أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ما بعد الصراع














المزيد.....

ما بعد الصراع


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5673 - 2017 / 10 / 19 - 18:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



في الملتقى العالمي لإعادة الإعمار ومستقبل البناء في دول الصراع والذي حضره خبراء ومفكرون وباحثون ومؤسسات عربية ودولية وشركات وأصحاب أعمال عرب وأجانب، والمنعقد في عمّان مؤخراً، غطّت الأبحاث والدراسات كلاً من: سوريا والعراق واليمن وليبيا، إضافة إلى فلسطين، علماً أن طبيعة الصراع في هذه الأخيرة تختلف عن البلدان العربية الأخرى، بسبب الاحتلال الصهيوني الاستيطاني التوسعي الذي يقارب سبعة عقود من الزمان.
وكان الملتقى قد خصّص أكثر من جلسة لمعالجة إعمار البشر وليس الحجر أو الشجر فحسب، خصوصاً وأن نتائج الحروب الأهلية والنزاعات المسلّحة وغياب سلطة القانون أو انثلامها واستشراء العنف والإرهاب، كانت كارثية على مجموع السكان بتعطّل التنمية. وقد تركت تأثيرات نفسية واجتماعية خطرة على مجتمعات الصراع، وخصوصاً الفئات الضعيفة مثل المرأة والطفل، إضافة إلى «المجاميع الثقافية»، الأمر الذي يحتاج إلى وقفة جدية وحلول استثنائية، لاسيّما في المرحلة الانتقالية، لتجاوز تأثيراتها وإعادة بناء الإنسان وتنميته وتوفير مستلزمات حياة حرّة وآمنة وكريمة له.
وإذا كان واجب أية دولة هو «حماية أرواح وممتلكات الناس» و«ضبط النظام والأمن العام»، فإن مهمة بناء البشر في الظرف الاستثنائي والانتقالي، تتطلّب معالجة خمسة حقول أساسية مترابطة ومتلازمة، ولا يمكن إهمال أو تأجيل أي منها، لأنها متداخلة ومتفاعلة هي:
الأول - حفظ الأمن ليس بمعناه التقليدي، بل بأفقه الإنساني الذي لا يتعارض مع الكرامة، إذْ لا أمن مع هدر كرامة البشر، ولا كرامة للبشر من دون الأمن، وحسب عالم النفس سيجموند فرويد، فمعادلة الأمن تسير جنباً إلى جنب مع معادلة الكرامة، وإنْ كانت تتقدّم أحياناً في الأوضاع الاستثنائية، الأمر الذي يتطلب أن تكون حماية حقوق الإنسان هي الوجه الآخر لحفظ الأمن دون أي تعارض أو تنافر.
الثاني - التنمية، وهو ما يتطلّب وضع خطط سريعة وعاجلة لما بعد الصراعات، وأخرى متوسطة وطويلة المدى للتنمية المستدامة، أي الشاملة، والمقصود بذلك «توسيع خيارات الناس» في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والتربوية والقانونية والنفسية، ولجميع مجالات الحياة، في الصحة والتعليم والعمل والبيئة وغيرها.
الثالث - حكم القانون، حيث لا يمكن لأي مجتمع أن يحقق تنمية مستدامة وأمناً مصحوباً بالكرامة، دون حكم القانون، الذي يعني إخضاع الجميع لمرجعيته، سواء كانت مرجعيته دينية أو إثنية أو حزبية أو سياسية أو طائفية أو مناطقية، وهو ما يتطلّب وجود مؤسسات وتشريعات وجهات تنفيذية لتطبيقه مع مساءلة وشفافية، إضافة إلى قضاء نزيه وعادل، وذلك جزء من مستلزمات بناء البشر، خصوصاً بتحقيق مبادئ المساواة أمام القانون وعدم التمييز.
الرابع - العدالة، ولا يمكن تحقيق انتقال حقيقي من طور سياسي واجتماعي إلى طور آخر أرقى، دون قدر معقول من العدالة وحفظ الكرامة الإنسانية في العيش الإنساني المشترك. ولا بدّ من اعتماد قاعدة للعدالة الانتقالية، في الظرف الاستثنائي لبلدان ما بعد الصراع ولمعالجة آثار الماضي بما فيها من ارتكابات وانتهاكات، والهدف هو تحقيق المصالحة الوطنية، التي تقوم على كشف الحقيقة كاملة لكل ما حدث، والمساءلة دون ثأر أو انتقام، وجبر الضرر لإبقاء الذاكرة المجتمعية حيّة، والتعويض لما لحق بالأفراد من غبن وإجحاف، وإصلاح النظام القانوني والقضائي والأمني لكي لا يتكرّر ما حصل.
والخامس - المواطنة، وهي الأساس الذي يمكن الركون إليه لمعالجة آثار الحروب والاضطهاد والاستلاب، خصوصاً وهي تقوم على إشاعة الحريات العامة والخاصة في إطار المنظومة الحقوقية لاحترام حقوق الإنسان، والمساواة، أمام القانون وبين الجنسين وتمكين المرأة بشكل خاص، وعدم التمييز لأي سبب كان. كما يتطلّب ذلك تحقيق قدر من العدالة، إذْ لا مواطنة مع الفقر، وستكون هذه ناقصة أو مبتورة أو مشوّهة. كما ينبغي اعتماد مبادئ الشراكة والمشاركة والحق في تولّي الوظائف العامة، بما فيها العليا دون أي تمييز لأسباب دينية أو إثنية أو جنسية أو لغوية أو اجتماعية أو لأي سبب آخر.
وإذا كان الإنسان «أثمن رأسمال» حسب كارل ماركس، فهو «المقياس لكل شيء» حسب الفيلسوف الإغريقي بروتوغوراس، ولأجله ينبغي أن تسخّر جميع الأمور والمستلزمات. وإذا كانت الغايات نبيلة وعادلة، فلا بدّ من وسيلة نبيلة وعادلة للوصول إليها، والوسيلة إلى الغاية هي مثل «البذرة إلى الشجرة» حسب المهاتما غاندي، فيلسوف المقاومة اللّاعنفية.
لعلّها معادلات مترابطة، فالأمن يسير مع التنمية، وهدف التنمية هو رفاه الإنسان وسعادته، تلك التي تحتاج إلى تطبيق مبادئ العدالة في ظل مواطنة فاعلة، تحفظ أمن الناس وأمن الأرض، مثلما هو أمن الأمم وأمن الأفراد اقتصادياً وغذائياً وصحياً وبيئياً وشخصياً ومجتمعياً وسياسياً.
إن تنمية البشر وإعادة ترميم ما تهدّم في دول ما بعد الصراع، تحتاج إلى الطمأنينة المجتمعية من خلال المنظومة الشاملة التي تغطي الحقول المذكورة، بما يسهم في تقليص مظاهر التعصّب والتطرّف والإرهاب، تمهيداً للقضاء عليها وتجفيف منابعها بما يغذّي الروح أيضاً، من نِعمْ الثقافة والأدب والعمران والجمال.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كردستان ودكتاتورية الجغرافيا السياسية
- قراءة في الانتخابات الألمانية
- الخريطة الأممية لليبيا
- أسئلة ما بعد استفتاء كردستان
- حين نقلّب أوراق صبرا وشاتيلا
- بغداد تحتفي ب - أبو كَاطع-
- ملامح نظام دولي جديد
- فزّاعة الاستفتاء الكردي هل حانت اللحظة - التاريخية- للدولة ا ...
- صناعة الإرهاب في العراق
- في حضرة -أبو گاطع- ورحاب الكلمة الحرّة
- مسلمو ميانمار بين نارين
- في رحاب -أبوگاطع-الجمال في مواجهة القبح
- في تأويل الظاهرة الارهابية
- التنمية المستدامة 2030
- مهدي السعيد وسرّديته السسوثقافية - ح 4
- «أصيلة» وفضاء الإصلاح والتجديد
- ترامب وتوازن القوى في أمريكا
- مهدي السعيد وسرّديته السسوثقافية - ح 3
- مهدي السعيد وسرّديته السسوثقافية - ح 2
- مهدي السعيد وسرّديته السسيوثقافية - ح1 + ح2


المزيد.....




- جبريل في بلا قيود:الغرب تجاهل السودان بسبب تسيسه للوضع الإنس ...
- العلاقات بين إيران وإسرائيل: من -السر المعلن- في زمن الشاه إ ...
- إيرانيون يملأون شوارع طهران ويرددون -الموت لإسرائيل- بعد ساع ...
- شاهد: الإسرائيليون خائفون من نشوب حرب كبرى في المنطقة
- هل تلقيح السحب هو سبب فيضانات دبي؟ DW تتحقق
- الخارجية الروسية: انهيار الولايات المتحدة لم يعد أمرا مستحيل ...
- لأول مرة .. يريفان وباكو تتفقان على ترسيم الحدود في شمال شرق ...
- ستولتنبرغ: أوكرانيا تمتلك الحق بضرب أهداف خارج أراضيها
- فضائح متتالية في البرلمان البريطاني تهز ثقة الناخبين في المم ...
- قتيلان في اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم نور شمس في طولكرم ش ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ما بعد الصراع