أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - التعذيب فى رؤية قرآنية : (16 ):العذاب وعدل الله جل وعلا















المزيد.....

التعذيب فى رؤية قرآنية : (16 ):العذاب وعدل الله جل وعلا


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 5673 - 2017 / 10 / 19 - 04:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


التعذيب فى رؤية قرآنية : (16 ):العذاب وعدل الله جل وعلا
مقدمة :
1 ـ كنت فى الاعدادى الأزهرى أذاكر مع ابن عمى الأكبر سنّا منى . توقف عن النظر فى الكتاب وقال ضاحكا : ( لو ربنا يوم القيامة قال لكل الناس أدخلوا الجنة ، أكيد الناس الصالحين حياخدوا خازوق قد كده ). وانطلق ضاحكا . لم اضحك ، خفت أن يكون هذا إستهزاءا . ولكن بعد تفكير عرفت إنه ليس من عدل الرحمن جل وعلا أن يتساوى المجرمون بالمتقين .
2 ـ فى طفولتى التعسة ـ يتيما ـ قاسيت من الظلم وكرهته ، وبنفس القدر أحببت العدل وتعاطفت مع المظاليم ، ورفضت بالفطرة أن يكون اليوم الآخر يوما للظلم والشفاعات والوساطات ينجو فيه المجرمون من العذاب .
3 ـ فى كلية اللغة العربية قسم التاريخ كنت متفوقا فى اللغة الانجليزى مقارنة بزملائى ، وكنت أحصل فيها على إمتياز ـ عدا السنة النهائية ، إذا حدثت موجة من الغش الجماعى كنت أنا الضحية ، إذ أجبرونى على الغش من ورقتى . وجاءت النتيجة مقبول فى اللغة الانجليزية للجميع . وأحسست بالظلم ، إذ تساويت مع من لا يقرأ سطرا بالانجليزية . فى نفس السنة النهائية 1973 ، كنت أتوقع الحصول على إمتياز فى مادة الجغرافيا، وأعطانى الاستاذ ( جيد ) فقط . بعدها صار الاستاذ زميلا لى وأنا معيد فى الكلية ثم صار من أوائل أهل القرآن يتابعنى فى المساجد بعد تركى الجامعة عام 1987 . ومع هذه الصداقة لم أنس له أنه ظلمنى فى تقدير ( جيد ) وكنت أستحق إمتياز . ولم أفاتحه فى الموضوع لأننى عرفت الأمر حين كنت أعمل فى كنترول الامتحانات ، فالاستاذ الذى يدرس لآلاف الطلبة لا يجد وقتا لقراءة آلاف الأوراق فى الاجابات فيكتفى بإعطاء الجميع نفس الدرجة . وشهدت بنفسى استاذا للتفسير فى الكلية كان يرتدى الزى الأزهرى ، وجلس بجانبى يصحح أوراق الاجابة ، ويكتب نفس الدرجة ( مقبول )على كل ورقة ، وهو لاينقطع عن الكلام والمزاح . كنت أرقبه فى إشمئزاز ، أتذكر ما تعرضت له من ظلم فى التصحيح ، وكيف أننى كنت أضع فى إعتبارى ظلما سيقع بى لذا كنت أبذل كل جهدى لأحصل على إمتياز فى كل مادة ، حتى إذا ظلمونى فى بعضها فقد ضمنت على ألقل ( جيد جدا ). وهو فعلا ما حدث طيلة السنوات الأربع فى قسم التاريخ ( 1970 : 1973 )، وتخرجت فيه بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف .
4 ـ فى هذا العام كان الامتحان معاصرا للتأهب لحرب 73 ، وكان الذى يجرى تجنيده لا يخرج من الجيش . كان معنا فى نفس العام طالب فاشل ، وكان أبوه استاذا فى الجامعة يرتدى الزى الأزهرى . وبالغش الصريح تمكن أبوه من إنجاحه ، وبالتدخل فى التصحيح جعله يحصل على ( جيد جدا ) . وكل هذا حتى يجعل ابنه معيدا مع أنه كان أقل فى الدرجات من كل الحاصلين على ( جيد جدا ). فعل هذا لينجو إبنه من دخول الجيش . عند التعيين لدرجة معيد كنت الوحيد الحاصل لمرتبة الشرف أى المستحق وحدى للتعيين فى القسم . حاول هذا الشيخ التدخل ليعين إبنه مكانى ، جاءنى الخبر وأنا فى قريتى. وكنت لا أحضر المحاضرات فى الكلية ولا يعرفنى أحد من الأساتذة فكان سهلا إغتيال حقى ، لولا أن تدخل صرّاف الكلية ، وهو الوحيد الذى كان يعرفنى لأننى لم أكن أحضر الكلية إلا لمقابلته لأقبض منه مكافأة التفوق . الصراف ( وأذكر أن إسمه فودة ) أخافهم بأننى سأفضحهم فى الصحف ، وأرسل لى فحضرت متأهبا لأرتكب جريمة إذا اضاعوا حقى. قابلت عميد الكلية فأخبرنى أنه تم تعيينى معيدا .
5 ـ الظلم مكروه فى الدنيا ، ويمنعه القانون الوضعى . ومن الظلم أن يتساوى يوم القيامة الصالحون بالمجرمين . هذه حقيقة قرآنية ينكرها المحمديون المغرمون بالشفاعات . ونعطى بعض التفصيلات :
أولا : الدعوة للتسابق والتنافس فى الخير
1 ـ الأوامر والنواهى واحدة للبشر ، ومن كان يرجو لقاء ربه فليعمل صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ( الكهف 110 )
2 ـ لم يقتصر الأمر على دعوة البشر للتقوى والخير بل نزلت الدعوة لأن يتسابقوا فى عمل الخيرات لينالوا الجنة . قال جل وعلا فى خطاب مباشر للبشر: ( سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) الحديد ). هذا التسابق يعنى إنجاز أكبر عدد مكن من الخيرات.
وجاء أمر آخر للبشر بالمسارعة الى المغفرة وإلتزام التقوى للفوز بالجنة : (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) آل عمران )، والمسارعة يعنى أن تبدأ مبكرا بالتوبة وعمل الصالحات ، وكلما بكّرت كان أفضل لك . وبالتسابق والمسارعة يفوز المؤمن بأعلى الدرجات . ووصف جل وعلا المسارعين لعمل الخيرات فقال : ( إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61) وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (62) المؤمنون ).
ومن الدعوات شديدة التأثير قوله جل وعلا خطابا للبشر جميعا : ( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11) الحديد ) ( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245) البقرة )
3 ـ ودعا الله جل وعلا (أهل القرآن ) و ( أهل الكتاب ) للتنافس والتسابق فى الخيرات ، قال لهم : ( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) المائدة ).
ثانيا : مدى الاستجابة لدعوة التسابق والتنافس فى الخير
1 ـ وصف الله جل وعلا الرسل السابقين فقال عنهم : (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90) الانبياء )
2 ـ أخذ السابقون فرصتهم فى هذا الاختبار فمنهم من حاز الدرجات العُلا ومنهم من خسر . ويقول جل وعلا للأحياء الذين لا يزالون يعيشون هذا الاختبار : ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (16) التوبة ). (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ ) (214) البقرة )
3 ـ وفى النهاية فإن رب العزة جل وعلا ليس منحازا الى أحد ، فالاختبار للجميع ، والوزن بالحق للجميع ، والعدل سيسرى على الجميع . ليس مهما أن تكون من أهل القرآن أو من أهل الكتاب أو من الصابئين الخارجين على الدين السائد . بغضّ النظر عن المسميات والشعارات والألقاب واللافتات فإن الذى يموت من البشر مؤمنا بالله جل وعلا وقد عمل الصالحات فهو من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون . قال جل وعلا يؤكد هذه الحقيقة :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (69) المائدة ). ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) البقرة ).
4 ـ هناك تنوع فى الإستجابة . منهم من تاب وأصلح إيمانه وعمل الصالحات ( وهو المقتصد المعتدل ) ومنهم من عصى ، ومنهم من سبق وسيكون يوم القيامة من المقربين لرب العالمين .
5 ـ قال جل وعلا عن أهل الكتاب : (وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمْ الْفَاسِقُونَ (110)آل عمران ). أى منهم مؤمنون ولكن الأكثرية فاسقون . وقال جل وعلا عنهم : ( مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66) المائدة ). أى منهم معتدلون مقتصدون ، وكثير فاسقون . . أى إنهم ليسوا سواء . قال جل وعلا عنهم : (لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115) آل عمران ).
6 ـ وهو نفس التقسيم الثلاثى ل (أهل القرآن ) . قال جل وعلا عنهم : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) فاطر ).
7 ـ وهو نفس التقسيم الثلاثى عند الاحتضار والموت . يكون البشر : إمّا صالحون من أولياء الله ( هم قسمان سابقون مقربون و مقتصدون من أهل اليمين ، وإما خاسرون ). قال جل وعلا : ( فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتْ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ (85) فَلَوْلا إِنْ كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (87) فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94) الواقعة ).
8 ـ وهو نفس التقسيم الثلاثى يوم القيامة : ( فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْئَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْئَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) الواقعة )
ثالثا : من العدل ألّا يتساوى المجرم بالصالح
1 ـ فى مجتمعات الجاهلية المعاصرة ( مجتمعات المحمديين ) يسود الظلم ، والمستبد هو الظالم الأكبر ، ومعه الملأ من رجال الدين ورجال الاعلام ، يرفعونه الى مرتبة التقديس ، بينما ضحاياه من المستضعفين فى الأرض يلقون التعذيب والمهانة والتحقير . فى أفلام السينما فقط ينتصر الخير أما فى واقع المحمديين فالمجرم الأكبر هو الذى يكسب الى حين . ليس هذا فى مجتمعات الغرب ، حيث العدل والحرية والديمقراطية وحقوق الانسان . العدل هو المقصد الأسمى فى إرسال الرسل ، كى يقوم الناس بالقسط (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25) الحديد ). هذا فى الدنيا ، أما فى الآخرة فالقسط يتحقق بأدق ذرة، قال جل وعلا : ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47) الانبياء ).
2 ـ فى عدم التساوى بين المجرمين والصالحين يقول جل وعلا بإستفهام إنكارى : ( أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) القلم )( أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28) ص ) ( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21) الجاثية ) (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (9) الزمر ). ( أَفَمَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنْ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162) هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (163) آل عمران )
3 ـ وزعمت قريش لها جاها دينيا بسبب قيامها على ( خدمة ) البيت الحرام ، كما يزعم اليوم (خادم الحرمين)، هذا مع وقوعهم فى الكفر القلبى والكفر السلوكى ، فقال جل وعلا يرد عليهم وعلى(خادم الحرمين): ( مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (17) إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ (18) أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (19) التوبة )
4 ـ وبالتالى يختلف الجزاء ، فالمؤمنون فى الجنة والفاسقون فى الجحيم . قال جل وعلا : ( أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ (18) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمْ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (20) السجدة ).
رابعا : من العدل عدم التساوى المؤمنين جميعا بسبب التنافس فى الخير
1 ـ لا يتساوى الناجحون جميعا فى الدرجات، فهناك ناجح بإمتياز ، وبتقدير جيد جدا ، وتقدير جيد وتقدير مقبول . هذه درجات حسب العمل . وهو نفس التقدير عند الرحمن . قال جل وعلا : ( وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (132) الانعام )( وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (19) الاحقاف ).
2 ـ لا يمكن أن يتساوى القاعد عن الجهاد بالمجاهد ، ولايمكن أن يتساوى الذى ينفق ماله فى سبيل الله مع من لا ينفق ، ولا يمكن أن يتساوى من له تاريخ طويل فى الجهاد والانفاق فى سبيل الله مع من جاء بعده متأخرا ، قال جل وعلا :( لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً (95) دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (96) النساء )( وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) الحديد ). لهذا فإن أصحاب الجنة قسمان : السابقون واصحاب اليمين .
3 ـ التعذيب للمجرم عقاب عادل . بدونه يتساوى المجرم مع الصالح ، وهذا ظلم ، والله جل وعلا لا يريد ظلما للعالمين .



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القاموس القرآنى : القيوم
- التعذيب فى رؤية قرآنية ( 14) : الوعظ تبشيرا بالنعيم وبالعذاب
- حوار مع ( Egypt Post One )
- عن التشريعات الخاصة بالنبى محمد وأزواجه
- التعذيب فى رؤية قرآنية : ( 15 ): (مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذ ...
- التعذيب فى رؤية قرآنية :(13):طرق من الوعظ لتفادى العذاب
- التعذيب فى رؤية قرآنية:(12): تفادى العذاب بالتوبة
- (إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُ ...
- القاموس القرآنى : الرشد والرشاد
- الإلحاد خرافة .. ! ( 3 ) : ماذا عن فرعون موسى شيخ الملحدين ؟
- الإلحاد خرافة .. ! ( 2 ) : خرافة ان الكفر يعنى إنكار الخالق ...
- الالحاد خرافة .. ! ( 1 )
- التعذيب فى رؤية قرآنية:(11): الفرق بين الابتلاء والتعذيب
- اطلبوا العلم ولو فى ..موزمبيق .!!
- التعذيب فى رؤية قرآنية:(10):وقوع العذاب: من الله جل وعلا
- التعذيب فى رؤية قرآنية : (9 ) : أسباب عذاب الدنيا :
- التعذيب فى رؤية قرآنية : (8 ) يأتى فجأة ( بغتة ) و ( هم لا ي ...
- القاموس القرآنى : الكريم
- توقيت شهر رمضان (3 ) : رمضان فى التاريخ الواقعى للمسلمين
- توقيت شهر رمضان: (2):التقويم القمرى أساس العبادات الاسلامية، ...


المزيد.....




- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...
- 45 ألف فلسطيني يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى ...
- استعدادا لذبحها أمام الأقصى.. ما هي قصة ظهور البقرة الحمراء ...
- -ارجعوا إلى المسيحية-! بعد تراكم الغرامات.. ترامب يدعو أنصار ...
- 45 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - التعذيب فى رؤية قرآنية : (16 ):العذاب وعدل الله جل وعلا