هذا جوابنا والله شاهد على صدقه


يامنة كريمي
الحوار المتمدن - العدد: 5103 - 2016 / 3 / 14 - 07:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

هذا جوابنا والله شاهد
على صدقه
يامنة كريمي

باسم الله الرحمان الرحيم، (ادْعُ إِلى سَبيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بمَن ضَلَّ عَن سَبيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بالْمُهْتَدِينَ)، «سورة النحل، الآية 125»
بعد نشر جريدة هسبريس الرقمية لمقال/بحث بعنوان (القرآن هو الحكم) طرحت بعض المواقع الرقمية ذات التوجه المخالف السؤال التالي: الحملة على الفقهاء...من وراءها؟ وذلك بتاريخ 8/3/2016
ولتفادي التأويلات التي ليس من ورائها طائلل، أود جعل هذا المقال في إطاره العام.
- إن دوافع كتابة المقال موضوع السؤال هي أكبر بكثير من مشكل المؤامرة أو محاولة المس بشخص أو فئة من المجتمع أو المواطنين لأن الوطن بمعنى الحقوق والواجبات للجميع، والقانون سيد الكل.
- استحضار الشفافية والمصداقية مسألة ضرورية جدا (النية الحسنة). فالأمور بمقدماتها وإذا كانت المقدمات ضبابية أو خاطئة فالنتائج حتما ولزوما ستكون كذلك مما لن يسمح لها بمبارحة دائرة المغالطات وتجهيل خلق الله الذي من المطلوب تنويره وتوعيته.
- النص القرآني هو الحكم الأول والأخير بيننا، تليه السنة النبوية بما يوافقه ولا يخرج عنه لأن مهمة الرسول ص هي التبليغ والتبيان وليس الزيادة والنقصان. الأمر الذي أسس له البعض لفتح الأبواب على مصراعيها أمام "ورثة الانبياء" وإن كان الأنبياء لا يورثون. مما حول الدين الدي جاء رحمة للعالمين إلى أداة للشنق والتعسير وأكل مال الناس بالباطل وتعطيل المنطق والعقل ونشر الظلم والفساد باسم "المقدس". وإن كان المقام لا يتسع للوقوف بالتفصيل على كل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والفكرية الناجمة عن المضاربة في كلام الله سوف نجمل القول في نقطتين أساسيتين هما الإساءة لكتاب الله ورسوله ونشر الفساد والظلم بين المغاربة المسلمين والمسلمات.
أولا، المس بقدسية ونزاهة كتاب الله ورسوله،
مس ويمس معظم ما جاء في "الفقه" ولدى "الفقهاء" نزاهة وقدسية الكتاب والسنة بطريقتين على الأقل هما:
-الزج بكتاب الله في المعترك السياسي، لقد أساء الفقه في مجمله لكتاب الله ورسوله، إن لم نقل رسله، من خلال إخراج الإسلام عن مبادئه السمحة وقيمه النبيلة ومقاصده العادلة وإقحامه في المشاحنات والصراعات السياسية. لأن التجربة أثبتت على أن الممارسة السياسية مهما قننت ومهما هذبت أساليبها تبقى مجالا للمزايدات وتحقيق التوازنات وما ينتج عن ذلك من صراعات وعرض للعضلات. السياسة مجال تدافع واختلاف وليست مجال قيم وأخلاق ولم تكن أبدا ولن تكون قط.
- أسلمة النص القرآني: عمل قطاع "الفقه" على تشويه كتاب الله أمام العالم بتحويل القرآن الذي جاء في شطره المتعلق بالأحكام من أجل تربية وتقويم سلوك وأخلاق الخلق للانخراط في الحياة بمصداقية وشفافية ومسؤولية وليس ليكون موسوعة للعلوم السياسية أو الاقتصادية أو الطبيعية...وبالتالي السقوط في النسبية والخضوع لمبدأ الصحيح والخطأ والمحدودية في الزمان والمكان -تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا- مما يحد من قدسيته وذلك لثمن قليل وهو السلطة والمال والنساء، لان التأويل الفاسد للنص القرآني والسيرة النبوية هو أقصر السلالم المؤدية لتحقيق أهواء الناس وأطماعهم. وقد نهى سبحانه وتعالى عن ذلك في مجموعة من الآيات القرآنية كما أشرنا لذلك في المقال السابق. نفس الشيء قام به مفكرو وعقلاء الإسلام مثل ابن رشد الذي قال:(التجارة بالأديان هي التجارة الرائجة في المجتمعات التي ينتشر فيها الجهل)
ثانيا، نشر الفساد والظلم بين المسلمين المغاربة وخاصة المسلمات:
يتجلى نشر الفقهاء للفساد بالمغرب في عملهم على تفشي الأفعال والتصرفات التي نهى الله عنها مثل:
- التواكل وأكل مال الناس بالباطل: على خلاف ما يحث عليه القرآن الكريم من واجب كسب القوت بعرق الجبين وتحريم الاعتماد على الآخر وأكل ماله بالباطل كيفما كانت الوسيلة، فما بالك إن كانت تلك الوسيلة هي كلامه المقدس. وهذا ما عانى ويعاني منه المغرب مع "الفقهاء" وخاصة في البوادي حيث يتم استغلال الفلاحين والرعاة وسلبهم منتوج تعبهم وشقائهم تحت ذريعة "الشريف أو الفقيه" الذي يأتي في أوقات الجني والحصاد ويرابط في القرية أو الدوار وسط "النساء" في الوقت الذي يكون الرجال والرجلات غارقين في العمل بالحقول والمزارع. ناهيك عن نشر الخرافة والسحر والشعوذة بين الناس والسبي والدعارة المقدسة (من نوع زواج الفاتحة أو الإكرام الجنسي للضيف أو جهاد النكاح...) وكدلك التعدي على الأعراض أحيانا بل أحيانا كثيرة وهذا أمر يمكن إثباته على أرض الواقع إن كان هناك محاولة لتغطية الشمس بالغربال. دون أن تفوتني الإشارة ولو بعجالة إلى أكل الكهنوت الإسلامي من "فقهاء ودعاة وعلماء وأئمة..." مال الحكام والسلاطين في مرحلة القوة والانقلاب عليهم في مرحلة الضعف، كما يشهد على ذلك التاريخ بما فيه التاريخ الحديث.

- الكذب والنفاق: نقصد بالنفاق والمنافقين أولئك الذين قال عنهم عز وجل (يقولون ما لا يفعلون) وقوله كذلك: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱ-;-لأَرْضِ قَالُوۤ-;-اْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) أي أن النفاق هو دلك المرض الخبيث الذي جعله الله في مستوى الكفر بل أخطر لأن الكافر معروف يمكن الاحتياط منه، لكن المنافق هو من وسط المسلمين ومن العارفين بكلام الله مما يسهل عليهم الإفساد والتخريب باسم الإسلام وبدعوى الإصلاح وهذا حال معظم رجال الدين في المغرب الذين تشهد تصرفاتهم ومعاملاتهم على نفاقهم وكمثال عن ذلك أنهم:
- يدرسون أبناءهم في أحسن مدارس بلدان العالم المتقدم، حيث يقضون هم أنفسهم أوقاتهم خارج الخطب في المساجد والدعوة وتأليب المغاربة على بعضهم وتأليب الكل على القيم الإنسانية جمعاء، ويدفعون أبناء الشعب للتعليم العمومي المعرب وللمدارس العتيقة ودور القرآن التي يمكن أن نمدهم بكل الحجج التي تثبت فشل هذه القطاعات وتحولها إلى مؤسسات للجهل والخرافة والعنف والكراهية وما ينتج عن دلك من داعشية.
- يعالجون ذواتهم وأقاربهم (هم ورثة الأنبياء) في أشهر المصحات ولدى أكبر الأطباء في العالم ويطلبون من سواد الشعب التداوي بالخرافة والشعوذة وكل السبل الحاطة بالكرامة (البصق والتمائم وماء وضوء الفقيه أو الشريف والعنف من أجل إخراج الجن أو غيره ناهيك عن الكي والأعشاب وإن كان في ذلك قول). أما داعيات وفقيهات عدم المساواة بين الجنسين، فأمرهن غريب وغير مفهوم حيث تجد المرأة (حسب معيارهم) تترك بيتها ودون إذن زوجها وتذهب لمقرات الأحزاب والجمعيات والتجمعات الدعوية التي تجد ضالتها في كل فرصة أو مناسبة وحتى بدونها. ناهيك عن الجامعات ومراكز تكوين النساء والتنقلات والسفريات ومن أجل ماذا؟ من أجل دعوة باقي الرجلات للإقرار في البيت وخدمة الزوج وطاعته والقبول بعنفه. مما يجعلنا أمام السؤال الدارجي التالي: (وأنت اش كا ديري هنا بعدا؟) وهذا لا يختلف في شيء عن كونهم وكونهن يعيشون في أفخم القصور و يقصدون أغلى الفنادق والمطاعم (حلال) ويركبون آخر موديل السيارات ويستعملون كل ما اكتشفه الغرب الكافر من أدوات وآليات حديثة (يتمتعون بالحياة طولا وعرضا) في حين يدربون الطبقة الشعبية على الصبر والتقشف باستعمال آيات منزوعة من سياقها مثل (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي ٱ-;-لْحَيَاةِ ٱ-;-لدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ). وهذا لا ينفي أهمية الصبر والاعتدال في كل الأمور بما فيها التمتع بالدنيا في إطار مقاصد الإسلام. لأنه لو كان الإسلام يوافق ما يدعو له الفقهاء لما بعث الله بالرسل للإصلاح والتجديد عن طريق الاجتهاد لأنه ببساطة يقوم بتعويض المحرومين في الدنيا بجزاء الآخرة.
- تجييش الطبقات الشعبية: عمل معظم "الفقهاء والدعاة والأئمة..." على خلق سلطة في أحشاء السلطة المغربية وذلك من خلال تجييش وعسكرة المغاربة على مستوى الشكل من حيث طبيعة اللباس (الأفغاني) وشكل إطلاق اللحى بالنسبة للذكور والاختمار بطريقة محددة والنقاب حتى في قاعات امتحان الباكالوريا...والترويج لفكر غريب عن عادات وتقاليد تامزغا الديمقراطية والإنسانية. وكذلك تعطيل العقول وشحن القلوب بالحقد والكراهية إلى درجة كره الخلق لنفسه والاقدام على القتل والتفجير والذبح ولو باستعمال المخدرات في معظم الأحيان إلى جانب التخدير "الفقهي" لأن الإقدام على تصفية النفس يخالف الفطرة الإنسانية المتمثلة في التشبث بالحياة ومحاولة مقاومتها وعركها بالطرق والأساليب الإنسانية لأن دلك هو الجوهر الذي أراده الله للدنيا والحياة، لكن معظم المجتهدين "الفقهاء والدعاة..." عكسوا الآية (والعياذ بالله) وباعوا مرضات الله من أجل أطماع الدنيا الفانية.
أهل يكفي هذا كدوافع أم هناك رغبة في المزيد؟؟؟؟