أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد مسافير - المدارس في أنظمتنا سجون وأحيانا قبور!














المزيد.....

المدارس في أنظمتنا سجون وأحيانا قبور!


محمد مسافير

الحوار المتمدن-العدد: 5638 - 2017 / 9 / 13 - 06:58
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


عندما كنت في المستوى الرابع ابتدائي، فكرت مرارا في هجر المدرسة، بل وهجر أقاربي أيضا، رغم أني لم أكن بعد قادرا على أي شيء، إلا أن فكرة الابتعاد عن محيطي لازمتني السنة كلها، ليس بسبب الحب ولا بسبب الجوع، بل لأني كنت أخاف كثيرا من أستاذ اللغة الفرنسية، كنت أخافه حد الهلع، كان وقتئذ يتفنن في تعذيبنا، كان مبدعا حقيقة في التعذيب والترهيب، وكنت كلما أبلغت والدي بالشكوى، زجرت وامتدح الأستاذ الإرهابي، كان يرتكب جرما حقيقيا في حق التلاميذ، وكانت فكرة الهروب، فكرة شائعة لدى تلاميذ المستوى الرابع فوج "ب".
كان آباؤنا، ولفرط جهلهم، يخلطون ما بين التربية والترويض، فتجدهم يستحضرون التعليم في الماضي ويمجدونه، وما أدركوا يوما أن جرائم الثقافة التعليمية الماضوية، هي التي أوصلتنا إلى هذا التخلف...
بينما يعيش الإنسان الغربي معنى الإنسانية ويستمتع بها، فتجدهم يعاقبون الأب إذا صرخ في وجه ابنه أو أربك نفسيته، فما بالك بالأستاذ... ثم فلنقارن النتائج، على المستوى التعليمي وعلى المستوى التربوي ! أكيد... لا مجال للمقارنة...
الغرب يعتبر الطفل ابن المجتمع، لأن المجتمع كله سيتضرر من سوء تربيته، والشرق يعتبر الطفل ابن أبيه، والأب حر فيه، وإن شاء ذبحه (كما تذكي ذلك الأساطير)
إن كان أبناؤكم غير راغبين في الدراسة، فلا تفرضوها عليهم، أتركوهم على هواهم، واصقلوا ميولاتهم كيفما كانت، ربما يجدون أنفسهم في الرقص أو الغناء أو الرياضة، ليس التفوق الدراسي هو كل شيء، والنظرة الأحادية التي تسيطر على أغلبنا، هي التي تدفع بأبنائنا نحو الضياع...
وكم من نابغة يشتغل تحت إمرة جاهل!!
أتذكر أيضا وفي نفس المستوى، لكن في سياق آخر، قامت إحدى التلميذات أثناء حصة دراسية بتسليم ورقة صغيرة لأستاذ اللغة الفرنسية مكتوب عليها "أحبكِ"، قالت إنها لا تدري من دسها على غفلة منها داخل محفظتها... وبسبب تلك الكلمة، أعلن الأستاذ حالة استنفار داخل القسم، وسكن الذعر التلاميذ جميعهم، مخافة أن تحيق التهمة بأحدهم... كشر الأستاذ عن أنيابه وأعلن عن سخطه ثم طلب من الجاني الإعتراف حتى لا يطاله عذاب أليم... وحين لم يبلغ قصده استدعى أستاذا آخر من قسم مجاور ليعينه على الإيقاع بالفاعل... سمع الأستاذ الضيف بالحادث فهول من الفعلة وتوعد المذنب بشر انتقام، واقترح مقارنة الكتابة المخطوطة على الورقة الحجة بخط تلاميذ القسم على دفاترهم المنزلية، وفعلا استطاعا اصطياد الجاني وحملاه على الإعتراف، وبعد تجريم فعلته تناوبا على ضربه أو بالأحرى على جلده قبل أن يرسلاه إلى سعادة المدير ليدلو بدلوه في الضرب والجلد... ثم أبلغوا أسرته بمضمون الجريمة حتى لا يفوته نصيبهما من العقاب..
عوقب التلميذ أشد عقاب، وأحس بالذنب عميقا، وكان عبرة لتلاميذ قسمه ولتلاميذ المدرسة بعد أن شاع جرمه...
لم يفلح التلميذ في دراسته، فقد غادرها مبكرا واتجه صوب مدينة طنجة ليشتغل في الحلاقة، وبعد أن قضى ما يزيد عن الأربع سنوات في مهنته الجديدة، استطاع بعض الوسطاء إقناعه بضرورة التجنيد مع مقاتلي داعش، فغادر البلاد إلى معسكرات الموت...
لقد مات إبراهيم في المدرسة، لقد قتله الأستاذان والمدير والأسرة مذ أن نفروه من الحياة، مذ أن أبغضوه في الحب... فالقلب الذي يتوجس من الحب، لن يسعى إلا خلف الموت... ثم يتساءلون: من أين جاءت داعش!



#محمد_مسافير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحق في ممارسة الحب... وذهنية التحريم!
- الجبلاوي شخصيا يخاطبكم!
- كن إنسانا.. أو مت وأنت تحاول!
- طقوس تعبدية على هامش الإسلام!
- ظاهرة التحرش بين صمت القانون وشرع اليد!
- الإقلاع عن التدخين يسبب الموت!
- بؤساء القرن الواحد والعشرين!
- اليسار والجامعة!
- لا تسألوا عن أشياء إن تُبد لكم تسؤكم!
- للملحدين أيضا طرائف!
- قصة صفية!
- آية وتعليق
- لعنة المسجد!
- الوطنية تلفظ أنفاسها الأخيرة داخل التكنات!
- الشيوعية... نهاية الإنسان! -في نقد الفكر الماركسي-
- اجتهاد في نصيب الزوجة من الميراث!
- اغتيال الطفولة!
- تجارة القلوب!
- كيف صعدت النجوم إلى السماء؟
- البادية بين الماضي والحاضر!


المزيد.....




- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...
- وسائل إعلام: الدفاعات الجوية الإيرانية تتصدى لهجوم صاروخي وا ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع هجوم ...
- فرنسي يروي تجربة 3 سنوات في السجون الإيرانية
- اقتراب بدء أول محاكمة جنائية في التاريخ لرئيس أميركي سابق
- أنباء عن غارات إسرائيلية في إيران وسوريا والعراق
- ??مباشر: سماع دوي انفجارات في إيران وتعليق الرحلات الجوية فو ...
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية الرسمية نقلا عن تقارير: إسرائيل ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد مسافير - المدارس في أنظمتنا سجون وأحيانا قبور!