أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - روح التدين 2















المزيد.....

روح التدين 2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5714 - 2017 / 11 / 30 - 21:22
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هذا الانتظار المطلوب ليس أنتظارا سلبيا لكنه مقرون بحركة تتمثل في الإتيان الذاتي أو الوارد من جهة خارجية يفسره ويدركه العقل أيضا بالضرورة، فكان الانتظار جزء منه تسليم وقتي بالنتيجة السابقة دون الجزم بها لأنه عرضها النص غير ثابتة أو غير قطعية, وبالتالي صمته عن تبرير هذا التسليم الذي أودى بإبراهيم للنتيجة تطبيق لهذه الفكرة ومنها ما يعرف بإستحالة الفرض بناء على نظرية توالي العلل وهي نظرية خادعة أصلا يراد منها تعجيز العقل عن الوصول إلى نهاية ما من خلال جعل بوابة الأفتراض مفتوحة على اللا نهاية .
الخالق العاقل الكامل المطلق عندما يفتح باب العقل للتساؤل لا يفتحه على مجهول مطلق بل على قيم يمكنها أن تشير اليه وبوضوح كامل ومن خلال منطق العقل الذي منحه للاستدلال عليه, ويوجه بذلك مسارات البحث في النقطة التي تضع العقل الإنساني أمام خيارات منطقية لا أمام متاهات تفسد النظرية العقلية وتؤدي إلى الأستغراق التام بالعبثية التي لا تنتهي بنتيجة محددة,هنا لا يكفي أن يكون العجز لوحده وبدون تعليل أو أمل بتجاوزه عن إدراك حدود العالم الأخر دليل على وجود ولا دليل إنكار فكلاهما متساويان في القيمة التقديرية اليقينية عند الإنسان من زاوية أفتراض محضة, وعليه أن يبني على كلاهما منهج متناسب وأصيل ومجرد ومنطقي ليتوصل من خلال البرهان العقلي المساوق لفرض نظرية الخالق الرب إلى نتيجة ما تحسم الأمر ولو مؤقتا أنتظارا لظهور الدليل الكامل (اليقين المنتظر) .
في العودة إلى قصة الدليل العقلي في قضية إبراهيم الخليل لم يشأ النص أن يخرجنا عن سذاجة التبرير المشار إليه في أعلاه فأنطلق من حقيقة تتمحور حول أستحالة أن تكون الحالات التي أستدل عليها إبراهيم من خلال التأمل العقلي والمحاكمة النقدية لكل دليل على انفراد, على أنها غير دائمة وغير مستمرة بلا انقطاع دليل على ضعف الدليل من هذه الناحية فقط، فأفول الشمس والقمر والنجوم والكبر والصغر هذه الصفات والمحددات لا تكفي لوحدها أن تكون داحضة لحجية منطق الاستكشاف الأول لديه، ولا يعتد بها على أنها واقعا يمكن جعلها معيارا قياسيا للمفاضلة بين مجموعة دلائل، خاصة وإذا علمنا مثلا أن النجم أي نجم في السماء قد يكون أكبر وأعظم من الشمس حجما وإشراقا وتأثيرا على الكون وعلى الإنسان .
النص بما طرحه من فرض نتائج وافق بتلبية الميل الفطري البدائي عند الإنسان البسيط على ضرورة أن يكون الرب حاضرا بلا غياب وفعل بلا حدود، وأن يكون محدودا بجهة الفوق وخلف ستار من الغيبية وللمجهولية المطلقة, النص بإطراده في شرح الدليل هرب بالعقل بعيدا من خلال يقين إبراهيم النهائي ليوصله إلى أن يقع بحقيقة أكبر مما هرب منها، عندما وضع كل اليقين في خانة التعميم المموه بالأستحالة الإدراكية التي جعلها في أول مرة مقياس ومعيار حكمي, فالله الذي أستدل عليه لا يمتلك أي من مواصفات الثلاث المعبودات التي عبدها أول مرة لأنه بتبريره الخاص أكبر من أن يدرك حدود هذه العظمة الكبيرة، وبالتالي أفترض أن من كان يتحكم بهن من وراء عالم خفي هو من يستحق العبادة الخ القصة, هذا المنطق مقبول للعقل المحدود الذي يفترض العجز دليل الإثبات أما العقل الذي لا يبرره تبقى الأسئلة مفتوحة أمامه بنفس القيمة والمستوى السابق .
إذن الدليل الذي توصل إليه كان دليلا شعوريا افتراضيا أيضا لا دليل برهاني عملي عليه يؤازر الفكرة التي أنطلق منها ولا يبرر العجز في توفر ما أراد بالأصل من حقيقة مجهولة, هذا الأمر متأت من حقيقة الخلفية الدينية للمجتمع التي لم يستطيع التخلص منها بل وساعدت الكونية التي نشأ بها من إحاطة تامة للدين بمفاصل الحياة على أن تمنحه العذر بكون التعجز والعجز طبيعي مع كل حالة لا متناهية وطبيعة، ليس من الممكن مغادرتها بسهولة إلى حالة أكثر حراكية وأوسع في تقبلها الأفتراضات الثورية الغير معتادة, كما ولا يمكن الإحاطة بهذه الواقعية المتجذرة في أساس التكوين الفطري الإنساني لخصيصة ذاتية، وعليه أن يسلم بالنتيجة دون أن يمارس النقد الأستنكاري الفحصي للنتيجة .
هذا الشعور العاجز وإن رسمه النص على أنه فتح كبير وباب برهان عظيم فهو يعد نوع من أنواع الإستلاب القهري الذاتي والضعف الطبيعي والمبرر، لكنه ليس طبيعيا ولا مبررا من أن يكون تسليمي عام ومطلق لأن النص وإن كان دينيا محافظا إلا أنه فتح الباب واسعا للفرض والافتراض والبناء على مفاتيح متعددة، تؤدي إلى نتائج متغايرة ومتنوعة وطلب من الإنسان أن يخوض بها, وأفترض أنا أن القصة ستستمر باللا مباشر على أن إبراهيم الذي هو أنا وأنت ونحن بعد أن أستدل على المسمى لديه رب السماوات والأرض، أن يبحث بنفس المنهج والافتراض المنطقي بدليل أخر ليصل مع نهاية القناعة إلى أن يصرح برفض فكرة الله الغائب (لأنه لا يحب الغائبين )!.
أليس من الأحرى للإنسان بعد أن رسم النص الديني منهجا وإن كان بصيغة أخبار أو رواية ولكنه منحنا مشروعية يحتاجها العقل الإنساني أولا قبل أن يحتاجها صاحب النص أن يسير عليها، طالما أنها مباحة ومشروعة ولا تتعارض مع الكونية التي يرسمها البعض للنتيجة التي وصل لها إبراهيم، والتي أعتقد بل وأجزم أن حدودها هذه كانت كافية لتستفز العقل الإنساني المتحرر أن يستمر بتساؤلاته للنتيجة التي يصل بها الإنسان لأخر الأفتراضات، والتي وردت أيضا بنفس النص (أرنا الله جهرة) وإن كان لا يستلزم العقل الوصول لها لمجرد أن يمسك الدليل الذي يخرج الله من إطار الكيف والكون الغير تقليدي، أي الذي لا ينتسب للكيف والكون الوضعي الحسي الذي لا يمكن أن يكون صالحا للقياس كمعيار عام، لأنه وحسب النص ليس كمثله شيء, الحس الشيئي بحاجة إلى إزاحة من موضع القياس وأستبداله بمقومات قياسية يبتكرها العقل ويخلق بها عالم مناسب للمهمة.
وحتى لا يتحول شعور الإنسان على أنه كائن مستلب الإرادة أمام قوة الله وسطوة الحكم الديني وجبروت الطبيعة المحيطة بكل وجوده الذي طالما أشعره ويشعره كثيرا أن مجرد وجوده في هذا العالم هو أعتداء عليه لأنه تم إيجاده بعذر غير مبرر, فلا بد أن يستوجب منه أما بالمقاومة أو ضرورة وجود من يفسر له ويبرر له السبب والنتيجة أو يعوضه عن هذا الجرم التكويني بحقه ببدل مادي يجبر إنكساراته في هذا الصراع والتنازع, لذا يمكننا أن نقول أن الإنسان عندما يبدأ التفكر بوجوده يتحول طبيعيا ولا إراديا إلى ثائر من حيث لا يعلم، أنه يحتج ويقاوم هذا الإستلاب, فقد ينجح مرة بتوظيف ثورته الذاتية لتكون مكسب تعويضي وتنفيس عن الكبت والخيبة والفشل، وغالبا ما ينتهي التمرد باليأس ليتحول إلى كارثة تزيد مساحة الشعور بالخيبة من الله أو الرب أو الدين أو المؤسسة التي فرضت عليه هذا الوجود فيصبح ناقما أو نائما .
هذه النتائج الكارثية التي يصحو عليها الإنسان نتيجة الثورة الناقمة المستولدة من إشكاليات عدم الحصول على تبرير أو تفسير، أكبر ضررا على الإنسان والمجتمع والمنظومة العقلية الإنسانية بمجملها ومتعلقها الدين والأخلاق والمعرفة والفكر من الضرر المفترض، والذي يتحدث الكثيرون عنه نتيجة التفكير بنتيجة (أنه لا يحب المتخفين أو لا يحب الغائبين أو لا يؤمن بالمفترضين)، من سلسلة مقولات إبراهيم التكميلية التي أزعم أن كل إنسان عاقل يحدث نفسه بها لكنه مقموع من فكرة المحرم المقدس وضرورة التسليم بما قال النص ظاهرا دون استنطاقه ماذا يريد أبعد من بناءه أو ماذا يريد الرب منا فعلا عمله؟, قل لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون, العلم هو إرادة الرب لا التسليم التوارثي إنا وجودنا آبائنا فاعلون والله يقول أكثرهم لا يفقهون أي لا يفقه مراد النص وغايته الكبرى.
إذا السؤال المتبادر هنا, هل يصح للإنسان أن يخوض هذا الصراع والنزاع متعدد الأطراف وهو الذي يقر أولا بكونه كائن غير مكتمل لا بعنصر القوة ولا بإرادة البقاء أو المغادرة وشعوره المتأت من عجزه عن المجارات في كل مرة ليصبح مرة كافرا ومرة مجنونا؟ ومرات كثيرا عبدا للقوى المسيطرة ويخسر تمرده كما يخسر في أحيانا كثيرة قضيته الأساسية وهي حق في التعبير عن وجوده كما ينبغي أن تكون؟, الجواب الآن مرتبط بجواب السؤال الذي يثار دوما,هل نجح الإنسان مرة أن يدرك أنه متمرد غيبي يمارس تمرده في الظل ولا يصرخ بوجه من ينازعه كفى تخويفا وكفى قداسه, وليخرج من ذاكرته العميقة ذلك الطوطم الأبدي الذي يستعبده من خلال رسوخ فكرة العالم القادم المجهول الذي يقهرنا ونعلم أننا مأمورين فقط بالإيمان به دون دليل حسي أو عيني يؤكد أو ينفي وجود العالم الأخر, إن كان الجواب نعم فقد تهيأ له أن يثور صحيحا وعلى دراية واعية بما ثار من أجله, وإن كان الجواب لا فقد رزح تحت قيود العبودية للمجهول والغيب واللا أبالية في تدبر وجوده أصلا ويفقد مشروعية وجود العقل لديه أصلا.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روح التدين 3
- روح التدين 1
- دوائر مغلقة
- الأرهاب والتطرف بين علم الأجتماع وعلم النفس
- الجري وراء كوابيس غير محتمله
- المدنية الأجتماعية ودور النخبة في أرساء مفاهيم التغيير الأجت ...
- الأصلاح الأجتماعي وقضية الأصلاح الديني 2
- الأصلاح الأجتماعي وقضية الأصلاح الديني
- الأصلاح الأجتماعي وضروريات البناء المعرفي
- كلمة بداية
- (عدالة ومسئولية ومشاركة) شعارنا للمرحلة القادمة
- واقع العمل السياسي والحزبي في الأحزاب الدينية في العراق
- قررت أن أعرف ربي ح1
- قررت أن أعرف ربي ح2
- واقع الإسلام وواقع المسلمين
- تجربة الخلق والمصير
- مفهوم الظلم ودلالاته
- الحياة وتجربة ما بعدها
- العقل العربي ومسئولية الفكر
- سر المعرفة ...كلمة السر


المزيد.....




- لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟
- ماسك: كان من السهل التنبؤ بهزيمة أوكرانيا
- وسائل إعلام: إسرائيل كانت تدرس شن هجوم واسع على إيران يوم ال ...
- احتجاز رجل بالمستشفى لأجل غير مسمى لإضرامه النار في مصلين بب ...
- برازيلية تنقل جثة -عمها- إلى البنك للحصول على قرض باسمه
- قصف جديد على رفح وغزة والاحتلال يوسع توغله وسط القطاع
- عقوبات أوروبية على إيران تستهدف شركات تنتج مسيّرات وصواريخ
- موقع بروبابليكا: بلينكن لم يتخذ إجراء لمعاقبة وحدات إسرائيلي ...
- أسباب إعلان قطر إعادة -تقييم- دورها في الوساطة بين إسرائيل و ...
- الرئيس الإماراتي يصدر أوامر بعد الفيضانات


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - روح التدين 2