أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - احمد الذوادي - الذكرى السادسة لرحيل الطاهر قرقورة : الانبياء لا يورثون















المزيد.....

الذكرى السادسة لرحيل الطاهر قرقورة : الانبياء لا يورثون


احمد الذوادي

الحوار المتمدن-العدد: 5649 - 2017 / 9 / 24 - 18:03
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    





صباح الخامس والعشرون من شهر سبتمبر 2011 استيقظ الوطن على فاجعة رحيل الرفيق الاسطورة بعد صراع مع المرض لم يثنه عن التفكير والعمل الى حدود اللحظات الاخيرة ولم يفت في عزيمته بحثا عن استكمال رسالته التي طالما امن بها
الطاهر قرقورة او الرفيق الاسطورة كما يحلو لرفاقه مناداته منذ التحاقه بتنظيم النقابيون الثوريون شخصية فذة فرضت احترامها عند الخصوم قبل الاصدقاء، عرف بإلمامه الواسع بالفكر الشيوعي بمختلف مدارسه وانحيازه للمدرسة اللينينة الستالينية غير انه لم يكن يسجد تقديسا امام التاريخ فلم يكن يجد حرجا من نقد لينين نفسه رغم استعداده في الان نفسه للدفاع عنه بكل شراسة ومن هنا يمكن الغوص في ثنايا شخصية الرفيق الذي لم يكن يؤمن سوى بالفكرة وضرورة تطبيقها كان مؤمنا ان الانتماء الحزبي والتنظيمي هو انتماء لوسيلة تحقيق غاية وليس هدفا بحد ذاته ومن اجل ذلك لم يتورع في اعلان الحرب بلا هوادة على كل الافكار الانتهازية والتحريفية والتصدي لكل الممارسات الخاطئة داخل حزب ولم يكن خجولا في اعلان مواقفه والانحياز الى الحق حتى ولو كان في صفوف خصومه
ناضل في صفوف حزب العمال الشيوعي التونسي وكان من ابرز مؤسسي اتحاد الشباب الشيوعي وقاده لسنوات متتالية فارضا نهج استقلالية المنظمة الشبابية عن الاحتكار الفرداني لبعض القيادات الحزبية وخاض على جبهتين معركة ضد خطين نشا داخل الحزب انذاك
بعد اشتداد حملات القمع والتنكيل التي طالت كل القوى السياسية وتراجع الاهتمام الجماهيري بالشأن العام وجنوح الكثيرين الى التطبيع مع النظام وهروب اخرين واستحالت الدعاية السياسية بعد ان اصبح العمل السياسي جريمة. رأى تيار داخل الحزب ضرورة مهادنة النظام وتطبيع العلاقات معه بهدف تجنب حملات القمع والاكتفاء بمربعات النشاط التي يسمح بها الى حين حدوث تغيير على مستويات الحقوق والحريات في حين رأى الشق الاخر ضرورة التعويل على الدعم الخارجي والاستنجاد بالسفارات الاجنبية وهو ما قابلته بالترحيب بعد ان رأت فيهم اداة تضغط بها على القائمين بالحكم في تونس رغم موالاتهم لهم وضمانة لعدم تمردهم وهكذا اراد البعض ان تتحول قوى المعارضة الى اداة لتركيع نظام الحكم الى الدوائر الاستعمارية رغم عمالته المسبقة لها. وبين الموقفين وقف الاسطورة محاربا رافضا لكلا التوجهين مؤمنا ان العمل الشعبي هو وحده اداة التغيير فلا التطبيع مع النظام او مع اسياده سيحقق تغييرا بل سيؤبد الحالة الراهنة وهوما قابله خصومه بشن حملات التشويه وفبركة القصص وتحريض السلطة ضده فتعرض لكل ما تعرض له الشيوعيون الصادقون ولكن وأسوة بستالين الذي قال يوما" بعد وفاتي سيلقون القاذورات على قبري ولكن جبروت الزمن سيضع الأمور في نصابها" فكل من عرف الطاهر يشهد له بالصدق وذكاء والأخلاق العالية ووضوح الرؤية وسلامة الموقف
امن الطاهر بالنضال كقيمة وامن بان الشعب التونسي مناضل بطبعه ولم يكن الخوف والخنوع من سماته وقد قال ذات يوم متحدثا عن الحركة الطلابية : نحن ضحايا عنف من كل حدب وصوب ارهقتنا السجون و اضنانا الطرد و عزائنا في ذلك ان الساحات ولادة و ان الديمقراطية النقابية تستحق لأجلها تكريسها التضحيات. كما كان الاسطورة مدافعا عن الديمقراطية كفكرة وثقافة وممارسة رغم ترويج بعض شذاذ الافاق والمرضى النفسيين ممن حاولوا نسب عللهم للرفيق فانبروا يروجون للطبع الاستبدادي للرفيق وصفه بالدكتاتور وهو ما ينفيه الواقع وسفهه فهو الذي اعتبر ان بناء الديمقراطية موجب بالضرورة لشرط توفر ديمقراطيين فقال في هذا الصدد : " الصراع ليس بين من يمسك فعليا بالسلطة و بين من يريد ان ينتسب افتراضيا الي معارضاتها..و انما بين من تأصل فيه عقل التسلط و بشاعة احتكار الرأي حاكما كان ام محكوم و بين من يؤمن بالاختلاف و لا يفكر في ملاحقة المخالف في الرأي و شطبه ان لم يكن من الوجود" فشرط الحديث عن معارضة ديمقراطية ان تكون هي في حد ذاتها ديمقراطية فكان الرفيق يعلق ساخرا على زعماء الاحزاب الذين لا يتركون الامانة العامة إلا بالوفاة ويجدر هنا التنويه ان الرفيق كان يعتبر النضال من اجل الديمقراطية والحريات وتحقيقهما ليس سوى وسيلة عادلة من اجل الهدف النهائي لإقامة مجتمع العدالة الاجتماعية فقد كان يعتبر ان الديمقراطية لا تستقيم في ظل سياسة التجويع والنهب والسلب وكان راسخ القناعة بصحة مقولة الصراع الطبقي وانتصار الجماهير في معركتها ضد مستغليها وفي الوقت الذي هرول البعض لفتح قنوات الحوار مع السلطة في التسعينات ابان حملة قمع الاسلاميين بل وحصل البعض على امتيازات بعنوان اتفاق حرب ضد عدو مشترك فحصل بعضهم على تراخيص لجرائد وأخر على وظائف وتمويلات كان الرفيق يجادل بكل قوة لتصحيح البوصلة فقد اعتبر ان الصراع مع بين الدساترة والإسلاميين صراع رجعي لا مصلحة للشعب فيه وقال " ان تكتيك المواجهة المفتوحة سواء اختارته النهضة ام استدرجت له يعتبر خيارا يتحمل اصحابه وحدهم تبعاته علما وان النتائج كانت كارثية على الجميع وليس عليهم فقط لان النظام استغل المواجهة معهم لينزل على الاخضر واليابس وليمعن في استعراض قوته وإرهاب الاخر...ماذا فعل عندها الاسلاميون...سلموا بالهزيمة وتخلوا عن استمرارهم في المعركة...ابناء اليسار ناضلوا وهم في السجون كما تحملوا مسؤولياتهم في المحافظة على ارث الحركة وتقاليدها وها اشكال ألنضال" ولكن دون ان ينسى تأكيد موقفه الرافض للقمع فأكد : نحن ندافع عن الجميع وهذا واجبنا لكن ننتظر من الاخر ان يتعامل مع الحريات بأكثر مبدئية فالقمع هو القمع ومواجهته تشترط عدم التمييز بين ضحاياه وعدم التثبت اصلا في ميولاتهم او الوانهم.
هكذا اكن الاسطورة واضحا في مواقفه ورؤاه وتصوراته ولم تثنه حملات التشويه عن البحث لتأسيس حركة جديدة تقطع مع اخطاء الحركة اليسارية في تونس فكان الانطلاقة الجديدة مع مجموعة من مناضلي الحركة الطلابية ليعلنوا ميلاد تجربة "النقابيون الراديكاليون "
رفض الرفيق تحالف 18 اكتوبر واعتبره مفارقة جمعت من تحالف مع جلاد الامس وضحيته واعتبره تحالف مصطنعا فرضته دوائر استعمارية حاولت صناعة قالب يجمع الشيوعي بالإسلامي بالوسطي لصنع معارضة تلقى القبول والرواج بما تمثله من توافق مختلف المدارس الايديولوجية وقد اعتبرها الرفيق نسخة اسوا من تركيبة السلطة القامة وتعبيرا عن الافلاس السياسي وانبطاحا للمصالح المالية المباشرة ومخالفة لابسط ابجديات السياسة والقيم والأخلاق النضالية فدفع فاتورة هذا الموقف غاليا بدءا بسلسلة محاكمات رافقتها حملات تشويه من قبل المعارضة فكان بين سنديان الحكم ومعارضاته فعلا
اعتبر ان الثورة التونسية لم تكن سوى هبة شعبية ملت استمرار اوضاع التفقير وتكميم الافواه ولكن طابعها العفوي جعلها فريسة سهلة للنظام الذي نجح في توجيهها لخدمته مجددا مؤكدا ان انتفاضة الخبز اكدت الضرورة الملحة لوجود التنظيم الثوري ولكن هذا اليسار في مجرى الاحداث عايش الاحداث في 2011 مؤمنا بعدم الحاجة لهذا التنظيم مما يشكل انحرافا خطيرا وتنازلات نظرية كارثية فواجه بكل بسالة تيار الردة
لم تسعف الايام الرفيق ليواصل مسيرته فتمكنت منه المنية صباح الخامس والعشرين من سبتمبر محدثا صدمة لكل من عرفه فلا احد كان مستعدا لاحتمال موته وكأنه نبي يمتلك المعرفة الخارقة والبوصلة التي لا تضيع
رغم الصدمة بادر الرفيق " طارق ألسعيدي ليخط كراس " حول مقولة الثورة " وأصدره باسم النقابيون الراديكاليون وقد وضع بين صفحاته بكل وضوح مواقف الرفيق وتصوراته والخطوط العريضة لما يجب ان يستكمل وينجز
لا يمكن ان ننفي ظهور الميول الانتهازية وعودة البعض ممن ابعدهم الرفيق كذلك تضخم النزعات الذاتية لأفراد توهموا ان لهم قدرة على العمل السياسي لتظهر تيارات وأحزاب ادعت كلها انتمائها للرفيق بعضها حمل نفس اسم التجربة التي اسسها الرفيق وبعضها تنظيمات باسم جديد وأخر تحت شكل حزبي ولكنها جميعا تعبير عن حالة قصور في فهم ما اراد الرفيق الذي سعى الى بناء يسار موحد حول الممارسة الميدانية متجاوزا لخلافاته النظرية وفي خلق مناضلين يساريين منكرين لذواتهم في خدمة المشروع الشيوعي لا ذوات منتفخة تكتفي بفعل الثرثرة
رحل الرفيق ولكن اثاره لا تزال باقية بما انجز وما فعل وخلد فكرة يتبناه حتى اولئك الذين لم يعرفوه بل ان ما جاء به ضرورة في الواقع ستتمظهر عند كثيرين وقد تتهيأ ظروف مستقبلية لتتحول تلك الافكار الى قوة سياسية تقود فعلا عملية التغيير السياسي المنشود وتعلن فعلا ان الطاهر قرقورة لا يزال حيا




#احمد_الذوادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منطلقات جديدة للعمل السياسي والمدني
- اليوم العالمي للعمال : ليس مجرد ذكرى..
- العمل النقابي الطلابي :مدخل عام
- الشعب ثوري واليسار ليبرالي
- صراع المعارضة في تونس


المزيد.....




- شاهد حيلة الشرطة للقبض على لص يقود جرافة عملاقة على طريق سري ...
- جنوب إفريقيا.. مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من على جسر
- هل إسرائيل قادرة على شن حرب ضد حزب الله اللبناني عقب اجتياح ...
- تغير المناخ يؤثر على سرعة دوران الأرض وقد يؤدي إلى تغير ضبط ...
- العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان مساعدة إنسانية عاجلة- لغزة ...
- زلزال بقوة 3.2 درجة شمالي الضفة الغربية
- بودولياك يؤكد في اعتراف مبطن ضلوع نظام كييف بالهجوم الإرهابي ...
- إعلام إسرائيلي: بعد 100 يوم من القتال في قطاع غزة لواء غولان ...
- صورة تظهر إغلاق مدخل مستوطنة كريات شمونة في شمال إسرائيل بال ...
- محكمة العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان توفير مساعدة إنسانية ...


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - احمد الذوادي - الذكرى السادسة لرحيل الطاهر قرقورة : الانبياء لا يورثون