أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أحمد على حسن - العقل العربى المقيد














المزيد.....

العقل العربى المقيد


أحمد على حسن

الحوار المتمدن-العدد: 5648 - 2017 / 9 / 23 - 11:37
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لعل أحد أهم سمات اللغة العربية هو ذلك الثراء الواسع جداً فى مفردات اللغة، وتكاد تكون لكل كلمة فى اللغة العربية أكثر من مرادف واحد قد تصل لعشرات وأحياناً مئات المترادفات!! ... ويبدو فى الكثير جداً من تلك المترادفات لنفس الكلمة مجرد فذلكة لغوية بلا معنى أو هدف .. فعلى سبيل المثال للأسد فى اللغة العربية أكثر من ثلاثمائة إسم، أشهرهم الأسد بالطبع، ويمكننا أن نسأل هل تعكس كل تلك المرادفات لإسم مجرد حيوان (حتى ولو كان هذا الحيوان هو الأسد .. والملقب فى أحد أسمائه بملك الغابة) هل يعكس ذلك ثراءاً فى اللغة العربية أم مجرد فذلكة لغوية بلا معنى وما يتبعه ذلك من تدوين وبيان الفروق بين تلك المرادفات وصك المعاجم للتسجيل والشرح .. ثم إستنفاذ لمخازن الذاكرة فى (عقول) هؤلاء العرب لحشوها بكل تلك المرادفات!!.... وخصوصاً أنه لم يصرف العرب نصف ذلك الوقت أو المجهود العبثى فى دراسة ذلك الحيوان نفسه .. كأن يقوموا بدراسه بيته أو طرق حياته أو تناسله أو غير ذلك!! ... فذلك الثراء (المزعوم) للغة العربية يكشف عن سطحية شديدة وإهتمام مسرف أشد الإسراف فى الإهتمام بالشكل بعيداً عن مضمون الأشياء وكشف هويتها وسبر أغوارها.

وفى تقديرى أن تلك الكثرة المبالغ فيها جداً لتلك المرادفات هى مجرد تعبير عن خواء حضارى، ونوع متعاظم من الملل والحياة الخالية من أى نشاط أو عمل حقيقى دوؤب ومنتج كالزراعة أو أنواع الصناعات أو فنون الموسيقى والرقص والإحتفالات الشعبية كما نجد فى الحضارات القديمة والراسخة المتاخمة لجزيرة العرب ... كما تعكس حياة هؤلاء العرب التى تفتقر للبهجة .. فعوضوا ذلك كله بتلك الفذلكة اللغوية، حتى أصبحت الفذلكة التى هى بلا معنى أصلاً هى مقياس العبقرية والإبداع !!.

لا يمكن إدراك مأساة العقل العربى دون إدراك ما عبروا هم انفسهم عنه فى لغتهم العربية ـ التى يصفونها بالعبقريةـ فاللغة العربية كاشفة وواشية بتكوين العقل العربى.
فالعقل العربى هو عقل مقيد بتعريف اللغة العربية نفسها، ففى المعجم يعنى (الإدراك) أقرب المعانى المتداولة والشائعة للعقل، وإن إختلف العرب فى تعريف موطن هذا الإدراك هل محلة القلب أم العقل بمعنى ذلك الجزء الموجود فى أدمغتنا (المخ).
والعقل بهذا المعنى (وحسب المعجم) يعنى بالإضافة لإدراك الأشياء تمييزها وإدراك حقيقتها، وهو يعنى ما يقابل الغريزة التي لا اختيار لها أو بمعنى أدق لا إدراك لها، والعقل هو ما يكون به التفكيرُ والاستدلالُ وتركيبُ التصوُّرات والتصديقات وبحيث يستطيع تمييز الحسن من القبيح والخير من الشر والحق من الباطل، لذلك فمن البديهى أن يصف العرب ذلك الشخص الأبله أو المجنون أو الذى أصيب بالهلاوس بفاقد العقل أو مختل العقل.

ورغم ذلك الثراء اللغوى (لحد الفذلكة) فى مفردات اللغة العربية (والتى أشرت لها فى الفقرة الأولى) فتكاد تكون نفس اللغة قد عدمت إيجاد لفظة أخرى بخلاف كلمة (العقل) للتعبير عن القيد والتقييد أو الحبس!!.

فى معاجم اللغة العربية نجد أن العرب إستخدموا كلمة (العقل) للتعبير عن ربط الدابة وخصوصاً دابتهم الأثيرة وهى الجمل !! ... فيقولون: عقل الجمل بمعنى ربطه وتقييده (ضَمَّ رُسْغَهَا إِلَى عَضُدِهَا وَرَبَطَهُمَا مَعاً بِالعِقَالِ لِتَبْقَى بَارِكَةً)، وإشتقوا كلمة (العقال) من (العقل) .. فالعقال هو الحبل الذى يربط به البعير، وهو نفس العقال المعروف عند العرب والذى( فى مفارقة مضحكة) مازالوا يضعونه فوق رؤسهم كجزء من الملابس التقليدية، وفى زمن متقدم نسبياً إشتقت كلمة (المعتقل) لنفس معنى تقييد بعض المعارضين السياسيين أو المفكرين أو حتى المبدعين ونحوهم، والذين هم فى الأغلب حرروا عقولهم وخرجوا عن المألوف بأفكارهم وغالباً ماكان هذا سلمياً .. ويصير الإعتقال (ليس إشتقاقاً من العقل بمعنى الفهم أو الإدراك ولكن من العقل بمعنى حبس العقل وتقييده!!)، هو عملية إلقاء القبض على هذا المعتقل وحبسه ربما لمجرد أنه تجرأ بإعمال عقله والذى قد دؤدى للخرج عما قد يطلق عليه الثوابت ... ويصبح المعتقل هو ذلك المكان الرهيب والمجهز لتفييد وحبس العقول بخلاف السجون التى هى وسيلة لتقييد وحبس الخارجين عن القانون جسدياً.
لذلك فليس غريباً وبهذا المعنى نفسه أن نصيغ عبارة (إنطلق من عقاله) بمعنى تحرر العقل وفك قيوده!!.

والخلاصة أن العقل العربى (وبصرف النظر عن أنه مازال البعض يظنون حتى الآن أن محله القلب!!) هو عقل مقيد ومازال محبوساً حتى الآن .. حبسته اللغة العربية قديماً، ومازال تأثير تلك القيود حتى الآن، فى نصوص تراثية مكتوبة بنفس اللغة .. ندور حولها ولا نستطيع حتى الآن (للأسف) الفكاك منها ... كالفراشة التى تدور حول النار حتى تسقط (للأسف ايضاً) محترقة فيها!!.



#أحمد_على_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمام المرآة ...... المأزق -التاريخى- فى مواجهة داعش
- قراءة لرفاعة الطهطاوى ........ عن التدين الشكلى وصعود السلفي ...
- الدرر السنية والنصائح الذهبية لشيوخ السلفية ..... المعروفة ب ...
- المنظومة الأخلاقية .... بين الدين وحاجات المجتمع
- المنظومة الأخلاقية .. والدين .. وحركة المجتمعات
- بائع الحمام ... و المادة 219 من الدستور المصرى
- أيها الفقه .. كم من الجرائم ترتكب - أحياناً بإسمك !!؟
- مغامرة رأس المملوك - باسم - !!!!؟
- المتأسلمون ........ من الأتباع و المتبوعين
- العريان يرقص ....... عارياً
- الفلول و ضبط المصطلح ... و حكايتان حقيقيتان عن صديقين عزيزين
- اليموقراطية أصلاً حرام ........ المعركة الفاصلة
- المرأة فى مسودة الدستور المصرى
- قراءة عصرية -عربية خالصة- لمسرح العبث......... مسرحيتى-سوء ت ...
- العالم الذى وعدت به - لمى - ........... مهداة لروح الطفلة ال ...
- الإلتفاف على النص الدستورى فى مسودة الدستور المصرى
- الفقه الذكورى
- هستريا جماعية فى جمعة تطبيق الشريعة


المزيد.....




- أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط ...
- -أمل جديد- لعلاج آثار التعرض للصدمات النفسية في الصغر
- شويغو يزور قاعدة فضائية ويعلن عزم موسكو إجراء 3 عمليات إطلاق ...
- الولايات المتحدة تدعو العراق إلى حماية القوات الأمريكية بعد ...
- ملك مصر السابق يعود لقصره في الإسكندرية!
- إعلام عبري: استقالة هاليفا قد تؤدي إلى استقالة رئيس الأركان ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة تبارك السرقة وتدو ...
- دعم عسكري أمريكي لأوكرانيا وإسرائيل.. تأجيج للحروب في العالم ...
- لم شمل 33 طفلا مع عائلاتهم في روسيا وأوكرانيا بوساطة قطرية
- الجيش الإسرائيلي ينشر مقطع فيديو يوثق غارات عنيفة على جنوب ل ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أحمد على حسن - العقل العربى المقيد