أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فكري آل هير - نقش الحقيقة السبئية: جغرافية التوراة ليست في اليمن















المزيد.....


نقش الحقيقة السبئية: جغرافية التوراة ليست في اليمن


فكري آل هير
كاتب وباحث من اليمن

(Fekri Al Heer)


الحوار المتمدن-العدد: 5645 - 2017 / 9 / 20 - 18:32
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


نقش الحقيقة السبئية: جغرافية التوراة ليست في اليمن

16 سبتمبر 2017
**
مرة أخرى مع المفكر العربي فاضل الربيعي، أو بالأصح مع نظريته التي لم يمل من محاولات اثباتها.. فقد نشر الأستاذ الربيعي مؤخراً مقالة في موقع الجزيرة نت، وأعاد نشرها في صفحته الشخصية في فيس بوك، بعنوان:
"حروب مملكة سبأ في مدن يهوذا- التاريخ المسكوت عنه".
في مقدمة المقالة، يتحدث الربيعي عن منطلقاته العلمية الرصينة ودوافعه الموضوعية للبحث والكتابة في التاريخ، بقوله:
"لقد جرى تمرير خدعة كبرى، هيمنت على عقول ملايين البشر طوال القرن الماضي، ولا تزال رجاتها الأولى، تشيع الذعر من أي محاولة لكسر الصمت وكشف التضليل".
مقالة الأستاذ الفاضل هذه، تأتي في سياق مجهود ضخم- حسب تعبيره- لــ [كسر الصمت وكشف التضليل].
ولكن، التضليل عن ماذا بالضبط؟!
نعرف جميعاً أن لا موضوع للربيعي سوى العزف على وتر أن التنقيبات والكشوف الأثرية – في فلسطين وحواليها- لم تقدم حتى اليوم أي دليل علمي على أن أحداث التوراة جرت على جغرافية فلسطين، وبالتالي فإن مناط التأكيد في هذه المسألة يقع على: أين هي جغرافية التوراة؟ أو بالأصح: أين جرت أحداث التوراة؟- وهذا بدوره قاد الى افتراض بأن التضليل جرى في تغيير جغرافية التوراة والصاقها على فلسطين، بينما الحقيقة أن كل تلك الأحداث قد جرت في مكان آخر.
على الرغم من أن الربيعي ينفي ويرفض الاعتراف بأن نظريته لا تعدو أكثر من صيغة منتحلة لنظرية اللبناني "كمال الصليبي"، والتي عرضها هذا الأخير في كتابه "التوراة جاءت من جزيرة العرب"، إلا أن هذا واضح الى حد فشل معه الربيعي في اثبات أصالة طروحاته ونسبتها لنفسه- وهذا لا يهمنا الآن، إلا بقدر ما تعنيه هذه المسألة بالنسبة للطريقة التي يمارس بها البعض الانتحال والتضليل، في الوقت الذي يدعون فيه أنهم هنا لكشف المستور وفضح الزيف والتضليل في حقيقة أحداث التوراة وجغرافيتها.
الهدف والغاية:
أؤكد هنا، بأن مقالتي هذه مكرسة للرد والتعليق على ما تضمنته مقالة الأستاذ الربيعي الآنفة الذكر ولن تتجاوزها.. إلا أن الأمر متجه بالأصل الى نسف طروحاته، فمقالة الربيعي هذه تشبه الى حد كبير الخلية الحية التي ننتزعها من جسم الكائن الحي، وتحتفظ بكل السمات والخصائص والصفات التي يحملها ذلك الكائن حرفياً، وهذا بدوره يفيد في معرفة طبيعة ومضمونات طروحات الربيعي والاشكاليات التي تثيرها تلك الطروحات والتي يتهرب الأستاذ دائماً من مواجهتها.
يقول استاذنا الفاضل في مقالته هذه، بعد الديباجة:
"المعضلة التي واجهت التيار التوراتي في علم الآثار، وهو يلفق صورة ( مدن يهوذا) في فلسطين، أن التاريخ الفلسطيني ليست لديه أي رواية عن هذه المدن، وهو لا يعرفها، ولا توجد أي دلائل (أركيولوجية: أسوار، بقايا قصور، بقايا منازل ، نقود الخ) تؤكد وجود (مدن) يهودية.
ولكن هناك تاريخ آخر لديه ( خزان) من الروايات عن ( أرض يهوذا) و( مدن يهوذا) هو التاريخ السبأي/ الحميري في اليمن. يكفي أن نعلم أن حمير كانت ( مملكة يهودية) يعرفها التراث العربي/ الإسلامي جيداً. سأعطي – في هذه المساحة الصغيرة المخصصّة لي- نقشاً واحداً من عشرات النقوش، يكشف بجلاء عن (مكان/ جغرافية) هذه المدن".
على طول خط الطرح الربيعي الذي يعود لعدة سنوات مضت، اليمن هي مسرح أحداث التوراة، وهذه حقيقة مطلقة بنظره ويرفض تماماً مناقشتها، وإذا حاولت مناقشته.. يحيلك الى الناطق الرسمي باسمه، والذي بدوره يقول لك: اقرأ كتب الربيعي ففيها كل شيء..!!- اجابة تسويقية رائعة تدفعك لشراء الكتاب، ثم الكتاب الآخر، فالذي يليه.. وهكذا، فقلم الأستاذ ما شاء الله عليه لا يكل ولا يمل في جهاده لكشف التضليل وفضح الزيف التوراتي البغيض.
يؤكد لنا الربيعي هذه المرةـ، بأن مملكة يهوذا هي مملكة سبأ وحمير، وأن مدن يهوذا هي مدن سبأ وحمير، والعالم كله يعلم أن مملكة حمير اعتنقت اليهودية.. ولكن الربيعي لا يعلم ربما أن اعتناق الناس لليهودية في اليمن أو في المكسيك لا يعد دليلاً على أن الأرض هي أرض يهوذا..!!- ثم كيف لمملكة يهوذا وشعبها أن يتخذان لأنفسهما هوية أخرى كالهوية السبئية والحميرية؟!- لا أعرف في الحقيقة أي منطق يتحدث به الربيعي.
***

الأستاذ الربيعي، رجل منهجي ويحرص على أن يكون عمله منهجياً ومسلحاً بالأدلة المادية القاطعة، وطبعاً فالنقوش هي الأدلة الأثرية الحاسمة، فما هي الأدلة النقوشية التي اعتمدها استاذنا الفاضل؟- تعالوا لنرى..
يُعّرف الربيعي دليله، قائلاً:
"لدينا النقش المعروف باسم (B-L Nashq Demirjian 1) الذي يعود إلى القرن السادس قبل الميلاد، وعثر عليه في منطقة (نشق) أهم مدن الجوف (مملكة معين مصرن)".
بخصوص العبارة الأخيرة بين قوسين، يجدر بي التنويه الى أن الربيعي يفترض ويتعامل مع افتراضه دائماً وكأنه حقيقة ثابتة، إذ يفترض أن ورود كلمة (مصرن) في النقوش السبئية والمعينية بالذات ملحقاً باسم (معين)، هو دليل على أن مصر التوراتية ليست هي مصر النيل التي نعرفها، بل هي مصر اليمنية، وبالتالي فإن هذا يدعم القول بأن جغرافية يهوذا ومملكة اسرائيل هي اليمن.
النقش (B-L Nashq Demirjian 1):
لنتعرف أولاً على الدليل، وهو النقش (B-L Nashq Demirjian 1)، والذي عرّفه الباحث السوري المحترم (منير عربش)، بأنه نقش قام بنشره كل من البروفسورين (فرانسوا برون وأندريه لومير)، بعد العثور عليه خلال بعض الحفريات العشوائية في موقع نشق القديم –البيضاء حالياً في الجوف (اليمنية)، وهو الآن موجود في إحدى صالات العرض في أمريكا.
كان الباحث اليمني (معمر الشرجبي) قد قام بتحليل هذا النقش، ونشره في صفحة (نقوش مسندية) في سبتمبر من العام 2015، وهو حجة وثقة في مجال قراءة وتحليل نصوص المسند، ولا يحتاج الى تعريف أو شهادة مني بذلك، وتحليله، على النحو الآتي:

نص النقش بصيغته المسندية:
[1] ص ب ح هـ م و / ب ن / ع م ش ف ق / ب ن / ر ش و ن
[2] ن ش ق ي ن / هـ ق ن ي / ا ل م ق هـ / ب ع ل / م ي
[3] ف ع م / م سَ ن د ن / و هـ و ث ب هـ و / و ك ل / و
[4] ل د هـ و / و ك ل / ق ن ي هـ و / ب ن ش ق م / و س
[5] ي ر هـ / ي و م / ض ب ا / ب ع م / س ب أ / و ر ك ب
[6] ن / ر ج ل م / ب ع و / م ص ر / م ع ن م / ب أ س
[7] ف ل م / أ ت م ي / و ي و م / ض ب أ / ب ع م / ش ع ب
[8] هـ و / ر ك ب ن / ب ع م / م ص ر / س ب أ / ع د / أ ر
[9] ض / ح ض ر م ت / و ي ث ب ر و / ش ل .....
[10] ب ن / و ب ع و / م ي ف ع ت / و ف ....
[11] م ف ج ر ت / و ب ع و / ك ح د / ذ ....
[12] ب ر ت / و ب ع و / ك ح د / ت د ن ....
[13] و ي و م / ر س ل / و م ص ر / ع د / د د ن .....
[14] ت / و أ هـ ج ر / ي هـ د / و ي و م / س ل م / و و ف
[15] ي / ذ ي س ر / ب ن / غ ز ت / ع د / ك ت ي / ب ض ر
[16] ك ش د م / و ي و ن / و ي و م / هـ و ص ت هـ و / و
[17] ل ت أ ك هـ و / ي د ع ا ل / ب ي ن / ب ن / ي ث ع
[18] أ م ر / م ل ك / س ب أ / ع د / أ ر ض / ذ ك ر م / و ل
[19] ح ي ن / و أ ب أ س / و ح ن ك / أ ل هـ ن / أ ر ب ع
[20] و ع ش ر هـ و / أ ر ج ل م / و هـ و ف ي / ك ل / ذ
[21] ت / ت ل ا ك هـ و / و هـ و ص ت هـ و / ي د ع ا ل
[22] و هـ و ث ب / ل هـ و / ي د ع ا ل / ت أ م ن ت / و
[23] ش ل ث / ش ر ع ت م / و هـ م خ ذ هـ و / أ ل ف
[24] و ر ق م / أ / و ك س و هـ و / و خ م ر هـ و / ل
[25] ج ل ن / و ي و م / ض ب ا / ب ع م / ش ع ب ن ...
**
نص النقش بالعربية المعاصرة:
[1] صبحم بن عم شفق من ( بني ) رشوان
[2] النشقي (مدينة نشق) منح المقه سيد
[3] ميفع هذا المسند طالباً الثواب له ولكل
[4] أبنائه وجميع ممتلكاته في مدينة نشق
[5] وملحقاتها يوم حارب مع سبأ وركبان
[6] في الحملة وهجموا على جيش معين السفلى
[7] والتقى الجنود في المعركة ويوم حارب مع
[8] قبيلته ركبان و جيش سبأ حتى بلغ أرض
[9] حضرموت ودمروا عليهم (ثلاث /ثلاثين) ؟؟
[10] ..وهاجموا ميفعة ....
[11] وهاجموا جميعاً كشخص واحد
[12] وهاجموا كحد و تدنــ ...
[13] ويوم بعث في الجيش حتى بلغ دادان
[14] ومدينة اليهود ويوم سلم وحمى حين
[15] ارسل من غزة حتى بلغ كتي (كندة؟؟) لحرب
[16] كشدم ويون ويوم تعين في مهمة
[17] كمبعوث لـ يدع ال بين بن يثع
[18] أمر ملك سبأ إلى أرض ذو كرم
[19] ولحيان وأبأس وحنك وتلك البعثات أربع
[20] عشرة بعثة و أوفى بكل تلك
[21] المهمات التي أُمره بها يدع ال
[22] الذي كافأه وأصبح محل ثقة يدع ال
[23] ومنحه ثلاثة مباني وألف
[24] قطعة ذهبية وكساه وأعطاه
[25] ... ويوم حارب مع قبيلته ...
[26]...
هذا مضمون النقش، وكما هو ظاهر أعلاه، فالنقش يتألف من (26) سطرا مكتوبة بالأبجدية السبئية المشهورة بــ (خط المسند)، بعض منها ناقصة بسبب فقدان أجزاء من لوحة النقش.
منهج الربيعي في اثبات نظريته:
الآن، سنتعرف على واحدة من أفظع وأسوأ جرائم التضليل والخداع التي اعتمدتها مدرسة الاستشراق الأوروبي في تزييف التاريخ، والتلاعب بالمعرفة والحقيقة وتحريف مضمونات الأدلة التاريخية، وللأسف فالربيعي لا يتقن هذا النوع من الجرائم، رغم محاولاته المستميتة في سبيل ذلك.. أما ما هي الجريمة؟ وكيف تتم؟- فأقول أنها جريمة بتر الدليل التاريخي ونتف أجزاء صغيرة منه بانتقاء شديد وتقديمها لإثبات طرح زائف ونظرية ملفقة، يعرف هذا بالمنهج الانتقائي، وهو منهج ردئ السمعة في الأوساط الأكاديمية، وكل من يستخدمه يظل محل طعن وشكوك في موضوعيته وأمانته العلمية.
هل استخدم الربيعي هذا المنهج؟!- هل يتعمد الرجل خداعنا وتضليلنا؟!- سأقول لكم: نعم لقد فعل.
(1)
يقول الربيعي بأن النقش:
"بدأه كاتبه بإهداء آلهته تماثيل من البرونز تقرباً وشكراً، لعودته سلماً من القتال مع ( سبأ) وبعد أن تغلبوا على (معين مصرن- وليس مصر البلد العربي بكل تأكيد؟) وحرروا (مدن يهوذا)؟".
ثم ينتف الربيعي السطور (6- 9) من النقش ويبترها بتراً فظيعاً ورديئاً من سياقها الكامل، بذريعة خرقاء عبر عنها بقوله: [سوف أستعرض أهم ما جاء في النقش]!!- فالسطر رقم (7)، قرأه الربيعي وقدمه لنا هكذا:
[وفي (عتمة) يوم قاتل مع قبيلته]، ويردف السطر بعبارة من عنده- أي من عند الربيعي: (عتمة مديرية في ذمار).
بينما مضمون السطر (7) في النقش نفسه، كما هو ظاهر أعلاه، هكذا:
[7] ف ل م / أ ت م ي / و ي و م / ض ب أ / ب ع م / ش ع ب
وهذه قراءة السطر بحسب الشرجبي، وهي القراءة الأصح بلا أدنى شك:
[7] والتقى الجنود في المعركة ويوم حارب مع..
من أين جاءت عتمة؟ ومع علاقة الأمر بمدينة ذمار اليمنية؟- الله أعلم.!!
هكذا هي تأويلات الربيعي اللفظية، وهذا هو منهجه في تأويل الألفاظ كما يشاء هو.. بدون قاعدة أو مبدأ محدد يمكننا اتباعه نحن أيضاً، لنخرج بنتائج مقاربة لما يتوصل إليه هو كل مرة.
(2)
السطور من [6- 12] من النقش تتحدث عن وقائع غزوات للاتحاد السبئي (سبأ ومعين)، في حضرموت بالفعل، لكن كاتب النقش يستهل حديثه ابتداءً من السطر [13] عن غزوات أخرى للاتحاد السبئي في شمال جزيرة العرب، مع تحديد دقيق جداً للأماكن والمناطق التي شملتها تلك الغزوات السبئية العنيفة، وهي مناطق بعض البدو من الأعراب اليهود الذين كانوا يعيشون على قطع طرق التجارة والاعتداء على القوافل التجارية في شمال غرب جزيرة العرب، وفي فلسطين وبعض مناطق الكلدانيين في بلاد الرافدين، بل أن سبب تلك الغزوات واضح في النقش بجلاء وهو أنه حصل اعتداء على قوافل سبئية ومعينية، ما دفع ملك الاتحاد السبئي (يدع ال بين بن يثع أمر) الى شن حملة عسكرية لتأديب أولئك الأعراب في ديدان ولحيان، وشركائهم اليهود في غزة ومناطق البادية اليهودية ومدنها، ومنها توغلت تلك الغزوات الى عمق بلاد الكلدانيين في الشام وبلاد الرافدين.
الحقيقة، أن هذا النوع من الحملات العسكرية التأديبية كانت تقوم به سبأ بشكل سنوي، بل أنها كانت بمثابة عادة ملكية يجب أن يقوم بها كل ملك من ملوك سبأ، وظلت سارية طوال تاريخهم المجيد.
والآن، نوجه سؤالنا لأستاذنا الفاضل، هل كان اليهود يعبدون ألمقه؟؟!!- هل قرأت النقش يا أستاذ فاضل؟- هل قرأته؟
النقش يذكر ديدان ولحيان وغزة ومدن اليهود ومدن أخرى في أراضي الكلدانيين، ويتحدث عن غزوات الاتحاد السبئي التي وصلت الى شمال جزيرة العرب وتوغلت في عمق أراضي الشام والعراق، وهو واضح للغاية، ولا يحتاج الى تأويلات وتخريجات، فمن لديه الحد الأدنى من المعرفة بقواعد المسند السبئي، يستطيع أن يقرأ النقش ويعرف مضمونه بسهولة مطلقة..!!
كما أن تاريخ النقش (B-L Nashq Demirjian 1) يعود إلى حوالي النصف الثاني من القرن السادس قبل الميلاد، وهي فترة تاريخية كانت أسماء ديدان ولحيان وغزة ثابتة على أماكنها الحالية بدون أدنى شك، وما كان ليضل عنها خروف في بادية الشمال الغربي لجزيرة العرب- ناهيك عن البشر العاقلين.
فماذا فعلت أنت يا أستاذ فاضل لكشف الحقيقة وفضح التضليل؟!- تعال- وأنتم أيضاً اعزائي القراء المحترمين تعالوا- لنرى ماذا فعل أستاذنا لأجل هذه المهمة النبيلة:
يقول الربيعي، وهو هذه المرة يصنع الزيف ويساهم في تضليلنا عن الحقيقة، وفي رسم معالم مرحلة جديدة من مراحل التزييف المقصود والمتعمد لتاريخ اليمن وتاريخ المنطقة برمتها، لأغراض لا يعلمها إلا الله، يقول ما يلي:
"من الواضح طبقاً لنص النقش، أن المكرب السبأي (يدع بين) قاتل عام 640 ق,م مملكة (مصرن- مصريم في التوراة) وانتزع منها أراضٍ تمتد من ذمار حتى ميفعة في حضرموت، وتمكن من تحرير ( مدن يهوذا)".
ثم يقوم الربيعي الفاضل بنتف جزء مهم من النقش- حسب ادعاءه- يبدأ من السطر [14]، ويثبت لنا حقيقته المفضلة والتي يتربح منها لقمة عيشه، بأن مدن اليهود هي مدن سبأ وحمير.. يالله؟!ّ- وحينما يصل الى السطور الذي ذكرت فيها غزة وددان ولحيان يقفز عنها ويتجاهلها ويحجب اسم غزة عن القارئ بكتابته اعجمياً في سيق عربي هكذا (Ġzt) وعلى الرغم من أنها تنطق بهذا الشكل (غزة/ غزت)، إلا أن الربيعي يتجاهلها ويستغفل ويستخف بعقول البشرية كلها جهر العين ومع سبق الإصرار والترصد، فكل مقارباته اللفظية للأسماء الجغرافية في التوارة لا تنطبق على غزة التي وردت في النقش السبئي..؟!- أين تقع غزة يا أستاذ فاضل بالنسبة لــ دادن ولحيان؟!- اسأل حفيدك إن كنت لا تعلم.
هكذا، ثم تأتي البغال البشرية المنافقة لتكتب تعليقات على منشور الأستاذ -مضلل لا فاضل- على غرار: منطقي جدا.. بوركت استاذ، استمر في كشف الحقيقة..
ولا أقول إلا.. لعن الله الجهل ولعن الله المنافقين..
نقش الحقيقة السبئية:
ختاماً، هذا النقش هو نقش الحقيقة السبئية.. وهو مهم، بل من أهم النقوش اليمنية التي تقدم الحقيقة، فمن لديه اطلاع بتاريخ شمال جزيرة العرب وفلسطين، يعرف أن قبيلة كلب اليمنية كانت من أكبر بطون اليهودية التي استوطنت فلسطين كلها لقرون طويلة قبل الاسلام، فإذا جاء اليوم يهود من بني كلب العرب وقالوا بأن فلسطين أرضهم فهم صادقين.
لم تكذب التوراة ولم يجهل كتبة التوراة جغرافية أرضهم، فالتوراة عربية والديانة اليهودية كما هي المسيحية والاسلام ديانات عربية، ويهود الأمس كانوا عرباً منا وفينا، ولكن يهود اليوم ليسوا كذلك، ولا وطن لهم في فلسطين، فأن يأتي يهودي من الخزر أو من ألمانيا أو روسيا أصهب أبرص، وجهه كصحن من نحاس، ويقول فلسطين أرضه، فسنقول له لا وألف لا، والكيان العبري القائم اليوم في فلسطين كيان استعماري وهذه صفته حتى يتم تحرير كامل أرضنا العربية، ولا نحتاج الى نظريات جديدة للبحث عن موطن جديد ليهود الخزر والفلاشا.
هذا النقش يوفر للربيعي دليلاً تاريخياً قاطعاً بأن شمال الجزيرة العربية وفلسطين هي ما تعنيه التوراة، وهي المنطقة فيما بين النيل والفرات قطعاً.. فكيف يقال بأنه لا وجود لأي دليل أثري يثبت أن جغرافية التوراة كانت في فلسطين؟!- ألا يعد هذا النقش دليلاً؟!
إن لهذا النقش السبئي أهميته القصوى، فهو ينسف نظرية جغرافية التوراة في اليمن من جذور جذورها، ويقتلعها قلعاً ويلقي بها في العراء، تاركاً أصحابها في شعاب التاريخ يجرجرون أذيال خيبتهم وفشلهم العلمي، لمن كان يتحرى العلم منهم، أما من كانت له أغراض أخرى فإلى مستنقع التاريخ وحسب.
أستاذي العزيز.. نحن لسنا مستشرقين ولا نسعى الى تزييف التاريخ، ولا يضيرنا أن أجدادنا اعتنقوا اليهودية، فقد اعتنقوا المسيحية والاسلام أيضاً، نحن يمنيون سبئيون وحميريون منذ خلقنا الله على وجه هذه الأرض، لا هوية لنا غيرها حتى اليوم.. وأنت أكثر من يعرف مدى رسوخ اليمنيين على هويتهم السبئية والحميرية.. ولا داعي للمزايدة في هذا الشأن.
كما أننا نغار على فلسطين أيضاً ونحلم بيوم تحريرها.. فلا تتهمنا بأننا أتباع أو أذيال للمستشرقين التوراتيين.. لأنك أنت من يفعل..


**
إحالات مرجعية:
1. فاضل الربيعي: حروب مملكة سبأ في مدن يهوذا- التاريخ المسكوت عنه:
https://www.facebook.com/fadhi.alrubaiee/posts/1244987452296896?ref=notif¬if_t=close_friend_activity¬if_id=1505340909943570
2. معمر الشرجبي: العربية السعيدة .. تاريخ عريق ومحاولات طمس الحقائق:
https://www.facebook.com/groups/188231664638350/permalink/740055606122617/
3. منير عربش: منشأ المعينيين وتأريخ ظهور مملكة معين في جنوب جزيرة العرب من خلال نقش جديد من القرن الثامن قبل الميلاد، متاح على الرابط التالي:
https://s3.amazonaws.com/academia.edu.documents/39572877/2014_Muawiya.pdf?AWSAccessKeyId=AKIAIWOWYYGZ2Y53UL3A&Expires=1505586958&Signature=3q2DFK0m%2F%2B5Bgy6HoYuj8ZNqUIg%3D&response-content-disposition=attachment%3B%20filename%3D39572877.pdf
4. B-L Nashq Demirjian 1:
http://dasi.humnet.unipi.it/index.php?id=dasi_prj_epi&prjId=1&recId=1292
5. François Bron & André Lemaire, « Nouvelle in--script--ion sabéenne et le commerce en Transeuphratène », in Trans, 38, 2009, p. 11-29.




#فكري_آل_هير (هاشتاغ)       Fekri_Al_Heer#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عزف على وتر آخر غير فضيلة الغرب..!!
- معركة العقل ضد الكهنوت: الخاتمية والمهدوية في الإسلام نموذجا ...
- الدلالة والقصدية في ضوء النظرية التداولية- -زلاَّت اللسان مث ...
- في ضوء علم نحو النص: المعنى بين التشكيل والتَشكُّل
- الدلالية النحوية والدلالة النصية بين النحو التقليدي واللساني ...
- الرموز والدلالة وجدل المعرفة الباطنية- مقاربة ابستمولوجية
- من العمق: استخلاص بحثي لقراءة مغايرة في الطراز الروائي: الحل ...
- ثرثرة عابرة على صفحة كتاب الوجه
- الخاصرة المطعونة: هل بدأت نهاية النفوذ السعودي في اليمن؟
- الطعن في الخاصرة: الرئيس هادي يتحدى إرادة العائلة السعودية ف ...
- اللحظة العصية بين الوعي واللاوعي قراءة في ذبذبات الفعل الثور ...
- لا شيء هنا أكثر من الهَوَس


المزيد.....




- -التعاون الإسلامي- يعلق على فيتو أمريكا و-فشل- مجلس الأمن تج ...
- خريطة لموقع مدينة أصفهان الإيرانية بعد الهجوم الإسرائيلي
- باكستان تنتقد قرار مجلس الأمن الدولي حول فلسطين والفيتو الأم ...
- السفارة الروسية تصدر بيانا حول الوضع في إيران
- إيران تتعرض لهجوم بالمسّيرات يُرَجح أن إسرائيل نفذته ردًا عل ...
- أضواء الشفق القطبي تتلألأ في سماء بركان آيسلندا الثائر
- وزراء خارجية مجموعة الـ 7 يناقشون الضربة الإسرائيلية على إير ...
- -خطر وبائي-.. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود
- مدفيديف لا يستبعد أن يكون الغرب قد قرر -تحييد- زيلينسكي
- -دولاراتنا تفجر دولاراتنا الأخرى-.. ماسك يعلق بسخرية على اله ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فكري آل هير - نقش الحقيقة السبئية: جغرافية التوراة ليست في اليمن