أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عبد الغني سلامه - تهجير المسيحيين العرب















المزيد.....

تهجير المسيحيين العرب


عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 5466 - 2017 / 3 / 20 - 15:25
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


بعد أن كان المسيحيون الفلسطينيون يشكلون نحو ثلث سكان البلاد في القرن التاسع عشر، ونحو 20% عشية النكبة، لم يعودوا يشكلون اليوم سوى أقل من 2%.. وحسب الباحث "غطاس أبوعيطة"، فإن عدد المسيحيين اليوم في فلسطين بقدر بِ 167 ألفاً, بينهم 115 ألفاً داخل الخط الأخضر، ونحو 40 ألفاً في الضفة الغربية, و 9 آلاف في القدس, و3 آلاف في قطاع غزة. حتى مدينة بيت لحم حيث مهد المسيح, فهي شبه خالية من الأسر المسيحية, وهناك قرابة ربع مليون من أبناء المدينة يقيمون في المهاجر. أما القدس حيث كنيسة القيامة, فبعد أن كان عدد المسيحيين فيها قبل النكبة قرابة 30 ألفاً, أصبحوا الآن أقلية, كما هو حالهم في مدينة الناصرة ورام الله، حيث تتلقص أعدادهم بشكل محزن.

في واقع الأمر، لم يتوقف نزيف الهجرة المسيحية لا من فلسطين ولا من البلدان العربية منذ أواخر القرن التاسع عشر, لأسباب وعوامل موضوعية، بيد أن الهجمة الصهيونية على فلسطين أضافت أسبابا أخرى سرعت من هجرة المسيحيين الفلسطينيين، فعلى إثر النكبة, نزح من فلسطين نحو 750 ألف لاجئ، من بينهم نحو 60 ألف مسيحي, وبعد نكسة حزيران هُجٍّر 338 ألف فلسطيني، من بينهم قرابة 11 ألف مسيحي، وهؤلاء كانوا يشكلون ما نسبته خُمس مجموع المسيحيين. وعلى مدى سنوات الاحتلال، ونتيجة الممارسات القمعية الإسرائيلية استمر تدفق الهجرة الفلسطينية ولكن بأعداد أقل بكثير، وبوتيرة بطيئة، وبطبيعة الحال كان من بين المهاجرين مسلمون ومسيحيون، حيث كان يترك الضفة الغربية ما بين المسيحي والمسلم نحو ثمانية آلاف شخص كل سنة، ومن غزة نحو الأربعة إلى الخمسة آلاف شخص. بيد أن الحملات الإسرائيلية الممنهجة استهدفت المسيحين بشكل خاص، حيث أجبرت مئات الأسر المسيحية على ترك أحيائها في القطمون والطالبية وغيرها من أحياء القدس، كما استهدفت اللد والرملة من قبل. وفي الانتفاضة الأولى استهدفت بيت ساحور، وفي الثانية تركز القصف الإسرائيلي على أحياء بيت جالا مما دفع عشرات الأسر لمغادرة المدينة.

يتسرع البعض باتهام المسيحيين بضعف انتمائهم لبلدانهم، بدليل سهولة هجرتهم! وهذا اعتقاد خاطئ؛ فهناك عوامل اقتصادية واجتماعية تدفعهم للهجرة، شأنهم شأن بقية البشر؛ مثلاً للدراسة، للعمل، لتحسين ظروف الحياة، أو للبحث عن بيئة أفضل، أو لمجرد التغيير، وهذه أسباب طبيعية للهجرة تحدث مع أي إنسان على وجه البسيطة, ولكن، لأن المسيحيين أقلية فإن أي أعداد للمهاجرين منهم تبدو كبيرة وملفتة للنظر.

بيد أن عوامل ثقافية وسياسية إضافية أثرت على المسيحيين العرب خاصة، وحولت هذه الظاهرة إلى موجات لهجرات واسعة. أولى هذه الموجات بدأت في نهايات القرن التاسع عشر، وبدايات القرن العشرين، وتصاعدت أكثر أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى، ومن بين أسبابها الاضطهاد الديني وحملات التطهير العرقي (خاصة في العراق، ومذابح الأرمن). وحملات الملاحقة الأمنية من قبل السلطات التركية ضد النخب المسيحية المثقفة التي ساهمت في بلورة الحركة القومية العربية، الأمر الذي دفع أوساطاً منهم للهجرة نحو الأمريكتين. لكن هذه الموجة من الهجرة لم تقتصر على النخب السياسية, بل ارتبطت بظروف المعيشة القاسية التي بلغت حد المجاعة.

حاليا، يتدفق ملايين المهاجرين العرب إلى أوروبا وغيرها، وأغلب هؤلاء تركوا بلدانهم بقصد الهجرة، والسبب الرئيس هو الوضع السياسي المتأزم، والوضع الاقتصادي المتردي، بالإضافة للوضع الأمني المتدهور، ما يعني أن المسيحي مثله مثل المسلم يهاجر حين تضيق به الحياة، ويفقد أمنه وتجبره الظروف على الرحيل، وحين يجد أماكن أفضل للتقدم وللعمل، وبخاصة فئة الشباب.

صحيح أن هجرة المسيحيين العرب متواصلة منذ عقود، بيد أنها تصاعدت بشكل خطير في العقدين الأخيرين، لدرجة تخطت أسباب الهجرة الطبيعية، وبات واضحا أن جهات متعددة تعمل بشكل ممنهج ومنظم على تفريغ المشرق العربي من التواجد المسيحي، حتى انخفضت أعدادهم إلى النصف. بعضها تعمل وفق مخططات سرية، وبعضها تعمل علانية، بالعنف والقتل والتحريض، وافتعال المشاكل، هذا فضلا عن التحريض الطائفي المكشوف، سواء في خطبة الجمعة التي تتضمن عادة دعاء على النصارى واليهود! أو في وسائل الإعلام الأخرى.. إضافة إلى أن انتشار الخطاب الديني المتشدد أثار مسألة الهوية، ودفع بمن لا يعنيهم هذا الخطاب إلى التساؤل عن موقعهم في المجتمع، وإلى البحث عن حقيقة علاقتهم مع غيرهم من أبناء الوطن الواحد.

في العراق تعرض المسيحيون لعملية ترحيل ممنهجة، بدأت مع الاحتلال الأمريكي وبتشجيع منه، وبتنفيذ من الجماعات الدينية المتعصبة مثل القاعدة.. وما أن استولت داعش على الموصل حتى قامت بطرد جميع المسيحيين من المدينة، بعد أن صادرت بيوتهم وممتلكاتهم. في سورية أيضا مارست الجماعات الدينية المتشددة، ومنها جبهة النصرة، تحريضا على المسيحيين، وكل ذلك في سياق إعادة هيكلة التركيبة الإثنية والطائفية في المنطقة وفقا لمخططات التقسيم التي تتغذى على الخطاب والتحريض الطائفي.

وفي قطاع غزة، حيث تتواجد أقلية مسيحية تحت حكم حماس، يجدر التنويه لتصريح للأب "ميشيل صباح" قال فيه: "يجب أن نشهد لحماس أنها ترعى المسيحيين، ولا سيما في وجه بعض الفصائل والفئات الأخرى المتطرفة".

وثمة أسباب إضافية تدفهم للهجرة، من بينها طبيعة القوانين التي تحد من حرياتهم الدينية، مثلا في الجزائر وبلدان أخرى، بعض القوانين تمنع أن يقيم المسيحي قداسا إلا داخل الكنيسة، وربما يتطلب ذلك تصريحا، في الأردن ومصر بناء أو ترميم الكنيسة بحاجة إلى تصريح، وغالبا (خاصة في مصر) لا يمنح مثل هذا التصريح.

اليوم، تبلغ أعداد المسيحيين العرب ما بين 10 إلى 15 مليون شخص، تتواجد غالبيتهم في السودان ومصر (7~12 مليون). في العراق بعد أن كان عدد المسيحيين فيها يتجاوز المليون وأربعمائة ألف شخص، تقلص إلى أقل من أربعمائة ألف.. في لبنان انخفضت نسبتهم من نحو 55% إلى أقل من 40% بسبب الحرب الأهلية اللبنانية. في سورية بعد أن كانت نسبتهم في القرن التاسع عشر نحو 20% من السكان، لا تتجاوز نسبتهم الآن 10%. وتقدر أعداد من هاجروا من المسيحيين العرب بحوالي الأربعة ملايين، أي ما يقرب ربع أعداد المسيحيين في الوطن العربي. وإذا ظلت نفس الظروف، ونفس الوتيرة من الهجرة، فإن عدد المسيحيين العرب سيتقلص بعد عشر سنوات إلى نصف العدد الحالي.



#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)       Abdel_Ghani_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حبر الشمس
- حماس، وقبائل الزولو
- المقدس عند نقابة الفنانين الأردنيين
- ماذا يعني حل الدولة الواحدة؟
- إدارة التوحش.. وبرنامج داعش العملي
- المسيحية الصهيونية
- مؤامرات شيطانية
- هجوم على الشيعة
- مظاهر الأبارتهايد في السياسات الإسرائيلية - دراسة بحثية
- عن التغير المناخي، مرة أخرى
- لنرحم الطفولة
- صور من التخلف التعليمي
- داعش، مرت من هنا
- رحلة الحياة .. البدايات، والنهايات..
- الموصل.. المعركة الأشرس والأخطر
- المرأة والرجل.. ورد الاعتبار
- المجاهدون الأجانب
- هيلاري، الحرب والأنوثة
- حقيقة داعش
- تسع سنوات من حكم حماس


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عبد الغني سلامه - تهجير المسيحيين العرب