أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - منال شوقي - كنت أعرف هذه المرأة














المزيد.....

كنت أعرف هذه المرأة


منال شوقي

الحوار المتمدن-العدد: 5197 - 2016 / 6 / 18 - 02:26
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    


كانت إحدي خالاتي لا تنجب ثم كان أن أجرت عملية تلقيح مجهري فحملت و كان عليها أن تتجنب المجهود و خاصة في شهور الحمل الأولي ثم حدث في إحدي زياراتنا لها أن قابلت هيام عندها للمرة الأولي .
كانت هيام و هي فتاة في الرابعة عشر من عمرها و تكبرني بعام واحد تقوم بأعمال التنظيف في بيت خالتي بعد إنتهاء اليوم الدراسي .
علمت من أمي أنها أكبر إخوتها الكثيرون و أن ظروف عائلتها المادية صعبة و لذا فقد بدأت تعمل في بيت خالتي في أثناء الإجازة المدرسية و استمرت في العمل مع الدراسة لتساعد عائلتها فاقترح زوج خالتي الذي كان يريد مساعدتهم علي ما يبدو و لمدح خالتي لنشاطها و هدوءها أن تقوم الفتاة بشغل البيت بعد خروجها من المدرسة .
و مر عامان كنت أراها خلالهما كلما ذهبنا لزيارة خالتي حيث كنت أجدها دائماً منهمكة في عمل ما و في إحدي زياراتنا لخالتي أخذت معي كتاب الرياضيات لأحل بعض التمارين التي كانت المعلمة قد طلبت منا حلها و لكني واجهت صعوبة في حل مسائل الهندسة فطلبت العون من خالتي و زوجها و كانا خريجي كليتين علميتين ففشلا هما أيضاً .
بعد الغذاء دخلت هيام المطبخ لتغسل الأطباق بينما كنا نحن نشاهد التليفزيون و في أثناء ذلك ذهبت إلي المطبخ لأحضر زجاجة مياة غازية فقالت لي هيام الصامتة دوماً ( أنا ممكن أساعدك في حل المسائل بتاعتك ) .
في الحقيقة لقد إندهشت جداً و لسببين أولهما أن هيام كانت تتكلم بالقطارة كما يقولون و لم أكن أسمعها تتكلم إلا لتجيب علي سؤال و ثانيهما أن تلك الفتاة التي تقف أمام تل من الأطباق و الأواني و تعصب رأسها بمنديل رث تعرض عليّ مساعدتي فيما فشل فيه الكبار خريجي الجامعة و التي تعمل هي عندهم و لكني رغم دهشتي تمنيت فعلاً أن تستطيع مساعدتي في فهم ما لم أفهمه .
قالت لي أن أنتظر إلي أن تنتهي من غسل الأواني و سوف تناديني هي و لكنني لم أطق صبراً فقد كان الفضول ينهشني لمعرفة ما إذا كانت قادرة فعلاً علي حل المسائل أم أنها ستتجمد أمامها و تفقد النطق كما فعل الأخرون فهرعت إلي خالتي أستئذنها أن تسمح لهيام ببريك لأنها عرضت أن َتساعدني في حل المسائل و هو ما أدهش أمي و خالتي التي نادتها و طلبت منها أن تترك ما تفعله و تجلس معي قليلاً .
و للمفاجأة فقد وجدتها متمكنة جداً من الدرس و كأنها قد شرحته لأخرين مئات المرات فشرحت لي ما استغلق عليّ فهمه بطريقه سلسه و مُبَسّطه و حَلّت أمامي بعض المسائل لتُريني طريقة التفكير في إيجاد الحل ثم طلبت مني أن أحل الباقي بمفردي أمامها و هو ما فعلته بمنتهي السهولة بفضلها و كان أن تركت أمي و أختي و خالتي و زوجها مشاهدة التلفاز و جاءوا جميعاً يحضرون الدرس معي و علي وجوه الجميع علامات الدهشة و الإنبهار .
علمت من هيام في ذلك اليوم أنها تكبرني بعام واحد و لكنها تدرس معي في نفس السنة الدراسية و أنها تخلفت عن الدراسة في إحدي السنوات لأنها كانت مريضة و قد صححت لي خالتي المعلومة لاحقاً و قالت لي بل لأن أمها كانت قد أنجبت توأم و كان لديها إخوة صغار كثيرون هي أكبرهم فأجبراها والديها علي ترك المدرسة لتساعد في تربية إخوتها و لكنها عادت للدراسة في السنة التالية بعد كثير من البكاء و التوسل .
لاحقاً ، كنت أذهب لخالتي مخصوص لتشرح لي هيام ما استعصي عليّ فهمه في جميع المواد الدراسية فقد كانت متمكنة منها جميعاً و لم تكن تبخل أبداً بالمساعدة .
بعد دخولها الجامعة ، توقفت هيام عن العمل في بيت خالتي و عملت في إحدي كافتريات وسط البلد في الفترة المسائية و كنت أراها من حين لأخر في الجامعة ، كما هي ، مبتسمة و صامتة .
ثم جائتني أخبارها بالصدفة بعد عدة سنوات فعلمت أنها تزوجت من أحد أقاربها ثم طُلِقت لأن زوجها أراد منها أن تتوقف عن دراسة الماجستير و تنتقل معه للعيش في مسقط رأسهما في إحدي القري ، و أميل أنا لتفسير موقفه من دراساتها العُليا بأنه ربما شَعُرَ بالغيرة أو لم يَتَقبَل أن تتفوق زوجته عليه علمياً و أكاديمياً .
علمت أيضاً أنها أنجبت طفل و أن زوجها رفض الإنفاق عليه بعد الطلاق و أنها إمتنعت عن مقاضاته لدفع نفقة للطفل و تكفلت هي بالإنفاق عليه وحدها و كانت مع ذلك تساعد والديها مادياً .
ثم مرت سنوات سقطت خلالها هيام من ذاكرتي تماماً لأعلم بالأمس فقط و أثناء مكالمة هاتفية مع خالتي، أن هيام قد هاتفتها منذ بضعة أيام من نيويورك حيث تعمل و يدرس إبنها لتهنئها بشهر رمضان .



#منال_شوقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كان يتقزز من المثليين
- و من الرجال أيضاً عاهرون (5)
- و من الرجال أيضاً عاهرون (4)
- و من الرجال أيضاً عاهرون (3)
- و من الرجال أيضاً عاهرون (2)
- و من الرجال أيضاً عاهرون (1)
- موقع شرف المسلم من الإعراب
- ميراث المرأة و العنصرية الدينية البغيضة
- فبُهِت الذي كفر
- الفرق بين الملحد العربي و الملحد الغربي
- الرد علي منكري حد الردة 2/2
- فازت العلمانية أم فاز صادق خان !
- الرد علي منكري حد الردة 1/2
- مغالطات ذاكر نايك في التشبيه و الإستدلال 2/2
- التشريع الهدام لإله الإسلام
- المغالطات في التشبية و الإستدلال عند ذاكر نايك 1/2
- يا هؤلاء أنا أري الله في الزهور و أنتم ترونه في القبور
- المجد لك محمد ولد امخيطر
- دينك علي راسي و لكن !
- هل عليكم حرج إن تحممتم في بيوتكم ؟


المزيد.....




- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...


المزيد.....

- جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي / الصديق كبوري
- إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل / إيمان كاسي موسى
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- الناجيات باجنحة منكسرة / خالد تعلو القائدي
- بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê / ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
- كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي / محمد الحنفي
- ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر / فتحى سيد فرج
- المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟ / مريم نجمه
- مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد ... / محمد الإحسايني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - منال شوقي - كنت أعرف هذه المرأة