وليد يوسف عطو
الحوار المتمدن-العدد: 4358 - 2014 / 2 / 7 - 13:13
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
( 1):
( العلم لايعطيك بعضه حتى تعطيه كلك
فان انت اعطيته كلك
فانت من اعطائه لك البعض..
على خطر ) .
من نصوص المعتزلة
ابو اسحاق ابراهيم بن سيار النظام ( ت: 222هجرية )
(2 ) :
( الانسان ذلك البعد المهدر في الفكر الاسلامي بتياراته اللاعقلانية والتي تنفي الانسان بناء على مخيلة معتلة تقول بان اثبات قدرة الله لايتحقق الا بنفي حرية الانسان . وفي المقابل ادرك المعتزلة ان الانسان خليفة الله على ارضه ,يستمد حريته من وجود الله , ولاتنتفي بقدرة الله حرية الانسان, ومن هنا كان اعلان استقلال العقل في التفكير ) .الباحث ايمن عبدالرسول
( 3 ):
يبدا المفكر والباحث محمدآركون بالبحث عن معنى كلمة (قران)التي هي في اللغة العربية مصدر للفعل (قرا )يدل على معنى التلاوة ,وذلك لانه لايفترض مسبقا وجود نص مكتوب في اثناء التلفظ به للمرة الاولى من قبل محمد (الباحث ايمن عبد الرسول : في نقد الاسلام الوضعي –دراسات في الخروج على النص الديني – 2010 – الناشر كنوز –القاهرة ).
ومن المهم كما يشير الباحث ايمن عبد الرسول التفرقة بين القراءة المعرفية والقراءة الايديولوجية – العقيدية ,للتفرقة بين زمانية الكلمة ,اي قابليتها للاسقاط وتاريخيتها ومعناها في سياق انتاجها .فمن الملاحظ مثلا ان كلمة (اقرا ) الواردة كاول كلمة الهية في المخيال الاسلامي لاترتبط بالقراءة (التامل البصري في نص مكتوب ),بل بالامر : ردد, كرر , اتلو , اعد , لا القراءة بالمعنى التزامني .
هكذا نجد مثلا ان الايتين (16 – 17 ) من سورة القيامة تقولان:
(لاتحرك به لسانك لتعجل به .انا علينا جمعه وقرانه .فاذا قراناه فاتبع قرانه .ثم انا علينا بيانه ) .
وهناك آيات كثيرة في القران تلح على ضرورة ان يتقيد النبي لفظ الايات بالتلاوة نفسها التي سمعها . ويرى المستشرقون المتخصصون في فقه اللغة ان كلمة (قران ) ذات اصل سرياني او عبري , ولكن هذا لايعدل المعنى الذي يفرضه السياق القراني نفسه .فالفكرة الاساسية تكمن في التلاوة المطابقة للخطاب المسموع لا المقرؤ .ولهذا السبب يفضل آركون التحدث عن الخطاب القراني وليس النص القراني . عندما يصف المرحلة الاولية للتلفظ من قبل النبي , ذلك ان مرحلة كتابة الخطاب القراني كنص قد جاءت فيما بعد. ولا ريب ان هذا التمييز بين مفهومي الخطاب او النص يتخذاهمية كبرى على ضوء الالسنية الحديثة .اما مسالة الوحي فهي دقيقة جدا وحرجة كما يقول آركون وهو يدرس ويكتب للناطقين بالفرنسية , فما بالك بالناطقين بالعربية والعرب المسلمين منهم على وجه الخصوص ؟.
ان علم الاديان السائد اليوم يحاول ان يفهم المنشا التاريخي والثيولوجي اللاهوتي لهذه التعاليم , ويحاول ان يفهم وظائفها الايديولوجية النفسية ,ثم محدوديتها وعدم مطابقتها وصحتها من الناحيتين المعنوية والانثر وبولوجية .
التصور الاسلامي للوحي انه يدعى التنزيل , اي الهبوط من فوق الى تحت . وهذا المفهوم يشكل مجازا مركزيا اساسيا ( بحسب الباحث ايمن عبد الرسول )والنظرة العمودية للانسان المدعو بدوره للارتفاع الى الله,اي الى التعالي .ويتحدث القران ايضا عن الوحي الذي يمثل فعل الظاهرة ذاتها التي وجهها الله الى الانبياء ,اما كلمة التنزيل فتدل على موضوع الوحيس ومادته .
اليكم الان كيف يصور القران آليات الوحي (سورة الشورى – الايتان 51 – 52 ):
(وما كان لبشر ان يكلمه الا وحيا او من وراء حجاب او يرسل رسولا فيوحي باذنه مايشاء انه علي حكيم . وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ماكنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وانك لتهدي الى صراط مستقيم ) .
يصل آركون في الختام الى استنتاج ان النصوص التوحيدية الكبرى تشكلت وكرست طبقا لمجريات مبلورة ومضبوطة من قبل السلطات العقائدية ,ثم رسخت على هيئة مدونات نصية مغلقة .فهو يدمج ظاهرة الوحي تحت هذا السياق الحاسم والذي لاتعتمل فيه آليات الايقنة الزائفة .
تقول الر واية الاسلامية ان جمع القران قد ابتدا بعد موت النبي مباشرة في عام 632م ,بل يبدو انهم دونوا في حياته بعض الايات . وهكذا تشكلت نسخ جزئية مدونة على اشياء مادية غير كافية كالرق والعظام المسطحة . وذلك لان العرب لم يكونوا قد اكتشفوا الورق الا في نهاية القرن الثامن الميلادي .وكان موت الصحابة والمناقشات الحادة التي دارت بين المسلمين الاوائل قد حفزت الخليفة الثالث عثمان بن عفان على جمع كلانية الوحي في مدونة نصية المدعوة بالمصاحف . ثم تم الاعلان عن اغلاق الجمع وتثبيت النص بشكل نهائي لايتغير ابدا . وراحوا يتلفون النسخ الاخرى لكي لاتغذي الخلاف او الانشقاق حول صحة الايات والسور المثبتة في مصحف عثمان ..لكن علم التاريخ الحديث لايسلم برواية التراث الاسلامي التقليدية , وانما يتفحص المسالة بالحاح نقدي , خصوصا انه تم جمع القران في مناخ سياسي مضطرب شديد الهيجان .
وكان المستشرق الالماني تيوفل نولدكه قد قام باول دراسة نقدية لتاريخ النص القراني ,وذلك في كتابه :
( تاريخ القران ) – ط1- 1860 م ) وقد واصل العمل بعده شوالى ثم بير نستراسير برتيزل في كتابيهما : جمع القران , وتاريخ النص القراني .
وقد حاول المستشرق الفرنسي بلاشير تدقيق هذا البحث وتكملته عن طريق نظام ترتيبي زمني للسور القرانية .
(4 ) :
قوة الظاهرة القرانية
يستخدم آركون مصطلحي (الظاهرة القرانية )و ( الحدث القراني ), وليس القران للدلالة على تاريخية هذا الحدث.ويعني انه حدث لغوي وثقافي وديني يستخدم مرجعيات تعود الى القرن السابع الميلادي في الجزيرة العربية ولا يفهمها جيدا الا من عاش في ذلك العصر , اودرسه من الداخل ( معنى كلمة الكلالة انموذجاعلى ذلك ). والحدث القراني انفجار لغوي على العديد من المعاني والدلالات لانه مشحون بلغة رمزية ومجازية في معظم الاحيان ويقصد به ايضا :حدث يحصل لاول مرة في تاريخ , او التجلي التاريخي والخطاب الشفهي رافق الممارسات السوسيو – تاريخية المحسوسة لفاعل اجتماعي يدعى محمد بن عبد الله . وبالتالي فبلورة هذا المصطلح لايهدف بالدفاع او الهجوم على البعد الديني لهذا الخطاب , وانما يهدف الى الى وصف الامور كما هي , بلغة علمية بحتة , ولفت الانتباه الى المشروطية اللغوية والثقافية والاجتماعية لانتاج هذا الخطاب من قبل متكلم ما .هذا عن الظاهرة او الحدث القراني , فماذا عن تحول هذا الحدث التاريخي الى مدونة نصية مغلقة ورسمية ناجزة ؟ ,وهو التحول المعرفي من العقل الشفاهي (خطاب الوحي )الى العقل الكتابي ( نص الوحي ) .
ان الظاهرة القرانية هي الحدث الاكثر رسوخا وتاريخية , ولكن آليات التقديس التي حولته الى نص رسمي مغلق هي السبب وراء الهيمنة المادية والروحية لذلك المجلد المادي . ان المصحف في الاصل غير منقط .فعلامات الضبط هي محاولة لاعادة تثبيت النطق وليراجع كل شخص نسخته من المصحف فسيجد كلمات مكتوبة بطريقة غير تلك التي نكتبها نحن . ويصل توثين هذه الكتابة (الخط العثماني ) وهي في الاصل اجتهاد بشري , جرى عليه التعديل والتحوير اكثر من مرة اعتمادا على الذاكرة السمعية في رواية حفص عن عاصم , وورش عن نافع , الى ان على الباحثين ان يصوروا في الدراسات الاسلامية نصوص الايات من المصحف (والكلام للباحث ايمن عبدالرسول ) , ولانكتبها كتابة عادية , ونسقط من ذاكرتناالتاريخية آليات الحجب والتمويه والتي تمت من اجل تثبيت هذه النسخة من المصحف ومحو النسخ الاخرى .هذه التوثين بحسب كاتب المقال جرى على اقرار العلم العراقي بعد الاحتلال الامريكي للعراق في نيسان 2003 م , حيث كان الصراع شديدا بين حول بقاء كلمتي ( الله اكبر )على علم العراق في زمن صدام حسين او حول حذفهما . وانتصر اخيرا التيار الاوبل الذي قام بتوثين الكلمتين .
#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟