وسامى فى الحصول على شهادة الإعدادية ، هذا وكان صالح متزوجا وله 4 أبناء.. وكان يكبرنى بأحد عشر عاما.أما الصديق الآخر فكان صلاح الحفنى المدرس بالمدارس الابتدائية ويتسم بطيبة شديدة واستقامة محمودة ويكبرنى بثمانية أعوام. ورغم أن الثلاثة كانوا مختلفين إلى حد ما فى التفكير عن الكثير من شباب القرية إلا أنهم لم يكونوا من الجسارة التى تتناول كثيرا من المسلمات الفكرية والتقاليد الاجتماعية والقيمية بالنقد والمواجهة؛ وربما يرجع السبب لثقافتهم ومستوى تعليمهم وخضوعهم لعديد من الأفكار الريفية.كذلك فقد كان طموحهم باستثناء سامى سلامة محدودا لكنهم كأصدقاء كانوا من النوعيات الجيدة.

هذا وعقب ظهور نتيجة الثانوية العامة طالبنى بعض الأقارب والأصدقاء أن أتخلى عن دخول المعهد الصناعى- حيث مدة الدراسة 5 سنوات - وأستبدلَه بالمعهد الزراعى لأوفر سنة نظرا لكون إخوتى ما زالوا صغارا وسيقضون زمنا طويلا فى التعليم ويحتاجون دعمى وهو ما كان صحيحا مما دفعنى للموافقة على اقتراحهم.

المشاركة فى مقاومة الآفات الزراعية ، والتثقيف الزراعى:

.فى عام 1960 أصيب محصول القطن بوباء دودة ورق القطن ولم تستطع أجهزة المقاومة على النطاق القومى إنقاذ المحصول وتحول الأمر إلى كارثة أطاحت بوزير الزراعة د. المحروقى من منصبه وكان من شبين الكوم.

فى صيف العام التالى 1961 تعرفت على مهندس زراعى بالجمعية الزراعية اسمه سامى نجيب عمره 40 عاما وكان معينا حديثا لأنه كان مالكا لمزارع خاصة فى بلدته بالصعيد ومنشغلا بها ورافضا للعمل بالحكومة ، كما كان مسيحيا .

طلبتُ منه أن أشارك فى أعمال الجمعية الزراعية بالقرية كمتدرب وفى نصف ساعة ومن خلال حديثنا معا اختبرنى ووافق على طلبى واتفقنا على بدء العمل فى اليوم التالى فى الإشراف على المقاومة اليدوية لدودة ورق القطن فى زمام قريتنا. لذلك اقترح علىّ أن نقتسم الإشراف على فرق المقاومة الـ 24 مناصفة وخيّرَنى بين النصفين . كان قوام تلك الفرق من الأطفال فى سن 10- 15 عاما من الجنسين. بدأت العمل فى اليوم التالى بالمرورعلى الفرق واستقرأْتُ الحالة جيدا خلال ثلاثة أو أربعة أيام وكانت الثغرات تتلخص فى الآتى :

1-اتساع الزمام وترامى أطرافه ، وتباعد فرق المقاومة، واقتصار المرورعليها يوميا على مرة واحدة.
2-شدة الحرارة بينما الأطفال صغار وضعاف ومعتلى الصحة ، ويلجأون للراحة خلال فترة الدوام اليومية فى غير الفترات المصرح بها والمتفق عليها (من 12 – 1 ظهرا).
3-قادة الفرق من" الخولة " ( مفردها خولى ) يهمل أغلبُهم فى العمل ويتوقفون عنه عدة ساعات فى اليوم ويتفنّنون فى ذلك.

هذا والتقيت بالمهندس سامى لموافاته بتقرير عن الأيام الأربعة الأولى ، واقترحت عليه عددا من الاقتراحات منها المرور على الفرق مرتين فى اليوم ، فاستغرب المهندس من ذلك؛ فقلت له لا يمكن أن يتكرر لمحصول القطن ما جرى فى العام السابق، وهنا لمحت فى عينيه نظرة عميقة ومدققة بل ومستغرِبة فهمت منها فيما بعد إعجابه بتقريرى واقتراحاتى . بعدها عقّب على حديثى قائلا: لو تستطيع المرور مرتين إفعل ذلك.

بمرورعدة أيام أخرى اكتشفت جملة الحيل والألاعيب التى يمارسها الخِوَلة للتوقف عن العمل منها بث " ناضورجية " من الأطفال بعيدا عن الحقل الذى تجرى فيه المقاومة لإبلاغهم بقدوم المشرف. كما تعرفتُ أثناء العمل على عشرات الأطفال لأستبين منهم حقيقة ما يجرى ولفرز الجيد من المهمل من قادة الفرق. المهم كانت اقتراحاتى بعد تنفيذها فعالة جدا ونجحت فى إنهاض العمل وفى مجازاة بعض المهملين .

فقد كُنا نعتلى الأشجار العالية لنراقب سير العمل من بعيد حتى انضبط الجميع.وفى مساء كل يوم كنت أتجول فى القرية لزيارة بعض الأصدقاء والأقارب ومنهم عرَفت أن الخولة يجأرون بالشكوى منى وبعضهم كان يشكو للمهندس سامى إلا أن ما كنت أسمعه من أهالى الأطفال أعضاء الفرق كان يدعو للاطمئنان على انضباط العمل خصوصا وأن عبارات التشجيع كانت تقابلنى أينما حللت.

بعد انتهاء موسم المقاومة صارت صلتى بالمهندس سامى طيبة للغاية ووثيقة وتطورت علاقتنا حيث كان القاسم المشترك فيهاحرصنا على حماية محصول القطن وكذا الجدية فى العمل والعدالة فى معاملة الفلاحين .وكانت تلك أول تجربة لى فى عمل شبه رسمى ونجحت ُ فيها مما عزز ثقتى فى أفكارى وفى قدرتى على تنفيذها.

محو الأمية والتثقيف الزراعى:

فى نفس الفترة لجأنا للإدارة التعليمية للحصول على تصريح بإقامة مشروع لمحو الأمية بافتتاح ثلاثة فصول لتعليم الكبار فى مدرسة الوحدة المجمعة، وأرسلنا مناديا لإعلام الأهالى بالمشروع ، وعلى الفور جمعنا 45 فلاحا بين 16 ، 45 سنة وحددنا برنامجا يجمع بين تعليم الأبجدية والحساب وبين الثقافة الزراعية؛ وقد لقيتْ الفصولُ إقبالا فوق المتوسط وباستمرار العمل زاد الإقبال عليها.

فى إحدى حصص التثقيف الزراعى التى كنت أقوم بها طالبتُ كلَ الدارسين بإحضار 6 لوزات من القطن [ لوزتين خضراوين ، ولوزتين متفتحتين ، ولوزتين " اسكرتو" أى يكون قطنها متحجرا ولم تتمكن اللوزة من التفتح شأن جاراتها] وطالبتهم بفتح اللوز الأخضر والبحث عن بذوره وإبداء ملاحظتهم ، وكذلك فى اللوز المتفتح .. فلم يلاحظوا أى شئ غريب . بعدها طالبتهم بفتح اللوز" الاسكرتو " المتحجر ومشاهدة بذوره وإبداء ملاحظاتهم فأفاد بعضهم بوجود بعض الثقوب الغامقة على البذور؛ فطلبت منهم فتح البذور المُثقبة وكانت المفاجأة .. حيث عثروا على يرقات ( دود) قرنفلية اللون ( محمرّة ) قابعة داخل البذور ؛ وهنا سألتهم عن الفارق بين الأنواع الثلاثة من اللوزات ( الخضراء والمتفتحة ، و"الاسكرتو") فأجابوا إجابات واضحة . ثم عاودْتُ السؤالَ عن سبب تحجر قطن بعض اللوزات فاستنتجوا أن السبب هو يرقات ( دودة اللوز القرنفلية).

استأنفت الأسئلة: كم شجيرة قطن مصابة ( اسكرتو) فى القصبة ..؟ وكم قصبة فى القيراط ..؟ وكم قيراط فى الفدان ..؟ وحسبنا الحسبة وحددنا الخسائر الناشئة عن الإصابة بدودة اللوز القرنفلية استنادا لإجاباتهم. بعدها قلت لهم: وهناك أيضا ما يسمى بدودة اللوز الشوكية علاوة على دودة ورق القطن التى يعرفونها جميعا فى فرق المقاومة اليدوية.

فى الحصة التالية للتثقيف الزراعى قمت بعرض رسم مبسط عن دورة حياة هذه الحشرات وفرّقْنا بين دودتى اللوز ودودة الورق ، وكذلك توقيت نشاط دودة الورق وكيفية مقاومتها (بتنقية الأوراق المصابة وحرقها) وتوقيت نشاط دودتى اللوز. وسألتهم عن توقيت الإصابة بهما استنادا إلى موعد عقد ( تكوّن) اللوز. وكان السؤال الأخير عن كيفية مقاومة دودتى اللوز فأجابوا أن ذلك يتم بجمع اللوز المصاب وحرقه ، وبذلك اتضحت لهم مخاطر حشرات القطن الثلاثة وكيفية ومواعيد مقاومتها .

بعد عام أو اثنين قابلنى بعض هؤلاء الدارسين وأخبرونى بأن الجمعية التعاونية الزراعية أعلنت للفلاحين الآتى : من يجمع كيلو جرام لوز سيحصل على خمسة قروش. وأصبح فناء الجمعية الزراعية مليئا بطوابير الفلاحين وبيد كل منهم كيس يحوى ما جمعه من لوز من حقله.

فى نفس الفترة وأثناء مرورى بجوار أحد حقول نبات القرع ( الكوسة ) وجدته مصابا بمرض فطرى يسمى البياض الدقيقى ويظهر على هيئة ( نقط بيضاء على ورق النبات تشبه الدقيق) فناديتُ على زارع الحقل وسألته: ماهذا ..؟ فرد علىّ:هذه " ندوة " أى مرَضْ . فقلت له: ما اسمها ..؟ قال : " ندوة ". عاودتُ سؤاله : وكيف تعالجها ..؟ . رد : لا نعالجها ..بل نتركها لله. تركته وعدت له بعد ساعة ومعى كيسٌ من الورق به كيلو من مسحوق الكبريت ( الأصفر اللون ) ناديته وطلبت منه إحضار " طرحة قديمة " على أن تكون ثقوبها واسعة ممن تستعملها الفلاحات فى تغطية رؤوسهن. فغاب لدقائق وعاد بها . أخذتها منه وفرشتها على أرض جافة ومسطحة ووضعت بها جزءا من مسحوق الكبريت ثم جمعت أطراف" الطرحة " فى يد واحدة وقمتُ بهزّ الطرحة فوق نباتات القرع فى حوالى قصبتين أو ثلاثة .. وأعطيتها له مع الكيس ليستكمل المهمة.. على أن يخبرنى بالنتيجة بعد 4 أيام وأن يخبرنى بحجم الثمار وإنتاج المساحة المزروعة بالقرع بعد شهر ونصف.وقلت له : كيلو الكبريت الذى معك ثمنه قرشين والكيلو الذى ترشه سيعطيك ثمارا بما لا يقل عن خمسين قرشا . بعد أيام حضر لمنزلى وكان قريبا من حقله وأبلغنى بالنتيجة قائلا : الدواء نجح. وأضاف : " روح ياشيخ.. الله يعمر بيتك ".

لقد كانت عملية علاج نبات القرع من مرض البياض الدقيقى أحد دروس الثقافة الزراعية فى فصول تعليم الكبار التى صنعت لنا ولها سمعة طيبة بالقرية.

وبالرغم من ذلك ، وفى إحدى الليالى وأثناء وجودى بفصول محو الأمية فوجئنا بأحد أقاربى ويعمل موظفا إداريا بالوحدة يتهكم على المشروع ويهزأ بالدارسين. فقلت له : لو لديك كلمة تشجيع قلْها ، ولو لم يكن .. فالأفضل أن تتركنا لنستكمل عملنا . فرد بوقاحة : ما هذا العمل الذى تدّعيه ..؟ أنتم تهدرون الكهرباء دون فائدة .. وأشار لبعض الدارسين من كبار السن : هل هؤلاء مَنْ سيتعلمون ..؟ وقذفَنا ببعض العباراة الساخرة القبيحة وأدار لنا ظهره . فقلت له : إن كررتها مرة أخرى فستتحمل النتائج .فالتفتَ لنا وقال: ماذا ستفعلون أيها المهرجون..؟ فنظرلى الدارسون باستغراب وكان منهم من يعرف صلتى بهذا الرجل.. وفوجئت بعودته قائلا : مهرجون .. مهرجون. فأمسكت به وأعطيته علقة ساخنة لن ينساها.. انسحب بعدها ولم يعد للفصول مرة أخرى.. واستكملنا العمل على الفور.

تجربة مركز الخدمة العامة:

فى بداية صيف 1962 تقدمنا للإدارة التعليمية بشبين الكوم بطلب لافتتاح مركز للخدمة العامة خلال العطلة الصيفية بالمدرسة الإعدادية؛ وبمجرد الموافقة على الطلب تسلمنا مفاتيح بوابة المدرسة وعدد ٍمن الفصول؛ وشرعنا فى العمل:

•أعلنا عن لقاء موسع للشباب حضره كل من سامى سلامة وصالح صقر وحامد رجب وأحمد الشبشيرى وعبد المحسن البربرى ومحمد الشبشيرى وشوقى عبد الفتاح وصلاح عبد الفتاح وصلاح حسين ولطفى سلمان ومحمد سعد وعلى نجم وعادل سالم وعدد من الشباب الأصغر سنا منهم عبد الستار سالمان وحمدى سلمان وسامى الخطيب وسامى حمدى ومحمد الشبينى وفوزى حسين ومحمد ناصف وآخرين. ودار الحوار وتوصلنا للآتى:
أ‌-افتتاح عدد من فصول التقوية لتلاميذ وتلميذات الصف السادس الابتدائى.
ب‌-الإعداد لدورة كرة قدم لصِبْية القرية فى عمر 12 سنة.
ت‌-التجهيز لدورة كرة قدم للكبار تشارك فيها فرق من خارج القرية .
ث‌-الشروع فى إعداد مجلة حائط تتناول الأوضاع العامة والمحلية.
ج‌-الإعداد لافتتاح فصلين لمحو الأمية للبنين والبنات.
ح‌-إعداد خطة لرش المصارف بالمبيدات لإبادة البعوض المتوالد بها.
خ‌-تشكيل لجنة لحصر أعداد العاطلين تساهم فى تجهيزهم للعمل بشركة غزل شبين الكوم.
•الشروع فى افتتاح فصول التقوية لتلاميذ الصف السادس الابتدائى، وأذكر أن تعبير" فصول التقوية "هو من ابتداع القرية بعدها انتشرعلى نطاق أوسع بل وانتقل لمحافظات أخرى . تلته دورة رياضية للصبية (عمر 12 سنة ) ؛ ثم دورة أخرى للكبار شاركت فيها فرق من خارج القرية، ثم افتتاح فصل لمحو الأمية للبنين.. وبعد أسبوعين حضرت للمركز مجموعة من البنات وطالبتنا بافتتاح فصل آخرلهن حيث تمت الاستجابة لهن فورا.
•أما عن مجلة الحائط فأتذكر أن العدد الأول منها كان موضوعه الرئيسى ثورة الجزائر حيث كانت بشائر التحرير من الاحتلال الفرنسى قد انتشرت فى أرجاء العالم بعد أن ضحّت بمليون شهيد منذ عام 1954.كما تناولنا فى العدد كتاب الطبيب الفرنسى فرانز فانون " معذبو الأرض " بالعرض وأوضحنا كيف كان ( فانون) طالبا متفوقا فى بلده الأصلى " جزر المارتنيك " الذى كان مستعمرة فرنسية بعدها استكمل دراسته بجامعة السوربون بفرنسا وأصبح طبيبا نفسيا، وبدأ عمله فى مدينة " بليدة " الجزائرية وانخرط سرّا فى الكفاح مع الجزائريين وعالج المرضى من أمراضهم النفسية فى مستشفى مدينة بليدة ومن بينهم جنود جبهة التحرير الجزائرية والجيش الفرنسى..وآخرين من المدنيين.

كما أعدّ فانون ردّا علميا موثقا وقويا على نظرية الأطباء الأوربيين العنصرية التى تفيد بأن مخ الجزائرى يختلف فى التشريح عن مخ الأوربى واستند فى ذلك على أبحاثه وخبراته فى علاج الجزائريين والفرنسيين فى مستشفاه ، وقد انتشر ردّه فى الأوساط العلمية فى أوربا والعالم وتناقلت أخبارَه وسائلُ الإعلام الدولية وذاع صيته وتلقتْ نظرية الأوربيين هزيمة منكرة..إلخ

•من جانب آخر لم تستوعب العطلة الصيفية تنفيذ كل المشروعات التى تم الاتفاق عليها فى الاجتماع العام الأول .. فأرجأنا بعضها ومنها ( مقاومة البعوض فى المصارف ، وتشغيل العاطلين بشركة الغزل ).

•كذلك كان صديقنا عادل سالم قد اقترح فى الاجتماع العام مسابقة للعدْو لمسافة 9 كيلومترات ( الماى- شبين – الماى) إلا أنه لم يحصل على أغلبية ، واستبدلْنا ذلك بتدريب على العدو فى نفس المسافة لم يستجب له سوى عادل وأنا وداوَمْنا عليها مساء ثلاثة أيام فى الأسبوع طيلة العطلة.

هذا ونشير لواقعة طريفة هامة للصِبْية جرت فى مركز الخدمة العامة:

حيث كان مركز الخدمة يقع فى الناحية القبلية من القرية ومن ثم كان أغلب الصبية المترددين عليه منها بينما كانت أغلبية المترددين من الكبار من الناحية البحرية ، وأثناء إحدى مباريات كرة القدم المقامة فى فناء المركز كان الحضور الجماهيرى كثيفا ولم يتحلّ الأطفال الصغار بالانضباط الكافى أثناء مشاهدة المباراة. وتفتق ذهن أحد الشباب- وكان طالبا جامعيا - عن فكرة طرد أعداد كبيرة منهم؛ فأحضر عصا استخدمها فى طرد أعداد منهم .. ومَنْ كان يرفض كان مصيره " اللسْوَعة بالعصا " وأزاحهم خارج المركز ثم أغلق بابه بالمفتاح.وماهى إلا دقائق حتى وجدنا سَيْلا من الطوب والزلط ينهال على حوش المدرسة الذى تقام عليه المباراة التى توقفت فورا. وقمنا نجرى باتجاه البوابة وفتحناها وطلبنا من الصبية العودة للفناء إلا أنهم توجّسوا خوفا من الإمساك بهم.

اقترحت على من هرعوا نحو البوابة ترْكَها مفتوحة والعودة إلى الداخل واستئناف المبارة دون النظر إلى الخلف تجاه البوابة ، وماهى إلا عشرة دقائق حتى تسلل معظم الصبية إلى الداخل ما عدا عدد محدود جدا يقارب الـ20 طفلا أو يزيد خرجت إليهم بعد قليل قائلا : تعالوا.. عندى لكم لعبة جميلة .. وعُدتُ للفناء وأحضرت6 كراسى وانتظرت عودتهم ثم قسمتهم 3 مجموعات وعلّمتُهم لعبة الكراسى الموسيقية فأعجبتهم وعاد معهم الوئام وانتهت المشكلة بسلام.

ملاحظة هامة :

لعب مركز الخدمة العامة بالماى دورا هاما فى تجميع شباب القرية وتمْتين علاقات الكثيرين منهم ببعضهم ؛ كما أسهم فى بدء حوارات لاتنتهى فى مختلف القضايا العامة أو التى تخص القرية ، وخلق حالة من النشوة والحماس فى صفوفهم وخفف من حدة التعصب الجِهَوِى ( قبلى ، بحرى ) كما رفع الوعى بالمسئولية بينهم مقارنا بالسنوات السابقة.

هذا ولعب المناخ السياسى العام الدور الأهم فى ظهور هذا النشاط فلم يكن المجتمع المصرى قد تعرض لهزيمة 1967بعدْ ، وكان لقرار مجانية التعليم دور بارز وأثر واضح فى إقبال الطلاب على المشاركة ؛ كذلك شهدت البلاد حركة قوية فى بناء الألف مصنع وكان تطبيق قانون الإصلاح الزراعى قد أفرز مناخا إيجابيا فى الريف عموما يتجاوز المناطق التى استفادت منه ( ليس منها قرية الماى ) وهو ما أشاع التفاؤل فى أركان الريف ، فضلا عن نجاح ثورة الجزائر وانتشارالمد القومى المعادى للاستعمار والمنادى بتحرير فلسطين. ولايعنى هذا أن ماحدث فى الماى حدث فى كل قرى مصر أو فى عدد كبير منها ؛ بل كان يعنى أن هناك عاملا يخص الماى ساهم فى استغلال ذلك المناخ العام فى تفجير النشاط الشبابى وهو ما يسميه البعض بالشرط الذاتى أى الشرط الذى توفر فى القرية ولم يتوفر فى قرى أخرى وهو وجود عدد من الشباب الذين يتمتعون بحس إيثارى ووطنى ومستوى ثقافى حركهم لبدء ذلك النشاط، يضاف إلى كل ذلك ضعف القوى المعادية للشعب وخلوّ الساحة منها ونعنى بذلك جماعة الإخوان فضلا عن ارتفاع مستوى معيشة الفلاحين فى تلك الفترة مقارنا بعام 1952.

كيف بدأ النشاط الشبابى فى قرية الماى :

كان لالتقاء كل من سامى سلامة وصالح صقر وصلاح الحفنى وأنا الدور الرئيسى فى تشكيل نواة من أبناء القرية تهتم بالعمل العام أى لم تُقْصِرجهدَها وتفكيرَها على مصالحها الشخصية بل كان توظيف ذلك الجهد والتفكير فى تأكيد وتحقيق مصالح القرية هو صاحب الأولوية لديهم ، والتقى كل ذلك برغبات الشباب الذى لا يجد سبيلا لتوظيف طاقته ولا منفذا لتحقيق ذاته فضلا عن تطلعه للعب دور فى المجتمع واحتلال مكانة لائقة.واستمر التفكير طويلا بين أفراد هذه المجموعة التى كانت تكتسب كل يوم احترامَ القرية وأرضا جديدة وشبانَ آخرين.

ورغم أن الماى كانت طوال تاريخها تعانى من مشكلة مزمنة تتمثل فى انقسام جِهَوى عُصْبَوِى بين الناحيتين القبلية والبحرية إلا أن هذه النواة تمكنت إلى حد كبير من تخفيف حدتها بالوسائل الآتية :

•فى الرياضة: تجنب كثير من لاعبى الكرة بالقرية إقامة مباريات يكون طرفاها الجهتين البحرية والقبلية.. وفيما بعد كان هناك إصرار على أن يتشكل فريق القرية من الجهتين معا ، وأعتقد أن الصلة التى كانت تربطنى ( من الجهة البحرية ) بزميل الدراسة عزت السرسى ( من الجهة القبلية ) لعبتْ دورا محوريا فى هذا الأمر.

•فى الانتخابات : فإبان انتخابات الاتحاد الاشتراكى التى أعقبت بيان 30 مارس 1968 قام الشباب بتكوين قائمة من ستة مرشحين ثلاثة من كل ناحية وتركت بقية القائمة مفتوحة لكل ناخب لاختيار أربعة مرشحين بناء على ميوله ورغباته حيث كانت القائمة عشرة مرشحين.

•أسهم نشاط مركز الخدمة العامة عام 1962 الذى افتتحناه فى مقر المدرسة الإعدادية دورا فى هذا الأمر حيث جمع عديدا من شباب الناحيتين دون عُقد أومشكلات.

•كما أسهمت الفكرة الفعالة لتجميع شباب القرية والتى تم التوجه فيها إلى مدارسهم فى
شبين الكوم أثرٌ بالغ حيث أشعرتهم تلك اللقاءات بأن الخطاب موجه للجميع دون تمييز.

كيف تم تجميع الشباب ودعوتهم للعمل..؟ :

فى الحقيقة كان لمبادرتى الشخصية بالتوجه إلى عدد من مدارس شبين الكوم مثل ( المساعى المشكورة الثانوية ، ، الزراعة ، الصنائع ، التجارة ) أثر فعال بين طلاب القرية تتضح تفاصيله فى الخطوات التالية :

1-توجهت إلى نظار المدارس المذكورة وعرّفْتُهم بنفسى وطلبتُ منهم تجميعَ طلاب القرية الملتحقين بالمدرسة لعقد لقاء معهم عما ننوى عمله فى العطلة الصيفية القادمة بما يخدم مجتمع القرية ويعود عليهم بالفائدة فى نشاط نافع ويوظف طاقتهم ويشعرهم بقيمتهم فى خدمة أهلهم ويجنبهم مواطن الزلل والانحراف. وعلى ما يبدو أن هذه الحيثيات التى سُقتُها لاقت استقبالا إيجابيا وتأثيرا حقيقيا فى تلبية طلبى . كان من بين هؤلاء ناظر مدرسة الزراعة الأستاذ محمد حبيب المعروف بتشدده عموما ومع الطلاب بشكل خاص وقد أرفق موافقته بثناء خاص على هدف المبادرة.

2-التقيت بالطلاب وعرفتُهم بنفسى - لأن هناك من لم يكن يعرفنى- وذكرت لهم أننى أتحدث معهم بصفتى مصرى من قرية الماى لامِنَ الناحية البحرية ولا القبلية. وأوضحت لهم أننى أعرف أنهم يساعدون أسرهم فى أعمال الزراعة ومن الطبيعى أن يتوفر لديهم من الوقت ما يتيح لهم استغلاله فى خدمة القرية فى مجالات عدة تحدثت عنها تفصيلا ؛ وأكدتُ لهم أن اختيارَهم ورغبتهم هى العامل الحاسم فى المشاركة فليس هذا تكليفا من أحد بل هو لفتُ نظرٍ من شخص أكبر سنا للمساهمة فى خدمة القرية وأنهيت حديثى بأن من لاتسمح له ظروفه بالمشاركة فلا ملامة عليه اللهم إلا ضميره ، وأشرت إلى كيفية التجمع فى القرية فيما بعد وإلى أماكن اللقاء ومواعيده.

وكان لهذه الخطوات فى نفس الليلة والأيام التالية صدى واضحا فى رغبتهم فى المشاركة ، فلأول مرة يتحدث شباب القرية وطلابها فى أمسية بعينها عن دعوة محددة توَجّهُ إليهم تطالبهم بالانخراط فى عمل عام يخدم أهاليهم ويجنبهم الانحراف .

ومن جانب آخر لاقت الفكرة إعجابا واضحا لدى سامى سلامة وصالح صقر وصلاح الحفنى وكل من بلغه أمرها وبالطريقة التى تم بها إخطار طلاب القرية.

مقاومة بعوض الملاريا بمصارف القرية:

فى شتاء 1963 توجه سامى سلامة لقسم الملاريا بمديرية الصحة بشبين الكوم وناشد مسئوليه المساهمة فى مقاومة البعوض المتوالد فى محطة المجارى الرئيسية الواقعة فى شمال شرق القرية حيث تعتبر المحطة منبع ذلك البعوض ومكان توالده الرئيسى ؛ كما عرض عليهم أن يقوم شباب القرية بتغطية مياه المصارف بالمبيدات الحشرية التى تسمح إدارة الملاريا بمدّهم بها. هذا وكان الحزء الثانى من مطالب سامى هو الممكنُ التحقيق ، وبالفعل حصل على المبيدات وأحضرها للقرية وقمنا معا مع بعض الشباب ولعدد من الأيام برشها فى مياه المصرف الواقع شرق الوحدة المجمعة والممتد من اتجاه الشمال للجنوب، وتكرر ذلك عددا من المرات فى مواسم تالية خففت نسبيا من وطأة الهجوم اليومى للبعوض.

زيارتان للاتحاد الاشتراكى فى عام 1965 :

رفع النظام الحاكم راية الاشتراكية آنذاك ووثيقة اسمها " ميثاق العمل الاشتراكى " وقبلَها كان قد أصدر قانون الإصلاح الزراعى لإعادة توزيع الثروة فى الريف وتوسيع قاعدة حيازة الأرض الزراعية ، وحيث كان صديقى السيد رفعت عضواً لسنوات بمنظمة الشباب الاشتراكى وموجّها فيها يثقف الشباب الأصغر سنا فقد دفعنى الفضول لمعرفة صدى ما يقوله صديقى فى التنظيم السياسى الوحيد بمصر. وذهبتُ لأحد اللقاءات فى مقره الرئيسى بشبين الكوم وهو مقر النيابة الإدارية الحالى أمام مستشفى الرمد حيث كانت الدعوة مفتوحة للجمهور ، وتصادف أن كانت ندوة يتحدث فيها الأستاذ رضوان بيومى. لم يستمر النقاش بعدها طويلا ، فذهبت للقاء آخر بعد أسبوع وكان الحوار فيها أوسع مساحة من اللقاء السابق وكان على المنصة رضوان بيومى مسئول التثقيف وكمال الشاذلى أمين التنظيم بالمحافظة وفتحى نايل أحد قيادات شركة الغزل ولا أتذكر منصبه السياسى وأحمد البدرى مسئول الشباب.ورفعتُ يدى بالسؤال : كيف يمكن للشباب فى مدنهم وقراهم العمل مع الجمهور وما هى القضايا الجديرة بذلك وكذا الوسائل المستخدمة ..؟ فرد البدرى مسئول الشباب: القضايا الممكنة هى محو الأمية وتنظيم الأسرة .. أما الوسائل فهى ندوات التثقيف والتجمعات الشعبية. ولما كانت الإجابات تقليدية وغير مقنعة قلت له : ما تقوله لا صلة له بمصالح الجمهور من الناحية العملية ، لأن المطلوب قضايا حية لا هامشية وبرامج عملية مدروسة تترجم مايقال هنا فى ندوات التثقيف أو ما يقال فى الإعلام وتنعكس على حياة الناس؛ فهم لن ينصتوا لنا ما لم تكن هناك صلة مباشرة بين ما نقوله وبين مصالحهم ، علاوة على أن إقبال الشباب على المشاركة والحضور هنا لابد أن يشعر فيه بجديد وبأنه يكتسب الثقة فى نفسه وفيما يسمعه منكم وفيما يقوله للجمهور. رد المسئول بضجر : ماذا تريد بالضبط ولمَ تُجادل بهذا الشكل؟ ، هذا ولم يحاول أىّ من الجالسين على المنصة أن يرد علىّ أو أن يعدل أو يُصوّب كلام مسئول الشباب . ساعتها شعرت أنها لقاءات ضعيفة الجدوى وخرجت ولم أعدْ مرة أخرى وأبلغت السيد رفعت برأيى.. وقلت له هذا المسئول عن الشباب فى واد آخربعيد.

انتهاء الدراسة والتوظف والعودة للمدينة ومعارك جديدة متنوعة :

أنهيت دراستى فى صيف 1965 ولم أتقدم بطلب للتوظف - من خلال وزارة القوى العاملة كما كان متبعا بالنسبة لجميع الخريجين- لرغبتى فى الالتحاق بدراسات عليا ، وفى فبراير 1966 وصلنى خطاب مسجل يخطرنى بالعمل فى الأزهر وفى 2مارس. تسلمت عملى بالإدارة العامة لرعاية الشباب أخصائيا للتغذية ونُقلتُ فى شهر يونيو للمدينة السكنية لطلاب الأزهر بحى المنتزة بالإسكندرية.
وفى إحدى إجازاتى ناقشت أسرتى فى ضرورة البحث عن شقة بشبين الكوم ، ولأن شقيقى عبد الغفور كان قد عُيّن فى عام 1963 موظفا ببنك التسليف بالصعيد لم يكن هناك شخص يقوم بتلك المهمة سوى شقيقتى أمان التى كانت صغيرة وانتقلت لتوّها للمدرسة الثانوية بالمدينة ؛ لذا كانت تقطع المسافة يوميا لمدرستها وتعود فى المساء للقرية.

هذا وكانت قد تفجرت فى القاهرة مشكلة خلوّات المساكن بسبب انخفاض معدّل بناء مساكن جديدة فى القطاع الخاص؛ حيث كان ملاك المبانى والمساكن يتقاضون فيها من السكان مبالغ مالية " كخلو لاستئجار الشقة " ، وكان سعد زايد محافظ القاهرة قد اتخذ قرارا إداريا برد تلك الخلوات لدافعيها من السكان وصدر فيما بعد قانون بتجريم تقاضى الخلوّات من السكان يتضمن عقوبة بالحبس فى حالة ثبوت التهمة.وفى ذلك الوقت كان إبراهيم بغدادى محافظا للمنوفية فطلبتُ من أمان أن تتقدم له بطلب رسمى للحصول على شقة فى إسكان المحافظة وكان الطلب يتضمن بعض الحيثيات الموضوعية منها أنها طالبة بالمدرسة الثانوية للبنات بشبين وأن عددا من إخوتها على وشك الانتقال للمرحلة الثانوية ، وبأن الأسرة كانت تقطن المدينة منذ عام 1945 وحتى عام 1960 علاوة على أن رب الأسرة المتوفى كان من رجال التعليم فى ذات المدينة وأن الدولة كرمته بإصدار قرار بمنح أولاده الثمانية مجانية التعليم منذ عام 1961 ، لذلك تعاطف معها كثير من مسئولى المحافظة ، ولأنه لم تتوفر شقة من شقق المحافظة تحول البحث إلى مساكن القطاع الخاص المغلقة والتى شاركت أمان بجهد كبيرفي البحث عنها حتى توصلت لمنزل مغلق ومهجور فى ميدان المحطة ، وعلى الفور أبلغتْ المحافظة التى فتحته بمعرفتها وحصَلنا على الشقة العليا منه وكنا نودع إيجاره بخزانة مجلس المدينة؛ هذا وقد شهدت تلك الشقة وعنوانها ( 6 شارع سليمة – ميدان المحطة) تاريخا حافلا سنوالى عرضه فيما بعد.

أول صدام كموظف مع ضباط مكتب المشير عامر فى المنتزة :

كانت المدينة السكنية لطلاب الأزهر بالإسكندرية أمام قصر المنتزة بالقرب من شاطئ المعمورة ؛ ونظرا لأنى كنت أعمل بها فقد حصلت فيها على شقة كسكن إدارى شخصى.

بعد شهر واحد انتهى العام الدراسى وانصرف الطلاب إلى بلادهم وفى إحدى الأمسيات فوجئت بمدير المدينة السكنية يعرض علىّ الآتى:

حضر لى منذ ساعات اثنان من الضباط العاملين بمكتب المشير عبد الحكيم عامر- الذى يشغل منصب القائد العام للقوات المسلحة ويعتبر الرجل الثانى فى الحكم – وطالبانى بشقتين بالمساكن وبرّرا طلبهما هذا بأن وجود المشير وأسرته بشاطئ المعمورة يتطلب وجودهما بالقرب منه حيث لم يجدا سوى مساكن الأزهر كأقرب المناطق لبلاج المعمورة. فقلت له – وقد شعرت بجُبْنه- وما دخلى بهذا الأمر..؟ المدينة خالية.. أعطهم شقتين أو أرسل للإدارة فى القاهرة لتتصرف. فردّ علىّ متلعثما.. لقد اختار الضابطان شقتك وشقة زميلك الأستاذ السباعى. فقاطعته قائلا : يعنى ثلاثة عمارات بشققها خالية من الطلاب لم يعجبهم فيها سوى شقق الموظفين..؟ فقال : لا أعرف بماذا أرد عليهم وفى نفس الوقت أنا محرج منك ..علما بأن زميلك الأستاذ السباعى ليس عنده مانع فى ترك شقته. قلت له وأنا مستفَز : آسف دعهم يختارون شقة أخرى خلاف شقتى؛ و" ليس كونُهم من مكتب المشير يعنى أن على رأسهم ريشة " ، أليس المواطنون فى مصر متساوين ؟ّ أم أن هذا مجرد كلام ..؟. هم موظفون فى الدولة وأنا كذلك وتلك شقة أسكنها كجزء من عملى فما المبرر الذى أتركها بسببه ..؟ ، لايوجد مبررواحد.. وأرجو أن تبلغهم بأنى رفضت وعليهم أن يختاروا شقة أخرى.

المهم فشلت كلُ محاولات المدير فى إقناعى بترك الشقة لمدة 3 شهور فقط واستبدالها بأية شقة أخرى بالمدينة السكنية حتى يرحل رجال المشير عامر.

فى عصر اليوم التالى جاء مخبر من قسم شرطة المندرة وسأل عنى فقلت له : خيرا . فرد: العقيد نشأت البياضى مأمور القسم يطلبك ، سألته : بشأن أى موضوع ..؟ رد : لا أعرف. سألته : متى يريدنى ..؟ قال : الساعة السابعة مساء اليوم.

فى الموعد وصلتُ القسم سيرا على الأقدام ، ودخلتُ حجرة المأمور فوجدته جالسا إلى مكتبه تقدمت نحوه وقلت : مساء الخير .. أنا بشير صقر. ردّ التحية وقام من كرسيه وتقدم نحوى وصافحنى بترحاب قائلا : لم أكن أتصورك هكذا..( يقصد صغيرا )، فعقبت على تعليقه : الحق يعطى الإنسان شكلا مغايرا لشكله الذى يعرفه الناس به. قال : تفضل بالجلوس.

جلستُ فقال لى: ما الموضوع..؟ فرددت عليه : حضرتك مَنْ أرسلت لى .. إذن سأعرف الموضوع منك. غيّر المأمور مسار الحديث ليكسر حدة الموقف وليبحث عن مدخل مناسب للحديث فسألنى عن موطنى وعن مؤهلى وتاريخه وأين درست وعمل والدى..إلخ فقلت له : ندخل فى الموضوع . ودار الحوار وقلت له ضمن ما قلت : كلانا أنا والضابطان موظفون فى الدولة والمفترض أننا متساوون بل على العكس فأنا أشغل الشقة كجزء من عملى وليست منحة من أحد ، فقال : أنا معك فيما قلته لكن.. هناك جزئية قد لا تعرفها .. لا لسبب إلا لأن معرفتها تحتاج للوقت ولاكتساب الخبرة وخوض التجارب بتقدم العمر؛ وأرجو أن تسأل نفسك ماذا ستكون النتيجة لو حدث الصدام..؟ أعتقد أن الإجابة معروفة. وأنا شخصيا متعاطف معك وأرجو ألا تعتبر ذلك مجاملة .. بل ومعجب ٌبك وبقوة حجتك .. لكن من قال أن الحياة عموما تسير بالحجة والمنطق ؛ إن هناك عوامل شتى تتدخل فى تسيير الحياة .. ولا ينفرد المنطق والحجة بتسييرها . وأنهى حديثه قائلا : والقرار النهائى بيدك.

بصراحة كان حديث الرجل هادئا ومتزنا لم أجده لدى رجل شرطة من قبل ولا لدى أىٍ ممن قابلتهم من موظفين فى الأزهر. فقلت له : أنا لن أبادلك المجاملة ولكنى سأوافق على ترك الشقة تقديرا لشخصك لا أكثر.. وقمت من مجلسى ؛ بعدها قام المأمور وصافحنى وشدّ على يدى بيديه معا وظل ممسكا بها إلى أن خرجنا من باب القسم وسط استغراب الجنود والمخبرين المتناثرين وأعطانى الكارت الشخصى الخاص به وقال: تلك أرقام تليفوناتى وأنا تحت أمرك فى أى شئ تحتاجه فى العمل أو بشكل شخصى .. مع السلامة يا أستاذ بشير.

والملفت فى هذه القصة هو أن صدامى مع ضباط مكتب المشير عامر كان من منطلق مختلف عما كان سائدا فى ذلك الزمن.فأنا لم أكن ابن أحد الأثرياء أو الإقطاعيين أو من الجماعات السياسية التى ناصبها النظام الحاكم العداء .. بل كنت واحدا من عامة الشعب ومن الشباب وكان المنطلق فى تلك المواجهة هو شعار رفعه النظام الجديد ( المساواة ،الإشتراكية ، العدل، إرفع رأسك يا رأسك يا أخى فقد مضى عهد الاستعباد ) ، علاوة على إلغاء الألقاب وغيرها من تجليات التمييز التى كانت معروفة فى المجتمع ؛ ومن هنا كانت قوة منطقى وصلابة موقفى وهو ما أشعرنى بعدم الخوف لحظة واحدة. وقد كان موقف العقيد البياضى مأمور قسم المندرة صادقا معى وربما داعما لى من جوانب لم أستطع تحديدها آنذاك.

من بنات مقاومة دودة القطن لبائعات الخضر.. النساء حاضرات :

بعد عام واحد وقعت نكسة 1967 وكان ما كان ، وأطلّت كثيرٌ من الرؤوس والوجوه الكالحة سادرة فى التشفى ، فمَنْ بعدَها فاز بالغنيمة وكسب المعركة ..؟ من تشفوا أم من حاولوا جبر ما انكسر أم من تسببوا فى النكسة..؟

•فى ميدان محطة السكة الحديد بشبين كان يقع منزلنا ، وكان الوحيد من ثمانية منازل – تجاوره شرقا وغربا- الذى يطل على ناحيتين هما شارع سعد زغلول المنتهى بميدان المحطة، وشارع سليمة من الخلف.

وفى أحد الأزقة المتفرعة من الميدان كان يقبع مقر الجمعية التعاونية الزراعية بشبين الكوم ، وفى شرفة المنزل التى تطل على الميدان كانت تقف شقيقتى أمان التى نادتْنى قائلة : هل تشاهد هذا الجمْعَ من الفتيات والصبية ؟ قلت : نعم. قالت: إنهم أفراد فرق تنقية لطع دودة ورق القطن وقد تجمعوا للمطالبة بأجورهم الشهرية ، وعلى ما يبدو أن إدارة الجمعية تريد إرجاء صرفها بينما هم مصرّون على الصرف. وأضافت : أنا متابعاهم من ساعتين.

وإزاء رغبتهم فى صرف الأجور ورفض الجمعية .. ابتدعوا بعض المقاطع الغنائية منها [ يا تقبّضونا يا مَحْناش يا محْناش ما شيين// والفرقة التانية التانية على بندر شبين ] ومعناها أنهم لن يغادروا إلا بعد صرف الأجور ؛ وإن لم تُصرَف سيتوجون للشرطة للشكوى ، والبندر هو الشرطة والفرقة الثانية هو رقم المجموعة ضمن بقية فرق المقاومة. واستمر الغناء فترة طويلة حتى حل الظلام .. بعدها تم صرف الأجور.. فعَلَتْ الزغاريدُ والصياح وانصرفوا إلى منازلهم مبتهجين.

والمثير فى هذه اللوحة البسيطة هو الإصرار على تحقيق مطلب الصرف ، والصبر عليه عدة ساعات واللجوء للغناء لبث الحماس فى نفوس البنات والصبية وأيضا لقتل ملل الانتظار وزيادة القدرة على التحمل بعد يوم شاق من العمل وتوجيه رسالة لإدارة الجمعية بالإصرار على الصرف وفى النهاية التهديد بالشكوى.

•كنت أقضى إجازاتى من العمل فى شبين الكوم وأحيانا أتردد على قرية الماى ؛ وعادة ما كنت أصحو مبكرا وأقضى بعض الدقائق فى مشاهدة المسافرين والقادمين بالقطار.

وفى أيام الدراسة كان طلاب القرى المحيطة بشبين والواقعة على خط قطار طنطا / منوف يصلون محطة شبين قادمين من الاتجاهين بين الساعة 7,40 ، 7,50 صباح كل يوم . كانوا بالمئات وفور مغادرتهم مبنى المحطة يشغلون كالنمْل شارع سعد زغلول لمسافة لا تقل عن مائة متر وبكثافة شديدة. وأتذكر أنى – وطيلة سنوات – لم أجد فى أية مرة أكثر من أربع أو خمس طالبات يرتدين الإيشارب بينما الأغلبية – وهن بالمئات - كُنّ حاسرات الرءوس.

•فى عام 1969 كانت قطارات البضائع المحملة بالذخائر تصل إلى محطة شبين ؛ بينما شاحنات الجيش تقف فى رتل مكون من خمسة أوستة سيارات لنقلها من باب آخر غير باب المسافرين إلى قرية قريبة اسمها ميت خلف لتخزينها، وكان ذلك مشهدا معتادا لكل سكان ميدان المحطة .

وفى ظهر أحد أيام شهر يونيو شديدة الحرارة حوالى الساعة الثالثة سمعنا أصوات استغاثة (صويت) قادمة من ناحية المحطة . ولما هرَعْنا إلى الشرفة وجدنا إحدى شاحنات الجيش المحملة بنصف حمولتها وقد أمسكت بها النيران وتحديدا فى موتور السيارة ، بينما سائقها لايستطيع دخول كابينة القيادة ، وحتى لو دخل فإلى أين يذهب بها خصوصا والمنطقة مأهولة بالسكان من الجهات الأربع ولمسافة طويلة. كان المشهد واضحا ومثيرا للرعب فالشاحنة تجاور عربات القطارالمحمل بالذخيرة؛ ولو انفجرت السيارة لتفجر القطار ودمر المساكن المحيطة وقتل السكان فى دائرة قطرها لا يقل عن مائة متر أو يزيد. مع ملاحظة أن هذه المنطقة تضم أهم أسواق الخضر والفاكهة فى شبين ، ولا يمكن لأى مراقب منصف إلا أن يتوقع كارثة قادمة خلال دقائق.

عندما عَلتْ أصوات الاستغاثة ( الصويت ) من بائعات الخضر والفاكهة حول الشاحنة المشتعلة شاهدنا الآتى: تحركتْ البائعاتُ اللاتى انهمرْن كالمطر نحو الشاحنة وبيَدِ كل واحدة جردل أو بستلّة أو برميل صغير أو جركن أو حلّة ؛ ومن المقهى الوحيد ومحلات العصير والجمعية الزراعية وخراطيم المياه التى تدلت من بعض شقق الأدوار الأولى فى المنازل امتلأت الأوانى فى لمح البصر؛ ومن خلال طابور تلقائى انتقلت الأوانى من بائعة لأخرى حتى وصلت للجنود الذين اعتلوا سطح السيارة ؛ بينما بالقرب من هذا هرعت مجموعة أخرى منهن تبحث عن أوان إضافية ومجموعة ثالثة تملأ الأوانى بالمياه ، وفى بحر عشرة دقائق أو خمس عشرة دقيقة تم إخماد النيران.

ولو وقع هذا الحادث فى أحد الأحياء الراقية أو حتى الشعبية بعيدا عن السوق وبائعاته لما كان ممكنا إنقاذ الوضع وإخماد النيران فى هذا الزمن القياسى أو بالحمية والمثابرة والجسارة النادرة التى تم بها .ومنذ ذلك التاريخ لم أشهد سرعة بديهة أو مبادرات لحظية وتفانين واستجابات مذهلة وجرأة لاتوصف تماثل ما جسّدته بائعات الخضر بسوق المحطة بشبين الكوم.

عام 1968 الزاخر بالأحداث الساخنة بالماى :

فى مساء العاشر من إبريل 1968عقد الشباب لقاء جماهيريا بقاعة السينما بالوحدة المجمعة بالقرية حضرته أعداد غفيرة من الفلاحين والشباب ، كما حضره ثلاثة من فلاحى قرية كمشيش واثنين من مثقفيها. كانت الندوة مخصصة لمناقشة أوضاع الجمعية الزراعية بالماى وعدد من المشكلات التى يعانيها الفلاحون. هذا وقد تحدثْتُ فيها بالتفصيل عن تلك القضايا والمشكلات، ونظرا لأن ذلك الحدث كان اللقاء الجماهيري الأول الذى يناقش أمورا فلاحية بمعرفة الشباب ولا تشرف عليه أية جهة رسمية ؛ ولأن الحاضرين لم يتعوّدوا مناقشة المشكلات الفلاحية بهذا الوضوح والتحدد والصراحة ولم يتصوروا إمكانية فضح ممارسات بعض أعضاء إدارة الجمعية وكشفها على الملأ... كان رد الفعل شديدا وأثلج صدور الفلاحين وترددت أخباره لأسابيع فى القرية وعدد من القرى المحيطة ومدينة شبين الكوم وفى الاتحاد الاشتراكى.

،،،،،،،،،،،،،
وإلى الحلقة القادمة ( 3 / 6 ): العمل السياسى ودعم المقاومة الفلسطينية .. بقرية الماى وشبين الكوم.



#بشير_صقر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من ذكريات الطفولة والشباب – أحداث الطفولة ج 1/ 6
- رسالة إلى من يريد أن يتذكر التاريخ أو يعرفه ..من أهالى قرية ...
- انجازات جحافل الشرطة فى ارياف البحيرة تغطى اخفاقاتها على طري ...
- حوار مع ابنتى الصغيرة حول عبارة شهيد
- أحنا وهمّا والزمن طويل : مثال عملى لدور الشرطة لمنع الفلاحين ...
- هل باع الفلسطينيون أرضهم..؟!
- مدرسة الفوالق والجيولوجيا.. أم مدرسة الإنسان والتاريخ..؟ الط ...
- خلية فيكتوريا كوليدج بالإسكندرية .. والحمض النووى الاستخبارا ...
- حروب حقيقية فى مصر.. ضد فلاحي البحيرة وعمال طرة والمسيحيين
- ملحق جريمة قتل فلاحة الكمبانية بحيرة
- ضابط بشرطة البحيرة يقتل فلاحة بقرية الكومبانية مركز دمنهور
- مجزرة شرطية جديدة لفلاحى الإصلاح الزراعى فى عزبة حبيب بالبحي ...
- فى كوم إشّو .. يا تهِشّه.. يا تنِشّه .. لكن لا نفقد الأمل - ...
- أخطر هجوم إعلامى روسى على المكارثية الجديدة فى واشنطون ..تعق ...
- صواريخ توما هوك الأمريكية فى البحر!.. كيف سربت روسيا إسقاطه ...
- مَهْرَب كوميدى من غرامة محكمة سويسرا فى قضية الغاز
- داروين وميتشورين وصواب المسار العلمى والسياسى
- مداهمات شرطية جديدة لفلاحي البحيرة.. لتنفيذ أحكام غيابية بال ...
- مهزلة هيئة الأمن القومى الأمريكي مع البنوك العالمية
- المجال يضيق أمام المنطق الأمريكى .. والأرض تحته لم تعد ثابتة


المزيد.....




- -التعاون الإسلامي- يعلق على فيتو أمريكا و-فشل- مجلس الأمن تج ...
- خريطة لموقع مدينة أصفهان الإيرانية بعد الهجوم الإسرائيلي
- باكستان تنتقد قرار مجلس الأمن الدولي حول فلسطين والفيتو الأم ...
- السفارة الروسية تصدر بيانا حول الوضع في إيران
- إيران تتعرض لهجوم بالمسّيرات يُرَجح أن إسرائيل نفذته ردًا عل ...
- أضواء الشفق القطبي تتلألأ في سماء بركان آيسلندا الثائر
- وزراء خارجية مجموعة الـ 7 يناقشون الضربة الإسرائيلية على إير ...
- -خطر وبائي-.. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود
- مدفيديف لا يستبعد أن يكون الغرب قد قرر -تحييد- زيلينسكي
- -دولاراتنا تفجر دولاراتنا الأخرى-.. ماسك يعلق بسخرية على اله ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - بشير صقر - من ذكريات الطفولة والشباب – رحلة لقريتى.. الماى (ج 2/6)