أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - قراءة فى مذكرات جولدا مائير















المزيد.....


قراءة فى مذكرات جولدا مائير


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5607 - 2017 / 8 / 12 - 00:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قراءة فى مذكرات جولدا مائير
طلعت رضوان
تــُـعتبرجولدا مائيرأشهرشخصية إسرائيلية ترأسّـتْ منصب (رئيس وزراء إسرائيل) ونظرًا لدورجولدا فى الاحتلال الإسرائيلى لأراضى الشعب الفلسطينى، وعاصرتْ قرارالتقسيم عام1947، ثـمّ الإعلان عن دولة جديدة باسم إسرائيل عام1948، ودورها فى الصراع الفلسطينى/ الإسرائيلى، ثـمّ معاصرتها بل ومشاركتها فى الهزيمتْن اللتيْن تعرّضتْ لهما مصر(هزيمة1956، وهزيمة1967) نظرًا لكل ذلك رأيتُ أهمية عرض أهم ما ورد فى كتابها (حياتى) الصادرعن دارالجليل للنشروالدراسات والأبحاث الفلسطينية- عام1989.
إنّ أول ما لفت نظرى فى هذا الكتاب، هونظرة جولدا للدين اليهودى و(رب اليهود) حيث قالت ((لقد بدا لى- ومازال يبدولى- بأنه من الصواب الاعتقاد بـأنّ (الله) لم يختراليهود، بل إنّ اليهود كانوا أول ناس اختاروا (الله) (ص21) وأعتقد أنّ هذه الصياغة جمعتْ بين الفكرالفلسفى الذى طرح السؤال الذى شغل أصحاب العقول الحرة: من الذى أوجد الآخر: الإنسان الذى أوجد فكرة الآلهة؟ أم الآلهة التى (خلقتْ) البشر؟ وهذا السؤال سبقه طرح فلسفى مؤداه: أثبت تاريخ الوجود أنه لاتوجد آلهة بدون بشر(يعبدونها) بينما يوجد بشربدون آلهة، لأنهم لايعتقدون بوجودها. وكذلك جمعتْ صياغة جولدا بين هذا الطرح الفلسفى، وحقيقة المأثوراليهودى الشهير: (شعب الله المختار) ولماذا كان هذا الموقف من الرب العبرى، وعلى أى أساس ميـّـزاليهود ومنحهم (شرف) الانحيازلهم ليكونوا (وحدهم) هم (شعبه المختار)؟ وكانت جولدا من الذكاء عندما عبـّـرتْ عن رؤيتها بقولها أنّ ((اليهود هم الذين اختاروا الله))
وذكرتْ أنها من مواليد عام1898. وأنّ (ديفيد جوردون) هاجرإلى فلسطين وأنشأ أول (كيبوتس) هنك عام1905. وفى عام1909 لم يكن فى المدينة التى عـُـرفتْ فيما بعد باسم (تل أبيب) غير60عائلة يهودية. وفى عام1921 كان سكان هذه المدينة يتألفون من اليهود الذين قدموا من ليتوانيا وبولندا وروسيا، والذين عـُـرفوا بالموجة الثالثة للهجرة (الصهيونية)
وذكرتْ معلومة غاية فى الأهمية، فقد كنتُ- وأعتقد كان يـُـشاركنى فى هذا الاعتقاد- كثيرون وهوأنّ اتحاد العمال الإسرائيلى تـمّ تأسيسه بعد قيام دولة إرائيل عام1948، بينما ذكرتْ جولدا أنّ هذا الاتحاد (الهستدروت) كان تأسيسه قبل عام1920(وقد تأكــّـدتُ من هذه المعلومة من خلال متابعتى لمجلة "مختارات إسرائيلية" الصادرة عن مركزالأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية) والمعلومة الثانية التى ذكرتها جولدا إنّ المدينة التى ستــُـسمى فيما بعد باسم (تل أبيب) تمتــّـعتْ ((بحكم ذاتى سمحتْ به سلطة الانتداب البريطانى، وكان لها جميع خدماتها ومرافقها المستقلة)) (ص32)
ومما يؤكد فلسفتها نحوالدين كتبتْ ((نشأتُ فى بيت يهودى تقليدى، إلاّ أننى لم أكن من النوع الدينى. كما أننى كنتُ أذهب إلى (حائط المبكى) دون أية عاطفة، وكان ذهابى كأى شىيىء كان علىّ أنْ أقوم به. وأضافتْ ساخرة: لقد رأيتُ- لأول مرة- اليهود- رجالاونساءً- يـُـصلون ويبكون أمامه ويضعون قصاصات ورق مكتوبـًـا عليها التوسلات فى شقوق الحائط (ص38)
وعن صديقها (ديفيد رامز) كتبت ((كان منخرطــًـا فى ابتداع لغة عبرية جديدة ، مشتقة من اللغة العبرية القديمة)) وعن المجهود الذى بذله (رامز) فإنّ علماء علم اللغويات أشادوا بما فعله وما أحدثه من تطويرللغة العبرية (الحديثة) لدرجة أنه صارمن الميسورتعلمها- لأى أجنبى- خلال ستة شهور. وكتبتْ جولدا أنه بعد أنْ استولى هتلرعلى السلطة فى ألمانيا عام1933، وبعد أنْ مارس الاضطهاد ضد اليهود، لذلك هرب كثيرون وذهبوا إلى (فلسطين) عام1934وكان معظمهم من المتعلمين والصناعيين ومن ذوى القدرات، وكانت مساهمتهم فى المجتمع اليهودى ضخمة. وكان عددهم يبلغ نحوستين ألفــًـا من الرجال والنساء والأطفال. وكان علينا استقبالهم وتوفيرالعمل لهم وتعليمهم اللغة العبرية الحديثة (ص53)
وصدرقرارتقسيم فلسطين سنة1947 ونصّ على وجود دولتيْن: (دولة عربية/ فلسطينية) و(دولة لليهود) ولكن الفلسطينيين رفضوا القراروشاركهم فى ذلك الرفض ((كل الفصائل الفلسطينية أجمعتْ على استنكارقرارالتقسيم)) كما ذكرالمؤرخ الفلسطينى عبدالقادرياسين فى كتابه (كفاح الشعب الفلسطينى قبل عام1948) الصادرعن منظمة التحريرالفلسطينية- مايو1975- ص213) حدث ذلك رغم أنّ الفلسطينيين كانوا يمتلكون92 %من الأراضى الفلسطينية (بما فيها الأراضى الزراعية) بينما الملكية اليهودية لم تتجاوز7%من الأراضى الفلسطينية، ونظرًا لأنّ الفلسطينيين رفضوا قرارالتقسيم، فإنه ((مع نهاية حرب سنة1948 وتوقيع اتفاقية رودوس، كانت النتيجة أنّ إسرائيل احتلتْ4ر77%من الأراضى ومياه فلسطين. وخضعتْ بقية أراضى فلسطين (6ر23%) أى الضفة الغربية والقدس إلى حكم الأردن، وخضعتْ غزة للإدارة المصرية)) (د. شفيق الغبرا- كتاب العربى- ضمن مطبوعات مجلة العربى الكويتية- 15 إبريل1988- ص121، 122)
وعن قرارالتقسيم ذكرتْ جولدا أنها (فى البداية) عارضته داخل الحزب، بينما وافق عليه (بن جوريون) ويومها قال ((أنْ توجد دولة لليهود أفضل من أنْ لاتوجد)) واختتمتْ هذه الفقرة قائلة ((إنى أحمد (الله) بأنّ رفض التقسيم لم يأت من طرفنا، وإنما من طرف العرب، مع إنهم لوقبلوا ذلك فإنه من الممكن أنْ تكون هناك دولة فلسطينية. إنّ مبدأ العرب هوأنّ القرارات لاتــُـتخذ على أساس ما هوجيد بالنسبة لهم، وإنما على أساس ما هوسيىء لهم)) (ص58)
ورغم ما قـدّمته بريطانيا لليهود منذ سنة1917 (تحديدًا وخاصة وعد بالفورالشهير) فإنّ جولدا مائيروجـّـهتْ الهجوم الحاد واللوم للسياسة البريطانية (فى أكثرصفحات كتابها) بل وصل هجومها وتزييفها للحقائق لدرجة أنْ كتبتْ ((إنّ البريطانيين كانوا قساة مع اليهود بما فيه الكفاية ليس ذلك (فقط) وإنما ساعدوا العرب وحرّضوهم ضدنا)) (ص85)
بعد قرارالتقسيم سنة1947 ذهبتْ جولدا إلى أمريكا وجمعتْ15مليون دولارًا من الجالية اليهودية، وتـمّ تحويل هذا المبلغ إلى (منظمة الهاجانا) من أجل شراء سلاح من أوروبا. وفى سنة1948 ذهبت مرة ثانية إلى أمريكا وجمعتْ مبلغ مائة وخمسين دولارًا من الجالية اليهودية. وكان تعقيبها ((لقد أنشأنا دولة طليعية فى بلد فقيربمصادره الطبيعية والمالية. ويتدفق علينا آلاف المهاجرين، لذلك كان علينا أنْ نكون فى الخارج كما نكون فى الداخل، فالتبذيرفى التسلية والشقق الكبيرة والاستهلاك الزائد لايـُـلائمنا، وإنما التقشف والتواضع والشعوربقيمنا وأهدافنا الذاتية (القومية) وهوما كان علينا أنْ نقوم به)) (ص101، 102)
ورغم أنّ اللغة الإنجليزية هى اللغة الأولى عالميـًـا، فإنّ الشىء المُـلفت للنظرأنه تقرّرأنْ تكون اللغة الفرنسية ((هى اللغة الدبلوماسية لإسرائيل)) (ص102) ومع ملاحظة أنّ جولدا لم تشرح لماذا كان هذا القرار؟ وما أسبابه، وهى تعلم أنّ اللغة الإنجليزية لها السيادة فى المحادثات الدبلوماسية.
وعن يهود اليمن ذكرتْ أنّ عدد الذين هاجروا منهم إلى إسرائيل عام1949وصل إلى 48 ألفــًـا. وأنّ قصة هجرتهم بدأتْ عندما فروا إلى عدن ((ومن هناك تـمّ نقلقهم بالطائرات مباشرة إلى إسرائيل)) وأضافتْ ((ولم يبق يهود اليوم (وقت كتابة مذكراتها) فى اليمن)) (ص112)
وعن تهديدات بعض الأنظمة العربية فى خطب الرؤساء عن ضرورة (القضاء على إسرائيل) كتبتْ ((الشكرلجيراننا (تقصد مصربالذات) فإنّ موازنة دفاعنا كان عليها أن تبقى مرتفعة)) (ص112، 113) ورغم مواقفها الداعمة للدولة الإسرائيلية، فإنّ ((التكتل الدينى وقف ضدى ولم أحصل على أصوات أعضاء البلدية.. وكان رفضهم بسبب كونى امرأة)) (ص122) وهكذا تتأكــّـد حقيقة أنّ أعضاء الكهنوت الدينى (فى كل الأديان) مُـتشابهون.
وعن الخلاف الذى حدث بين بن جوريون وموسى شاريت ذكرت أنّ الأول ((كان يهتم بالاستقلال والأمن والتماسك الحقيقى، بينما الثانى كان يريد أنْ تصيردولة إسرائيل دولة متقدمة، دولة أوروبية متحضرة فى تصرفاتها)) (ص124)
وعن العدوان الثلاثى على مصرذكرتْ أنّ ((حملة سيناء بدأتْ صباح29 أكتوبر1956 وانتهت فى5نوفمبر56. لقد أخذ الجيش الإسرائيلى أقل من مائة ساعة لاجتيازالحدود والاستيلاء على كافة قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء من المصريين، وهى منطقة تبلغ مساحتها ضغفىْ ونصف مساحة إسرائيل. ولقد اعتمدنا على عنصرالمفاجأة والسرعة وتشويش الجيش المصرى. وقد تحققتُ بنفسى من مدى النصرالذى أحرزناه عندما ذهبتُ لزيارة شرم الشيخ وقطاع غزة. لقد كانت هزيمة المصريين تامة. وتم القضاء على (خلايا الفدائيين) والاستيلاء على مئات الآلاف من قطع السلاح وملايين الأطنان من الذخيرة، وانهارثلث الجيش المصرى. وأسرخمسة آلاف جندى من أصل ثلاثين ألفــًـا، وتبعثروا فى الصحراء لانقاذهم من الموت عطشـــًـا. وتـمّ تبادلهم- فيما بعد- بجندى إسرائيلى أسره المصريون)) (ص135)
وعندما أعلنتْ هيئة الأمم المتحدة عن الانسحاب الإسرائيلى من منطقتىْ شرم الشيخ وقطاع غزة وفقــًـا لقرارمجلس الأمن رقم (1) لسنة1957، وقتها ذكرالإعلام العروبى/ الناصرى أنّ انسحاب إسرائيل كان بفضل الإنذارالسوفيتى، والبعض أضاف وكذلك الإنذارالأمريكى، وأنّ هذيْن الإنذاريْن هما اللذان أجبرا إسرئيل على الانسحاب. بينما الحقيقة أنّ الانسحاب كان بفضل الشرط الذى اشترطته جولدا على الإدارة الأمريكية، وهوأنْ يكون الانسحاب ((مقابل حرية الملاحة الإسرائلية فى خليج العقبة ومضايق تيران)) وعن نتائج الحرب كتبتْ إنّ ((هجمات (الفدائيين) قد انتهتْ. ومبدأ حرية الملاحة- من خلال مضايق تيران- قد تحققتْ. وسوف تتمركزالقوات الدولية فى غزة وشرم الشيخ (ص138)
بعد انتهاء الحرب ذهبتْ جولدا مائيرإلى الأمم المتحدة. وجـّـهتْ حديثها إلى وفود الأنظمة العربية فقالت ((إنّ إسرائيل تقترب من عيدها العاشر. إنكم رفضتم قيام إسرائيل. وحاربتم ضد قرارإنشائها فى الأمم المتحدة. فما فائدة السياسات والمواقف التى ترتكزعلى الوهم بأنّ إسرائيل غيرقائمة، أوأنها ستختفى؟ أليس من الأفضل للجميع بناء مستقبل للشرق الأوسط من خلال التعاون؟ إنّ إسرائيل ستوجد وتتقدم حتى بدون السلام، إلاّ أنه بالتأكيد فإنّ السلام سيكون أفضل لكل من إسرائيل وجيرانها. إنّ العالم العربى بدوله المستقلة ومساحته الشاسعة يمكن أنْ يـُـكيف نفسه بالتعاون السلمى مع إسرائيل. فهل كراهية إسرائيل أوالتطلع لتدميرها يجعل طفلا واحدًا فى بلادكم سعيدا؟)) وكأنما كانت تمتلك قدرة ساحرة على التنبؤأضافتْ ((إنه لايوجد لدينا أدنى شك بأنّ السلام والتعاون سيحل بيننا تدريجيـًـا. إنّ ذلك ضرورة تاريخية لشعبنا. إننا مستعدون أنْ نبدأ ذلك من الآن)) (ص139) ويـُـهمنى تذكيرقارئى أنّ كلام جولدا كان سنة1957 أى قبل مبادرة روجرزالتى قبــِـلها عبدالناصرسنة1970، وقبل معاهدة السلام التى عقدها السادات مع بيجين عام1979، وقبل العلاقات التى أقامتها بعض الأنظمة الخليجية مع إسرائيل (فى السر) ثـمّ كشفتها الوثائق بعد قرارمقاطعة قطرالذى تزعمته السعودية.
وعن الاعتزازالقومى كتبتْ أنّ مصيراليهود كان مختلفــًـا ((فالأمم الأخرى بقيتْ فى أراضيها، إلاّ أنها تخلــّـتْ عن (هويتها) بينما اليهود الذين تبعثروا بين الأمم فى أرجاء العالم، بقوا يهودًا ولم يتخلوا عن أملهم بالعودة إلى بيت المقدس)) (ص141) وأعتقد أنّ حديثها عن الدول التى ((بقيتْ فى أراضيها ولكنها تخلتْ عن (هويتها) فإنها كانت تقصد مصربالتحديد ، خاصة بعد أنْ امتلك البكباشى عبدالناصرجرأة (شطب) الاسم التاريخى لمصرليكون البديل الحروف الثلاثة الشهيرة (ج. ع. م) وبعد أنْ تـمّ افتتاح محطة إذاعة فى مصراسمها (صوت العرب) يوم6يوليو1953وهى المحطة التى أنشأها خبراء من المخابرات الأمريكية. وأنا سألت فى كتابى (العسكرفى جبة الشيوخ) الصادرعن مركزالقاهرة لدراسات حقوق الإنسان عام2003((لماذا صوت العرب فى مصر؟ وليس فى السعودية؟ ووجـّـهتُ سؤالى للناصريين والعروبيين والماركسيين، ومنذ ذلك التاريخ لم أتلق الرد ونحن فى عام2107.
قبل حرب يونيو1967بأيام قال ديجول لأبا إيبان إنّ هناك شيئيْن يجب على إسرائيل أنْ تعلمهما: فإذا كنتم فى خطرحقيقى فإنكم تستطيعون الاعتماد علىّ، ولكن إذا تحرّكتم أولافسوف يتم تدميرإسرائيل وسوف تجلبون الكارثة على العالم)) فكان تعقيب جولدا ((لقد كان ديجول على خطأ. فلم يتم تدميرنا. ولم تحدث الحرب العالمية الثالثة كما قال. إلاّ أنّ علاقتنا بديجول لم تكن كما كانت من قبل فى عام1961، خاصة وأنه بعد حرب1967وصف الشعب اليهودى بأنه مُستبد وأنانى)) (ص143)
وعن تنمية علاقات إسرائيل مع دول العالم المختلفة كتبتْ ((إنّ أهم وأمتع مساهمة قمتُ بها- عندما كنتُ وزيرة للخارجية- هوالاسهام فى إقامة علاقت مع دول أمريكا اللاتينية، وآسيا وبشكل خاص مع الدول الأفريقية. لقد كنتُ مسئولة بشكل كبيرفى وضع برامج للتنمية التى بلغ عددها نحومائتىْ برنامج، والتى نفذتها إسرائيل فى ثمانين بلدًا، فى أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. وفى حوض البحرالمتوسط مؤخرًا (وقت كتابة مذكراتها) وأضافتْ (إلاّ أننى لا أستطيع الادعاء بأننى قد اكتشفتُ أواخترعتُ الفكرة. إنّ أول إسرائيلى استطلع إمكانية مثل ذلك الشكل من التعاون الدولى، كان صديقى المخلص (روفين باركات)...إلخ (ص143، 148)
وفى بداية مايو1967 استجابة لما كان يـُـدعى بالمحنة البائسة للسوريين، فإنّ عبدالناصرأمر القوت المصرية بالزحف نحوسيناء، وأعلن راديوالقاهرة بشكل صاخب بأنّ ((مصروبكل طاقاتها مستعدة لأنْ تخوض حربـًـا شاملة، ستؤدى إلى نهاية إسرائيل)) وفى16مايوطلب عبدالناصرمن الأمم المتحدة سحب قوات الطوارىء المتمركزة فى شرم الشيخ وقطاع غزة منذ عام1956. وكان تعقيب جولدا ((لقد تيقن لدىّ بأنّ شيئـــًـا لم يتغيرمنذ عام1956. وأنّ العرب خدعوا أنفسهم مرة ثانية، عندما توهموا أنّ باستطاعتهم محونا من على وجه الأرض. وفى يوم 22مايو67 انتشى عبدالناصر بنجاحه فى إخراج قوات الطوارىء الدولية، وقام بخطوة أخرى لاختبار رد الفعل العالمى لنيته الصريحة فى دخول حرب شاملة مع إسرائيل، فأعلن بأنّ مصرفرضتْ الحصارعلى مضايق تيران. ولقد كان ذلك تحديـًـا مُـتعمدًا. كما أرسل السوفيت وزيردفاعهم إلى مصروهو يحمل رسالة تشجيع من رئيس الوزراء (كوسيجن) جاء فيها إنّ الاتحاد السوفيتى سيقف إلى جانب مصرفى المعركة القادمة (ص170)
وبعد ذلك كانت النتيجة أنّ المسرح قد تهيــّــأ للحرب، خاصة وأنّ عبدالناصرشعربإلتزامه لشرح أى شىء للشعب المصرى الذى كان منفعلا بهستيريا الحرب. ولقد كان من الكافى ترديد شعار((إننا نهدف إلى القضاء على إسرائيل)) وأنْ يطلع مجلس الشعب المصرى على ذلك كما فعل فى نهاية شهرمايوحيث قال ((إنّ المسألة ليست قضية خليج العقبة أومضايق تيران أوقوات الطوارىء الدولية. فالمسألة هى العدوان على فلسطين الذى حدث عام1948. وكان لدى ناصر كل الأسباب للاعتقاد بأنه سيربح الحرب ضدنا. وبحلول شهريونيوكان هناك مائة ألف جندى مصرى وأكثرمن تسعمائة دبابة فى سيناء إضافة إلى ستة ألوية، تقف على أهبة الاستعداد (من ص170- 172)
ونظرًا لولاء الإسرائيلين لوطنهم فقد عاد الآلاف منهم فى أوائل شهرمايو67من الخارج مع إنّ أحدًا لم يطلب منهم العودة (ص174) وكتبتْ إنّ ((هناك تعلقيْن رئيسييْن يجب علىّ أنْ أقولهما حول حرب الأيام الستة الأول: هوأننا حاربنا بنجاح ليس فقط لأننا كنا مستعدين لذلك، وإنما لأننا آمنا بعمق بأنّ علينا انجازنصرتام حتى لانحارب مرة ثانية. فإذا كانت هزيمة الجيوش العربية التى تـمّ حشدها ضدنا تامة، فعندئذ ربما يتخلى جيراننا عن (حربهم المقدسة) ضدنا، ويتحققوا من أنّ السلام ضرورى بالنسبة لنا كما هوضرورى بالنسبة لهم. ولكننا كنا مخطئين حول هذا التقدير، فالهزيمة كانت تامة والخسائرالعربية كانت باهظة، ورغم ذلك فإنّ العرب لم يفهموا الحقيقة، وهى أنّ إسرائيل ليست ماضية لتتلاءم لهم ليتمكنوا من إزالتها من الوجود. والنقطة الثانية التى أحب أنْ أذكــّـربها قرائى هى أنه قبل 5يونيو67كانت سيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان وشرقىْ القدس فى حوزة العرب، لهذا فإنه من المضحك (اليوم) الزعم بأنّ الوجود الإسرائيلى فى تلك الأراضى منذ عام67هوسبب التوترفى الشرق الأوسط (ص176) وأعتقد أنّ هذه الفقرة من مذكرات جولدا غاية فى الأهمية، حيث أنّ إصرار عبدالناصرعلى الحرب (مع عدم الاستعداد لها وأكذوبة تحرش القوات الإسرائلية بالحدود السورية، كما جاء فى تقريرالقائد المصرى محمد فوزى بعد زيارته لسوريا) فكانت النتيجة ضياع ما كان (فى اليد) لتلتهمه إسرائيل.
يوم15 أكتوبر73 (اليوم العاشرللحرب) بدأتْ القوات الإسرائيلية عبورها قناة السويس، كى تــُـنشىء رأس جسرعلى الناحية الأخرى. والقوات الإسرائيلية عبرتْ فى الوقت المُـحـدّد. ولكن عبورالمشاه والمدفعية والدبابات تم بعد قتال شرس (بين المصريين والإسرائيليين) ولم أستطع الذهاب إلى منزلى حتى علمتُ بأنّ عبورقواتنا الإسرائيلية قد تم (ص226)
ويوم19 أكتوبر73 (اليوم الثالث عشرللحرب) زاركوسيجن (رئيس وزراء الاتحاد السوفيتى) القاهرة (بعد أنّ تأكد من أنّ إسرائيل استعادتْ ثقتها بنفسها) ولقد كان سيئا بما فيه الكفاية من أنّ الجيش المصرى لم يتمكن من القضاء على الجسر(الذى أقامه الجيش الإسرائيلى) على الضفة الغربية للقناة. والأسوأ من ذلك أنّ عليهم الاعتراف بأنّ الجيش الإسرائيلى كان متخندقــًـا غربىْ القناة على بعد نحوستين ميلا من القاهرة. ومع إننا لم نبدأ الحرب فإننا حاربنا وانتصرنا (من وجهة النظرالإسرائيلية، وأعتقد أنّ الأدق لوأنّ جولدا استخدمت تعبير: حققنا التوازن) المهم أنها أضافتْ: وهذه المرة فإنّ على العرب المضى لمقابلتنا ، ليس فى ساحات المعارك وإنما على مائدة المفاوضات (ص230) وهوما تحقق بالفعل بعد مفاوضات الكيلو101 ثم زيارة السادات لإسرائيل..إلخ. وقالت جولدا: مع إننا شعب صغيرجدًا. ولايوجد مقارنة بين عدد جيشنا وجيش سوريا ومصر، وليس لدينا تلك الوفرة من الأسلحة التى يمتلكونها، فإنّ لدينا شيئيْن استعنا بهما: كراهيتنا للحرب وللموت (ص231)
لقد طلبنا تأجيل نداء وقف إطلاق النارلبضعة أيام لتحقيق هزيمة الجيشيْن المصرى والسورى. وفى يوم21 أكتوبر73كان هناك سبب للاعتقاد لذلك، ففى شمال سيناء كنا نضغط بقوة على الجيش الثانى المصرى وجنوب السويس. وأتممنا تطويق الجيش الثالث المصرى. وفى مرتفعات الجولان فإنّ المواقع السورية على حبل (حرمون) سقطتْ بأيدى قواتنا. لقد أكملنا التفوق فى الجبهتيْن (المصرية والسورية) وفى يوم22 أكتوبرأصدرمجلس الأمن الدولى القرار رقم338بوقف إطلاق النار، وعلى أنْ يدخل فى حيزالتنفيذ خلال12ساعة. لقد صدرالقراربتلك السرعة ليحول دون تدميرالقوات المصرية والسورية من جيشنا. ومع أنّ مصرأعلنتْ قبولها لوقف إطلاق النارفإنها (أى مصر) لم تلتزم بذلك، وبناء عليه استمرالقتال بيننا وبينهم. فتمكنا من حصارالجيش الثالث والسيطرة على بعض أجزاء من مدينة السويس (ص231، 232)
بعد التدخل الأمريكى والسوفيتى كان المطلوب موافقتنا على السمح بوصول المؤن للجيش الثالث المصرى المحاصر. ولقد قمنا بذلك بسرورليكون المصريون راغبين فى التخلى عن السلاح والذهاب لبيوتهم. وهذا ما كان الرئيس السادات يتجنبه. لقد كان قلقــًـا على نحويائس ويخشى من أنْ يعرف الرأى العام فى مصرحقيقة أنّ إسرائيل انتصرتْ فى حرب أخرى (ص233، 234) {لقد التزمتُ بنقل نص كلام جولدا ولكننى أرى أنّ الأدق- لوكانت موضوعية- فكان عليها أنْ تكتب: إنّ ماحدث هونجاح إسرائيل فى إحداث التوازن بعد مفاجأة عبورالجيش المصرى}
وكتبتْ جولدا: يوم30 أكتوبرذهبتُ إلى الضفة الغربية للقناة ومعى ديان (وزيرالدفاع) لزيارة قواتنا هناك والاستماع لشروحاتهم حول المنطقة وقضاء بعض الوقت مع جنودنا. وكان الجنود مندهشين من رؤيتى وسط الاستحكامات وعلى رمال الصحراء. وكانت أسئلتهم تدورحول وقف إطلاق النار، ولماذا سمحنا بمرورالمؤن إلى الجيش المصرى الثالث؟ ولماذا قبلنا وقف إطلاق النار؟ وأين أسرانا فى الحرب؟ (ص237، 238)
وفى مفاوضات الكيلو101 (على طريق القاهرة- السويس) يوم11نوفمبر73بين الجنرال (أهارون باريف) عن إسرائيل والفريق (عبدالغنى الجمصى) عن مصرجاء فيه أنّ مدينة السويس ستتلقى مؤن الطعام والماء والدواء يوميـًـا وإخلاء جميع المواطنين (المدنيين) المصابين. وأنّ نقط التفتيش الإسرائيلية على طريق القاهرة- السويس ستتبدل بنقط تفتيش من قوات الأمم المتحدة. وفى نهاية طريق السويس فإنّ ضباطــًـا إسرائيليين سيشاركون مع قوات الأمم المتحدة فى الإشراف على قوافل المؤن غيرالعسكرية على ضفة القناة. وكذلك تم الاتفاق على تبادل الأسرى. وذكرتْ أنه رغم ما حققه موشى ديان من نجاج وتطويقه للجيش المصرى الثالث، فإنّ مناحم بيجين وشموئيل تامير، وكذلك وزيرالعدل الإسرائيلى وآخرين هاجموا ديان (وزيرالدفاع) وطالبوه بتقديم استقالته. وفى يوم18نوفمبر73تم تشكيل لجنة تحقيق برئاسة رئيس المحكمة العليا (شمعون اجرانات) التى انتهتْ فى2 إبريل ببراءة ديان، ولكن ديان تقدم بطلب استقالته فقالت له جولدا (يجب موافقة الحزب) وقد استقال ديان بالفعل رغم أنّ المحكمة برّأته، ورغم إلحاح جولدا عليه بأنْ يتراجع عن قرارالاستقالة (من ص242- 247)
ورغم أنّ كتاب جولدا مائيرمنشورعم1989(وفق الترجمة العربية) فإنها كتبت- كما لوكانت تمتلك قدرة ساحرة على التنبؤحيث قالت ((إننى أعتقد بأننا سنحصل على السلام مع جيراننا، لكننى متأكدة بأنه لا أحد سيصنع السلام ((بدولة إسرائيلية ضعيفة)) فإذا لم تكن إسرائيل قوية فلن يكون هناك سلام)) (ص250، 251) وأعتقد أنّ كلام جولدا قد تحقق منه الكثيربعد المعلومات التى تـمّ الكشف عنها، بعد غضب السعودية ومصر(ودول خليجية أخرى) على دولة قطرحيث تبيـّـن أنّ قطرأقامت علاقات وثيقة مع إسرائيل، لدرجة أنّ قناة الجزيرة القطرية افتتحتْ لها مكتبـًـا فى تل أبيب. وأنّ قناة الجزيرة منحتْ الإرهابيين الإسلاميين الوقت للحوارالمباشر، وبثتْ خطاباتهم وتسجيلاتهم لمشاهد الذبح والحرق. كما أنّ شيمون بيريز زارقطرودخل استديوهات قناة الجزيرة. وقد يتساءل البعض لماذا قرّرتْ إسرائيل إغلاق قناة الجزيرة، بعد التحريض على العنف أثناء تغطية أحداث الأقصى الأخيرة؟ فإنّ ذلك لاينفى عن قطرالمتاجرة بالقضية الفلسطينية واستغلال المشاعرالدينية لدى المسلمين. ولكن السؤال هو: إذا كانت قطرمع القضية الفلسطينية ومع المسجد الأقصى، فلماذا أنشأتْ (فضائية الجزيرة مباشر- تل أبيب)؟ وإذا كانت (فضائية الجزيرة مباشر- مصر) حرّضتْ شعبنا ضد الجيش المصرى، فهل تسمح (فضائية الجزيرة مباشر- تل أبيب) بتحريض الإسرائيليين ضد حكومتهم وضد جيشهم، وهوالسؤال الذى طرحه أ. إبراهيم سنجاب فى مقاله المهم (صحيفة الأهرام- 9 أغسطس2017)
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا انتقل البعض من الماركسية إلى الإسلام ؟
- زويل ومصير العلماء المصريين
- العلاقة بين الجاهلية والإسلام
- الخطر الحمساوى والغيبوبة المصرية
- صعود السماء بين القرآن والأساطير
- أليس التعليم المدنى أرقى من التعليم الدينى ؟
- لماذا لم يغفر (الله) لأم نبيه ؟
- تناقضات شيخ الأزهر حول بنى إسرائيل
- أليست اليهودية والمسيحية والإسلام من مصدرواحد؟
- نصائح كبار (السلفيين) لأتباعهم
- إلى متى ستستمرظاهرة عبادة الفرد؟
- لماذا أخفى المفتى الوجه الآخر للجهاد ؟
- هل عرف الإسلاميون مفهوم المواطنة؟
- الخوارج التراتثيون والمعاصرون والحاكمية لله
- لماذا قال نبى الإسلام (جعل رزقى تحت رمحى)؟
- هل توقيت الصلاة والصيام وحّد المسلمين؟
- العلاقة بين غزوالشعوب الزرعية وقحط الصحراء
- فجر التصوير المصرى الحديث
- أكانت الحروب العربية / الإسلامية كلها دفاعية؟
- فجر الحداثة المصرية


المزيد.....




- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - قراءة فى مذكرات جولدا مائير