أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف 1 ايار 2009 - اثار وانعكاس الازمة الاقتصادية العالمية على الطبقة العاملة والفئات الفقيرة وسبل مواجهتها؟ - مصطفى المسيح - فاتح ماي المغربي: من المطالبة بحقوق العمال إلى المطالبة بالحق في العمل!















المزيد.....

فاتح ماي المغربي: من المطالبة بحقوق العمال إلى المطالبة بالحق في العمل!


مصطفى المسيح

الحوار المتمدن-العدد: 2640 - 2009 / 5 / 8 - 08:44
المحور: ملف 1 ايار 2009 - اثار وانعكاس الازمة الاقتصادية العالمية على الطبقة العاملة والفئات الفقيرة وسبل مواجهتها؟
    


ظاهرة جديدة أضحت تلازم تظاهرات فاتح ماي في المغرب.
العاطلون عن العمل والمعطلون.
فئة جديدة تتسع قاعدتها ويزداد عددها مع كل فاتح ماي جديد. أعداد غفيرة من حملة الشواهد المتوسطة والعليا ومن الأطر في مختلف التخصصات العلمية.
بعياء وخطى ثقيلة، لكنها ثابتة، تمشي فوق إسفلت شوارع العاصمة الصماء، تعيد خروجها إلى جانب العمال، في "عيدهم" الأممي، بعدما صمت عن بؤسها الحزب والنقابة والنخبة. وواجه المخزن خروجها بالحصار والضرب والمطاردة، في وقفات ومسيرات سلمية، تركت وراءها، في أحيان كثيرة، وسط شوارع الرباط، وأمام مديرياتها ووزاراتها وبرلمانها وولايتها، وولايات هذه الولاية وويلاتها.. ذاكرة موشومة بالدم وبالقمع الرمزي والمادي. حيث يوغل الإحساس بالاغتراب واللانتماء إلى أقصى ـ وأقسى ـ درجاته.
تظاهرات ـ بالجمع لأن النقابات على وزن الحسابات، أصبحت أكثر عددا من المعامل ربما ـ فاتح ماي بالعاصمة الإدارية لهذا العام سارت في الشوارع على نحو مختلف وبارد لكن لا أحد يمكن أن يتكهن متى وكيف يتفجر الغضب المكبوت في الصدور.
بالنسبة للجالسين على رصيف المقاهي والعابرون الشارع والواقفون على جنباته والخارجون من مواعيدهم والذاهبون إليها.. كانت بنكهة "الفلكلور". والذين رددوا ملئ حناجرهم الشعارات التي تكثف مواقفهم ومطالبهم، كانت بطعم المرارة والسخط.
ولعل أبرز ما في خروج هذا العام، والأعوام التي سبقته حتى، في تظاهرة المأجورين والمستخدمين والعمال والموقوفين عن العمل والمسرحين من المعمل والمطرودين منه.. المنضوين تحت لواء "إ . م. ش"، هو ما أصبح يعرف بقضية عطالة الأطر العليا، الحاصلون على أعلى الشواهد العلمية التي تمنحها الدولــة المغربيـــة (د. د. ع.م، والدكتوراه الوطنية) القابعون في قاعة العطالة المظلمة، حيث لا يزال الانتظار القاتل يحكم، مثل غول أسود ضخم، ويسد منافذ النور..
المشهد يطفح بمفارقات البلد العجيبة. هنا يتوحد المسحوقون، الذين لا يملكون شيئا فوق أرض البلد المعطاء. يقولون. والذين لن يستطيعوا امتلاك شيء (هل كانت تنظيرات الأب ماركس مجرد سحابة صيف عابرة، في زمن ثوري عابر، حين أعطى العامل الحق في امتلاك وسائل الإنتاج، لأنه قوة العمل وطاحونة الإنتاج الحقيقية التي تدور، وتدور، لينعم رب العمل بالنعيم وينتهي العامل إلى البؤس والعبودية!). تتوحد خطواتهم في صف واحد طويل. يجرون تاريخ القهر الجديد المدثر بأسماء رنانة من قبيل: الشراكة الاجتماعية، مرونة قوانين مدونة الشغل، المقاولة الوطنية الواعدة.. تلك التي تسببت قبيل فاتح ماي من العام الماضي، في احتراق ستين عاملة وعاملا، وتفحم جثثهم داخل معمل/ سجن روزامور بالدار البيضاء، على مهل كما تحترق النفايات في مطارح الأزبال أواخر الليل، وهذه التي تدفع عشرات الفتيات، في مطلع عقدهم الثاني، ليخرجن بكامل براءتهن الطفولية ويصرخن احتجاجا على استغلالهن البشع داخل معمل النسيج بمدينة الشموع ـ سلا ـ إذ تحوك أناملهن الصوف، بصبر وأناة وتحمل، لتحوله إلى قطع ملابس وتحف الزرابي التقليدية، فيما تحاك ضدهن قوانين القهر والاستغلال والطرد والتسريح، تماما كما يتم تسريح بغل أجرب لم يعد قادرا على العمل كآلة جبارة لدى باطرون يجلس فوق الجبروت درجات!
كل هؤلاء جنبا إلى جنب مع المعطلين، والكل تشي سحناته بالانتماء إلى الدرك الأسفل من المجتمع، سحناتهم وملابسهم ومشيتهم، من صميم علامات الشعب الحقيقية. فيما يقف أمامهم، وبين كل مسافة متر وآخر، كل أنواع البوليس السري والعلني، وكل رجال السلطة بكل درجاتهم ونياشينهم وأوسمتهم وبذلهم العسكرية الأنيقة، المكوية بعناية، كل يحمل في يده أكثر من جهاز اتصال. والبوليس السري أنشط من خلية نحل يسجل كل شعار وكل مضمون لافتة، وكل خطوة.. لكني أعجز حتى الآن عن فهم الغاية من كل هذا العمل الاستخباراتي الجبار وإلى أين تؤول كل تلك المسودات والتقارير الأمنية، إذا كان جل هؤلاء الذين يخرجون كل فاتح ماي، يحملون لافتات تتضمن مطالب، بعضها الكثير، حملتها أذرع العمال المنهكة طيلة السنوات الأخيرة دون أن تجد طريقها للحل أو البت فيها!
تتقدم المعطلات، الأمهات بينهن، وهن يدفعن عربات أطفالهن تحت أشعة الشمس الحارقة، بعزم المغربيات، الشريفات الرائعات الأجمل بين الأمهات، اللواتي لم يذرفن دمعة واحدة ولم يخترن أسهل الطرق إلى حياة بلا معنى، ومشين يحملن حقائبهن على أظهرهن، وعيونهن تشع بالأمل وصورة الوطن الذي لا بد أن يكون، وأن نحيا فيه كما نحن نشاء. والخارجون من عقارب زمنه القديم "يحملون ساعاتهم من وقتنا وينصرفوا".
"يا مغربي يا مغربي يا مغربية، الانتخابات عليك وعلي مسرحية" هذا هو الشعار الذي يثير حساسية رجال السلطة ويوقظ خوفهم الغريزي، وهو الشعار الذي ستفجره الأطر العليا المعطلة في شوارع الرباط طيلة الأيام القادمة من شهر ماي. شعار بمضمون واضح، لا يتطلب من أجهزة الاستخبارات، التي راقبت التظاهرة من أولها إلى آخرها، كثير جهد لفك "شفراته". كيف تطلبون من هؤلاء الانخراط في جوقة النشيد الوطني وتحديد خارطة طريق إلى قصور البلديات ـ في المغرب لا تزال هناك العلامات تشير إلى مقر الجماعة الحضرية باسم قصر البلدية ! ـ وفك العزلة عن معازل صناديق الاقتراع.. وهم، هنا والآن، يعيشون العزلة والإقصاء والحصار وقمع احتجاجاتهم السلمية قبالة البرلمان؟!
إنهم ببساطة لا غبار عليها ولا غموض فيها، يقولون لكم: لسنا مواطنين، بعد، من دون حقنا في الشغل والعيش الكريم. ولن نذهب إلى صناديق انتخاباتكم، ما لم تفتحوا العلب السوداء التي ترمي بنا إلى جحيم العطالة والانتظارية القاتلة وهدر طاقاتنا وكرامتنا، إذ "تستأسد" علينا قوات الجنرال لعنيكري حين احتجاجنا، وتخور الأجهزة الأخرى إلى الوراء، أمام كل الذين يحوطون البلد بأذرعهم الطويلة، القذرة، ويحكمون الطوق حول خاصرته كرهينة للفساد المالي والسياسي والإداري؟.
بعد عشرة عقود ونصف العقد ونيف من الزمن، وتحديدا عند السنة التاسعة من العقد الثامن من القرن التاسع عشر، حين قررت الأممية الاشتراكية الثانية جعل فاتح ماي من كل سنة يوما للاحتجاج والتظاهر ضد استغلال قوة العامل ومن أجل صيانة حقوقه (الأجر العادل، تخفيض ساعات العمل، التعويضات، احترام الحق النقابي.. إلخ) برزت في المغرب هذه الظاهرة. في ظل اشتداد أزمة التشغيل واتساع قاعدة البطالة، دشنتها الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين نهاية العقد الثمانين من القرن 20، ويحمل مشعلها، مطلع الألفية الثالثة، الدكاترة المعطلون، فطوبى للبلد بكل هذه العطالة. وطوبى لنا بوزير للتشغيل كل شغله الشاغل كان، كما اتضح، البحث عن مقر جديد لوزارة التشغيل، بدون شغل، في حي الرياض الفاخر !
انتهت التظاهرة بسلام. تنفس رجال الأمن الصعداء. فنحن لسنا بمستوى التحضر حتى نشعل النيران في الشوارع و نواجه العسكر كما يحدث في العواصم المتقدمة ! لدينا ما يكفي من الجوع و من الصبر كي نجلس مساء أمام التلفاز نتفرج على غضب الآخرين، وفي ذلك العزاء، وكفى الجوع المغربي شر الغضب.


*عضو الاتحاد الوطني للأطر العليا المعطلة




#مصطفى_المسيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الرئيس الإماراتي يصدر أوامر بعد الفيضانات
- السيسي يصدر قرارا جمهوريا بفصل موظف في النيابة العامة
- قادة الاتحاد الأوروبي يدعون إلى اعتماد مقترحات استخدام أرباح ...
- خلافا لتصريحات مسؤولين أمريكيين.. البنتاغون يؤكد أن الصين لا ...
- محكمة تونسية تقضي بسجن الصحافي بوغلاب المعروف بانتقاده لرئيس ...
- بايدن ضد ترامب.. الانتخابات الحقيقية بدأت
- يشمل المسيرات والصواريخ.. الاتحاد الأوروبي يعتزم توسيع عقوبا ...
- بعد هجوم الأحد.. كيف تستعد إيران للرد الإسرائيلي المحتمل؟
- استمرار المساعي لاحتواء التصعيد بين إسرائيل وإيران
- كيف يتم التخلص من الحطام والنفايات الفضائية؟


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف 1 ايار 2009 - اثار وانعكاس الازمة الاقتصادية العالمية على الطبقة العاملة والفئات الفقيرة وسبل مواجهتها؟ - مصطفى المسيح - فاتح ماي المغربي: من المطالبة بحقوق العمال إلى المطالبة بالحق في العمل!