أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - إبراهيم ابراش - إشكالية الموضوعية في البحث والتحليل السياسي














المزيد.....

إشكالية الموضوعية في البحث والتحليل السياسي


إبراهيم ابراش

الحوار المتمدن-العدد: 5688 - 2017 / 11 / 4 - 14:28
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


الموضوعية الكاملة في الكتابة والتحليل السياسي أمر مطلوب ومستَحَب ولكنها بعيدة المنال ،وهي في ذلك تشبه الصِدق في السلوك البشري العام ،الكل يدعيه ويرغب به ولكن تبقى الأمور نسبية . و يقصد بالموضوعية تحليل الظواهر والأحداث السياسية بعيدا عن الموقف المُسبَق للباحث والمحلل السياسي وعدم التحيز لمصلحة مادية أو سياسية ضيقة , والتزام الموضوعية انطلاقا من ذلك أنه لو قام باحثان أو أكثر بتحليل موضوع سياسي أو اجتماعي ما ستكون النتيجة المتوصل لها واحدة .
عمليا فإن الموضوعية تبقى نسبية وخصوصا في مجال البحث الاجتماعي والسياسي ، فدائما توجد فجوة كبيرة بين تصورات وفهم المحلل السياسي للواقع و الواقع ذاته ، كما أن الحقيقة نسبية دائما ولا توجد حقيقة مطلقة إلا الله – حتى على هذا المستوى فالله حقيقة مطلقة عند الذين يؤمنون به فقط ،وهناك من لا يُقر بهذه الحقيقة- ، وعندما تكون الحقيقة نسبية فلا يجوز لأحد وخصوصا في التحليل السياسي والاجتماعي أن يدعي إمتلاك الحقيقة أو أنه موضوعي بالكامل .
ومن جهة أخرى فإن مجال البحث والتحليل السياسي مليء بالألغام والشِراك والباحث أوالمحلل السياسي إنسان له أهواء ونزعات ومرتبط بمصالح وأهداف متعددة ،كما لا يمكنه عند تناوله لموضوع اجتماعي سياسي ما أن يُلم بكل عناصر الظاهرة أو الموضوع محل البحث باستقراء كامل نظرا لتعدد المتغيرات الفاعلة في الظاهرة كما أنه محكوم بمحددات الزمان والمكان وهامش الحرية المتاح له وهذه أمور متغيرة ومتبدلة .
الباحث بوعي منه أو بدون وعي سيجد نفسه يعبر عن موقف ما، يؤيده أو يرفضه، وحتى وأن اتخذ موقفا محايدا في قضية مختلف بشأنها، فإن حياده يعد موقفا بحد ذاته، لذا فإن التحيز لقضية ما أمر وارد ، وليس بالضرورة أن يكون لكل الباحثين والمحللين الاحتماعيين والسياسيين نفس الرؤية والموقف ويتوصلوا لنفس الخلاصات ، فهذا ما يتنافى مع حرية الرأي والتعبير والتعددية الفكرية والسياسية ،ومن حق كل باحث أن يدافع عن فكرة أو حزب أو أيديولوجية أو قضية وطنية او قومية يؤمن بها .
ولكن التحيز أو الشطط في التحليل المنافي للموضوعية هو ذلك الناتج عن فعل إرادي يقوم به الباحث قصد تشويه الحقيقة بهدف التَكسب وابتغاء مصلحة خاصة، أو تلبية لميول أيديولوجية ضيقة، أو سعيا وراء الشهرة الإعلامية ، أما أن يتوصل إلى نتيجة مختلفة عن النتيجة التي يتوصل إليها باحث آخر فإن هذا الاختلاف لا يعتبر تحيزا أو منافيا للموضوعية، فالحقيقة الاجتماعية لها عدة وجوه، وقد اعتبر أوسكار لانجه في كتابه (الاقتصاد السياسي) أن: "الخلافات في الرأي طبيعية تماما في تطور العلم، إذ أنها تنبثق عن الطبيعة الجدلية للمعرفة، حيث يتكون الفكر الإنساني من خلال التفاعل المتبادل بين الإنسان والواقع المحيط به، فالمعرفة تتطور من خلال التعارض بين نتائج المشاهدات والتجارب الجديدة والأفكار والنظرية العلمية القائمة من قبل".
وعليه فإن تعدد الآراء لا يشكل أي تعارض مع الموضوعية العلمية لأن التعددية هنا صراع من أجل الوصول إلى الحقيقة،أما التحيز أو انتفاء الموضوعية عند المحللين والباحثين السياسيين فهو التحيز الذي يُبعد الباحث عن فهم الواقع على حقيقته عمدا، وإن كان يفهم الواقع فإنه يتعمد إعطاء صورة عنه على خلاف حقيقته ،والخطورة عندما يلجأ المحلل السياسي بوعي أو نتيجة جهل إلى لي عنق الحقيقة وتجاهل الوقائع على الارض بهدف تحقيق مصالح شخصية أو لخدمة جهات خارجية تريد تشويه الحقائق خدمة لأغراضها الخاصة .
إن كون الباحث جزءا من الظاهرة محل البحث – مثلا الأصولية ، الديمقراطية،الإرهاب، الطبقية، الربيع العربي ، الانقسام الفلسطيني، الخ - يؤثر ويتأثر بها لارتباطه بموضوع بحثه سواء على مستوى الوضع العائلي أو جنسه أو وضعه الطبقي أو انتمائه القومي أو الحزبي .. كل ذلك يحد من ضمان نقاء الوعي أو حياده بالكامل ، لأنه كانسان يميل بطبعه إلى إسقاط وضعه الاجتماعي أو مصلحته على الأفكار، فتكون نتائج البحث متحيزة لا تعكس بالضرورة واقع الظاهرة المبحوثة، بل تعبر غالبا عن رؤية الباحث لهذا الواقع .
إنطلاقا مما سبق فإن الإلتزام بالموضوعية يبقى أمر نسبي ومجمل التنظيرات في المجال السياسي هي أقرب إلى الافتراضات ووجهات النظر أو أحد جوانب الحقيقة وليست كل الحقيقة ،وكل مَن يزعم أن تحليله أو بحثه ،حتى وإن التزم بشروط البحث العلمي ، تحليلا موضوعيا يطابق الواقع والحقيقة هو مجرد زعم يحتاج لتمحيص ، لأن الباحث الاجتماعي والسياسي غير منفصل عن الظاهرة التي يبحثها وله موقف مسبق منها سلبا أو إيجابا وهذا ما دفع مفكر كجان بياجه إلى القول بأن الباحث السياسي والاجتماعي أو من يقول بأنه عالم في هذا الشأن : " ليس أبدا عالما خالصا لأنه دوما مرتبط بموقف ما فلسفي أو أيديولوجي وبخصوصيات اجتماعية، وملتزم بالمحايثة الاجتماعية".
والخلاصة نتمنى على كل باحث أو محلل سياسي أن يكون متواضعا في الحكم على نتائج بحثه وتحليله ،ويستلهم مقولتين لعالِمين ومفكرين كبيرين ،الأول العربي المسلم الإمام الشافعي( 150-204 هـ /767-820 م ) عندما قال : "رأيي صواب يحتمل الخطأ،ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب" ، والثاني الكاتب والفيلسوف الفرنسي فولتير (21 نوفمبر 1694 – 30 مايو 1778( عندما قال : قد أختلف معك في الراي ولكني مستعد أن أدفع حياتي ثمنا لحقك في التعبير عن رأيك" .
.

[email protected]



#إبراهيم_ابراش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وعد بلفور :افتئات على التاريخ وانتهاك للحقوق
- السياسة بين الواقعية والمثالية
- الإرهاب في سيناء : معادلة مختلفة
- متغيرات السلطة والمعارضة في العالم العربي
- مصالحة خارج سياق المصالحة الفلسطينية
- ما يريده الشعب وما تستطيعه الحكومة
- ما وراء التحول المفاجئ في ملف المصالحة الفلسطينية
- بعد خطاب الرئيس أبو مازن : فراغ استراتيجي ومستقبل غامض
- نحو مراجعة استراتيجية للفكر القومي العربي
- وفد أمني إداري مصري في قطاع غزة لضمان تنفيذ اتفاق المصالحة
- منظمة التحرير الفلسطينية :يتعنون بها ولا يريدونها
- في ذكرى توقيعها : اتفاقية أوسلو وتداعياتها
- هل تهيء مصر للصفقة الكبرى ؟
- اختزال الوطن في السلطة والوظيفة
- إسرائيل وسياسة تفكيك الصراع وتغيير طبيعته
- التباس مفهوم المصالحة الفلسطينية وزيارة ابو مازن لتركيا
- من سيملأ فراغ انحسار الإسلاموية السياسية ؟
- العودة لمنظمة التحرير الفلسطينية بعد فشل كل البدائل
- لماذا لم يتجهوا شمالا بدل الاتجاه جنوبا ؟
- حتى لا ننسى : إسرائيل عدونا والاستقلال هدفنا


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - إبراهيم ابراش - إشكالية الموضوعية في البحث والتحليل السياسي