أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - الماركسية وافق البديل الاشتراكي - امال الحسين - الماركسية اللينينية و بناء الحزب الثوري للطبقة العاملة ،أي مستقبل ؟















المزيد.....



الماركسية اللينينية و بناء الحزب الثوري للطبقة العاملة ،أي مستقبل ؟


امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)


الحوار المتمدن-العدد: 1215 - 2005 / 6 / 1 - 13:19
المحور: ملف - الماركسية وافق البديل الاشتراكي
    


1 ـ طبيعة الحركة الاجتماعية من المنظور الماركسي :

يقول لينين عن دروين و ماركس : ".. كما أن دروين كان أول من وضع قاعدة علمية صارمة لعلم الحياة ، حين أثبت تغيير الأنواع و تسلسلها ، كذلك وضع ماركس حدا للمفهوم الذي يرى أن المجتمع تجمع آلي من أفراد يتعرض لكل نوع من أنواع التبدل حسب أهواء السلطات ... و أن ذلك المجتمع يولد و يتحول وفق الصدفة ، لقد كان ماركس أول من وضع قاعدة علمية لعلم الإجتماع حين أقام مفهوم التكوين الإقتصادي للمجتمع على أساس أنه مجموعة معينة من علاقات الإنتاج ، و حين قرر أن تطور هذه الأنواع من التكوينات عملية من عمليات التاريخ الطبيعي ."
و تعتبر الماركسية أن قوانين التطور الإجتماعي هي تعبير عن الضرورة التاريخية لتطور المجتمعات ، و كل قانون علمي هو انعكاس العلاقات الضرورية بين الحوادث و حركة التطور التي تجري مستقلة عن إرادة المجتمع ، كما أن هنا قوانين خاصة تصلح لنظام اجتماعي معين إلى جانب وجود بعض القوانين التي تصلح لجميع التكوينات الإجتماعية أي تكون خاضعة لقوانين مشتركة و من بينها :
ـ القانون الذي يقول بأن الوجود الإجتماعي يحدد الإدراك الإجتماعي حيث أن الأفكار الإجتماعية و السياسية و الحقوقية و الفنية و الفلسفية هي انعكاس للشروط المادية في الحياة الإجتماعية ، في الوجود الإجتماعي ،
ـ قانون التوافق الضروري بين علاقات الإنتاج الإجتماعية و صفة القوى المنتجة الإجتماعية ، خلافا للمثالية التي تقر بأن القوى الأساسية التي تحدد تطور المجتمعات هي الأفكار الإجتماعية و السياسية ، فإن المادية التاريخية تعتبر أسلوب إنتاج الثروات المادية هي القوة الأساسية التي تحدد تطور المجتمعات البشرية .
و هكذا فإن مصادر الأفكار و النظريات الإجتماعية و السياسية و غيرها توجد في الشروط المادية للمجنمع / في شروط الوجود الإجتماعي ، و تعتبر الأفكار و النظريات انعكاس لشروط الحيات المادية للمجتمعات البشرية ، كما أن الأفكار الإجتماعية و السياسية تمارس بدورها تأثيرها على تطور شروط الحياة المادية للمجتمعات البشرية / الوجود الإجتماعي و القاعدة الإقتصادية للمجتمع ، و تقر المادية التاريخية و المادية الجدلية بالأهمية الكبرى للأفكار الإجتماعية و السياسية في تطور الحياة المادية للمجتمعات / الوجود الإجتماعي ، و كرس كل من ماركس و إنجلس و لينين حياتهم للدفاع عن مصالح الطبقة العاملة لتحريرها من عبودية البورجوازية.
و ترتكز الماركسية كمنظومة فكرية و نظرية ثورية و أيديولوجية الطبقة العاملة في صراعها مع البورجوازية إلى ثلاثة ركائز أساسية و هي :
ـ المادية الجدلية ـ المادية التاريخية ـ الصراع الطبقي .
و تعتبر هذه الموضوعات الثلاثة الركائز الأساسية للنظرية الماركسية باعتبارها أداة للتفكير العلمي و أسلوبا لتحليل التكوينات و الحركات و الظواهر الإجتماعية و نظرية علمية لفهم و حسم الصراع الطبقي بين الطبقات في المجتمع البورجوازي ، من أجل تخطي التناقضات الداخلية للحركة الإجتماعية و الرقي بها إلى مستوى أعلى تنتفي فيه الطبقات الإجتماعية و التفاوت الطبقي و الإجتماعي ، و تعتمد الماركسية النظرية العلمية في دراسة الحركة الإجتماعية التي تضم بداخلها مكونات متناقضة تتحرك و تتغير و تتحول و تحكمها الجدلية باعتبارها منطق الحركة ، و تعتبر أن الحركة الإجتماعية تتأثر بتناقضاتها الداخلية و بالتناقضات الناتجة عن علاقتها بالحركات الأخرى ، و تعتبر المادية الجدلية و المادية التاريخية علم التناقضات و منطق الحركة سواء كانت حركة طبيعية أم اجتماعية أم معرفية .
فحركة الطبيعة ذات جدلية موضوعية مستقلة عن وجود الإنسان و لا تؤثر بشكل مباشر في تحول الحركة الاجتماعية ، كما يمكن للإنسان بفعل تطور القوى المنتجة أن يؤثر في حركة الطبيعة التي تؤثر بالمقابل في الحركة الإجتماعية ذات الجدلية الموضوعية التي يتدخل الإنسان في صنعها ، و ذلك بتحريكها و تغييرها و تحويلها و إعادة بناء التكوينات الاجتماعية وفق المشروع المجتمعي الذي تحمله الطبقة المؤثر في الحركة الإجتماعية ، و وفق شروط مادية موضوعية في علاقتها مع حركة المعرفة ذات الجدلية الموضوع ـ الذات في تفاعل مستمر بين الموضوعات المطروحة للمعرفة و عمل الذات البشرية التي تسعى إلى ضبطها و معرفتها و تغييرها و تحويلها و إعادة بنائها، و في علاقة موضوعية مع وضعها الإجتماعي و الأدوات المتوفرة التي تتطور و تتغير و تتحول عبر الحركة الإجتماعية ، التي تسعى في صراعها إلى نفي تناقضاتها الداخلية .
و تعتبر الحركة المعرفية نتاج الحركة الفكرية و الممارسة الإجتماعية التي تحددها الحركة الإجتماعية في علاقة مع حركة الطبيعة و الحركة المعرفية ، حيث تعتبر حركة الطبيعة أقدم من الحركة الاجتماعية التي تعتبر أقدم من حركة المعرفة ، و بقدر ما تتطور أفكارنا و معارفنا في اتجاه الفكر العلمي نفهم جيدا الواقع الإجتماعي و الطبيعي و الحركة الإجتماعية و الطبيعية ، و تتطور حركة المعرفة مع مسايرتها للحركة الإجتماعية الموضوعية أي المادية بمفهومها الشمولي .
ويقول ماركس في هذا الصدد :" من الواضح أن سلاح النقد لا يستطيع أن يحل محل نقد السلاح ، فإن القوة المادية لا يمكن أن تقهرها إلا قوة مادية، و لكن النظرية نفسها تتحول هي أيضا إلى قوة مادية حين تتغلغل في الجماهير ".
فالصراع الطبقي في النظام الرأسمالي هو نتاج وجود الطبقات الإجتماعية المتناقضة و الذي يتجلى في الصراع بين العمل و الرأسمال ، بين الطبقة العاملة و البورجوازية ، بين القوى المنتجة و علاقات الإنتاج ، بين الصفة الإجتماعية للقوى المنتجة و صفة الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج ... و هكذا يمكن السير إلى ما لا نهاية له مع اعتبار القوانين المحددة للحركة و هي :
ـ وحدة المتناقضات و تفاعلها و صراعها : إن منطق الحركة / المادية الجدلية و المادية التاريخية اللتان تحكمان الحركة بصفة عامة و الحركة الإجتماعية بصفة خاصة تقران بجود تعايش بين عناصر متناقضة ، و الصراع الدائم بين المتناقضات داخل الحركة الإجتماعية يقر بوجود تعايش داخل مجموعة تتعارض فيها المكونات المتناقضة للحركة الإجتماعية ، فالرأسمالية لا يمكن وجودها دون الرأسمال و العمل و دون الصراع بين البورجوازية و الطبقة العاملة ، حيث لا يمكن للأول أن يوجد بدون الثاني و في صراع دائم من أجل السيطرة والسادة .
ـ تحولات الكم و الكيف : إن الحركة الإجتماعية في تحولات دائمة مع وجودها في بنية معينة/ نوعية معينة ، و التي في تعيرها و تحولها يؤدي إلى التحول الكمي الذي لا يمكن ملاحظته إلا عندما يصل إلى مستوى معين ، و الذي يتحول فيه التحول الكمي إلى تحول نوعي إبتداء من ذلك المستوى المعين ، و لا يحصل ذلك بكيفية تدريجية بل يحدث في شكل قفزة نوعية يبرز فيها التحول النوعي نتيجة التحول الكمي الذي وصل إلى سقف معين يحتم ضرورة التحول النوعي / الكيف، فالتحول الكمي للصناعة بالمدينة في القرن 17 عندما وصلة مستوى معين حدث تحول نوعي/ الكيف في الحياة الإجتماعية و ظهرت الطبقة العاملة و ظهر معها الصراع الطبقي بين العمل و الرأسمال.
ـ النفي و نفي النفي : إن الحركة الإجتماعية في تناقضاتها تسعى إلى تخطي بعض ظواهرها التي تشكل عائقا في سيرها أي تخطي تناقضاتها الداخلية ، و التي تسمح بعد نفيها إلى الرقي بها إلى مستوى أعلى الذي يليه نفي آخر و هكذا يحدث التماسك الإجتماعي و التضامن و التعاون حفاظا على كلية الحركة الإجتماعية التي تسعى إلى نفي تناقضاتها الداخلية من أجل البقاء و الإستمرار ، فالرأسمالية في تحولاتها من التنافسية و الإحتكارية و الإمبريالية و العولمة تسعى إلى تخطي تناقضاتها الداخلية من أجل البقاء و الإستمرار ، لكن دون الحسم مع تناقضها الأساسي و هو نفي الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج التي تتناقض و الصفة الإجتماعية للقوى المنتجة، و هكذا تتحول الرأسمالية إلى نظام اجتماعي تناحري لن ينتفي فيه التناقض الأساسي إلا بحسم الصراع الطبقي بين الطبقة العاملة و البورجوازية لصالح الطبقة العاملة.
و الحركة الإجتماعية يحكمها منطق الجدلية بين العمل و النظر الذي يحيلنا إلى الجدلية بين النظرية الثورية و الممارسة العملية ، حيث نجد أن في كل حركة اجتماعية عمل و نظر و في كل نظر عمل و نظر ، فالمفكرون المبدعون حينما يصنعون إبداعاتهم الفكرية تصبح عملا ملموسا الذي ينطلق من الفكرة إلى الإنجاز، كما أن في كل عمل نظر و عمل حيث أن الفئات المحسوبة على العمل أثناء إبداعها تفكر و تعمل و تضع لعملها نظرا في تفاعل دائم مع العمل الذي يغني النظر و ينفي تناقضات الحركة الإجتماعية ، و لتطور العمل تأثير عظيم على تطور النظر الذي يسعى إلى التوافق مع العمل في حركة دائمة من أجل تطوير الحركة الاجتماعية.
فوجود الطبقات في النظام الرأسمالي يحتم وجود الصراع الطبقي بين الطبقة العاملة و البورجوازية و هو صراع تاريخي لا يزول إلا بزوال أسبابه / وجود الطبقات المتناقضة في المجتمع البورجوازي ، و تتناول المادية الجدلية و المادية التاريخية الحركات الاجتماعية بالدرس و التحليل و تقر بوجود قوانين مشتركة بين مختلف التكوينات الاجتماعية ، تلك القوانين التي يمكن اكتشافها و استخدامها دون القدرة على تعديلها و هدمها ولا يدوم مفعولها مدة طويلة ، نظرا لكون الحركة الإجتماعية تتخلص من تناقضاتها الداخلية و هي في تحول دائم ، و من أهم هذه القوانين قانون التوافق الضروري بين علاقات الإنتاج الإجتماعية و صفة القوى المنتجة الإجتماعية، حيث يعتبر أسلوب الإنتاج القوة الأساسية في تطور الحركة الاجتماعية ، و كل تطور يطرأ على أسلوب الإنتاج ينعكس على النظام الاجتماعي ككل .
يقول ماركس في هذا الصدد:
" ما أن يتغير الأساس الاقتصادي حتى يطرأ على البنيات الفوقية الواسعة تحول سريع جدا ، وفي دراسة أمثال هذه التحولات ينبغي علينا دائما أن نميز بين التحول المادي في أوضاع المجتمع الإقتصادية الميسور تقريره بمثل دقة العلم الطبيعي ، وبين الأشكال التشريعية والسياسية والجمالية والفلسفية وبكلمة مختصرة الأشكال الإيديولوجية التي يدرك فيها الناس ... التضارب ويقاومونه حتى النهاية" .
و تعتبر المادية التاريخية و المادية الجدلية اللتان وضعهما ماركس و إنجلس الأسس النظرية للفكر الماركسي ، و اللتان و مازال منظورهما للحركة الاجتماعية حاضرا في كل الدراسات العلمية لتطور التكوينات الاجتماعية ، و التي ترتكز يالأساس على التناقضات التي تحكم الطبقات الإجتماعية في النظام الرأسمالي باعتباره نظاما تناحريا عبر ما يلي :

ـ التناقض بين القوى المنتجة الإجتماعية و علاقات النتاج الإجتماعية .
ـ التناقض بين العمل و الرأسمال .
ـ التناقض بين الطبقة العاملة و البورجوازية .
ـ التناقض بين الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج و الصفة الإجتماعية للقوى المنتجة .

و الحركة الاجتماعية تحكمها طبيعة علاقات الإنتاج الاجتماعية في صراع دائم مع القوى المنتجة الاجتماعية التي تفرض تأثيرها على علاقات الإنتاج الاجتماعية ، و ذلك بفعل الحركة الاجتماعية الدائمة التي تفرز علاقات إنتاج اجتماعية ملائمة لمستوى تطور القوى المنتجة الاجتماعية ، لتحقيق التوافق الضروري بين القوى المنتجة و علاقات الإنتاج من أجل ضمان تطور و استمرار الحركة الاجتماعية ، كما أن علاقات الإنتاج الاجتماعية تشكل أساس كل التكوينات الاجتماعية التي تشكل أساس الأنشطة الاجتماعية على مستوى البنية الفوقية ، و تشكل القوى المنتجة الاجتماعية أساس الإنتاج المادي موضوع البنية التحتية، و كلاهما يتداخلان في جدلية و تفاعل متبادل يؤثر كل واحد منهما على الآخر ، إلا أن طبيعة القوى المنتجة الاجتماعية التي تتسم بالحركة الدائمة تكون سباقة إلى التطور و تؤثر على طبيعة علاقات الإنتاج الاجتماعية من أجل فرض التوافق معها.
فالطبقة العاملة تحمل نظرا / النظرية الثورية في صراعها الدائم مع الرأسمال نتيجة الفرز الذي حصل عبر الصراع بين مفاهيم البورجوازية التي أفرزتها طبيعة أسلوب الإنتاج الرأسمالي و بين مصالح الإقطاع ، من أجل تحرير الطبقة العاملة من علاقات الإنتاج الإقطاعية المتخلفة/ العبودية الإقطاعية، إلا أن الطبقة العاملة بعد إسهامها العظيم في الثورة البورجوازية وجدت نفسها معرضة لعبودية أرقى و ألطف و أخطر و هي عبودية الرأسمال ، و تحولت البورجوازية شيئا فشيئا بفعل تطور النظام الرأسمالي إلى العدو الطبقي للطبقة العاملة ، و أفرز الصراع الطبقي بين الطبقة العاملة و الرأسمال نظرية ثورية ترتكز إلى الاشتراكية العلمية / النظرية الماركسية ، و يقول لينين في هذا الصدد :" لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية" .
و تنطلق المادية التاريخية و المادية الجدلية من دراسة الواقع الاجتماعي لتحديد قوانين تطوره و تقر بأن منطق الحركة الإجتماعية محكوم بما يلي :
ـ إن جوهر الإنسان يكمن في منظومة العلاقات الاجتماعية التي تحكمه في زمن معين من تاريخه / طبيعة النظام القائم.
ـ ترتكز هذه المنظومة أساسا إلى علاقات الإنتاج الإجتماعية التي تستمد صفتها من الشكل الذي تتخذه ملكية وسائل الإنتاج و أشكال توزيع الثروات و أوضاع الطبقات .
ـ إن تاريخ تطور الحركة الإجتماعية هو تاريخ تطور القوى المنتجة الاجتماعية والتحولات التي تلاحق أشكال علاقات الإنتاج الاجتماعية وأنواعها وهي مشروطة بتحولات القوى المنتجة الإجتماعية .
و هكذا نرى أن التطور الهائل لوسائل الإنتاج و بالتالي القوى المنتجة الاجتماعية في القرن 18 أحدث ثورة فكرية هائلة نتج عنها بروز مفاهيم البورجوازية ، و بالتالي انتصار الثورة البورجوازية على مصالح الإقطاع و سقوط النظام الإقطاعي و بروز النظام الرأسمالي .
و شهد الرأسمال تطورا سريعا مع شيوع مفاهيم الفكر البورجوازي و بروز النظام الرأسمالي الذي مر عبر مراحل تطوره ، من مستوى الرأسمالية التنافسية مرورا بالمرحلة الإحتكارية فالمرحلة الإمبريالية وصولا إلى مرحلة العولمة الليبرالية المتوحشة كأقصى أشكال تطور الرأسمالية الإمبريالية التي برزت نتيجة ما يلي :
ـ سقوط تجربة الأنظمة الاشتراكية البيروقراطية يالإتحاد السوفييتي و شرق أوربا .
ـ التطور الهائل لوسائل الإنتاج بفعل تكنولوجيا الإعلاميات و الإعلام.
ـ تراجع الحركة الاجتماعية الثورية العالمية و حركة التحرر الوطنية .
و رغم محاولة النظام الرأسمالي التخلص من تناقضاته الداخلية إلا أن الصفة التناحرية تلازمه كتناقض أساسي بين الرأسمال و العمل رغم التحول الهائل لوسائل الإنتاج و ذلك عبر :

ـ إستغلال الرأسمال لقوة العمل و تراكم القيمة المضافة في أيدي أقلية من البورجوازيين .
ـ هيمنة المؤسسات المالية على المؤسسات الإنتاجية .
ـ هيمنة المضاربات المالية على ترويج المنتوجات الصناعية .
ـ الصناعة العسكرية المفرطة .
ـ اقتصاد الريع و تنقل رؤوس الأموال .
ـ الحد من تنقل الطبقة العاملة في اتجاه الدول الصناعية .
ـ هيمنة الشركات المتعددة الإستيطان على السوق و تأثيرها على اقتصاديات الدول .
ـ التحكم في سوق العمل و تحديد قيمة الأجور و الأسعار .
ـ العمل في اتجاه اضمحلال الدولة القومية و بروز التكتلات الدولية الإقليمية و الجهوية.
ـ غياب دور الدولة في توجيه الإنتاج و التدخل في الأنشطة الاقتصادية و الاجتماعية .
ـ حماية الرأسمال بسن و تطبيق قوانين تنتهك المكتسبات التاريخية للطبقة العاملة و تشرعن استعبادها و تبيح نهب المؤسسات المالية و الإنتاجية الوطنية.

و ما نشاهده اليوم من صعود للرأسمال ما هو إلا نتيجة التراكم الهائل للقيمة المضافة عبر أزيد من قرنين من الزمان من استغلال الرأسمال للعمل و لثروات الشعوب، و تطور النظام الرأسمالي الذي استطاع التخلص من تناقضاته الداخلية و التناقضات بين الرأسماليات الغربية دون التخلص من التناقض الأساسي بين القوى المنتجة الإجتماعية و علاقات الإنتاج الإجتماعية ، و ذلك عبر استغلال ما راكمه من أموال نتيجة ما يلي :

ـ الصناعة العسكرية خلال الحربين الإمبرياليتين التي استفادت منهما الرأسمالية الأمريكية .
ـ الحروب اللصوصية في شرق آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينية .
ـ التبعية الإقتصادية المفروضة على الدول المستعمر في أفريقيا و آسيا و أمريكا اللاتينية .
ـ تصفية و نهب أموال الإتحاد السوفييتي و شرق أوربا بعد انهيارهما .

إن الصراع الطبقي القائم بين الرأسمال و العمل سيبقى مستمرا ما دامت وسائل الإنتاج ذات الصفة الرأسمالية و التي تتناقض و الصفة الاجتماعية للعمل ، و رغم أن النظام الرأسمالي في حركة دائمة يسعى فيها إلى تجديد أساليبه و نفي تناقضاته وفق الضرورة التاريخية التي يفرضها صراعه الدائم مع الطبقة العاملة ، إلا أنه يسعى وراء مزيد من الإستغلال المكثف للطبقة العاملة لتكديس أكبر عدد ممكن من الربح في أيدي أقلية من البورجوازيين على حساب سحق الطبقات الشعبية ، ويسعى المجتمع البورجوازي والطبقات الرجعية التابعة له للإبقاء على نظام الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج والدفاع عنها بكل ما يملك من وسائل باعتمادها على آلة الدولة البورجوازية ، و التي يتم تسخيرها لقمع الحركة الإجتماعية للطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و الكادحين باعتبار مؤسسة الدولة جهازا يخدم مصالح الرأسمال .
و يقول لينين في هذا الصدد :" في الاقتصاد العالمي ، كل منتج على حدة يدرك أنه يدخل هذا التبديل أو ذاك في تكتيك الإنتاج ، و كل مالك يدرك أنه يبادل هذه المنتوجات بتلك المنتوجات ، و لكن هؤلاء المنتجين و المالكين لا يدركون أنهم يبدلون بالتالي الوجود الاجتماعي ، إن سبعين فيلسوفا من أمثال ماركس لا يكفون للإحاطة بمجموعة هذه التعديلات في جميع فروع الاقتصاد الرأسمالي العالمي ، و الأمر الجوهري ، هو أنه تم اكتشاف قوانين هذه التعديلات و تحديد تطورها الاجتماعي و منطقها الموضوعي في خطوطها الكبرى ..."

2 ـ الماركسية اللينينية وبناء حزب الطبقة العاملة :

إن الصراع الطبقي بين الرأسمال و العمل لن يكون في صالح الطبقات الشعبية إلا بقيادة التنظيم السياسي المستقل للطبقة العاملة بتحالف مع الفلاحين الفقراء و الكادحين ، و هكذا فإن الصراع الطبقي حين وصل أوجه بين الرأسمال و العمل مع حركة جماهير العمال المبدعين أنتج الفكر الماركسي نقيض الفكر البورجوازي ، إلا أن الطبقات الشعبية لم تستطع تحطيم دولة البورجوازية إلا عندما امتلكت حزبها السياسي الثوري ، و الذي ارتقت فيه الطبقة العاملة إلى مراكز القرار السياسي باعتبارها الطليعة الثورية التي قادت الثورة البولشيفية و بالتالي بناء الدولة الاشتراكية.
إن الماركسية اللينينية باعتبارها النظرية الثورية الكفيلة لبناء الحزب الثوري تعتبر أن الصراع الطبقي لن يزول إلا بزوال السيطرة البورجوازية على الطبقة العاملة ، و التي تتجلى في احتكار الرأسمال لوسائل الإنتاج في صراع دائم مع الطبقة العاملة التي تسعى إلى الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج ، و هكذا نجد أن جميع الطبقات من بورجوازية و طبقات وسطى تمتلك أحزابها السياسية التي تعبر عن مصالحها إلا الطبقة العاملة و الفلاحون الفقراء و الكادحون ، و التي تتعرض للإستغلال المكثف و التهميش على حساب تراكم الرأسمال في أيدي أقلية من البورجوازيين تستولي على السلطة السياسية و تسخر الطبقات الوسطى في صراعها مع الطبقات الشعبية.
إن انتصار النظام الرأسمالي على النظام الإقطاعي خلال الثورة البورجوازية قد أدى إلى توافق مفاهيم البورجوازية مع مصالح الطبقة العاملة في حينها ، و ذلك مع ضرورة تغيير علاقات الإنتاج الاجتماعية الإقطاعية المتخلفة أمام التطور الهائل للصناعة و تقدم القوى المنتجة الإجتماعية ، إلا أن هذا التوافق لم يستمر طويلا أمام جشع الرأسمال و ركوده وراء الربح السريع على حساب بيع قوة عمل الطبقة العاملة، متخطيا بذلك قوانين التوافق الضرورية بين القوى المنتجة الاجتماعية و علاقات الإنتاج الاجتماعية ، مما نتج عنه استغلال الرأسمال و استعباده للطبقة العاملة و بالتالي بروز الصراع الطبقي بين الرأسمال و العمل ، الشيء الذي نتج عنه التناقض بين الصفة الاجتماعية للعمل التي لم تتوافق مع الصفة الرأسمالية لوسائل الإنتاج التي يتحكم فيها أقلية من البورجوازيين .
لقد ساعد التوافق الحاصل بين القوى المنتجة الاجتماعية وعلاقات الإنتاج الاجتماعية في النظام الرأسمالي على ضمان تطور القوى المنتجة الإجتماعية وازدهارها لمدة تزيد عن قرن من الزمن ، وذلك بعد الثورة البرجوازية التي حطمت علاقة الإنتاج الإقطاعية وأقامت علاقة إنتاج بورجوازية ، و التي أصبحت فيما بعد عائقا وحجرة عثرة في طريق تطور القوى المنتجة الإجتماعية ، لأنها لم تعد توافق مستوى تطور هذه القوى التي تجاوزت نطاق علاقات الإنتاج الرأسمالية ودخلت في صراع واضح معها ، لأن القوى المنتجة في النظام الرأسمالي أصبحت اجتماعية بينما ظل التملك خاصا رأسماليا ، مما يتعارض مع طبيعة القوى المنتجة ذات صفة الإنتاج الاجتماعية التي توفرها الحشود من العمال داخل المصانع و الشغيلة داخل المؤسسات الإنتاجية و المالية بصفة عامة.
و لذا فإن ضرورة تحقيق الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج يتعارض والصفة الخاصة لها التي تطبع النظام الرأسمالي ، كما أن الثروات التي ابتدعها ملايين الشغيلة المأجورين أصبحت في أيدي أقلية تملك وسائل الإنتاج وأسست بذلك رأسمالا هائلا على حساب بيع قوة عمل العمال المبدعين ، ووقعت الرأسمالية في العديد من التناقضات بسبب التناقض الأساسي بين صفة الإنتاج الإجتماعية للقوى المنتجة والملكية الخاصة الرأسمالية لوسائل الإنتاج .
إن النظام القيصري بروسيا قد حول حياة الفلاحين و العمال المنجميين إلى فقراء و كادحين في ظل حكم استبدادي مطلق ذو الجذور الإقطاعية ، و لا يمكن قبل زمن الثورة البولشيفية تصور إمكانية قيام نظام اشتراكي ببلد متخلف كروسيا لولا جهود المناضلين الثوريين الماركسيين و على رأسهم المناضل الثوري لينين ، الذي استطاع بلورة النظرية الماركسية في صيغتها اللينينية التي تسعى في اتجاه تفكيك أسس النظام القيصري الإستبدادي الذي يعتمد الركائز الأربعة التالية :
ـ أتوقراطية الحكم الفردي للقيصر.
ـ أرستقراطية النبلاء العقارية المهيمنة على الجهاز الإداري .
ـ الكنيسة الأرتودوكسية .
ـ القوة العسكرية للجيش القيصري .
و رفض النظام القيصري مسايرة التحولات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي بدأت تشهدها روسيا ، و التي تتزامن مع الفترة المشرقة في تاريخ أوربا الغربية مما رفع في مستوى التناقضات الداخلية للنظام القيصري .
و كان لثورة 1905 أثر كبير في تمهيد الطريق أمام الثورة البولشيفية لما أحرزته من تنازلات للقيصر الذي أجرى إصلاحات سياسية محتشمة في محاولة لتخطي تناقضات حكمه ، و التي لم ترق إلى طموحات الحركة الإجتماعية الروسية الطامحة إلى مزيد من الحرية و الديمقراطية ، و لم يتم إنجاز الحركة الإجتماعية الثورية الأولى إلا بعد :
ـ بناء الحزب الإشتراكي الثوري في 1898 و الذي شكل معارضة سياسية منظمة للنظام القيصري خاصة في البوادي .
ـ بناء الحزب العمالي الاشتراكي الديمقراطي الروسي بالمدن .و الذي انقسم إلى جناحين : المناشفة و البلاشفة .
و كان التناقض الرئيسي بين المناشفة و البلاشفة في اختيار التحالف الطبقي لإنجاز الثورة :
ـ يرى البلاشفة بزعامة لينين أنه يجب أن يتم التحالف بين الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و البورجوازية الصغرى .
ـ يرى المناشفة أنه لابد من تحالف ظرفي بين الاشتراكيين و البورجوازية لتحقيق الثورة على أن يسهر الاشتراكيون على الانتقال إلى الشتراكية فيما بعد .
و واجه النظام القيصري الحركة الإجتماعية المعارضة و الثورية منها على الخصوص بالإرهاب و القمع فلجأت إلى العمل السري ، و كان لدخول روسيا الحرب العالمية الأولى أثر كبير في نجاح الحركة الثورية الثانية في فبراير و مارس 1917 التي أطاحت بالنظام القيصري، ثم ثورة أكتوبر 1917 التي قادها البلاشفة بزعامة لينين ضد البورجوازية و المناشفة الإشتراكيين الذين استولوا على السلطة .
و قال لينين قولته المشهورة : " و الآن سننتقل إلى بناء النظام الاشتراكي" .
و تم تشكيل حكومة بولشفية و رسم معالم الدولة الاشتراكية بوضع مفهوم" السياسة الاقتصادية الجديدة و رأسمالية الدولة"، و لم يكن مفهوم رأسمالية الدولة إلا إجراءا ظرفيا لما كانت تعيشه روسيا من أوضاع إقتصادية مزمنة .لكن الفترة الزمنية القصيرة التي قضاها لينين في قيادة النظام الاشتراكي بروسيا لم تكف لوضع الأسس الصلبة للبناء الاشتراكي للدولة.
و كان لصعود ستالين إلى القياد تأثير خطير على الثورة البولشيفية و على الثوريين و الذي قال عنه لينين في حينه أنه : " مفرط في الفضاضة و هذه النقيصة لا يمكن احتمالها تماما في بيئتنا الشيوعية و في الإتصالات فيما بيننا تصبح أمرا غير محتمل في منصب الأمين العام ، و لهذا أقترح على الرفاق أن يفكروا في أسلوب لنقل ستالين من هذا المنصب و تعيين شخص آخر لهذا المنصب يمتاز من جميع النواحي الأخرى عن الرفيق ستالين بميزة واحدة فقط هي أن يكون متسامحا و أكثر ولاء و أوفر لطفا و أشد انتباها للرفاق و أقل تقلبا في الأهواء " ،
و رغم تنصيص الدستور الروسي على توسيع مجال الحريات العامة و إقرار مبدأ الإقتراع العام ، فإن أسلو ستالين في الحكم الذي تجلى في :
ـ الحملة التطهيرية ضد خصوم ستالين و معارضيه في محاكمات موسكو في 1936 و 1938 قد أسفرت عن سجن آلاف المعارضين و نفيهم و إعدام مئات أطر الحزب و الأدارة و الجيش .
ـ دخول روسيا الحرب العالمية الثانية ليس من أجل الحرية بل لبسط سيطرتها على شرق أوربا .
ـ الإنخراط في نادي الدول النووية والسباق نحو التسلح المفرط و تأجيج بؤر التوتر في إطار ما يسمى بالحرب الباردة .
ـ هجوم الرأسمالية الإمبريالية على الحركة الإشتراكية و حركات التحرر الوطنية .
كل ذلك أدى إلى انحراف الثورة البولشيفية مما نتج عنه سقوط التجربة الاشتراكية البيروقراطية بالإتحاد السوفييتي و شرق أوربا أمام هجوم العولمة الليبرالية المتوحشة على المكتسبات التاريخية للطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و الكادحين.
و هكذا فإن قراءة التجربة الاشتراكية بالإتحاد السوفييتي و شرق أوربا تحيلنا إلى ما يلي :
ـ إن انتصار الطبقة العاملة على البورجوازية لن يتم إلا ببناء حزبها الثوري الذي يقود الصراع الطبقي .
ـ إن التحالف بين الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و الكادحين ضرورة تاريخية لبناء المجتمع الاشتراكي .
ـ إن التحالف بين الطبقة العاملة و البورجوازية الوسطى لا يجب أن يتجاوز المراحل الأولى للثورة ضد البورجوازية .
ـ إن الثورة لا يجب أن تفسح المجال للبورجوازية الوسطى لتتبوأ مراكز القرار السياسي و تهيمن عليه .
ـ إن الديمقراطية الاشتراكية ضرورة تاريخية من أجل بناء المجتمع الاشتراكي بقيادة الطبقة العاملة .
ـ إن نشر الفكر الماركسي اللينيني و الممارسة العملية للصراع الطبقي أمران ضروريان لنشر الوعي الطبقي في صفوف الطبقات الشعبية و بناء المجتمع الإشتراكي.
ـ إن محاربة الأفكار و الممارسات الليبرالية في المجتمع الاشتراكي أمر ضروري لإنجاح الثورة .

3 ـ تجربة منظمة "إلى الأمام" و بناء الحزب الثوري:

تعتبر منظمة "إلى الأمام" حركة ماركسية لينينية ثورية أفرزها الصراع الطبقي بين الطبقات المسيطرة على السلطة بالمغرب و الثوريين الماركسيين اللينينيين ، و يتضح ذلك من خلال المشروع المجتمعي المنشود الذي تتبناه و المستمد من قراءة الوضع السياسي القائم في بداية السبعينات من القرن 20، و المتضمن في الوثيقة الأيديو لوجية للمنظمة : " سقطت الأقنعة ، فلنفتح الطريق نحو الثورة" ، و قراءتها اليوم تفضي إلى وجود علاقة بين الوضع السياسي الراهن والشروط السياسية و الإجتمناعية و الإقتصادية التي تمخضت عنها بروز منظمة إلى الأمام كمنظمة ثورية .

و تقول الوثيقة في تحليلها للوضع السياسي :
ـ " فجر صيف 1970 بالمغرب مجمل تناقضات البرجوازية التي أسدلت ستارا كثيفا أمام التطلعات الجماهيرية العميقة ، فإعادة تكتل الأحزاب البرجوازية الوطنية (الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية) في إطار الكتلة الوطنية وظهور البرجوازية على حقيقتها, بعد أن سقطت أقنعتها, بمثابة سمسار يجتهد في تسخير الشعب لنيل مساهمة ضئيلة في الحكم, عملية جعلت حدا لكل المغالطات الناجمة عن انقساماتها السطحية, ومواجهة برلمانية الحكم الفردي المزيفة ببرلمانية برجوازية, مادة بذلك أحسن الضمانات للحكم الفردي, بيد أن كلتي البرلمانيتين لا تعتبر الشعب أكثر من حصان تمتطي صهوته. ولعل محاولة" حزب التحرر والاشتراكية" الرامية إلى نيل نصف مقعد في حظيرة "الكتلة" على أساس نفس البرلمانية البرجوازية لتعبر عن نفس الروح الطبقية للبرجوازية التي يميزها نفس الاحتقار للجماهير والخوف من نضالاتها".
و في الوثيقة يتم تصنيف الطبقات المتصارعة إلى :
ـ الأوليغارشية الكومبرادورية .
ـ البورجوازية الليبرالية .
ـ الجماهير الكادحة .
و على مدى أزيد من ثلاثة عقود من تاريخ النظام المخزني بالمغرب تشكلت بالبوادي طبقة العمال الزراعيين الذين يبيعون قوة عملهم بالضيعات و المعامل الفلاحية بالبوادي و التي يمتلكها المعمرون الجدد ، و أصبح الفلاحون الفقراء أكثر تهميشا بعد فقدان أراضيهم و تحولوا إلى عمال زراعيين أو كادحين بالأحياء الشعبية المهمشة بالمدن ، كما تعرضت مصالح البورجوازية الوسطى إلى مزيد من الإستغلال من طرف البورجوازية الكومبرادورية و الملاكين العقاريين و مافيا الفساد الإداري ، و أصبحت قوتها الشرائية تتدهور شيئا فشيئا نتيجة التفاوت الكبير بين الأجور بعد ظهور طبقة الموظفين السامين كطبقة بورجوازية تبوأت مناصب عليا بالنظام ، و تشكلت طبقة من المهمشين الجدد / المعطلون حاملوا الشهادات المحرومين حتى من بيع قوة عملهم و الذين يتم استغلالهم بعد تحويلهم إلى طبقة عاملة تبيع قوة عملها العضلية و الفكرية .
و تضع الوثيقة الشرط الأساسي لحسم الصراع لصالح الطبقات الشعبية و الذي يتجلى في بناء الحزب الثوري :
"إن هيكلة الحزب تعتمد على التطبيق العملي لمبدأ المركزية الديمقراطية وهذا يعني التحضير الجماعي والمتمركز – من القاعدة إلى القمة ومن القمة إلى القاعدة, من التطبيق إلى النظرية ومن النظرية إلى التطبيق – للتوجيه الإيديولوجي والعملي للتيار الثوري ، على التطبيق الفعلي للامركزية فيما يخص المسؤوليات, إن واجب المناضل هو أن يلتزم بصرامة بمبادئ السرية التامة وبالإختيار الدقيق لمناضلي الحزب على أساس الممارسة النضالية الملموسة وعلى تهييء الثوريين الذين يكرسون حياتهم وكل مشاغلهم لخدمة الثورة.
إن العادات الليبرالية الموروثة عن منظمات وأحزاب البرجوازية الصغيرة والبرجوازية المنافقة يجب أن تشطب في الحين ودون شفقة ، إن التقدم الجماعي للحزب والمناضلين يتطلب ممارسة للنقد والنقد الذاتي كما يتطلب اقتلاع كل نزعة فردية, ويتطلب فهما عميقا للأيديولوجية الماركسية – اللينينية في الممارسة".
فمنذ بروز الحركة الماركسية اللينينية المغربية و النظام المخزني يسلط عليها قمعه الشرس في محاولة للقضاء عليها و الحد من انتشار الفكر الماركسي اللينيني ، و تعتبر تجربة منظمة إلى الأمام أروع ما أنجزته الحركة الماركسية اللينينية و عرفت ثلاث مراحل أساسية و هي :
مرحلة النشأة الممتدة بين غشت 1970 و نونبر 1974 :

التي عرفت بلورة النظرية الماركسية اللينينية في صفوف مناضليها كهوية ايديولوجية و سياسية ، في مواجهة الفكر البورجوازي الليبرالي و الامبريالية الرأسمالية من أجل بناء المجتمع الاشتراكي كمجتمع انتقالي من النظام الرأسمالي إلى النظام الشيوعي ، و شكلت وثيقة "سقطت الأقنعة ، فلنفتح طريق الثورة " الأرضية الايديولوجية و السياسية التي تم اعتمادها بعد الانسحاب من حزب التحرر و الاشتراكية ، كما شهدت هذه المرحلة اعتقالات واسعة في صفوف الحركة و خاصة قياداتها و على رأسهم الشهيد القائد عبد الطيف زروال ، الذي ساهم بشكل كبير في وضع الأسس الايديولوجية و السياسية للمنظمة و أهمها:
تشخيص التناقضات الأساسية للمجتمع المغربي .
مفهوم الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية .
الجبهة الوطنية الديمقراطية الشعبية .
الدور المركزي للطبقة العاملة في التغيير .
مفهوم الكفاح الجماهيري المنظم و الطويل النفس .
مفهوم بناء الحزب الثوري للطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و الكادحين .

المرحلة الثانية الممتدة من نونبر 1974 إلى أوائل 1976 :

التي واصل فيها ما تبقى من المناضلين خارج الاعتقال نضالاتهم خاصة في صفوف الطلبة و المثقفين، و بالرغم من ضعف التواجد داخل الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و الكادحين فإن عملهم كان متمركزا داخل الإطارات الجماهيرية و خاصة داخل النقابات العمالية و الطلابية و الجمعيات الثقافية ، و مواجهة النظام المخزني و ذلك بإبراز تناقضاته بالدعاية ضد المواقف المخزنية من القضايا السياسية و أهمها قضية الصحراء ، التي اتخدها النظام المخزني غطاءا أيديولوجيا لتمرير مخططاته السياسية التبعية للإمبريالية الرأسمالية إلى أن تم اعتقال ما تبقى من القيادات في نونبر 1976.

المرحلة الثالثة الممتدة ما بين 1976 و نهاية 1986 :

التي عرفت عدة محاولات لإعادة البناء التنظيمي و إفراز قيادة ثانية للمنظمة بعد محاكمة القيادة الأولى بعد نضالاتها المريرة داخل المعتقلات السرية ، و التي توجت بالمحاكمة العلنية التي حولها الماضلون الماركسيو اللينينيون إلى محاكمة النظام المخزني ، حيث لم يقوموا بالدفاع عن النفس بقدر ما قاموا بالهجوم على النظام المخزني و فضحه و إبراز مشروعهم المجتمعي الثوري ، إلا أن الإعتقالات التي مست صفوف المنظمة في نهاية 1985 قد حالت دون إعادة البناء التنظيمي.
و تعتبر الأطروحة الثورية للوثيقة و الكفيلة بإنجاز مهمة بناء الحزب الثوري للطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و الكادحين أهم ما تتضمنه و تشتمل على :
موقع حزب التحرر و الاشتراكية كامتداد للحزب الشيوعي المغربي بين تكتل الأحزاب البورجوازية الوطنية .
مواقف الحزب التي تعبر عن الروح الطبقية البورجوازية و التي لا تختلف عن مواقف السياسيين البورجوازيين بالدول العربية المتخاذلة اتجاه قضايا الشعوب و على رأسها القضية الفلسطينية.
إنطلاقا من وضعية الحزب هذه لم يبق أمام المناضلين الثوريين بداخله إلا الإنسحاب و بناء حركة ماركسية لينينية في أفق بناء الحزب الثوري للطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و الكادحين ، و من أجل ذلك تم تشخيص التناقضات الطبيقية بالمجتمع المغربي و إبراز القوى الثورية المتواجدة به ، لكن القمع الشرس الذي طال المنظمة و عدم قدرة المناضلين المتواجدين في الساحة السياسية و الجماهيرية على بلورة الفكر الماركسي اللينيني في صفوف الطبقة العاملة ، حالا دون إنجاز هذه المهمة التاريخية و رغم ذلك فالفكر الماركسي اللينيني ما زال يحظى بالوجود في صفوف الشبيبة خاصة في الجامعات .

4 ـ إعادة بناء الحركة الماركسية اللينينية في أفق بناء الحزب الثوري:

بعد التجربة المريرة لليسار الجذري و التي مرت في أغلب مراحلها في السرية و القمع دخل جزء من مناضليه في مرحلة العمل العلني المنظم في منتصف التسعينات من القرن 20 ، و تم التراجع النسبي أو الكلي عن الماركسية اللينينية كمرجعية أيديولوجية و يتجلى ذلك في :

ـ إختيار النضال الديمقراطي السياسي مرحليا.
ـ المساهمة في بناء وحدة الإشتراكيين و الديمقراطيين في جبهة شعبية ضد البورجوازية.
ـ المساهمة في بناء حزب الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و الكادحين إستراتيجيا.

تعتبر التصورات السياسية لليسار الجذري قريبة إلى حد ما من مصالح الطبقة العاملة و بعيدة كل البعد عن القرب من تحقيقها في المرحلة الراهنة ، و ذلك نظرا للعوائق الطبقية التي تحول دون ذلك و التي تتجلى في :
ـ عدم قدرة اليسار الجذري على استقطاب الطبقة العاملة إلى صفوفه .
ـ التركيبة الطبقية لأحزابه السياسية التي يتكون أغلب مناضليها من الطبقة البورجوازية الوسطى .
ـ رغم أن جلهم يعمل في الإطارات النقابية تبقى الصفة الطبقية لهؤلاء المحدد الأساسي لتعاملهم مع مصالح الطبقة العاملة .
ـ يؤدي تعاطيهم المفرط للعمل النقابي الصرف بدعوى الإستقلالية إلى بروز اتجاهات انتهازية في صفوفهم، نظرا للنزعة الزعامتية و الطموح إلى الإرتقاء الطبقي .
ـ طغيان المفهوم الإصلاحي للنضال العمالي عبر الطموح للوصول إلى القيادات النقابية و المؤسسات الرسمية المزورة / الغرفة الثانية .
ـ السير بالعمل النقابي في اتجاه المفهوم الليبرالي للنقابة / الشراكة مع المقاولة المواطنة .
ـ ابتعاد مناضلي اليسار الجدري العاملين في الإطارات النقابية عن الخط و الإستراتيجية السياسيين لأحزاب اليسار الجذري .
و هكذا يثبت التاريخ مرة أخرى أن الطبقة البورجوازية الوسطى لا يمكن أن تقود نضالات الطبقة العاملة رغم المشروع المجتمعي الذي تحمله التصورات السياسية لليسار الجذري ، و يبقى هدف بناء الحزب السياسي المستقل للطبقة العاملة بتحالف مع الفلاحين الفقراء و الكادحين الذي تتبناه أجزاب اليسار الجذري هدفا بعيد المنال في المرحلة الراهنة ، في ظل الممارسة الإنحرافية و الإنتهازية للمناضلين اليساريين المنتمين لهذه التنظيمات ، و يبقى بناء هذا الحزب موكولا للطبقة العاملة و حلفائها التاريخيين / الفلاحون الفقراء و الكادحون.
و يمكن الرجوع إلى تجربة النضال ضد الإستعمار المباشر و الذي يشكل فيه تحالف المدن والقرى/الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء ضد تحالف الاستعمار والإقطاع عاملا أساسيا في حسم الصراع الطبقي ،و يعتبر من بين التجارب الرائدة والناجحة في تاريخ الصراع الطبقي بالدول المستعمر(بفتح الميم) .
لذا فالصراع القائم اليوم هو صراع طبقي على الرغم من أنه يحمل بداخله صراعات اجتماعية ذات صبغة ما قبل-طبقية ، نظرا لكون العلاقات الاجتماعية السائدة في مجتمعات الدول الفقيرة ليست بعلاقات اجتماعية رأسمالية محضة ، لكونها تحمل بداخلها علاقات اجتماعية ما قبل رأسمالية وما يصاحبها من علاقات التبعية للبورجوازية الكومبرادورية ، والتي تبرز تجلياتها أساسا لدى الفلاحين الفقراء والعمال الزراعيين في الصراع مع كبار الملاكين العقاريين بالبوادي ، ولدى الطبقة العاملة والكادحين بالمدن مع الباطرونا وكيلة العولمة الليبرالية المتوحشة .
و يبقى بناء التحالف بين الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء والكادحين هدفا أسمى سيقدم بشكل كبير الصراع الطبقي في أفق بناء الحزب السياسي الثوري ، الذي لن يتحقق إلا في ظل تحقيق الأهداف التالية :
ـ إمتلاك الوعي الطبقي لدى الطليعة الثورية لليسار الجذري و بلورته عبر الممارسة العملية للمحترفين السياسيين المرتبطين جذريا بالطبقة العاملة والفلاحين الفقراء والكادحين .
ـ العمل اليومي الدؤوب داخل التنظيمات الذاتية للطبقات الشعبية و على رأسها الطبقة العاملة للدفاع عن مصالحها الطبقية ضد هجوم البورجوازية.
ـ العمل على بناء تحالف تنظيمي بين هذه التنظيمات لمواجهة هجوم العولمة الليبرالية على مصالح الطبقات الشعبية في أفق بناء تحالف تنظيمات اليسار الجذري.
ـ مناهضة الانحرافات ومفاهيم البورجوازية والسلوكات ما قبل-طبقية التي تبرز في أوساط مناضلي اليسار الجذري و في أوساط الطبقات الشعبية .
ـ العمل على تطوير الوعي الحسي لدى الطبقات الشعبية للمرور إلى مرحلة الوعي السياسي والممارسة السياسية من الموقع الطبقي الذي تنتمي إليه.
ـ المرور إلى مرحلة الممارسة السياسية للطبقات الشعبية بالانتماء إلى التحالف السياسي لتنظيمات اليسار الجذري عبر تحمل المسؤوليات السياسية في هياكله .
ـ العمل على تطوير الوعي السياسي لديها من أجل الوصول إلى الوعي الطبقي الآلية الوحيدة الكفيلة لحسم الصراع الطبقي ضد البورجوازية في إطار الحزب السياسي الثوري. للطبقة العاملة




#امال_الحسين (هاشتاغ)       Lahoucine_Amal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إطلاف حملة التضامن مع المختطفين المعتقلين بالحسيمة / الريف ب ...
- الحركة الإجتماعية بالبوادي و الأحياء الشعبية و تطور التكوينا ...
- نضالات الطبقة العاملة و اليسار الجذري الواقع ، الإستراتيجية ...
- حركة التحرر الوطني و تطور التكوينات الاجتماعية
- المعيقات الأساسية لنشر ثقافة حقوق الإنسان و دور المجتمع المد ...
- اللجنة الوطنية لدعم عمال منجم إيميني
- الحزب السياسي الثوري و تطور التكوينات الاجتماعية
- الحركة السياسية و النقابية و تطور التكوينات الاجتماعية
- عن اللجنة المحلية للعمل من أجل انقاد حياة المناضل النقابي و ...
- نداء اللجنة المحلية للعمل على ا نقاد حياة المناضل الحقوقي و ...
- إضراب لا محدود عن الطعام ابتداء من اليوم الاربعاء 29 دجنبر 2 ...
- وفاة مواطن بمخفر الشرطة بتارودانت بالمغرب في الذكرى 56 للإعل ...
- وقفة احتجاجية أمام إدارة صوديا بأولاد تايمة بالمغرب ضد تصفية ...
- ملف الانتهاكات الجسيمة بالريف/الحسيمة بالمغرب
- نداء هيئات التنسيق بورزازات بالمغرب
- دور البعد الهوياتي للأمازيغي في النضال الديمقراطي الجذري
- من البعد القومي للقضية الفلسطينية إلى الإنتفاضة الشعبية
- نداء عائلة المختطف عمر الوسولي من أجل الكشف عن مصير ابنها
- حملة التضامن مع مناضلي حركة المجتمع المدني بالريف / الحسيمة ...
- الحركة الإحتجاجية بالريف/الحسيمة بالمغرب بين الماضي و الحاضر


المزيد.....




- بعيدا عن الكاميرا.. بايدن يتحدث عن السعودية والدول العربية و ...
- دراسة تحذر من خطر صحي ينجم عن تناول الإيبوبروفين بكثرة
- منعطفٌ إلى الأبد
- خبير عسكري: لندن وواشنطن تجندان إرهاببين عبر قناة -صوت خراسا ...
- -متحرش بالنساء-.. شاهدات عيان يكشفن معلومات جديدة عن أحد إره ...
- تتشاركان برأسين وقلبين.. زواج أشهر توأم ملتصق في العالم (صور ...
- حريق ضخم يلتهم مبنى شاهقا في البرازيل (فيديو)
- الدفاعات الروسية تسقط 15 صاروخا أوكرانيا استهدفت بيلغورود
- اغتيال زعيم يكره القهوة برصاصة صدئة!
- زاخاروفا: صمت مجلس أوروبا على هجوم -كروكوس- الإرهابي وصمة عا ...


المزيد.....

- الدين/الماركسية نحو منظور جديد للعلاقة من اجل مجتمع بلا إرها ... / محمد الحنفي
- اليسار بين الأنقاض والإنقاذ - قراءة نقدية من أجل تجديد اليسا ... / محمد علي مقلد
- الدين/الماركسية من اجل منظور جديد للعلاقة نحو أفق بلا إرهاب / محمد الحنفي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ملف - الماركسية وافق البديل الاشتراكي - امال الحسين - الماركسية اللينينية و بناء الحزب الثوري للطبقة العاملة ،أي مستقبل ؟