أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - وديع العبيدي - موقف اخلاقي من العولمة.. (3)















المزيد.....


موقف اخلاقي من العولمة.. (3)


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 5704 - 2017 / 11 / 20 - 17:00
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


وديع العبيدي
موقف اخلاقي من العولمة.. (3)
[لذلك أيها الملك، تقبّل مشورتي، وتخلّ عن خطاياك بالبرّ، وآثامك بالاحسان والرحمة مع البائسين، عسى ان يطول فلاحك!]- (دانيال 4: 27)
[وتساءل داود: هل بقي احد من بيت شاول، على قيد الحياة، لأعمل معه معروفا، اكراما ليوناثان؟]- (2صم 9: 1)

من حق القارئ التساؤل: ما معنى الموقف؟!..
ما حاجتنا للموقف في ايامنا.. ألم ننته من قروسطية الماضي؟..
هاته تساؤلات مبررة ومنطقية، ولكن بالنسبة لابناء اليوم فحسب. ابناء (العولمة) و(الفسيبوك) وما يدعى (تويتر)، وضحايا المنتجات الاميركية السريعة، والثقافة الكولونيالية الامبريالية السائدة..
في سبعينيات القرن الماضي، وعقب قرارات مجانية التعليم وبرامج التنمية المحدودة، طرأت قفزة في حجم السكان، انعكست على زيادة نسبة المقبولين في الجامعات، واقترنت تلك الزيادة بأمرين:
1- زيادة ملحوظة في نسبة الاناث في التعليم الجامعي، تقارب نصف الذكور.
2- صغر حجم الطلبة الجدد، وكأنهم من المستوى الثانوي أو المتوسط.
وفي ايام حرب الثمانينيات، تم توسيع القبول في الكليات العسكرية وتقليص مدة الدراسة من ثلاث سنوات الى عام واحد، ينقسم الى ستة اشهر: تعليم نظري، وستة اشهر تدريب عسكري. فكان تلميذ الكلية العسكرية عند اكماله التعليم النظري، ينسب الى احد الوحدات العسكرية المشاركة في القتال، لاستكمال تدريبه العسكري ميدانيا، وهناك يحصل على درجة التخرج وترقيته الى ملازم ثان. ويكون امر الوحدة واللواء مسؤولا عن تقييمه ومتابعته خلال ذلك.
تلك الوجبات العسكرية المبكرة كان يطلق عليها شعبيا بدورات [الدواجن/دجاج المصلحة]. نسبة لتلك المشاريع الزراعية التي انتشرت لتسريع نمو وانتاج الدجاج المستورد و(بيض: المصلحة العامة لتربية الدواجن).
اجيال العولمة اليوم لا يختلفون عن دورات (الدواجن) و(تلاميذ الحضانات)، في نقص نموهم الفكري وخبراتهم الاجتماعية، مقارنة بمعدل غرورهم وضجيجهم المدعوم اعلاميا.

تساؤل هؤلاء يتصل بقيمة (الاخلاق) واهمية (الموقف) في الثقافة الامبريالية. مثل هؤلاء (طامة كبيرة) في تاريخ الراهن، سيما مع الدعم الغربي والسياسي المحيط بهم، واستخدامهم في مراكز القرار والادارة العامة، وصدارة وسائل الاعلام.
ولهؤلاء دور اساس، في نشر الانحطاط وترويج مظاهر الفساد واساليبه، من خلال الاداء الاعلامي المتردي، او ادائهم السياسي في سلطات الاحتلال. ولابد من موقف صارم يتصدى لكل مظاهر الغزو وادواته وثقافته، لوقف استمرارية سيناريو الدمار، ومنع اللعبة الامبريالية من بلوغ اغراضها.
ومن غير استعادة العقل الثقافي والفكر الرصين مواقعه ودوره الاخلاقي في التأسيس والتصحيح والتشخيص والنقد وتقديم التوصيات والمعالجات، فأن اللعبة الامبريالية الرأسمالية، سوف تستمر بكل وحشيتها وكوارثها، حتى يلتهم الاخضر واليابس.
نعم.. على الحرس القديم والثقافة الملتزمة الاخذ بناصية الفعل والتغيير، وهي الوحيدة القادرة على انقاذ بلدانها وتحرير مجتمعاتها وثقافاتها من المستنقع الانكلوميركي المندفعة فيه.
ان وجود طابور الدواجن ومنتجات الحضانة الامبريالية، واستمرارهم في اية مواقع ادارية/ ثقافية/ سياسية، يخدم مشروع الكارثة وتدمير قواعد البلدان والمجتمعات.
ان بلدانا مثل لبنان ومصر وتونس وليبيا والعراق، تعيش حالة استحالة سرطانية يعسر الخروج منها، بغير عمليات جراحية واستئصال الاورام والخلايا الملوثة المزروعة في الدولة والمجتمع والثقافة والدين.
انتشار هاته الطوابير وحضانتها وحصانتها الخارجية، كان وراء فشل مشاريع الاصلاح والتطهير التي سعى اليها كل من: بشار الاسد [1965/ 2000م- ؟] عند توليه الحكم، وعبد الفتاح السيسي [1954/ 2013- ؟] في مشروعه لاخراج مصر من وحل الديون والفساد.
فكلما تعتق عهد طبقة الفساد في مواقعها، تتحول الى سمة راسخة للنظام السياسي والاجتماعي. وعلى المجتمعات الحديثة البلاء، كالعراق وليبيا، معاجلة العلاج قبل استفحاله، لتأمين طريق خروجها من التبعية الكولونيالية وعجلة الامبريالية الانجلوميركية المتورطة فيها.

[destruction] هو الاصطلاح الذي وقع عليه العقل الغربي للانفكاك من سطوة الماضي، ورد ذلك في رؤية لودفيج فتجنشتاين [1889- 1951م]لتفسير اللغة: [فك الصلة بين اللفظ والمعنى]، وربما تعود اصولها لسرن كيركجورد [1813- 1855م] الذي فطن ذات حين، انه اذا كان دور الفلسفة تبسيط مسائل الحياة، فأن دوره يحتم تعقيدها، وجاك دريدا [1930- 2004م] في التفكيك واعادة التركيب في مجال اللغة والدلالات..
من واقع المغامرة الجيلية هاته، انطلق الجيل اليميني المتاخر من (الاستشراق) لتفكيك الثوابت والارضيات التقليدية لواقع الشرق ومجتمعاته وثقافاته، طريقا لتدمير كيانات الشرق، ومسخ جيناتها ومناهجها الفكرية/ الاجتماعية/ الدينية/ الثقافية؛ ليس بغرض تقريبها من الصورة الغربية، وانما، لنزع عناصر الاصالة والابداع والانتماء والتمرد، وجعلها تابعا دونيا للسيادة الغربية.
ولعل الهند(*) –بفعل ثقافتها الهندوسية الاقطاعوية-، هي المثال الابرز في الخنوع والعبودية لرغبات المحتل/ السيد الغربي. والملاحظ ان الهند، رغم كل خدماتها وخنوعها للسيطرة الكولونيالية الامبريالية للتاج البريطاني، ليست خارج مشروع التفكيك وسيناريو التدمير الذاتي النافذ اليوم، ضد بلدان اسيا وافريقيا وأميركا الجنوبية.
[الاخلاق- التقاليد- الدين] هي ثالوث الشرق القديم والدائم، منذ اقدم مدنياتها لليوم. وبشكل او اخر، شكل هذا الثالوث نظام حصانة المجتمع والانسان الشرقي عبر الزمن.
في سيرة مهاتما غاندي [1869- 1948م]، نواجه رفض والدته لرغبة ابنها في السفر الى انجلتره لدراسة القانون. ورؤيتها لذلك لا تختلف عن رؤية امهاتنا وجداتنا بالقول:
- سوف تسافر ولن تعود الى بلدك ثانية.
- سوف تترك عاداتنا وتقاليدنا وتندمج وتصير مثلهم.
- سوف تتزوج امرأة منهم وتبقى هناك.
ولم يستطع غاندي الشاب السفر الا بعد تعهده امام والدته:
- بالعودة عند اكمال دراسته،
- ان لا يتناول اللحوم في الغرب ويبقى نباتيا حسب تقاليد عائلته،
- ان لا يتزوج امرأة انجليزية.
عاد غاندي فعلا بعد ثلاث سنوات، وعمل محاميا في بلده. وحتى نهاية حياته، حافظ غاندي على تقاليد عائلته وثيابه التقليدية ولم ينفصل عن زوجته وعائلته الهندية.
حين ارى بعض شباب الهند المقيمين في انجلتره، اكاد اذكرهم بابرز شخصية في تاريخ بلدهم. لكن هنود اليوم غير الامس. المادة والطمع والنزعة الاستهلاكية تحتل صميم اهتمامهم، وهي امور تتقاطع مع قيمهم الثقافية والهندوسية بكل طوائفها.
لكنني التقيت ايضا بشخصيات هندية كبيرة السن، تعرف الانجليز وخبثهم ومخططاتهم المستقبلية جيدا، معظمهم اساتذة جامعيون، يهمسون بتلك الافكار. كما التقيت بشخصيات دينية ترفض التحدث بالانجليزية، وهم داخل انجلتره، ويستخدمون خلال وعظهم مترجما، مع حثهم المستمر لتعلم لغة هندية. هذا مع العلم ان الانجليزية لغة رسمية في الهند، بينما لغة البلاد الاصلية ثانوية ومهمشة.
في المشهد السياسي العام، تبدو بريطانيا محتلة الهند ومهيمنة عليه. ولكن واقع الحال، ان الهند هزمت بريطانيا ثقافيا واخلاقيا وعمرانيا. تحولت انجلتره الى لندرستان وانغلستان، ولم تتحول الهند الى انجلاند جديدة مثل استراليا وجوهانسبورغ وكندا.
كما ان التسامح الهندوسي والجايني والبوذي هزم الامبريالية المسيحية وشعاراتها الفارغة، لاستعباد البلدان ونهبها-[يوحنا 10: 10]*-. ولم تنتشر الانجليكانية الا في غرب الهند في بومباي وحواليها، وهي مسيحية هندوسية مختلطة. ويبدو ان تحول برنارد شو [1856- 1950م] النباتي وتركه تناول اللحوم، وهو في عمر الخامسة والعشرين، كان تأثرا بالثقافة الهندية وعاداتها الغذائية.
فطراز العمران والبناء الهندي نقله البريطانيون المحتلون الى جزيرتهم، كما هو اليوم سمة لقصورهم الفكتورية. ونسبة اعتناق البريطانيين للعقائد والثقافات الهندية في تزايد، والمعابد الهندية ومراكز تعليم ونشر اليوغا في بريطانيا، تلقى اقبالا ورواجا، يفوق شعبية كنائسها المنحسرة.
يشكل سكان غربي الهند ممن خدم اجدادهم في الجيش البريطاني، غالبية المقيمين في المهجر، دون قطيعة مع ذويهم وقراهم الاصلية(*). وزواج الهنود من سكان اوربا حالة نادرة جدا. في مثال معاكس لمصر التي يفضل اهلها التزاوج مع جنسيات اوربية وامريكية، اكثر من أي بلد اخر. ومع ذلك، فاهل الهند ومصر هم الاكثر قبولا في بلاد الغرب، لسبب أو اخر.
باستثناء الماديات [في الميثولوجيا الهندية يعتبر (الطمع) اصل الشرور!]، فأن شبيبة الهند هم الاقل اندماجا وتعاطيا للطرز الغربية، والاقل ميلا للارتباط بالاوربيين، بما فيهم الهنود المسيحيون والكاثوليك، الذين يتبعون غالبا كنائس هندية ورعاة هنود.

نحن العرب، نختلف من هذا الجانب، وفيما يفتخر الهنود والافارقة بثيابهم القومية في مناسبات الاعراس واللقاءات الاجتماعية، يتفرنج العرب ويبالغون في تقليد طرز الغرب وصرعاتهم، ومنها ما يتعلق بقصات الشعر وانماط السلوك واللسان.
قال احد الافارقة المتحدثين العربية، وهو يعمل في مؤسسة اجتماعية لمساعدة الاجانب، ان بعض العرب لا يحب التكلم بالعربية، وبعضهم يتنكر لانتمائه العربي [الوطن الجغرافي]. وتعكس هاته وامثالها حالة الانتماء الهش وضعف الاصالة، فيميل للانتساب لهويات سيادية او اجنبية، ذات حول وصول، على شاكلة تملق الامريكان واكتساب اوراقهم.
شخص اشوري من سكان مدينة الموصل، يقول ان اجداده نزحوا من تركيا للموصل، وان اصوله غير عراقية. افراد اخرون من خلفيات اشورية وقبطية، يستنكرون وصفهم بالعرب، وينظرون للعروبة من فوق. وهي نزعة مخالفة لمسيحيي سوريا وبلاد الشام عموما، الاكثر اعتزاز ببلدهم.
التنكر لموطن الاجداد، والاصول الوطنية، يفرز ظاهرة كراهة الوطن وبراغماتية الانتساب، وتملق المواطنة الاجنبية، حتى لو كانت جنسية بلد العدو. ونحن لدينا اشكالية غير مطروقة بحثيا، هي اعتبار [لندن - واشنطن] قبلة امتياز في بلادنا، سواء في السياحة او العلاج او الدراسة او الاقامة والانتساب، مصحوبة بحالة من فخر ومباهاة، وتعريض بالوطن الام.
في قصيدة للاديب العراقي يوسف عزالدين [1920- 2013م] يقول:
وما عن هوى قد جئت لندن طالبا... ولكن اهلي يستزيدون في الذكر
يقولون فيها كل ما يطلب الفتى... من العلم والعرفان والمجد والفخر
ومن جاء منها بالشهادة ظافرا... هو العلم الهادي، ولو جاء بالكفر(*)
مثل هاته المشاعر والمسالك تقتضي بحثا وتفهما ودراسة معمقة في الظروف والاجواء والمعاملات التاريخية عبر الزمن. وفي مقدمة تلك الاسباب، ان مفهوم (وطن) في الثقافة العربية ما يزال بدائيا وقدريا، ويخضع لمكانزمات قبلية وطائفية متخلفة.
لكن هذا.. لا ينفي مسؤولية الفرد والتجمعات الاجتماعية على اختلافها، عن استمرار هاته الصورة وعدم تطور الرؤية والافق، لترسيخ مفهوم الوطن والانتماء والمؤاخاة والمواطنة.
فالموقف السلبي، او احتكار حالة الوطن او الدين او السلطة، يتسبب في افراز انزياح نحو الخارج، ويؤدي الى تفكك النسيج الاجتماعي الى اطياف متعادية، تتفتح منها بؤر داخلية لما يعرف بالطابور الخامس، او جيش المواطنين العملاء، الذي نشط من خلال معارضة حكم البعث العراقي [1968- 2003م]، وازدهر عقب الغزو الانجلوميركي (مارس 2003م).
ان المجتمع، ايما مجتمع، هو العائلة، الجوار، دائرة القرابات والعلاقات الاجتماعية، والصداقات التي تشكلها علاقات العمل والدراسة والاهتمامات الثقافية والعامة. فاذا تعكرت احد هاته الربط وانفرطت، سوف تنعكس على سواها، ويفقد المجتمع المحلي/ الوطني وحدته وخصائصه الذاتية. والحالة العراقية في المهجر، مثال لذلك التفكك والقطيعة، ودرجات الاتهام والاحكام المسبقة، لمختلف الاسباب والمرجعيات، المجتمعة لتدمير (العراق) وكيانه التاريخي.
ما قبل العولمة، جرى تقسيم العالم الى ثلاثة خنادق: [راسمالي، اشتراكي، عدم الانحياز/ مختلط]. اليوم، ينقسم العالم الى طرفين: عالم غربي سيادي، وعالم شرقي وجنوبي تابع.
عالم الغرب يتمتع بالقوة والسيادة ويتسم بالاستقرار والتقدم والرفاه. وكل ما سواه هو عكسه، من ضعف وخضوع وعدم استقرار وتخلف ومعاناة.
وبدل الموقف الوطني والاعتداد الواعي بالمسؤولية، لمواجهة التخلف والتبعية والتردي، من قبل الوطنيين والمثقفين، ازدهرت قوافل هجرة اقتصادية وثقافية، نحو بلدان الوفرة والاستقرار.
لقد نجحت السياسة الغربية في تفكيك بلداننا الى افراد، وتفكيك المصلحة القومية الستراتيجية الى جداول مصالح شخصية وفردية، داخل العائلة الواحدة. وانتشرت حالات العوائل المنقسمة او المتفتتة، كل فرد فيها، وكل جزء منها، يرسم اهواءه ومصالحه، بشكل مخالف ومعاد للشريك العائلي.
والطريف، انه فيما تبرز منظومات الدين والطائفة والعشيرة، كمهيمنات اجتماعية سياسية في مجتمع الغزو والعولمة، نجد انها ترسخ قيم الانانية والطمع والتمرد والانقسام. وهو امر يكشف وقوع تلك المنظومات التقليدية تحت سلطة الغزو، على حساب روابطها التقليدية والتاريخية.
المفارقة هنا، ان مثال الهند ومصر المذكور سلفا، يتميز بقوة الانتماء والروابط المحلية والوطنية في الخارج. يقابلها غياب الرابطة الوطنية والتواصل الاجتماعي والثقافي بين عراقيي المهجر.

وفي لندن/ متروبوليتان المهجر العراقي، لا يوجد عنوان واحد شامل جمع العراقيين كلهم، انما توجد جملة عناوين ثقافية/ اجتماعية، لا يخفى الطابع الطائفي او الحزبي والسياسي وراءها. بل ان بعض العناوين الفرعية هاته، ينقسم الى اكثر من فئة(*).
ان الحاجة المنطقية تقتضي اجتماع عرب المهجر في اطار اجتماعي موحد، يشكل دعامة لهم في كل بلد من بلدان المهجر. وتتعاون الاطر في اجتماع سنوي او مؤتمر دوري، ينسق السياسات والاهداف وبرامج العمل والتقنيات، بما يدعم تلك الاطر، لتكون قادرة على توفير الحماية والرعاية وتامين مستلزمات عرب المهجر، في مواجهة السياسات والتغيرات السياسية التي تتهدد وجودهم او مصالحهم او بلادهم.
لم يكن لكل عرب المهجر أي موقف معتبر، في الزلازل والكوارث التي دهمت الشرق الاوسط. وبالنسبة للمقيمين في بريطانيا والولايات المتحدة، يبدو الامر مرثاة ومدعاة للاستهجان. بل ان الاخيرة، نكاية في الدين واللسان والانتماء، جيشت عشرة الاف من الشبيبة العراقية او العربية، ضمتهم الى جيش غزوها للعراق عام (2003م)، خدموا كادلاء ووسطاء ومترجمين.
هؤلاء هم ابناء العولمة وثقافة اللاانتماء. هؤلاء فضلوا الحصول على جنسية امريكية او مصالح مادية لقاء استعداء بلادهم. هذا المثال يستدعي معالجة شجاعة للموضوع ، لأن الاوطان لا تموت بجرة قدم. والوطنية لا تنمسح بصاروخ او قنبلة ذرية.
علينا اليوم معرفة ان اسفار (التناخ)/[Tanak]* التسعة والثلاثين او جملة الستة وستين سفرا في (البايبل)/ [Bible]، كتبت من اجل فكرة الوطنية اليهودية/ الاسرائيلية/ الصهيونية. وان هذا الشعور الذي تخذ طابع الدين والامر السماوي، تحول الى كتاب مقدس، تعتمده ديانات عالمية كبرى، منها ديانات العرب انفسهم. وكل اتباع تلك الديانات حول العالم، يكررون ويعلنون حقهم القومي في اطار وطني وعاصمة خاصة بهم، تكون اعظم واقدس من سواها حول العالم.

فهل جرؤت العولمة: بريتانيا او الولايات المتحدة، المس بحقوق اليهود حول العالم، او حدود دولة اسرائيل، او التدخل في شؤونها، بالطريقة التي تعاملت بها مع العرب وبلادهم التي هي اضعاف اضعاف مساحة اسرائيل وسكانها.
لقد قام الغرب الانجلوميركي بغزو وتدمير شامل لاربعة بلدان عربية: [لبنان- العراق- ليبيا- سوريا] يزيد سكانها مجتمعة المائة مليون انسان، وسط صمت وتواطؤ عالمي واقليمي وشعبي. وذا كانت للحكومات مصالحها، فما هي مصلحة الافراد والهيئات الشعبية في السكوت، سواء كانت في الداخل او الخارج. لقد عدمنا الموطن والمسكن والمأمن والمستقبل، عدمنا الحق والكرامة والمأوى، فيما يعيث الاجنبي هناك ويتسلطن!..
كرامة الفرد من كرامة وطنه وانتمائه الثقافي او الديني، فأين هي كرامتنا؟..
اين هي كرامة العربي، الشخصية او الثقافية او الوطنية؟..
يكفي العربي انه يفتقد حكومة تتكفل به وتصونه!.. بل يكفيه انه متهم ومطلوب في هذا البلد او تلك، ان لم يكن من طائفة دينية او جماعة قبلية!..
يقول الرصافي [1879- 1945م] مع بعض التصرف:
تجوز سيادة الهندي فينا... واما ابن البلاد فلا يسود
اذن، فالهند افضل من بلادي.. وافضل من بني شعبي اليهود!
العولمة حولت بلادنا العظمى الى حظائر بقر اميركية، او مستودع للمواد الخام والايدي العاملة، ومختبر لتجربة الاسلحة والاعتدة الامبريالية المستجدة!..
ما هو الموقف الان؟..
ما هي اللغة؟..
ما هو الادعاء؟..
ما صلة كل ذاك بالوهم والخرافة؟..
هل نؤكد اصالتنا وانتماءنا الحقيقي، ام نبحث عن هوية مستعارة وولادة هجينة؟!..

ـــــــــــــــــــــــ
* يوحنا (10: 10): [السارق يأتي ليسرق (الثروات)، ويذبح (الشرفاء)، ويهلك (البلاد ومستقبلها)!]. وهذا ما فعله ويفعله الغزاة والمحتلون في كل بلاد، بينما يتذرعون بشعارات كاذبة. والمقصود بـ(السارق) في الانجيل هو الشرير: (ابليس).
* انشئ الفيس بوك عام (2004م) من قبل الامريكان: مارك سوكربيرغ، داستن موسكوفيتش واخرين.
* انشئ نظام التويتر من قبل الامريكان جاك دورسي، نوح جلاس واخرين.
* الهند.. بقرة فكتوريا السمينة- وديع العبيدي- الحوار المتمدن- ع 5675- 21 اكتوبر 2017م.
* في الحادي والثلاثين من ديسمبر (1600م) اصدرت اليزابيث الاولى مرسوم انشاء شركة الهند الشرقية بادارة تجار لندن، مانحة لها سلطات احتكارية على تجارة الهند وجميع مستعمراتها في جنوب شرق آسيا. وبعدها تحولت هذه الشركة من مشروع تجاري إلى مؤسسة تحكم جميع الولايات الهندية وجميع مستعمرات التاج البريطاني في المنطقة، وذلك بدعم سياسي وعسكري من التاج البريتاني. وقد استمر ذلك حتى اندلاع التمرد والعصيان المدني في الهند عام (1858)، ليبدأ اثرها الحكم العسكري المباشر لبريتانيا [1858- 1945م].
* تم استخدام الهنود في عمليات الجيش البريطاني حول العالم. وبعد الحرب تستقر عوائل الجنود في المستعمرات. وقد التقيت افرادا منهم، من مواليد شرق افريقيا، وعندما استقلت تلك البلدان، تم تخييرهم بين حمل جنسية البلاد، او العودة للهند، لكنهم فضلوا الانتقال الى اوربا وانجلتره، مستفيدين من المزايا الممنوحة لهم لكون اباؤهم واجدادهم خدموا التاج البريتاني.
* (1602م): انشاء شركة الهند الشرقية الهولندية.
* في رواية حنان الشيخ: (هذه لندن يا عزيزي)، تستعرض ثلاث شخصيات عربية، احدها فتاة عراقية ترتبط بعلاقة مع شخص انجليزي على امل الزواج منه. ولكنها بعد نصف عام من العلاقة والانتقال للحياة في شقته، يصرفها ويرفض الزواج منها.
* في الشعر العراقي المعاصر ثمة قلة من الشعراء المعروفين بمعارضة الانجليز، منهم: معروف الرصافي [1879- 1945م]، يوسف عزالدين [1920- 2013م]، حسين مردان [1927- 1972م]، وكاظم جواد [1928- 1984م] الذي وصف في قصيدة له، ان شوارع لندن تضاء من دماء بلادي!



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مطالبة بريطانيا بالاعتذار للعراقيين جراء احتلالاتها للعراق.. ...
- موقف اخلاقي من العولمة.. [1 و 2]
- المطلوب.. موقف اخلاقي من العولمة..!
- تمنيت لو ان الحياة قصيرة..!
- توهوبوهو/ [ToHuBoHu]
- قتل اللغة: فصل اللفظ عن الدلالة..
- الهند.. بقرة فكتوريا السمينة
- عامل لا طبقي..!
- ظلال القهوة..
- وفاة الكاتب والمترجم العراقي سعدي عبد اللطيف في لندن
- قدري ان اخرج من قدري
- لابد من ثورة شعبية اشتراكية وان طال التخبط
- يا بلد اصح..!
- يا درب المحبة.. اشغيّر الانسان!..
- (عصفور منفرد على السطوح..)
- استعداء قطر.. خطوة اخرى في سيناريو دمار العرب والمنطقة..
- اصدقاء ما بعد الحداثة.. [2]
- اصدقاء ما بعد الحداثة..!
- دامداماران [26] الاسلام.. الردّ.. الخلاصة..
- دامداماران [25] المانوية [Manichæism]..


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - وديع العبيدي - موقف اخلاقي من العولمة.. (3)