أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - تاج السر عثمان - حالة الماركسية والتعليم والثقافة في الفترة: 1900- 1956م















المزيد.....

حالة الماركسية والتعليم والثقافة في الفترة: 1900- 1956م


تاج السر عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 5620 - 2017 / 8 / 25 - 14:02
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


حالة الماركسية والتعليم والثقافة في الفترة
"1900 – 1956م"
بقلم : تاج السر عثمان
كانت نشأة الحركة السودانية للتحرر الوطني " حستو" في السودان إمتدادا لتطور الفكر السوداني والحركة الوطنية الحديثة التي بدأت بتكوين أندية الخريجين والعمال والصحافة الوطنية وتنظيمات "الاتحاد السوداني" و "اللواء الأبيض" وثورة 1924م ، وتطور الحركة الوطنية بعد هزيمة الثورة بقيام الجمعيات الثقافية والاصلاحية والأدبية والمسرحية والرياضية والفنية وظهور مجلتي "النهضة السودانية " و"الفجر" وقيام مؤتمر الخريجين ونهوض الحركة الوطنية بعد الحرب العالمية الثانية وهزيمة الفاشية والنازية واتساع نفوذ المعسكر الاشتراكي ونهوض حركات التحرر الوطني المطالبة بحق تقرير المصير والاستقلال ومنها السودان.
في هذا الجو ظهرت الماركسية التي تم ربطها بخصائص السودان ، عندما ظهرت الماركسية كانت حالة التعليم والثقافة تتسم بالآتي:
*حداثة وضيق نطاق التعليم المدني في السودان في بداية القرن العشرين. كلية غردون التي تم إنشاؤها لم تكن مدرسة ثانوية بالمعنى المفهوم ولا جامعة ، كما أنها لم تكن مدرسة عليا أيضا ، بل كانت كلية هدفها الأساسي تخريج الكتبة وصغار المحاسبين والفنيين والمهندسين ومدرسي الابتدائيات .. الخ . ولم يكن هدف الإنجليز من التعليم تثقيفيا أو تمليك الخريجين أدوات منهجية لمواصلة المعرفة والبحث بعد التخرج ، بل كان هدفهم تخريج أدوات عمل حية لتسيير جهاز الدولة الاستعماري .
يصف الأديب معاوية محمد نور مناهج كلية غردون بالآتي :ً كانت مناهج التدريس في كلية غردون غريبة فليس هناك مجال للعلوم الطبيعية أو التاريخ الحديث والآداب ، وإنما معظمه تمرين على الآلة الكاتبة أو على شئون الهندسة العملية والمحاسبة .. ً ( معاوية نور : آراء وخواطر ، ص 34 ) .
التعليم نفسه كما ذكرنا كان ضئيلا ، وكان محدودا بأهداف الإنجليز ، مثلا نسبة التعليم كانت 2,5 % في عام 1937 ، 4 % في عام 1942 بين السودانيين ( عبد المجيد عابدين : تاريخ الثقافة العربية في السودان ، مطبعة مصر 1953 ، ص 82 ) . ولا نحتاج لجهد كبير لاستنتاج أن مثل هذا النوع من التعليم ( في الكيف والكم ) يتولد منه غياب الرؤية الفلسفية وانعدام المنهج العلمي لدي الكتاب والمثقفين والسياسيين في تلك الفترة ، ومع بداية انتشار التعليم المدني الحديث ، حتى أن شاعرا مثل التيجانى يوسف بشير كان يشير إلى غياب القيادة الفكرية وسط جيل وكتاب الثلاثينيات ( راجع مقال القيادة الفكرية في الأعمال الكاملة للتيجاني يوسف بشير ، السفر الأول ، تحقيق محمد عبد الحي ) .
لكن مع ذلك نلمس بعض اجتهادات من الجيل الأول من الخريجين الذي كسر سياج وحصار كلية غردون ونهل من الثقافة العربية الإسلامية ( عن طريق المؤلفات التي كانت تصل من مصر ، ومن الثقافة الغربية ، فنجد ومضات من الثقافة والفكر في الكتابات ظهرت في مجلة النهضة السودانية ومجلة الفجر اللتين كانت تصدران في الثلاثينيات ، فظهرت فيها أبحاث عن نظرية التطور ، والتعريف بالفكر الاشتراكي ، والدعوة لنهضة وتعليم المرأة ، وخلق فن وأدب وغناء ومسرح وموسيقي سودانية أصيلة بدلا من التقليد الأعمى ، كما ظهرت الدعوة لتكوين مدرسة تاريخية سودانية ( كتابات محمد عبد الرحيم ومكي شبيكة ) ، كما ظهرت الدعوات لتطوير التعليم وتحسين مضمونه والتوسع في التعليم العالي .
وعندما دخل الفكر الماركسي السودان كانت القاعدة المنهجية والنظرية وسط المتعلمين السودانيين هشة ، ولم تكن هناك تيارات فكرية مناوئة ، ذات أساس فلسفي ونظري صلد ، حتى من باب تيارات الليبرالية والأفكار الديمقراطية والتنويرية – كما حدث في مصر مثلا ( كتابات سلامة موسى ، قاسم أمين ، العقاد ومدرسته الإنجليزية في البحث وطه حسين ومدرسته الفرنسية .. الخ ) .
إضافة لهشاشة المتعلمين السودانيين في تلك الفترة المنهجية ، نجد أن الطبقات مثل :البورجوازية وشبه الإقطاع كانت من الضعف والهشاشة على المستوى الاقتصادي والفكري ، بحيث انهما لم يفرزا مفكرين يعبرون بوضوح عن مصالحهما ومطامحهما .
وفي هذا الجو دخل الفكر الماركسي السودان وتصدي لقضايا بعضها كان سابقا حتى لظهور الماركسية نفسها في المجتمعات الرأسمالية مثل : حقوق المرأة ، وبناء التنظيم النقابي .. الخ ، حتى أصبحت الشيوعية في السودان مرادفة لأفكار التحرر والتقدم العام التي أنجزتها الطبقات البورجوازية في المجتمعات الرأسمالية مثل : خروج المرأة للعمل ، حقوق الإنسان ، الديمقراطية الليبرالية ، سيادة حكم القانون ، العلمانية وفصل الدين عن الدولة .. الخ .
ومعلوم أن الفكر الماركسي عندما تبلور على يد ماركس وانجلز ، استند إلى المنجزات الإيجابية لأفكار التنوير إلى أنتجها مفكرو البورجوازية في بداية ظهور المجتمع البورجوازي وانهيار الإقطاعية والعشائرية في أوربا مثل: تحرير المرأة ، أفكار الاشتراكيين الخياليين ، منجزات أدم سميث وريكاردو وغيرهما في الاقتصاد السياسي ، مناهج الفلسفة العقلانية كما تبلورت عند الفلاسفة: ديكارت ولوك وهيوم، ومنجزات هيغل وفورباخ .. الخ . أي أن الماركسية في نقدها للمجتمع البورجوازي استندت إلى منجزاته الإيجابية ، التي على أساسها يتم التجاوز والتطوير مثل :
*استكمال الديمقراطية الليبرالية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
*المساواة التامة في الحقوق بين المرأة والرجل .
*المساواة التامة بين القوميات والديمقراطية كشرط لازدهارها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي .
*تطور الفرد الحر هو الشرط لتطور الجموع الحر .
*التناقض بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج في المجتمع الرأسمالي يتم تجاوزه بعلاقات إنتاج اشتراكية تفتح الطريق أمام تطور القوى المنتجة وتطور العلم والتكنولوجيا والمعرفة .
إذن يمكن القول أن دخول الشيوعية السودان لعب دورا مزدوجا :
*نشر الفكر التقدمي بالمعني العام والذي تصدت له الطبقات البورجوازية في بلدان الغرب الرأسمالي .
* الدعوة للاشتراكية فوق أرض يتم فيها إنجاز مهام الثورةالوطنية الديمقراطية .
هكذا نجد صورة الحالة الفكرية والمنهجية وسط المتعلمين والمثقفين السودانيين عندما دخلت الماركسية السودان وبالتالي أدى ذلك إلى أن يتحمل الشيوعيون السودانيون أعباء التنوير والدعوة للاشتراكية من فوق أرض يتم فيها التحول الديمقراطي كشرط لإنجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية، فضلا عن أن الماركسية لا تتطور ويقوي عودها بدون الصراع الفكري ووجود تيارات فكرية مناوئة صلدة في البلد المعين ، وهذا ما كان غائبا في السودان.



#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذكري ال 27 لحرب الخليج
- الذكري ال 71 لتأسيس الحزب الشيوعي السوداني
- وداعا المناضلة فاطمة أحمد إبراهيم
- إنقلاب 19 يوليو 1971 : الأسباب والدوافع.
- مفهوم المركز والهامش : نظرة نقدية..
- وداعا المناضل العمالي هاشم السعيد
- طبيعة وخصائص الدولة في المهدية
- نشيد الإله ابا دماك في مملكة مروي
- 28 عاما من الدمار والحروب والإفقار
- كيف تناول الشاعر خليل فرح ظاهرة الاستعمار؟
- مفهوم التنمية في وثيقة -حول البرنامج-
- وظائف الكهنة في مملكة نبتة
- تجربة السلم التعليمي بعد إنقلاب 25 مايو 1969م
- مصادر وعي الطبقة العاملة السودانية
- الرأسمالية وتهجير الشعوب
- جذور التطور غير المتوازن في جبال النوبا
- الأوضاع الثقافية والفكرية في المهدية
- اليقظة ضد إعادة إنتاج الاسلام السياسي
- موقف الحزب الشيوعي من أحداث الجزيرة أبا
- معاوية محمد نور (1909- 1941) : من كتاباته الفلسفية


المزيد.....




- رئيس وزراء فرنسا: حكومتي قاضت طالبة اتهمت مديرها بإجبارها عل ...
- انتخاب جراح فلسطيني كرئيس لجامعة غلاسكو الا?سكتلندية
- بوتين يحذر حلفاء أوكرانيا الغربيين من توفير قواعد جوية في بل ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 13 ...
- رئيس جنوب إفريقيا يعزي بوتين في ضحايا اعتداء -كروكوس- الإرها ...
- مصر تعلن عن خطة جديدة في سيناء.. وإسرائيل تترقب
- رئيس الحكومة الفلسطينية المكلف محمد مصطفى يقدم تشكيلته الوزا ...
- عمّان.. تظاهرات حاشدة قرب سفارة إسرائيل
- شويغو يقلّد قائد قوات -المركز- أرفع وسام في روسيا (فيديو)
- بيل كلينتون وأوباما يشاركان في جمع التبرعات لحملة بايدن الان ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - تاج السر عثمان - حالة الماركسية والتعليم والثقافة في الفترة: 1900- 1956م