أبو شروق !


اسحاق الشيخ يعقوب
الحوار المتمدن - العدد: 4821 - 2015 / 5 / 29 - 00:40
المحور: سيرة ذاتية     

أكثر من نصف قرن كنت و اياه و آخرين ( ... ) على مقاعد المدرسة العليا
نتلقى أصول "الفقه" الماركسي و كان هو من العراق و كنت أنا من السعودية و
كان هو غير اسمه و كنت انا غير اسمي و كان يناديني ( الحجي ) و كنا
جميعاً نناديه ( ابو حقي ) لأنه يقول الحق و لو على نفسه و كان هو دون
غيره الأقرب الى قلبي و كان التجاذب الكيميائي يجاذب نفسينا و كان لهذا
التجاذب دور على ما اظن في تجذير الصداقة بيننا على مدار اكثر من سنة ..
بعدها غادرت و غادر فتقطعت سبل علاقة صداقتنا على مدار اكثر من نصف قرن
الا ان ذاكرتي لسبب او بدون سبب ما اكثر ما تنبش جمالية و حميمية ذكراه (
... ) و كنا خليط دول عربية فالبعض منا مات موتة ربه و البعض منا مات
موتة سياسية و البعض منا استشهد في خضم الصراع السياسي (!) . نصف قرن لا
ادريه ولا يدريني في خضم غمرة العمل السياسي الذي إنغمرنا فيه ... و قد
تجشم عن حق مخاطر العمل السياسي و انغمر فيه بجدارة فائقة و عزيمة شجاعة
متوثبة متمردة و هو من الكوادر السياسية الحزبية العراقية الفاعلة الذي
يجعل العاصفة ان تنحني ولا ينحني لها (!) و كنت اقرأ له احياناً في الصحف
ولا ادريه و كان يقرأ لي ايضاً في الصحف ولا يدريني (!) و كانت هواجسي
تقلب المقالات السياسية و الفكرية هنا و هناك علّ عيني تقع على صورته
لأدريه فقد حفرت تقاطيع وجهه في ذاكرتي حفراً و اصبحت ذاكرته تعاودني
بمناسبة و بدون مناسبة .

و بعد اكثر من خمسين عاماً رنّ هاتفي رنيناً مميزاً فزّ قلبي في ذات
الرنين , رفعت مقبض الهاتف قربته الي اذني و كان الصوت يأتيني من بعيد
قائلاً أنت ( الحجي ) انا ( ابو حقي ) فراح شريط الذاكرة يأخذني أخذاً
الى ايام الدراسة و في تفاصيل علاقات تضج بالفكر و السياسة و الفلسفة
(...) و كم توهجنا بهجة عارمة التألق كوننا بعد هذا العمر لم نزل نغد
السير على ذات الطريق و على ذات الافكار و المبادئ الانسانية و عندما بعث
الي كتابه ( الحقيقة كما عشتها ) تناهبته ( نعيمة ) و الاولاد و البنات و
كلهم يريدون ان يعرفوا شيئاً بشغف عن صديق والدهم التراثي الذي كان
يُحدثهم عنه (...) حقاً ان سيرة جاسم الحلوائي زاخرة بالنضال و التفاني
من اجل انتصار الانسانية العراقية على الظلم و الكراهية و ان تغمر المحبة
و السلم وجه الارض (...) و إني اجده في سيرته الذاتية كما عرفته صادقاً
مخلصاً موضوعياً أميناً على معتقداته السياسية و الحزبية و في ذات طبيعته
ودوداً محباً عاشقاً للحياة يغضب ضاحكاً و يضحك غاضباً و يكاد احياناً ان
ينقلب على ظهره من شدة الضحك (!) جاسم الحلوائي في سيرته الذاتية
(الحقيقة كما عشتها) يتشكل في نشاطه السياسي و الفكري و تفانيه المنقطع
النظير في الالتزام بإرادة العمل التنظيمي مقدماً نموذج نوعية المثقف
العضوي في حزب الطبقة العاملة (...) و احسب ان كتاب (الحقيقة كما عشتها)
للمثقف العضوي جاسم الحلوائي جدير بأن يكون منهلا فكرياً و ثقافياً و
تنظيمياً للشبيبة العراقية التي يتجدد بها حزب الطبقة العاملة ( الحزب
الشيوعي العراقي ) ضمن مسيرته النضالية من أجل وطن حر و شعب سعيد (!)

إن كتاب ( الحقيقة كما عشتها ) للصديق الفاضل جاسم الحلوائي يشكل ملحمة
نضالية متميزة المصداقية و الأمانة في العمل المتفاني من اجل الحرية و
الديمقراطية و الانتصار على الجهل و الظلم و التخلف و في تحقيق اماني و
طموحات كادحي الوطن العراقي في حياة حرة أبية كريمة (!)