الديكتاتوريات في أمريكا اللاتينية:

محمد فكاك

الحوار المتمدن-العدد: 5701 - 2017 / 11 / 17 - 21:59
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    

وكم بدأت أود أن يطلع الملك على روايات الكاتب الروائي الكولومبي، روائي الديكتاتوريات في أمريكا اللاتينية:غابر يل غارسيا ماركيز وخصوصا رواية" مائة عام من العزلة" و"ليس لدى الكولونيل من يكاتبه" لعله يجد في قراءة هاتين الروائيتين الوثيقتين الأدبيتين العظيمتين أفضل ممتعة ممكنة لمعرفة الجديد الإبداعي والنادر ويكتشف الملك كثيرا من الأسرار الداخلية التي تجتاح دواخل الضباط والكولونيلات والجنرالات في الشرطة والعسكر والدرك والجيش والسلطة في العديد من شؤون الحياة والاقتصاد والاجتماع والثقافة، التي تضيء أمامه أعمالهم ونواياهم وتواطؤ اتهم وتآمر اتهم، حتى تطمئن الطمأنينة الكاملة والراحة السعيدة إلى من تضع بين أيديهم مقاليد زمام أمور حكمك، إذ أجد كل الغرابة وكل الدهشة من ملك يحكم المغرب في إطار نمط ديكتاتوري استبدادي افتراسي اختلاسي ارتشائي فاسد ومفسد ولا ينتابه إحساس شديد بالخجل ، فلا يكون له متسع من الوقت لكي يكون له اطلاع واسع جاد ومخلص بفلسفة الحكم الدستوري البرلماني الديمقراطي الشعبي لضمان الحد الأدنى من التحكم في أجهزة الدولة البوليسية القمعية الهمجية البربرية الحيوانية الوحشية السادرة في غيها وجبروتها وضاربة بعرض الحائط كل القيم النبيلة والأخلاق الإنسانية الرفيعة الخالدة.
وكما تعلم أنه ليس الخاسر في النهاية، سوى أنت الديكتاتور الاستبدادي الفردي المطلق الذي تعيش العزلة المطلقة ولكنها يغلفونها بالمديح السهل المريح والتمجيد المزور والتبجيل الكاذب المزيف، هذه العزلة عن الجماهير من شأنها أن تبعث فيك السأم والملل لتعارض هذه الحالة عن الطبيعة والإنسان، وتصبح حياتك مسئمة مملة قاتلة، وتعيش خريف الديكتاتور المغربي الفكرية والفلسفية والمعرفية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفنية.. فمن واجبك الإنساني على نفسك بل من حقك الضروري أن يكون لك اتصال مباشر بالناس المحرومين المقهورين المعذبين، وأن تقف شخصيا على أوضاعهم وأحوالهم وكوارثهم الاجتماعية والاقتصادية وتظلماتهم واحتجاجاتهم واستنكاراتهم وتنديداتهم وإداناتهم وشجبهم لسياسات عصاباتك وخنازيرك وسماسرتك وشراذمك وطغاته وبغاتك وزناتك في كل إقليم وفي كل مدينة وفي كل قرية، هؤلاء الخونة العملاء من مصالحهم أن لا يقع ما تبثه الجماهير الشعبية المنحورة المستغلة المضطهدة المقهورة المحتجة بين يديك وأنت لكي تكون ديكتاتورا حقيقيا تحتاج إلى الاتصال المباشر ودون وسيط مغرض بالجماهير الشعبية الكادحة من عمال وفلاحين ونساء وشباب ومعطلين وتلاميذ وطلاب ومعلمين وأساتذة وموظفين وتجار ومهنيين وحرفيين ومهندسين وموظفين ومثقفين ثوريين.
والدليل القاطع على هذه الأقوال ، هي أن جميع مستشاريك ووزرائك وعلمائك وفقهائك وحاخاماتك وأحبارك ورهبانك وقسيسيك وبلطجياتك يشكلون بين الحسن السفاح وبين الشعب كما شكلوا اليوم سدا منيعا بينك وبين الجماهير الشعبية، فمتى تبدي الجرأة والشجاعة وتطرد الوسطاء والسماسرة وتبعدهم جانبا فلا توسطهم بينك وبين الجماهير. وبالتالي لا يعود أمام الجماهير الشعبية والطبقة العاملة من حل سوى اللجوء إلى للتعبير عن المطالب العادلة والمشروعة للشعب المغربي كأمر لا مناص منه.
إن ثورة كل من عشرين فبراير المجيدة ومن ثورة الحسيمة الفريدة إنما هما مقدمتان ضروريتان للثورة الشعبية الشمولية الجماهيرية ، ولست أدري هل هذا الأمر جديد على المنظرين البرجوازيين ، ليس فحسب عن ثورة حركة عشرين فبراير وثورة الحسيمة، بل إن كل الثورات التي اندلعت في المغرب سابقا كانت بمثابة مقدمات لهاتين الثورتين الشاملتين الغاضبتين الجديدتين.
لكن يبدو أن ما استنفدته من دروس من هاتين الثورتين المغربيتين- عشرين فبراير وثورة الحسيمة الريفية الحمراء، سوى الزواج غير الشرعي بين الحكم الملكي الجلاوي الليوطي الديكتاتوري الاستبدادي الطغياني والمال العام المنهوب المختلس المفترس، أي التركيز على الهيمنة الجلاوية الليوطية لعائلة محمد السادس وأسرته وأقاربه وأهله. فكان من نتائج سياساتك اللاوطنية اللاديمقراطية اللاشعبية أن انعزلت ملكيتك وانفضحت وظهر كتاب " الملك المفترس" كشهادة بالأرقام على حجم الانتهاك والخرق وهول الفساد فساد المؤسسة الملكية الجلاوية الليوطية الرجعية وديكتاتوريتها واستبدادها المالي وجشعها وإرهابها الاقتصادي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والفني، عندما يفرض الملك ميزانيات القصور والبلاطات على البرلمان قديما وحديثا من دون مناقشة حول المبالغ المقدسة كشهادة معززة بالأمثلة الملموسة الواقعية الثابتة ذات المصداقية ومنها ما وصل فضائحه إلى القضاء وعلى بحار ومحيطات الشبكة العنكبوتية المتطورة... ومنها بالأساس تعامل الملك مع شركات تابعة للأخطبوط الملكي من أجل تمويل رغبات ونزوات القصر التي تستنزف 07 مليون درهم يوميا من المال العام والحرص على ضخ أموال من صندوق المقاصة للشركات الملكية، ناهيك عن إعفاء بعضها من الضرائب مثل تجميد الضريبة على الأنشطة الفلاحية أو سن قانون للضرائب يصب أولا في مصلحة الشركات الملكية المحظوظة، ويبلغ الافتراس مداه عندما يصيح التلاعب بسوق البورصة سبيلا للاغتناء وإثراء الأسرة والعائلة والأتباع والأشياع والأصدقاء والحلفاء.
لست أدري لماذا جعلت الأحزاب السياسية مسألة السلطة من المسائل الأساسية التي استحوذ عليها الملك وأصبحت كلها بيد الملك يمنحها ويؤتيها من يشاء وينزعها ممن يشاء ويمنعها عمن يشاء دون حسيب أو رقيب، وهذه القوى الانتهازية الارتدادية الشوفينية تريد أن يربح الملك الحرب ضد الشعب حتى يتأتى لمحمد السادس أن يصبح أعنف ديكتاتور دموي تعرفه البلاد المغربية .
ماذا تعني انتماءات كثيرمن المثقفين إلى المغرب وعيشتهم ورضاهم في ظل حكم ديكتاتوري استبدادي جلاوي ليوطي رجعي مفخخ، ولم يكتبوا ولم يكلفوا أنفسهم مشقة التمعن والبحث عن قرب وعن ماهية هذا النظام ألاحتلالي الاستيطاني حيث يجثم فوق صدر البلاد ديكتاتورية فرد واحد أحد صمد ، ممكن انفجاره وتناثر حطامه.
يستحيل على المثقفين غض الطرف عن عالم الرواية، إذ مغرب بلا رواية هو تغييب وجهل لكنه وحقيقة المغرب، حيث يعيش المغرب اليوم مرحلة الانحطاط الإقطاعي شأنه مثل فيل ثالث أنتج غولا فظيعا رابعا.
فلماذا لم يتقدم بعض الجنرالات الذين مارسوا سياسة الأرض المحروقة ضد السكان العزل، وارتكبوا أفظع المشاهد في حق الشعب المغربي رغم عدم مشاركتهم في العمليات الحربية، على أن يحضر رجالات الصحافة الوطنية والدولية
وإجراء محاكمات علنية لهذه الأشخاص حتى لا يقال إن هذه الأحكام جائرة وظالمة.
لكم أود أن ينبثق في مغربنا كاتب روائي يكتب لنا مثل رواية " خريف البطريرك" لكن على شرط أن تكون هذه الرواية نسخة عن السلطة الديكتاتورية الاستبدادية الفردية المطلقة في المغرب، لأنها ستقدم للناس أعلى ما يمكن بلوغه ومعرفته، أي بلغة روائيي الديكتاتوريات في أمريكا اللاتينية: غابريل غارسيا ماركيز، أعلى ما يمكن الفرد بلوغه في نشاطه على سلم ترقي المناصب. إذ لا يوجد شيء أعلى من السلطة. فهي بمثابة الفلينة التي تطفوا ومن ثم تطفو عاليا إلى أن تصل إلى سطح الماء ولا تعلو فوقه، إذ هذا حدها. السلطة المطلقة هي أيضا حد مطلق.
إن الثورةالكوبية قد أقامت المحاكم الشعبية الثورية، حيث كان يجب تطبيق العدالة الثورية، فالثورة الكوبية قد تكون الوحيدة في تاريخ البشرية كلها التي لم يقدم الشعب أثناءها على إعدام أحد، عندما تقدمت جموع الشعب إلى الشارع لتطبق بنفسها حكم العدالة. وكان هناك مجرمون عسكريون وكان ينبغي إعدامهم بناء على ما نصت عليه أحكام محكمة الشعب لأنهم أقاموا حمامات الدماء.

#محمد_فكاك (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات