أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - محمد الحمّار - بعد برلين، إلى أين سيُهَجّرنا الإعلام التونسي؟














المزيد.....

بعد برلين، إلى أين سيُهَجّرنا الإعلام التونسي؟


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 5388 - 2016 / 12 / 31 - 19:39
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


الآن عرفتُ الفَرق بين الإعلام المتطور وإعلامنا: الإعلام في البلدان المتقدمة كاذب لكنه يعلم أنه يكذب، وهو يكذب لأنه يعمل بمبدأ خدمة مصالح مجتمعاته وهي خدمة تجيز له الكذب، بينما الإعلام في تونس ومثيلاتها كاذب لكنه لا يدري أنه يكذب، والسبب أنه يتخذ الإعلام (الكاذب) في البلدان المتقدمة مصدرا مقدسا للحقيقة وبالتالي فهو إعلام مُصادِر للحقيقة ومشوّش عليها ولا يعمل من أجلها خدمةً لمصلحة الوطن.
علمتُ هذا في غضون متابعتي لردهات عملية الهجوم على سوق عيد الميلاد ببرلين. فبالرغم من أنه حدثٌ مثير لعديد التساؤلات من حيث المصداقية وهوية المنفذ الحقيقي للهجوم وهوية الجهة المخططة له والغاية من وراء العملية، إلا أنّ الإعلام في تونس لم يولِ أيّ اهتمام بالجوانب المشبوهة التي تحوم حول الحدث ولم يتناول المسألة بشيء من الشك. بل كان الإعلام المحلي متطابقا أيّما تطابق مع الإعلام الألماني والأوروبي الذي يعتبره إعلاما "راقيا".
فمن المرجّح أن يعود هذا التطابق إلى عوامل عدة من أهمها أذكر المبررات الثلاثة التالية: الوهَن الفكري الناجم عن التبعية السياسية للغرب من جهة و انعدام الحِرفية والتبعية للإعلام الغربي. فعقدة الأجنبي جعلت الإعلاميين المحليين يتناسون أنّ سمعة الوطن وكرامة مواطنيه في الميزان بما أنّ المتهم بتنفيذ العملية كان تونسيا وبما أنّ الصحافة الأوروبية (على الأخص الفرنسية منها) شنت حملة شعواء ضد تونس. ألم يكن من الأجدر أن يثير الإعلام في تونس مشكلة الهجرة إلى أوروبا التي تسببت ولا زالت تتسبب في حدوث كوارث في بلدان الإيواء، وأن يشرح للقاصي والداني أنّ الهجرة من بلدان الضفة الجنوبية للمتوسط نحو بلدان الضفة الشمالية إنما هي نتيجة حتمية للسياسات الأنانية والاستغلالية والنيوكولونيالية لأوروبا في عصر ما بعد الاستعمار المباشر، وأن يبيّن كيف أنّ أوروبا قد تكون اليوم تدفع ثمن سياساتها الخاطئة وغير المتكافئة؟ فليست تونس هي المطالَبة بدفع الثمن بمجرد أنّ أحد مواطنيها قد يكون ضالعا في عمل إرهابي؛ ليست تونس لوحدها مسؤولة عن الإرهاب بل هي من ضحايا تلكُم السياسات، وهل الضحية مجبَرة بدفع الثمن؟
لم يفسّر الإعلام التونسي للعالم أجمع أنّ أوروبا، بمغالاتها في التشهير جزافا بتونس، إنما تقوم بعملية إسقاط سيكولوجي على هذا البلد العريق، أرض عليسة والكاهنة ويوغرطة وعقبة بن نافع وأمّ ملال والأميرة عطف وابن خلدون وعزيزة عثمانة والحبيب بورقيبة . فأوروبا تُفرغ وِعاء مشاكلها علينا وتطالب بلادنا باستقبال مهاجرين بينما هي التي استقبلت هؤلاء ولم تكن تونس هي التي أوفدَتهم إليها.
كما أنّ الإعلام التونسي يحتقر الإعلام البديل ولا يصدق أخباره بل يصف كل خبر مخالف لِما تنشره الصحافة العالمية "الراقية" بأنه خبر ناجم عن عقلية تآمرية وكأن الإنسان لم يتآمر والحكام لم يتآمروا أبدا على مرّ التاريخ.
من جهة أخرى، لم تتوقف التبعية السياسية والفكرية للجهاز الإعلامي في تونس عند هذا الحد. لقد أثرت سلبا على الأداء الحِرفي للإعلاميين وذلك بدليل أنّ الإذاعات والقنوات التلفزية والصحف لم توفد مراسلين إلى برلين. إنه إعلامٌ لا يقوم بواجباته المهنية فضلا عن عدم تحمّله مسؤوليات مُناطة بعُهدته ككل إعلامٍ يريد أن يكون وطنيا.
نخلص إلى أنّ الإعلام في تونس، فضلا عن التبعية الفكرية والسياسية التي تتسم بها مكوناته، يبقى مهنيا وعقديا رهينَ صحافة عالمية تابعة هي الأخرى لمراكز النفوذ السياسي والمالي، ما يجعل منه أداة لهجرِ الحقيقة و للتدمير الذاتي وللهجرة من البلاد، أكثر منه وسيلة لتنوير المجتمع.



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تونس بين مؤتمر الاستثمار ومدرسة الاستهتار
- هل القرآن بحاجة إلى تفسير جديد؟
- مخالفة القانون: أين الداء وما الدواء؟
- حتى تنهانا الصلاة عن الفحشاء والمنكر...
- الضحكة التي تكاد تهزم التونسيين
- تونس: خسرنا الدنيا فهل ربحنا الدين؟
- كيف أكون عربيا إسلاميا مستقبلا؟
- لا نداءَ ولا نهضةَ بلا اجتهاد، لكن أيّ اجتهاد؟
- الكدح إلى الله والكدح التاريخي
- اللهجة العامية عربيةٌ فما الذي يزعج دعاة التعريب؟
- هل فهِمنا الإسلام وطوَّرنا اللغة العربية؟
- تونس، بلد عربي؟
- كفى استخفافا بالتونسيين
- لو أصبحت تونس بلدا ديمقراطيا، لَما انتحر أرسطو وقدم ساركوزي
- هل الإسلاميون وحدهم يلعبون لعبة الغرب؟
- جريمة سوسة: لماذا بريطانيا؟
- المسلمون والفهم الضبابي للواقع، داعش نموذجا
- تونس: كفانا مغالطة لأنفسنا !
- الشباب التونسي بين إخلالات الحاضر ورهانات المستقبل
- وكأنّ التوانسة سيموتون غدا...


المزيد.....




- بوتين: ليس المتطرفون فقط وراء الهجمات الإرهابية في العالم بل ...
- ما هي القضايا القانونية التي يواجهها ترامب؟
- شاهد: طلاب في تورينو يطالبون بوقف التعاون بين الجامعات الإيط ...
- مصر - قطع التيار الكهربي بين تبرير الحكومة وغضب الشعب
- بينها ليوبارد وبرادلي.. معرض في موسكو لغنائم الجيش الروسي ( ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف مواقع وقاذفات صواريخ لـ-حزب الله- في ج ...
- ضابط روسي يؤكد زيادة وتيرة استخدام أوكرانيا للذخائر الكيميائ ...
- خبير عسكري يؤكد استخدام القوات الأوكرانية طائرات ورقية في مق ...
- -إحدى مدن حضارتنا العريقة-.. تغريدة أردوغان تشعل مواقع التوا ...
- صلاح السعدني عُمدة الدراما المصرية.. وترند الجنازات


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - محمد الحمّار - بعد برلين، إلى أين سيُهَجّرنا الإعلام التونسي؟