أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - أكرم شلغين - نسوية، ونسوية خاصة















المزيد.....

نسوية، ونسوية خاصة


أكرم شلغين

الحوار المتمدن-العدد: 5640 - 2017 / 9 / 15 - 23:07
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


في بحثه حول "أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة"* يعلمنا فريدريك إنجلز أن الانتقال من المجتمع "الأمومي" (Matrilineal) إلى المجتمع "الأبوي" (Patrilineal) [إن كانت الترجمة صحيحة للتعبيرين!] لم يكن بدون أثمان باهظة دفعتها المرأة تباعاً وذلك بقبولها أولاً مساومة الرجل حول دورها وأن الخطأ التاريخي الذي ارتكبته المرأة بحق نفسها جاء حين ارتضت في الفترة الانتقالية تلك القيام بدور تصبح فيه أداة لنقل "المُلْكية" من الرجل إلى ابنه، أو أولاده الذكور، والذي تجسد بعلاقة فيها انقلاب للموازين واللامساواة، من بين المعاني الأخرى، وذلك بتحول المرأة لتكون هي الطرف الأضعف وهي التي تقبل التنازل في كل المساومات التي تلت على مر العصور، ولاحقاً انتقل ما تم توصيفه بالمساومة" ليصبح "عادة" أو "تقليداً" سائداً تنتظم فيه حقوق الرجل بعلاقته مع المرأة وتتعدد فيه واجبات المرأة تجاه الرجل في تلك العلاقة، بل وراح التقليد يتطور وينصقل ليأخذ منحى أكثر تعقيداً حين أصبح "عرفاً" و "ناموساً" (Norm) لم تستطع المرآة أن تتخلص من تبعاته حتى يومنا الحالي.
وإن اختلفت الطرق والتفاصيل إلا أن الممارسات المجحفة بحق المرأة والتي تجسد استغلالها أبشع استغلال أصبحت هي القاعدة التي تسود كافة المجتمعات، وأحياناً جاء استغلال المرأة تحت عنوان مليء بالمغالطة بزعم تكريمها انطلاقاً من وازع اجتماعي يرتكز على مستندات عقائدية أساسها مدروس وموضوع بما يخدم حاجة ومصلحة الرجل. وتباعاَ تم تكريس إخضاع المرأة بشكل كامل عبر العصور والتاريخ وذلك استناداً لمجموعة من المفاهيم الواهمة والتي لا أساس لها إلا في أذهان من ركّبها ومن صدّقها، من هنا جاء تصنيف المرأة على أنها أقل ذكاء من الرجل أو أنها فيزيولوجياً أضعف من الرجل ولهذا فليس هناك من حكمة ـ مرة "دينية" وأخرى "دنيوية" ـ في اعتماد نفعها أو فاعليتها لتكون في موقع القرار أو السيادة، الأمر الذي خدم الرجل وأعطاه الصلاحيات الموروثة وجعل منه الآمر والناهي بصفته رب البيت بمحاباة عليا أساسها سماوي، وهذا التموضع التاريخي أصبح يدخل حكماً ضمن مفاهيم وأطر معروفة بنظام الأشياء "The Order of Things"** وأن التفكير بالمساس به يعتبر مصدر فوبيا للرجل نظراً للسلطة التي يتمتع بها. إن من حقه العمل وهو من يجب أن يكسب من العمل خارج البيت وأما عمل المرأة في البيت فلا يحتسب لسببين إذ أنه واجبها بمفردها بحسب التعليم الديني، والعرف الاجتماعي والتأشير الأسروي، أي ما يجعلها تعمل بدون مقابل أولاً وهو الأمر الذي يؤدي بها بالضرورة كي لا تكسب من العمل خارج المنزل ثانياً وتمتلك بذلك شيئاُ من القرار! والأدهى من ذلك أن امتثال المرأة وإذعانها للتحيز الواضح ضدها في الدور المنوط بها يعتبر سلبياً يؤخذ ضدها وليس العكس في أن يحتسب لها! وهذا مازلنا نراه ونسمعه حتى من سياسيين منتخبين وبرلمانيين يذكّرون المرأة بأن دورها الأعظم هو في المنزل للطبخ والتنظيف والعناية بالأطفال وليس في المحافل السياسية أو الثقافية أو الإدارية، خطاب يتكرر حينما وأينما يجد الرجل سلطته تتهدد بوجود المرأة!
في أيار 1968 في فرنسا عصفت انتفاضة الطلاب بالأسس الاجتماعية والسياسية القائمة آنذاك ومزيداً حين أصبحت ممتدة في أكثر من بلد أوربي وفي غير القارة الأوربية وذلك ما أرسى لعلاقات جديدة تنسف المعايير التي اعتمدت في التهميش والاستبعاد والتحيز من قبل. ووسط ذلك الجو من الانقلاب الاجتماعي والسياسي راحت المرأة الأوربية تنشد صياغة نوع جديد من العلاقات تعيدها من "الهامش" إلى "المركز" وتصنفها بالشريكة بدلاً من "الآخر" في معادلة "الذات" و"الآخر". بذلك كسرت المرأة بعض القيود التي كبلتها عبر التاريخ واستبعدت الحياء والخوف في إسماع صوتها خلافاُ لما اعتادت عليه؛ لكن المشكلة كانت في أن التوجه النسوي حينها جاء متأرجحاً ما بين التعبير عن فرحة الانتصار التاريخي وبين عدم التركيز على ما تحتاجه المرأة بالضبط لتكون شريكة للرجل لا أقل! من هنا كانت النسوية المبكرة في ذلك الحين لا تعني البحث الجاد في حقوق المرأة ومساواتها بالرجل بل كانت تعني كسر المألوف في ارتداء المرأة ما تريده من لباس، البنطال والقميص لتتشبه بالرجل، وكان صوت المرأة حينها يعتلي بالشتائم ضد مستغلها التاريخي أي الرجل (حتى في أغاني تلك الفترة نلحظ على سبيل المثال لا الحصر ما يتهجم على الرجل شفوياً كأغنية "الرجال خنازير"...). ذلك التخبط كان بمثابة شماتة للمتعصبين ذكورياً إذ جادل الكثير من الفئة الأخيرة بأن ما يسم المرأة هو "الشتائم" و"عدم وضوح المسلك" أو "النهج"، وهو ما يعزز الزعم القديم لآفاق جغرافية المرأة الفكرية والاجتماعية. بعد ذلك أدركت بعض رموز الحركة النسوية أن عليها أن تشق طريقاً آخر يبين فيه مظالم وضيم الماضي الواقعة على المرأة بموازاة إعلاء الصوت في تبيان أن المرأة ليست أقل من الرجل بالمكانة التي ينكرها لها وعليها، وفي ذلك استندت إلى أسس هي من تنويعات ماركسية (وليست ماركسية تقليدية)، كتلك التي راجت بها دراسات ما بعد الاستعمارية في علاقة القوي بالضعيف (وفعلياً هذه المرة: الذات والآخر والمركز والهامش!) وهكذا رسمت تلك الخطوة الهوية النسوية الواضحة ثقافياُ وأيديولوجياً وبرزت بصفتها الفكرية وبأشكال شتى في الأهمية الفلسفية والتعقيد وليس فقط قضايا علاقة المرأة بالرجل وحقوقها وحريتها التي صارت ببساطة من مسلمات وبديهيات العيش في زماننا من التاريخ.
في العالم العربي، ولأسباب ثقافية و اجتماعية بالمجمل، مازالت المرأة وراء هذا الموقع الفكري والاجتماعي الذي تشغله المرأة في العالم عموماً ـ وإن هناك حالات فردية لمثقفات. فالمرأة في العالم لعربي ما تزال غير واعية لدورها والأبعاد الاجتماعية التي تحيط بالدور بل وتجهل أبسط حقوقها، وتتعلم كيف تمتثل لما يريده الرجل بل وتبدع في بعض الأحيان باجتهادها للإبقاء على وضعها الثابت والذي لو كان فيه حركة ما لشكل فوبيا للرجل. والمفارقة التي لا يفهمها إلا مجتمعاتنا تكمن في أن المرأة نفسها تشربت التحيز التاريخي للرجل ضدها وأصبحت تستخدمه ضد نفسها حيث تتكلم بصوته ومصلحته مسمية ذلك نسوية، نسوية تفرضها حقائق قاهرة اجتماعياً وثقافياً وعقائدياً. حين أنصت جمهور ألماني لترجمة اليسير من أشعار نزار قباني عندما ألقاها في "دار ثقافات العالم" ببرلين وجد بعض الغرابة أن يكون لأشعاره هذا لصدى الكبير في العالم العربي واستهجن أيضاً ما سمعه من تقديم للشاعر (من قبل سلمى الخضرا وقتها) في أن يكون هذا شاعر المرأة والذي يسعى لتحررها بينما، في الواقع، راح يختزلها بوصفها الجسدي (Blazon) ويتباهى بعشقه لعشرات الآلاف من النساء. فلا غرابة وسط نسوية خاصة كهذه أن نجد من تلوم الزوجة لأن زوجها تزوج من غيرها أو هجرها باتجاه أنثى ثانية إ أن مسؤوليته لزوجة تكمن في معرفة كيفية التبرج والتزين لتبدو دائما جميلة بعينيه بحيث لا تترك له فراغاً يرى من خلاله الجمال خارج إطار الزوجية...! أو أن نجد أكاديمية تتشدق بأنها نسوية وبنفس الوقت تشهّر بالتسوية العالمية بأنها تستهدف الهوية المحلية للنساء الموقرات أو الجليلات...! بل وحي يتفنن الرجل بتقليص دور المرأة واختزالها إلى شكل بعينين، بفم يبتسم، بوجنتين، بنهدين تعتبره إعلاء من شأنها (كما في المثال أعلاه).
بالطبع لن أنجح بحدود ما يسمح به مقال قصير هنا في العرض للنسوية العربية وموقعها من النسوية العالمية، بل كل ما أطمح إليه هو العرض لهذه المشكلة بأسطر مقتضبة. باختصار شديد، إن كان لنا أن نحكي عن النسوية في عالمنا العربي فيجب أن نعي أنها في واد مختلف تماماً عما يفهمه العالم منها وأن تعبير نسوية خاصة في ثقافتنا وفي حوارات حتى النساء في مجتمعاتنا هي تغليف يؤدلج لمصالح الرجل!



#أكرم_شلغين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عشق القيود!
- هناك تأتيه الأفكار!
- بر الأمان
- انتبه فجوة (Mind the gap!)
- أما كفانا موتاً ودماراً؟
- طال التفكير
- هروب معنون بالأخلاق العامة
- من يستحق المساعدة!؟
- وجاء الفارس
- دنيا ودين!
- هلوسات وحدة ووحشة
- هل تغلبت العاطفة في نظرة سعيد !؟
- الرجل المناسب
- لو كان له جنّته!
- لقد فاتني أنه وقت دفن الموتى!
- لعله يأتي من المجهول!
- رحلة في البحث عن الدفء والحنان
- عروس وعريس
- عالمه الكبير
- رماد


المزيد.....




- النساء يشاركن لأول مرة بأشهر لعبة شعبية رمضانية بالعراق
- ميقاتي يتعرض لموقف محرج.. قبّل امرأة ظنا أنها رئيسة وزراء إي ...
- طفرة في طلبات الزواج المدني في أبوظبي... أكثر من عشرين ألف ط ...
- مصر.. اعترافات مثيرة للضابط المتهم باغتصاب برلمانية سابقة
- الرباط الصليبي يهدد النساء أكثر من الرجال.. السبب في -البيول ...
- “انقذوا بيان”.. مخاوف على حياة الصحافية الغزية بيان أبو سلطا ...
- برلماني بريطاني.. الاحتلال يعتدي حتى على النساء الفلسطينيات ...
- السعودية ترأس لجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة بدورتها الجدي ...
- تطورات في قضية داني ألفيش -المتهم بالاغتصاب-
- رومي القحطاني.. أول سعودية تشارك بمسابقة ملكة جمال الكون 202 ...


المزيد.....

- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع
- النسوية.المفاهيم، التحديات، الحلول.. / طلال الحريري
- واقع عمل اللمراة الحالي في سوق العمل الفلسطيني الرسمي وغير ا ... / سلامه ابو زعيتر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - أكرم شلغين - نسوية، ونسوية خاصة