أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلال ابو شاويش - طاووس!















المزيد.....

طاووس!


طلال ابو شاويش

الحوار المتمدن-العدد: 5676 - 2017 / 10 / 22 - 22:48
المحور: الادب والفن
    



تسمّر أمام المرآة لأكثر من ساعة... جرب ما يزيد على عشرين ربطة عنق... كافة الألوان الأصلية والمركبة... زفرت زوجته وتمتمت:
- ألا تثق بذوقي إلى اليوم حبيبي ... أنت handsome في كل حالاتك... لا داعي لكل هذا العناء !
ابتسم وهو يتأمل نفسه في المرآة ليطمئن إلى اختياره الأخير... قال وهو يثبت ياقة قميصه الوردي ويزيل بعض حبيبات ال make up عن خديه الحليقين المتوردين...
_سننتظر قليلاً قبل الحفل في الصالة الخارجية... وسيندفع الجميع لمصافحتي... سأحاول تجنب العناق كي لا يفسدوا مظهري... سيصفق البعض فور وصولي ترحيباً بي... وسيهبّ موظفو الفندق وعلى رأسهم مديرهم لاستقبالي بحفاوة... سيدعونني لتناول النوع الذي أحبه من الجاتو، وكأس الزهرات الذي أحبه... اسمعي... لن أتناول شيئاً... الطبيب في مركز الأعشاب المتخصص نبهني إلى أن وزني قد ازداد قليلاً... سأتجنب دعوتهم وسأنتبه إلى النظام الغذائي الخاص بي... وما أن يبدأ الحفل، سيصطف الجميع على الجانبين ليسمحوا لي بالمرور... سأرسم الابتسامة التي تدربت عليها وأثبتها على وجهي... وسأتوجه بهدوءٍ إلى المقعد المحجوز في الصف الأول أمام المسرح تماماً... سألتفت إلى الخلف بزاوية صغيرة وأشوّح للحضور بيدي... سيبادلونني التحية لأن جميع العيون شاخصةٌ نحو مقعدي... سيقوم مقدم الحفل بالترحيب بي قبل بدء الفقرات... سأحاول تجنب الرد على المكالمات الهاتفية خلال فقرات الحفل... هذا لا يليق بقائدٍ كبير... سأرد على الضروري منها فقط... سيعذرني الجميع... فهم يعرفون ضخامة المسئولية الملقاة على عاتقي !
انطلق بسيارته عبر شوارع المدينة... كان يلمح المارة يتوقفون ويشيرون إليه فور رؤيته والسائقون يتمهلون بسياراتهم ليسمحوا لسيارته بالمرور...
وصل إلى الساحة الخارجية للفندق... بالكاد وجد مكاناً يضع فيه سيارته... كانت سيارات أخرى تملأ المكان، ويترجل أصحابها وينطلقون إلى الردهة الخارجية بسرعة... عددٌ كبير من موظفي الفندق ينتقلون من مكانٍ لآخر لينجزوا أعمالهم دون أن يلتفتوا إلى أحد... عدّل من هندامه أمام بوابة الردهة ودخل بخطى واثقة... راح يفترس الحضور بنظراته... كان الحضور يتحلقون في مجموعاتٍ صغيرة يدردشون ويطلقون النكات فتصدح ضحكاتهم في فضاء الردهة... لاحظ أن مدير الفندق يجلس خلف الحاجز الخشبي دون أن يرفع عينيه عن شاشة الحاسوب... وراح الجرسونات يحملون الطلبات إلى الحضور ويمرون من أمامه و من خلفه دون أن يتقدم أحدهم ليسأله عما يرغب بشربه...
حان موعد الحفل... اندفع الحضور نحو بوابة الصالة.... كان العدد كبيراً... توقف قليلاً علّ أحدهم يفسح له المجال للمرور... لكن أحداً لم ينتبه لذلك... ظل متسمراً مكانه حتى ابتلعت الصالة جميع من حضر... تقدم وحيداً... مرتبكاً... نظر نحو المقاعد الأمامية... كان الشبان والشابات يشغلونها... انتحى ركناً قصياً في الصالة قرب الباب الخارجي... ارتمى في مقعده مشتت الذهن... زائغ النظرات...
مرت فقرات الحفل أمامه كمشاهد فيلم سينمائي صامت... كانت الأشباح تروح وتجيء على خشبة المسرح دون ان يدرك شيئا مما يجري... مر الوقت ثقيلاً خانقاً...
انتهى الحفل وخرج المدعوون يتحدثون ويتصايحون ويعلقون ويتناقشون... مروا بمقعده قرب الباب دون ان يلتفتوا... غادر الجميع... حاول أن ينهض... لم يستطع... كانت قدماه مثبتتين بالمقعد المعدني الذي يجلس فيه... استجمع قواه حتى تمكن من خلعهما منه... جرجر ساقيه نحو سيارته... في الردهة الخارجية كان العاملون يعيدون ترتيب المكان بعد الحفل...غادر دون أن يعلق بخياله سوى صورة ذلك العامل وهو يمسك بمكنسة ملونة صنعت من ريش ذيل طاووس ويقوم بمسح الزجاج الخارجي لبوابة الفندق !!!

تسمّر أمام المرآة لأكثر من ساعة... جرب أكثر من عشرين ربطة عنق... كافة الألوان الأصلية والمركبة... زفرت زوجته وتمتمت:
- ألا تثق بذوقي إلى الآن ... أنت جميلٌ دون كل هذا العناء !
ابتسم وهو يتأمل نفسه في المرآة ليطمئن إلى اختياره الأخير... قال وهو يثبت ياقة قميصه الوردي ويزيل بعض نترات "الميك أب" عن خديه..
سننتظر قليلاً قبل الحفل في الصالة الخارجية... وسيندفع الجميع لمصافحتي... سأحاول تجنب العناق كي لا يفسدوا مظهري... وسيصفق البعض فور وصولي ترحيباً بي... سيهبّ موظفو الفندق وعلى رأسهم مديرهم لاستقبالي بحفاوة... وسيدعونني لتناول النوع الذي أحبه من الجاتو، وكأس الزهرات الذي أحبه... اسمعي لن أتناول شيئاً... الطبيب في مركز الأعشاب المتخصص نبهني إلى أن وزني قد ازداد قليلاً... سأتجنب الدعوات وسأنتبه إلى النظام الغذائي الخاص بي... وما أن يبدأ الحفل، سيصطف الجميع على الجانبين ليسمحوا لي بالمرور... سأرسم الابتسامة التي تدربت عليها وأثبتها على وجهي... وسأتوجه بهدوءٍ إلى المقعد المحجوز في الصف الأول أمام المسرح تماماً... سألتفت إلى الخلف بزاوية صغيرة وأشوّح للحضور بيدي... سيبادلونني التحية لأن جميع العيون شاخصةٌ نحو مقعدي... سيقوم مقدم الحفل بالترحيب بي قبل بدء الفقرات... وسأحاول تجنب الرد على المكالمات خلال الفقرات... هذا لا يليق بقائدٍ كبير... سأرد على الضروري منها فقط... سيعذرني الجميع... فهم يعرفون ضخامة المسئولية الملقاة على عاتقي...
انطلق بسيارته عبر شوارع المدينة... كان يرى المارة تتوقف وتشير إليه فور رؤيته والسائقون يتمهلون ليسمحوا لسيارته بالعبور...
وصل إلى الساحة الخارجية للفندق... بالكاد وجد مكاناً يضع فيه سيارته... وكانت سيارات أخرى تملأ المكان، ويترجل أصحابها وينطلقون إلى الردهة الخارجية بسرعة... عددٌ كبير من موظفي الفندق ينتقلون من مكانٍ لآخر لينجزوا أعمالهم دون أن يلتفتوا إلى أحد... عدّل من هندامه أمام بوابة الردهة ودخل بخطى واثقة... راح يفترس الحضور بنظرته... كان الحضور يتحلقون في مجموعاتٍ صغيرة يدردشون ويطلقون النكات فتصدح ضحكاتهم في فضاء الردهة... لاحظ أن مدير الفندق يجلس خلف الحاجز الخشبي دون أن يرفع عينيه عن شاشة الحاسوب... وراح الجرسونات يحملون الطلبات إلى الحضور ويمرون أمامه وخلفه دون أن يتقدم أحدهم ليسأله عما يرغب بشربه...
حان موعد الحفل... اندفع الحضور نحو بوابة الصالة.... كان العدد كبيراً... توقف قليلاً علّ أحدهم يفسح له المجال للمرور... لكن أحداً لم ينتبه لذلك... ظل متسمراً مكانه حتى ابتلعت الصالة الجميع... تقدم وحيداً... مرتبكاً... نظر نحو المقاعد الأمامية... كان الشبان والشابات يشغلوها... انتحى ركناً قصياً في الصالة قرب الباب الخارجي... ارتمى في مقعده مشتت الذهن... زائغ النظرات...
مرت فقرات الحفل أمامه كمشاهد فيلم سينمائي صامت... كانت الأشباح تروح وتجيء أمامه على خشبة المسرح... مر الوقت ثقيلاً خانقاً...
انتهى الحفل وخرج المدعوون يتحدثون ويتصارخون ويعلقون ويتناقشون... مروا بمقعده قرب الباب... غادر الجميع... حاول أن ينهض... لم يستطع... كانت قدماه مثبتتين بالمقعد المعدني الذي يجلس فيه... استجمع قواه حتى تمكن من خلعهما منه... جرجر ساقيه نحو سيارته... في الردهة الخارجية كان العاملين يعيدون ترتيب المكان بعد الحفل... لم يعلق في خياله سوى صورة ذلك العامل وهو يمسك بمكنسة ملونة صنعت من ريش ذيل الطاووس ويقوم بمسح الزجاج الخارجي لبوابة الفندق...



#طلال_ابو_شاويش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المتشائمون...المتفائلون...المتشائلون:فليطرقع الجميع بسوطه عل ...
- ال ثان...ابتعدوا عن غزة!
- حول اغتيال المناضل فقهاء...أسئلة كبرى و اجابات غير شافية !
- فاصر لجهلك إن أهنت شعبا !!!
- دائما ما نعود !
- تحقيقان في أيار !
- عائدون...ألا زلت تذكر يا صديقي؟!
- وصية !
- لم أفاجأ أبدا!
- ليس مهما أن يقال: مات بصحة جيدة!
- الرواية الفلسطينية بين المحلية و العالمية !
- بيض-سكر- شاي- وابور و كاز أبيض !
- هي وانا و السائق !
- دقة_ورمش‬-;-!
- الى د احمد يوسف...مع الاحترام
- كاراج الجنوب
- لا قداسة مطلقة للمقاومة!
- كلنا مقاومة...ولكن !
- اخر تغريدات حلمي المهاجر !
- مناهج حقوق الإنسان بالأونروا ...فلسفة تربوية وطنية أم رؤية ا ...


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلال ابو شاويش - طاووس!