أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - مروة التجاني - إلى السجن مرة أخرى














المزيد.....

إلى السجن مرة أخرى


مروة التجاني

الحوار المتمدن-العدد: 5538 - 2017 / 6 / 1 - 15:40
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    



- لابد إنكم تذكروني من مقال ( الخروج من السجن ) .. أنا سارة وحيث تركتموني وحيدة أعود لأروي تفاصيل ما حدث . لم يعلمني السجن مهنة أعيش بها بعد أن وهبته سنوات عمري الطويلة ، كانت الأيام الأولى منذ رحيل الزوج والأبن قاسية فأعتكفت وحيدة في منزلنا القديم .. حسناً كنت وحيدة بالمعنى البعيد الذي تفهمونه فلازلت لا أفهم كيف تبدو حياة العالم الخارجي بعد كل هذه الأعوام ، ما كان في الماضي مألوفاً غدا غير مألوف ، في هذه الدائرة الواسعة من الحيرة والتيه طرق الباب لتصلني رسالة انقذتني .. بالتأكيد كانت من الزوج الراحل يخبرني إنه سيودع مبلغ من المال بأسمي لأتمكن من مواصلة الحياة .. يخبرني في نهايتها أن النسيان لن يقتلني في ذاكرته مهما بدت الأشياء غريبة وغير واضحة . وهكذا عدت إلى المرآه ونظرت إلى ذاتي ، وجدتني هزيلة ، عجوز ، بالكاد اقوى على الحركة .. ابتسمت وخرجت .


- توجهت لقضاء مستلزمات الأكل لكن تفاجأت أن الباعة كانوا يسألون عن الزوج والأبن لما رحلا ؟ ، لم يرد أحد أن يبيعني شيئاً قالوا أن الخارج من السجن كالخارج من الجحيم لابد سيلذعهم بشروره ، بعد كثير محاولات تمكنت من قضاء بعض الأغراض ، في الطريق للكهف .. عفواً المنزل ادركت ما عاناه الزوج وتصورت سخرية الرجال منه ، تصورت رجولته تتناقص ، الآن ادركت ما السجن الذي حبس فيه ، ادركت ذبوله ، مواته ، حزنه .



- النقود تحولت لحجارة فما فائدتها مقابل ألم اشتريه كل يوم ، ذهبت للصديقات القدامى بحثاً عن مواساه فما وجدت غير الرفض والطرد ، احداهن كانت تذبحني بحبها فتهبني ما احتاجه وفي بعض الأحيان تأخذ المال كي لا تشعرني بالضعف ، كانت تفعل ذلك سراً لكنها تذبحني بكل هذا الحب ، لكم تمنيت تناول القهوة معها لتأكيد ماهية الوفاء . عند عتبة المنزل اكتشفت اطفال صغار ينامون ، مشردين ، تائهين ، جائعين ، فتحت لهم الباب المتهالك ومذ ذاك كانوا يذهبون للخارج بدلاً عني لقضاء حاجياتي ، بالمقابل كنت اهبهم الطعام . هكذا وجدت أصدقائي الجدد وحين تقدم بي العمر والمرض سقطت . وجدتهم بأجسادهم الهزيلة يسحبوني طالبين المساعدة ، المنظر يبدو غريباً لكنهم تمكنوا من إيصالي للطبيب فأنقذوا روحي . حدثتهم عن المال المرسل إلىَّ ليأخذوه ، تقيأت بعدها عفريتاً كان يخرج من حلقي بحجمه الهائل ، بعدها رحلت للسجن مرة أخرى .


- هناك شرحت لهم قسوة العالم الخارجي ، لم تعد الأرض تسعني ، تحصلت على وظيفة كعاملة نظافة وهاهو المكان الذي قتلني سابقاً يعيدني للحياة حيث الأشياء مألوفة . بعد أزمنة وجدتني في طريقي للموت ، وصيت إحدى النزيلات الخارجات أن تذهب لمنزلي وترسل للزوج ، لم تعد الفتاة بخبر فقررت أن اقضي الوقت في السرد ، ها أنا اطالع وجهاً غريباً يخبرني إنه الأبن وقد كبر ، وأن الفتاة أوفت بوعدها ..
- لا يوجد حديث يقال .. سوى أن وجهك الجنة التي سأتوجه إليها .
- مات أبي منذ زمن بعيد وهو لايزال يوصيني بك .
- حسناً فعل حين رحل في ذاك الزمان .
- ...........

وها أنا الأبن أطلب من حفار القبور أن يوسع قبر أبي فجثة حبيبته لابد أن تنام بجواره .



#مروة_التجاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القراءة والكتابة
- في الواحدة صباحاً
- لتعد إلى الحياة يا باستر كيتون
- قبر
- الخروج من السجن
- الميت المبتهج
- كفاح المثلية الجنسية. شكراً .. الآن تورنغ
- تأويل النكتة
- هذا السجان سيقتلني
- سؤال الزواج .. والحب
- آخر يوم في السجن
- تلاعب الإعلام
- السجن .. الاختبار العظيم
- ما بعد موت الإله


المزيد.....




- وزير المهجرين اللبناني: لبنان سيستأنف تسيير قوافل إعادة النا ...
- تقرير حقوقي يرسم صورة قاتمة لوضع الأسرى الفلسطينيين بسجون ال ...
- لا أهلا ولا سهلا بالفاشية “ميلوني” صديقة الكيان الصهيوني وعد ...
- الخارجية الروسية: حرية التعبير في أوكرانيا تدهورت إلى مستوى ...
- الألعاب الأولمبية 2024: منظمات غير حكومية تندد بـ -التطهير ا ...
- لبنان: موجة عنف ضد اللاجئين السوريين بعد اغتيال مسؤول حزبي م ...
- الأمم المتحدة: -لم يطرأ تغيير ملموس- على حجم المساعدات لغزة ...
- مع مرور عام على الصراع في السودان.. الأمم المتحدة?في مصر تدع ...
- مؤسسات فلسطينية: عدد الأسرى في سجون الاحتلال يصل لـ9500
- أخيرا.. قضية تعذيب في أبو غريب أمام القضاء بالولايات المتحدة ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - مروة التجاني - إلى السجن مرة أخرى